رؤية نقدية : Tomb Raider إعادة إطلاق ناجحة لفيلم المغامرات
مغامرة البحث عن الأثار ليس بغرض المتاجرة ولكن لأغراض بحثية وإنسانية، هذا ما يجعل لارا كرافت مميزة، ويجعل هوليوود تعود لاستغلال الشخصية مرة أخرى وبنجاح بعد Lara Croft: Tomb Raider عام 2001 ثم Lara Croft Tomb Raider: The Cradle of Life عام 2003، كلاهما تصدرت بطولته أنجلينا جولى، وقدما بعد شهرة واسعة للعبة فيديو تحمل نفس العنوان هذا العام وبنجاح دور العرض تشهد فيلم جديد يحمل ببساطة عنوان Tomb Raider ويتصدر بطولته إليشيا فايكندر، العملية باكملها هى نموذج قياسي لقدرات هوليوود سواء على اقتناص الفرص أو إعادة تأهيلها بنجاح.
Tomb Raider 2018 هو إعادة ترتيب للأوراق ليبدأ فصل جديد قبل أن تصبح لارا المنقبة الشهيرة عن الأثار، فى الفيلمان السابقان دخل المشاهدين فى وسط الأحداث مع لارا (أنجلينا جولى) الناضجة القوية التى تستطيع الفوز فى معاركها بسهولة شديدة، كل أحداث حياتها السابقة سنعرفها ضمن الأحداث والتركيز على المغامرة هو المهم، لكن لارا الحديثة أمر اخر، يتلافى المنتجون فى إعادة التأسيس الجديدة القفز فوق محطات تختصر نجاحات، هذه المرة الفيلم الأول مخصص للتعارف نرى من خلاله لارا طفلة تعانى من فقدان الأم ثم الأب بعد أن غرق فى تفاصيل هوايته الجديدة بعد وفاة زوجته.
هذه الهواية الجديدة هى ما سيصنع أسطورته وأرثه وهو الهدف الذى ستسير عليه لارا لأنه أصبح أرث عائلى، فى هذا الفيلم نتعرف على لارا طفلة ثم مراهقة متمردة رفضت أن تعيش فى الثراء المكفول لها بحكم الميلاد وقررت خوض تجربتها الحياتيه بنفسها، فى البداية نظن أن الأمر لا يتعدى التمرد المحكوم بمرحلة المراهقة لكن مع تقدم الأحداث تتحول شخصية لارا لنكتشف نضج وصلابة يميزان هذه الشخصية.
أختيار إليشيا القادمة من السويد كوجه جديد حظى بقبول وشهرة فى وقت قياسي وكان لوقوفها أمام إيدي ريدماين فى The Danish Girl وحصولها على أوسكار عن دورها فى الفيلم عامل نجاح آخر قربها من الدور الذى كانت تتنافس عليه كارا ديليفين، ديزيى ريدلى، إميليا كلارك، سيرشا رونان، المرشحات السابقات لأداء الشخصية كلهن يتميزن بكونهم وجوه جديدة واعدة والمنافسة بينهم كانت قوية لكن اليشيا أثبتت مرة أخرى انها قادرة على الاختلاف والظهور بشكل جديد طوال الوقت، حيث لم تتوقف عند حدود الاختيار لكنها دخلت فى برنامج رياضى مكثف لتكتسب عضلا تجعلها جسديًا وشكلا أقرب للشخصية كما ظهرت فى سلسلة الألعاب الشهيرة التى بدات فى الصدور منذ عام 1996.
أجواء اللعبة اختلفت كثيرًا ما بين الإنطلاقة الأولى فى تسعينيات القرن الماضى وما بين النسخة المعاد إطلاقها فى 2013، فالنسخة الجديدة سوداوية وصعبة ومثيرة للأعصاب، كذلك الحال مع النسخة الجديدة من الفيلم بها شق درامى أكبر من الفيلمان السابقان والتوجه العام فى الفيلم الجديد المقرر أن يكون تدشين لسلسلة مقبلة يهتم بالشخصيات وتفاصيلها وعلاقتها كأنعاكس مباشر من اللعبة التى يعتمد عليها الفيلم فى نسختها الاحدث، كما تخلص الصناع من السذاجة السابقة فى رسم شخصية لارا كشابة لا تقهر، إلى فتاة مراهقة تحمل عبء البحث عن والدها وأرثه، هذا التحول منح السيناريو ثقل وخفف الضغط على فكرة أن يكون الفيلم مبهر من الناحية البصرية وبالتالى الخدع التى جاءت أقل مما هو متوقع لم تصب المشاهدين بالإحباط لأن الفيلم من الناحية الدرامية ثرى وهناك توازن بين الشقان للحد الذى خفف صدمة توقع مستوى ابهار على مستوى الخدع البصرية كما حدث فى Jumanji الجزء الجديد الذى تفوقت فيه الخدع البصرية.
قدرة هوليوود الفائقة فى اعادة استغلال وتلميع القديم وتقديمه فى حلة جديدة هى كارت رابح مدعوم بخبرة كبيرة فى هذا المجال دائما ما تنجح الاستوديوهات الكبرى فى المرة الأولى ثم يستغلون هذه المرة الأولى بإضافات مستمرة قدر الامكان وتستمر الإضافات قدر النجاح فى شباك التذاكر حتى يخفت ضوئها، فتترك لعدة أعوام قبل أن تعود فى حلة جديدة تجذب جمهورها السابق وتضم إليها جمهور جديد.