الشيف يانيك ألينو الحائز على 14 نجمة ميشلان في مقابلة مع هي

الشيف الحائز على 14 نجمة ميشلان يانيك ألينو لـ"هي": أسعى لاستخلاص جوهر كل مكون دون تغييره.. والإبداع مطلوب في الأطباق الفاخرة

جمانة الصباغ
30 أكتوبر 2023

ماذا يعني أن يكون الشيف حاملًا أو حائزًا على نجمة ميشلان واحدة، أو أكثر؟

يُعد وجود لقب "نجمة ميشلان" بجوار الإسم، إنجازًا كبيرًا في عالم الطهو. وهذا يعني أنه تَم تقييم كلَ من الشيف والمطعم، واعتبارهما الأفضل على الإطلاق. وتضع نجوم ميشلان المعايير لتصنيف الأفضل في صناعة المطاعم وعالم الطهو، لذا فإن الحصول على نجمة ميشلان هو أعظم شرف.

يمكن القول أن الحصول على نجمة ميشلان، يوازي الفوز بجائزة أوسكار؛ إنه مثل الفوز بالميدالية الذهبية الأولمبية. فهو يُميَزك الطاهي عن الآخرين، ويُشجع طهاة المطاعم وأصحابها على إحداث ثورة في تجربة تناول الطعام. أولئك الذين يعملون للحصول على نجمة ميشلان يستخدمونها كحافز للعمل بجدية أكبر - إنهم يُدفعون ليكونوا الأكثر ابتكارًا وإبداعًا في مجالهم. ليس ذلك فحسب، بل سيفعلون كل ما بوسعهم للحفاظ على تلك النجوم البراقة بجانب أسمائهم.

مؤخرًا، كان لي شرف تناول الطعام في مطعم Stay المملوك من قبل الشيف يانيك ألينو Yannick Alleno؛ والحائز على 14 نجمة ميشلان، كذلك الأمر بالنسبة لمطعمه الذي يزدان بنجمتين مضيئتين في موقعه الكائن في منتجع One & Only the Palm في دبي. وهناك، أُتيحت لي فرصة اللقاء والحديث مع الشيف ألينو الذي أخبرنا الكثير عن رحلته الطويلة والممتعة في عالم الطهو، وتحديدًا عن نجوم ميشلان المميزة.

مطعم STAY للشيف يانيك ألينو في منتجع One & Only The Palm
مطعم STAY للشيف يانيك ألينو في منتجع One & Only The Palm

إذا أردنا لقراء "هي" أن يتعرفوا على Yannick Alleno، ماذا نخبرهم؟

أنا شيف ورائد أعمال في نفس الوقت. تأسست مجموعتي في عام 2008، والتي تضم الآن 17 مطعمًا في فرنسا وحول العالم، حاصلة على مجموع 15 نجمة ميشلان. إن إدارة عدد كبير من المنشآت، يتطلب وجود فريق عمل ضخم. لذا تجدونني قريبًا جدًا من فريقيوأساعدهم في النمو والتطور، وأشعرُ بفخر كبير عندما أراهم يفتتحون مطاعمهم الخاصة. للعلم، فقد قمتُ بتدريب أكثر من 30 طاهيًأ حصلوا فيما بعد على نجوم ميشلان!

عملتُعلى تطوير هوية الطهو الخاصة بي حول الصلصات واستخراجات المكونات، مما يتيح لنا استخلاص جوهر كل مكون دون تغييره. وهذا ينتج عنه نكهات أجرأ وأكثر وضوحًا، محتفظةً بالنكهة الاساسية للمنتج. كما قمتَ بدفع حدود معايير الخدمة في المطاعم، مبتعدًا عن الأساليب التقليدية.

من الذي ألهمك لدخول مجال الطبخ وتصبح طاهيًا؟

كان والديَ يمتلكان مقهى في منطقة باريس؛ ومنذ سن مبكرة جدًا في حياتي، شهدتُ كيف كان هذا المكان مركزًا للتفاعل والمشاركة بين الناس. كنت أشهدُ اجتماع العائلات والأصدقاء في المكان، للاستمتاع بأطعمة شهية وقضاء أوقات ممتعة. هذا الجو الدافئ والمرح الذي شهدتهُ في مقهى والديَ، أثرَ بشكل كبير على رؤيتي وإلهامي لإعادة إنشاء هذا النوع من التجربة بطريقتي الخاصة.

وبالذات، كان لديَ الرغبة الشديدة في تجسيد هذا الجو الاجتماعي الدافئ والمميز من خلال مفهوم مطعم بافيلون (Pavyllon)؛ حيث يتميز المطعم بمنضدة واسعة تواجه مطبخًا مفتوحًا. يهدف هذا المفهوم إلى تعزيز التفاعل بين الضيوف وفريق الطهي، وإلى توفير تجربة تناول طعام فريدة تمزج بين اللذة البصرية والمذاق الرائع. إنها محاولتي الشخصية لجلب هذا الجو الاجتماعي الرائع الذي رأيتهَ في مقهى والديَ، إلى عالم المأكولات بأسلوبي الخاص.

عمل الشيف ألينو على تدريب العديد من الطهاة الذين حصلوا على نجوم ميشلان لاحقًا
عمل الشيف ألينو على تدريب العديد من الطهاة الذين حصلوا على نجوم ميشلان لاحقًا

من هو أفضل شيف عملتَ معه،وماذا تعلمتَ منه؟

سأخبركم عن كتاب لم يفارق يومًا جانبي، ولا يزال يُعد كتاب السرير الدائم لي؛ إنه : "Le Guide Culinaire" للكاتب أوغست إسكوفييه.. إسكوفييه كان قد فهم بالفعل أهمية استخدام المنتج بكامله دون هدر، وأن الصلصة تتطلب أفضل المكونات لتحضيرها بشكل متقن. هذا المفهوم هو جوهر الفلسفة التي أتبناها تمامًا، وقد أدخلتُ هذا المفهوم إلى مستوى أعمق بتسجيل براءة اختراع استخراجات المكونات. هذا الكتاب هو مرشدي الدائم ويعكس مبادئي في الطهي والاستدامة.

حائز على العديد من نجوم ميشلان ومعترف بكَ كأحد الطهاة الواعدين في جيلك؛ ماذا يعني لك ذلك؟ وماذا أضاف إلى شغفك بالطهي؟

يُمثَل هذا الإنجاز مصدر فخر بلا شك، ولكنه أيضًا يحمل معه مسؤولياتٌ كبيرة. يجب أن تكون قادرًا على تحقيق مستوى عالٍ من التوقعات، وتفهم أن هناك أيضًا مسؤوليات اجتماعية ومجتمعية تقع على عاتقك. المطعم، كما يتجلى في شكله الحالي، يجب أن يأخذ في اعتباره بيئته؛وهذا هو ما يُعرف بـ "الرؤية الرباعية"، والتي تتضمن تطوير ونمو زملائكَ في العمل، واحترام البيئة وبذل الجهد لتقليل التأثير البيئي، وترك انطباع لا يُنسى للعملاء. في الخلاصة، هو تحفيز المجموعة لكسر التقاليد والمعايير المعمول بها في صناعة المطاعم. ما يعني أنه يجب أن يكون لدينا تأثيرٌ إيجابي على الجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية للعالم الذي نعيش فيه، وهو توجيهٌ يجب علينا أن نسعى لتحقيقه بقوة.

فن الطهي الفاخر Fine Gastronomy ساحر، لكنه قد يكون أيضًا فخًا؛ فكيف يمكن للشيف أن يتفوق في هذا المجال؟

تشتهر المأكولات الفاخرة باستخدام مكونات فخمة ونادرة، وهذه المكونات هي جزءٌ لا يتجزأ من تجربة الطهي الفاخر. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن الفخرية لا تكمن فقط في استخدام هذه المكونات، بل تتطلب أيضًا التفكير الإبداعي والمهارات الفنية لإعداد الأطباق بأفضل طريقة ممكنة.

عندما نتحدث مثلًأ عن مكونات كالكافيار أو السلطعون أو الكمأ؛ يجب أن تُضفي هذه المكونات لمسةً خاصة على الطبق. طريقة تقديمها وتنسيقها ينبغي أن جزءًا من التجربة الذواقة؛فهيتُعزَز الطعم وتضيف عنصرًا مميزًا إلى الوجبة، مما يجعل الطعام ألذ ويخلق تأثيراً لا يُنسى على الزبائن.

لذلك، في الطعام الفاخر؛ يتعين علينا الفهم أن استخدام مكونات نادرة وغالية ليس كافيًا بحد ذاته.بل يتطلب أن نكون مُبدعين في تقديم هذه المكونات بطريقة تجعل الطبق لا يُنسى، وهذا ما يجعل الطهاة والمطاعم الفاخرة متميزةً بصورة خاصة.

أحد أطباق Fine Gastronomy التي يحضرها ويقدمها الشيف ألينو في مطعمه STAY
أحد أطباق Fine Gastronomy التي يحضرها ويقدمها الشيف ألينو في مطعمه STAY

تتواجدُ في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ العام 2010؛ ما رأيكَ في الأكلات المحلية، وما هو طبقكَ المُفضل منها؟

الإمارات هي واحدة من الوجهات الغذائية المميزة في العالم بفضل تراثها الغذائي الغني والمتأثر بالثقافات والدول المجاورة. وقد أضاف هذا التأثير المتنوع، لمسةً فريدة إلى المأكولات الإماراتية، وتمَ تجسيده بشكل رائع في الأطباق التقليدية.

تشتهر المأكولات الإماراتية بمجموعة متنوعة من الأطباق المشوية والمطهوة بعناية. وتُعد اللحوم المشوية والمأكولات البحرية من أمثلتها، وتتميز بنكهات فريدة وغنية.

في مطعم STAY، نهتم بأصل المكونات وجودتها. نقوم بشراء العديد من مكوناتنا من المزارع القريبة، مما يساهم في تقديم أطعمة طازجة ومواد ذات جودة عالية في أطباقنا. ونحرص على تقديم تجربة طعام استثنائية لضيوفنا، وهذا يتضح من خلال أطباقنا مثل "الفطر البورتوبيلو المطهو بطريقة تشبه العبالون" و "الكوساالمقلية"، وهي أطباقٌ مبتكرة ولذيذة تعكس توجَهنا نحو تقديم الأفضل. شخصيًا، أجد هذه الأطباق ساحرةً ولذيذة بشكل استثنائي.

كم مرة في السنة تزور دبي، وهل تقوم بإعداد قوائم طعام خاصة خلال هذه الزيارات؟

أزورُ دبي ثلاث مرات في العام، وهذه الزيارات تكون فرصةً لي لأمضي وقتًا قيمًا مع فرق العمل الخاصة بي في المنطقة. يكون لديّ الفرصة خلال هذه اللقاءات، لمناقشة قوائم الطعام والتحدث عن التحسينات المُمكنة وتطوير الأطباق. إن هذا التفاعل المباشر مع فرق العمل، يساعدني على فهم احتياجات الزبائن وضيوف المنتجع بشكل أفضل.

في بعض الأحيان، أستعدُ أيضًا لتقديم قوائم خاصة خلال السهرات الكبرى في فندق ومنتجع ون آند أونلي. هذه الفعاليات تُعتبر فرصةً مثالية لإبهار الضيوف بأطباق فريدة ومميزة، تعكس توقيعي الشخصي وتفرَد مذاق الطعام. تلك اللحظات تجمع بين الإبداع والمهارة لتقديم تجربة طهو فريدة ومميزة للضيوف.

عدا عن طعامك، من هو الطاهي/الطاهية الذي تحبُ تجربة طعامه كثيرًا، ولماذا؟

أودُ أن اكتشف مأكولات أليساندرا مونتاني في مطعم نوسو في باريس، فإنني أشيرُ إلى شغفي بالتذوق والاستمتاع بتلك التجربة الفريدة. ما تقوم به أليساندرا في عالم الطهو، له جاذبيةٌ كبيرة بالنسبة لي؛ حيث يبدو أنها تمزج بين التقاليد الغذائية والإبداع الحديث بطريقة مثيرة.

أعتقد أن هناك شيئًا مبتكرًا وإبداعيًا في أسلوب طهيها. هذا الإبداع يمكن أن يكون تحولًا مثيرًا لصناعة الطهو بأكملها. إن الطهاة والمطاعم التي تجمع بين التقاليد والإبداع، تُلهم تجارب جديدة ومميزة للعملاء، وتساهم في تطوير فن الطهو بشكل عام.

لذا، ما تقوم به أليساندرا مونتاني يعكس بالفعل ما يحتاجه عالم الطهو في الوقت الحالي؛ وهو تفردٌ وإبداعٌ يُثري تجارب الأشخاص الذين يبحثون عن أذواق جديدة ومبتكرة في مجال الطهو.

سيطرت التكنولوجيا على كل شيء، بما في ذلك الطبخ؛ وقد يكون لدينا روبوتات تطبخ لنا في المستقبل. كيف تنظر إلى ذلك، وهل يُهدد خبرتك كشيف؟

بالطبع، الحديث عن دور الآلات في المطبخ يشير إلى تقدم التكنولوجيا وأهمية استخدامها في تسهيل العمليات وتوفير الجهد والوقت. واستخدام الأجهزة والآلات المتقدمة يمكن أن يكون له تأثيرٌ كبير في تحسين الكفاءة وتحقيق نتائج دقيقة.

ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن اللمسة البشرية لها دورٌ لا يمكن الاستغناء عنه في عالم الطهو. إن الإبداع والفهم العميق للمكونات وكيفية تفسيرها واستخدامها، تعتمد بشكل أساسي على مهارة وإبداع الطهاة؛وهذا ما يجعل كل طباخ يُميَز نفسه عن الآخرين ويضيف عنصرًا فريدًا إلى الأطباق.

تعكس اللمسة الإنسانية في الطهو، الشخصية والأسلوب الفردي للطاهي. وهي تضيف بعدًا إضافيًا من الروح والعاطفة إلى الطبق، مما يجعل تلك الوجبة لا تُنسى. إن القدرة على التفاعل مع المكونات وتحويلها إلى تجربة فريدة، هي مهارةٌ ثمينة يمتلكها الطهاة وتُعزز من قيمة الطهو كفن.

الشيف يانيك ألينو الحائز على 14 نجمة ميشلان في مقابلة مع هي - رئيسية واولى
الشيف يانيك ألينو الحائز على 14 نجمة ميشلان في مقابلة مع هي 

الابتكار أمرٌ لا مفر منه في الطبخ، ولكن إذا الأمر كان في يدكَ؛ ما هو الطبق الوحيد الذي لن تُغيَره أبدًا؟

ريزوتو الكزبرة الذي تُحضَره زوجتي، هو أحد الأطباق المميزة في منزلنا ويحظى بإعجاب كبير من قبل جميع أفراد العائلة. إنه طبقٌ يجمع بين البساطة والنكهة الرائعة؛ويتميز الريزوتو بنكهة الكزبرة العطرة والطعم الرائع الذي ينتج عن دمج الأرز المطهو بعناية مع العناصر الأخرى.

يحمل هذا الطبق ذكريات جميلة وله مكانةٌ خاصة في قلوبنا. إعداده بعناية وحب يضيف إلى طعمه الرائع؛ وهو مثالٌ على كيفية تقديم الطعام البسيط بأسلوب يجعله لا يُنسى، كما يجمع الأسرة حول الطاولة لتناول وجبة لذيذة. هذا هو الطبق الذي لا أتمنى تغييره مطلقًا.

ما هي الأساسيات التي يجب على كل طاهٍ اتباعها لتحقيق النجاح والتقدير في عالم الطهو؟

توجد في كتاب أوغست إسكوفييه "دليل الطهي / Le Guide Culinaire"، أول 70 صفحة؛ معلومات قيمة وأساسية حول فن تحضير الصلصات. إسكوفييه، الذي يُعتبر واحدًا من أعظم الطهاة في التاريخ، قام بتجميع هذا الكتيب الذي يُعتبر مرجعًا لعالم الطهو.

هذاالكتابيقدم أسسًا مهمة لفهم كيفية إعداد الصلصات بشكل صحيح. إذتلعب الصلصات دورًا حاسمًا في تعزيز نكهة الأطعمة وإضافة أعمق الأبعاد للنكهات. إذا كنتِ تهتمين بالطهووترغبين في تطوير مهاراتكِ في هذا المجال، فإن دراسة تلك الصفحات ستساعدكِ على فهم كيفية تحضير مجموعة متنوعة من الصلصات التي يمكن أن تُحسَن من أي وجبة تقدمينها.

ما هي نصائحكَ لقارئات "هي" اللاتي يرغبنَبخوضغمار عالم الطهو؟

البدء بالأساسيات هو خطوةٌ أساسية للنجاح في هذاالعالم، حيث تكمن قوة فهم تقنيات الطهو ومبادئها في بناء أساس قوي لرحلتكِ. ومن ثم، يجب عليكِالاستمرار في التعلم بشكل متواصل، استكشاف مختلف المأكولات والمكونات، وأخذ دروس وقراءة كتب الطهو لتوسيع معرفتكِ. التمرين الدائم يلعب دورًا كبيرًا في تطوير مهاراتكِ، والانتباه للتفاصيل وفهم المكونات يساعدانكِ في تحسين نكهات أطباقكِ. ولا تنسي، دمج الإبداع في أطباقكِ والبحث عن ملاحظات وتقييمات من الآخرين، مع الاستمرار في الاهتمام بالمطبخ والحفاظ على التنظيم والعاطفة للطهو.

في النهاية، الطهو عالمٌ مليءٌ بالتحديات والمكافآت، ويمكنكِ أن تجعليه مثيرًا بالاستمرار في تطوير مهاراتكِ ومشاركة شغفكِ مع الآخرين. وسواء كنتِ تحلمين بأن تصبحي طاهيةً محترفة أو تسعين لإبهار صديقاتكِ وعائلتكِ بأطباق لذيذة؛ فإن الاستمتاع بالرحلة والتعلم المستمر يُعدان المفتاح لصنع أطباق رائعة والنجاح في عالم الطهو.