ما العلاقة بين فشل القلب الإحتقاني ومستقلب ناتج عن ميكروب الأمعاء
ما زالت البحوث تجري حول العالم في كافة مراكز الأبحاث والمختبرات وغيرها، للبحث عن العلاقة الوطيدة بين العديد من الأمراض ومُسببات قد لا تبدو مألوفة لدى البعض.
وفي هذا الصدد، كشفت دراسات جديدة أجراها مستشفى كليفلاند كلينك، عن العلاقة القائمة بين ما نأكله من غذاء وما يُخلَفه ميكروب الأمعاء من أثر على قابليتنا للإصابة بالأمراض المختلفة، والكيفية التي يتمكن من خلالها منتج ثانوي ناتج عن ميكروب الأمعاء، على وجه الخصوص، من مضاعفة خطر الإصابة بفشل القلب الاحتقاني.
وخلصت الدراسات التي نشرتها "صحيفة الدورة الدموية" إلى أن المستويات المرتفعة من مستقلَب فينيل أسيتيل جلوتامين،الناتج عن تكسير ميكروبات القناة الهضمية للبروتين الموجود في الغذاء، ترتبط ارتباط وثيقاً بمضاعفة خطر الإصابة بفشل القلب الاحتقاني ودرجة حدته.وتُعزز الدراسة من فهم الباحثين للرابط الوثيق بين ميكربيوم الأمعاء الذي يتجلى في مستويات فينيل أسيتيل جلوتامين، وبين مخاطر الإصابة بأمراض القلب، كما تقترح سبلاً مُحتملة للحد من المخاطر المرتبطة بمستويات مستقلب فينيل أسيتيل جلوتامين من خلال الإجراءات التدخلية مثل الحمية الغذائية وحاصرات بيتا.
ارتباط المستقلب بأنواع مختلفة من فشل القلب الاحتقاني
هذا ما أكدته الدراسة التي أجراها باحثون من كليفلاند كلينك، مشيرة إلى أن المستويات المرتفعة لمستقلب "فينيل أسيتيل جلوتامين"عادةً ما ترتبط بأنواع مختلفة من إصابات فشل القلب الاحتقاني، حيث لوحظ على سبيل المثال، ارتفاع مستويات مستقلب فينيل أسيتيل جلوتامين في دم مرضى فشل القلب ممن يعانون من الكسر القذفي؛ وهي حالة تنشأ عندما تقل قدرة عضلة القلب على الاسترخاء لفترة كافية بين النبضات ما يؤدي إلى إصابتها بالتصلب ويُخفض من قدرتها على الامتلاء بكمية كافية من الدم لضخه من جديد في أنحاء الجسم.
وأشار الدكتور ستانلي هازن،رئيس قسم علوم القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي في معهد ليرنر للأبحاث: "يمكن لفحص مستويات مستقلب فينيل أسيتيل جلوتامين في الدمأن يسهم بشكل ملحوظ في التنبؤ بمن هم عرضة للإصابة بفشل القلب الاحتقاني، إذ تدعم البيانات إلى حد كبير فكرة أن إتاحة إجراء هذا الفحص يُشكل حتماً إضافةً كبيرة إلى ترسانة الاختبارات التشخيصية الخاصة بالأطباء المعالجين".
وكان فريق طبي بقيادة الدكتور هازنكشف في دراسة أجريت عام 2020 عن العلاقة القائمة بين مستويات مستقلب فينيل أسيتيل جلوتامين وخطر الإصابة بمختلف أمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية والوفاة، إذ أظهرت الدراسة أن مستقلب فينيل أسيتيل جلوتامين يؤثر بشكلٍ ملحوظ على وظائف المُستقبلات الأدرينالية في الصفائح الدموية ما يؤثر على وظيفة الأخيرة ويزيد من مخاطر تخثر الدم.
وتعمقت الدراسة الجديدة أكثر لتسلط الضوء على الوظائف المحتملة الأخرى لمستقلب فينيل أسيتيل جلوتامين،خاصة في ما يتعلق بفشل القلب. واستناداً لبيانات آلاف المرضى ممن أجريت عليهم الأبحاث في مجموعتين دراسيتين مستقلتين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، خلص الفريق البحثي إلى وجود علاقة وثيقة بين مستويات مستقلب فينيل أسيتيل جلوتامين وخطر الإصابة بفشل القلب الاحتقاني. وأظهرت دراسات أخرى أن تعريض خلايا عضلة القلب لهذا المستقلبفي المختبر، أتاح للباحثين تعزيز المفاهيم حول ارتباطهبفشل القلب الاحتقاني، كما وضعت الأسس اللازمة للحد من آثاره.
وأكد الدكتور هانز في هذا الصدد: "توسعت هذه الدراسة بشكل مُعمَق في جميع الصلات بين الحمية الغذائية التي يعتمدها الفرد ودور ميكربيوم الأمعاء كمصفاة للغذاء الذي نتناوله، الأمر الذي يؤثر بدوره على قابلية إصابة الأفراد بمختلف الأمراض". وختم الدكتور هازن قائلاً: "إن ميكروب الأمعاء يقوم بتشكيل مركب استقلابي من الحمض الأميني فينيل ألانين الموجود في العديد من المصادر البروتينية، ما يخلّف أثراً سلبياً على وظائف خلايا العضلة القلبية".
ارتفاع حالات الإصابة بفشل القلب وكيفية علاجه
هذا وكشفت منظمة الاتحاد العالمي للقلب عن ارتفاع حالات الإصابة بقصور القلب إلى ما يُقدر بنحو 26 مليون إصابة عالمياً، عدا عن الملايين من حالات الإصابات غير المُشخصة. ويُعد تبني نمط حياة صحي والحد من استهلاك الصوديوم، فضلاً عن تقليص الاعتماد على الأدوية العلاجية، أحد أبرز السبل العلاجية الحالية لفشل القلب الاحتقاني، والذي يُعرّف بكونه حالة مرضية تحدث نتيجة عدم قدرة القلب على ضخ كمية كافية من الدم والأكسجين إلى أنحاء الجسم.