جينات الإبداع والحب والشغف

جينات الإبداع والحب والشغف

مي بدر
25 أبريل 2024

نادرا ما أخصص مقالتي للحديث عن شخصية واحدة مهما بلغت أهميتها، لكنني اليوم وبمناسبة احتفاء عددنا لشهر أبريل بالطبيعة وإلقائه الضوء على الاستدامة في قطاعات مختلفة أولها صناعة الأزياء، رأيت أن من واجبي تسليط الضوء على المصممة المبدعة "ستيلا مكارتني" Stella McCartney التي كرّست مسيرتها المهنية للممارسات المستدامة، وحماية البيئة والدفاع عن حقوق الحيوان، وتوجيه عالم الموضة نحو طريق أفضل.

التــقــيـــت "ستيــلا" مـــرات عدة، وفي كل مرة كانت تستقبـلني بابتسامتها المرحبة وأناقتها البسيطة المتميزة، وروحها المرحة التي تشعرني بالراحة والسعادة.

كانت ترتدي بلوزة شتوية سوداء مصنوعة من الصوف المستدام وبنطالا أسود من القطن المستدام وحذاء خفيفا، أيضا من الجلد المستدام.

أسلوب بسيط وخالٍ من التكلف.. أصغت إليّ بكل انتباه، وأنا أخبرها عن مجلتنا ومشاريعنا الكبيرة، والقفزات التي حققناها خلال السنوات الماضية.

"ستيلا" لمن لا يعرفها امرأة متميزة، تحمل جينات الإبداع من والـــدها الـمغنّي والموسيــقـــي العـالمي "بول مكارتني" ووالدتها المصوّرة والموسيقية الأمريكية "ليندا مكارتني".

ترعرعت على حب الحــــيوانات والتــواصل مع الطبيعة اللذين زُرعا في قلبها منذ طفولتها، وهي واحدة من أهم المواهب النسائية العالمية في مجال الموضة، ورائدة في استخدام المواد البديلة النباتية المصادر والأكثر صداقة للبيئة في صناعة الأزياء.. ملمة بكل تفاصيل عملها، تنتقل من حديث إلى آخر بكل مهارة وحرفية. تحدثت إلي عن الحيوانات والطبيعة بكل حب وشغف. وتطرقت إلى الضرر الذي ألحقته صناعة الأزياء بالبيئة بحزن وخيبة. وقالت إن من أمنياتها أن يحذو الآخرون حذوها، وألا يكون هدفهم الربح السريع على حساب تدمير البيئة. وأخبرتني أنها لا تفضل العيش في المدن المكتظة بالأبنية الإسمنتية العالية، وتحب أن تستيقظ كل يوم على أصوات العصافير والحيوانات الأليفة التي تحيط بها.

أتمنى أن يعجبكم حواري مع هذه المصممة المبدعة التي أعادت أخيرا إحياء قطع "سرقتها" من خزانة والدها ووالدتها الراحلة لتضمها إلى مجموعتها لهذا الصيف.

وأناشدكم من خلال عددنا هذا، وجلساته التصويرية الإبداعية وتقاريره المتعمّقة ومقالاته الخاصة، ضمّ صوتكم إلى صوتنا وصوت الأرض، كي ننادي من أجل العمل الدؤوب والمتواصل على تقليص التأثير البشري المضر للبيئة، وعلى تكييف أنماط عيشنا المعاصرة مع تحديات التغيّر المناخي. لم تعد الاستدامة "مفهوما" عصريا جذابا ومثيرا للاهتمام، بل باتت حلولها حاسمة ومصيرية وضرورية في كل الصناعات، في ظل إلحاق التطوّرات العلمية والتكنولوجيّة ضررا متزايدا بالبيئة الطبيعية ومنظوماتها، وانعكاس ذلك من خلال نتائج خطيرة عديدة، أبرزها تداعيات التغيّر المناخي. ومن بين القطاعات التي لها بصمة بيئية سلبية كبيرة، صناعة الأزياء التي تستنزف الموارد غير المتجددة، وتستهلك كميات هائلة من المياه والطاقة، وتطلق الغازات الدفيئة في الجو. لذلك، إن جعل الممارسات المستدامة واقعا ثابتا على طول سلاسل التوريد ومراحل التصنيع في قطاع الأزياء يجب أن يكون أولوية لكل صنّاع القرار فيه، من مصممين وقياديين ومهندسين ومستهلكين... آملين أن تصير الاستراتيجيات والمقاربات والممارسات المستدامة هي القاعدة في صناعة الأزياء، وأن تتبناها كل القطاعات الصناعية الأخرى.

حروف جمعها حكماء:

أشـفـــق عــلى من يبـــددون حياتهم باحثين عن الشهرة، وأنحني باحترام أمام من يقومون بواجبهم وهم غير ملتفتين إلى صيحات الإطراء والاستحسان.

Credits

    رئيسة التحرير مي بدر Mai Badr