رؤية نقدية ـ Game Of Thrones 8..هل أحبط الموسم الجديد عشاق المسلسل العالمي الأشهر؟!
تفصلنا حلقة واحدة عند نهاية الموسم الأخير من المسلسل الأشهر Game of Thrones ، الموسم المكون من 6 حلقات هو الأكثر إثارة للجدل في عمر المسلسل الذى حظى بتمديد بعد الموسم السادس بـ 13 حلقة مقسمة على موسمين، وبخلاف كون الموسم السادس نقطة تحول رئيسية في دراما المسلسل هو أيضًا نقطة تحرر من الالتزام بسلسلة الروايات التي كتبها جورج مارتن فيعد سنوات التزم فيها صناع المسلسل ديفيد بينوف ودانيال وايس بالأحداث في الروايات انطلقا من هذا الموسم وابتكرا خطوط درامية وتحولات في الشخصيات معتمدين على الإطار العام لسلسلة الروايات في مرحلة أصبح فيها انفصال المسلسل عن سلسلة الروايات قرار ملح خاصة وأن جورج مارتن ما زال بصدد طرح الجزئيين السادس والسابع من السلسلة التي بدأ طرحها عام 1996 بخلاف الكتب المنفصلة التي توضح نقاط تاريخية في العالم الذى ابتكره.
العديد من الانتقادات طالت الموسم الأخير تحديدًا، تتركز في معظمها على الشخصيات وتطورها والمقارنة بينها وبين النظريات التي يطرحها متابعي المسلسل من جانب وبين الروايات وقراءها من جانب آخر، من خلالها تنطلق التوقعات التي يتبناها البعض في مقابل توقعات أخرى يتبناها آخرون وتنشب خلافات محلها مواقع التواصل الاجتماعي وفى النهاية تنطلق الحلقة بأحداث وتفاصيل مختلفة تصيب المتنازعين بحالة من الاحباط تنصب على رأيهم في أحداث الحلقة وصانعيها ديفيد ودانيال واتهامهما بأنهما من دمرا المسلسل الذى يعشقونه.
التحول الذى أصاب العديدين بالإحباط لاختلاف طبيعة المواسم الثلاثة الأخيرة عن طبيعة المواسم الخمس الأولى هو في الحقيقة منصب على حقيقة الفارق بين ما يرغب فيه المشاهد وما يفعله صناعي المسلسل لمشاهد التليفزيون الذى يؤكد أن نسبة مشاهدات الحلقات في عرضها الأول عبر قنوات الشبكة في ازدياد على الرغم من الآراء السلبية للنقاد ومتابعي المسلسل، أي أن ما يفعله ديفيد ودانيال ينقلهم من نجاح لآخر وبنسبة رضاء متزايدة من مشاهدي المسلسل من متابعي الدراما التليفزيونية، وذلك لأن الثنائي يعمل وفق القواعد والتفاصيل والبيئة الخاصة بصناعة التليفزيون والتي تقدمت على أيديهم في المستويين التسويقي ويظهر ذلك بازدياد نسب المشاهدة مع كل حلقة.
على المستوى الفني لم يقل نجاح إدارة صناع العمل، واعتمادهم على أنفسهم وفريقهم من الكتاب والمخرجين ابداعيًا، على العكس يمكن القول إن التحول لتصعيد الدراما بشكل متوازن مع الحوار الجدلي الفلسفي والمعارك من موسم التحول –الموسم السادس- ليتخذ شكل تليفزيوني أكثر ثم يميل هذا الشكل ليذيب الفوارق بين الحلقة التليفزيونية والأفلام السينمائية، الحلقة الثالثة تمثل الذروة في هذا التحول بزمن عرضها على الشاشة الذى بلغ 82 دقيقة وحملت عنوان "الليلة الطويلة" وتمثل المعركة مع السائرين البيض التي تعامل معها فريق العمل كأنها بالفعل فيلم مستقل منحوا له كل الإمكانيات والتفاصيل ليصير مبهرًا كحلقة تليفزيونية تعد كوسيط منفصل عن الرواية فنيًا لكنها في الوقت ذاته اعتمدت على لغة بصرية سينمائية تميل إلى التعبير بالصورة باستخدام المونتاج أكثر منها على الحوار كما الحال مع الحلقات التليفزيونية في العادة، استغل الصناع المخزون الذى كونه متابعي المسلسل على مدار 7 سنوات لصناعة الدراما.
الحلقة الخامسة وقبل الأخيرة والتي تحمل عنوان "الأجراس" في إشارة لأهمية أجراس القلعة الحمراء بكونها إشارة للتسليم من قبل سيرسى المهزومة للجيش المجتمع على اعتاب القلعة التي تحتمى بها، الخدع البصرية كانت الأهم في الحلقة كعنصر قوة ينتمي لعالم السينما ربما بشكل غير مسبوق في عالم الدراما التليفزيونية يضيف للمسلسل مكانة أكبر يستحقها في هذا العالم كجسر بين الشكل التليفزيوني المعتاد والتطور الذى لحق بهذا الشكل مع اعتماده على التقنيات الفنية السينمائية من جانب ومن الشكل الذى تعتمده شبكة HBO المنتجة للمسلسل في كسر التابوهات التي قيدت شكل المسلسلات التليفزيونية لسنوات طويلة.