كيف كانت كينيا مسرحا لأحداث ملكية هامة؟
من المقرر أن يقوم الملك تشارلز الثالث King Charles III ملك بريطانيا بزيارة كينيا في وقت لاحق من هذا العام، في واحدة من أولى جولاته الرسمية الدولية منذ تنصيبه ملكا لبريطانيا، ووفقا للخبراء المتخصصين في الشئون الملكية، فإن رحلة الملك تشارلز الجديدة إلى كينيا ستكون مليئة بذكريات تتعلق بوالدته الراحلة، الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II، والتي توفيت في قلعة بالمورال في سبتمبر الماضي عن عمر يناهز 96، ليس فقط لأن كينيا كانت واحدة من الوجهات المفضلة للزيارة في إفريقيا للملكة إليزابيث الثانية أو لأن كينيا عضو رئيسي في اتحاد الكومنولث، وهي منظمة قريبة من قلب الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وإنما بسبب حقيقة أن كينيا كانت مسرح للعديد من الأحداث الملكية الهامة.
المكان الذي أصبحت فيه إليزابيث الثانية ملكة على بريطانيا
من بين أهم الأحداث الملكية التي شهدتها كينيا، بداية العهد الملكي لإليزابيث الثانية، فكينيا، كما يعرف الكثيرون، كانت المكان الذي سمعت فيه إليزابيث الثانية أنباء وفاة والدها الملك جورج السادس King George VI بعد صراع مع المرض، لتصبح بذلك ملكة بريطانيا الجديدة وعمرها لا يتجاوز 25 عام، أما عن سبب زيارتها لكينيا في ذلك الوقت، فكان جزء من جولة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب Prince Philip في إفريقيا والكومنولث في عام 1952 والتي كان يفترض أن يقوما بها بالنيابة عن والدها جورج السادس، إلا أنهما اضطرا لقطع جولتهما الملكية والعودة على الفور إلى بريطانيا، بعد وفاة الملك جورج السادس.
إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب كانا وقتها في استراحة عمل قصيرة، قاما خلالها بزيارة في حديقة Aberdare الوطنية والإقامة لبضعة أيام في فندق Treetops Hotel عندما وصلتها أخبار وفاة والدها، أما عن هوية الشخص الذي تولى عبء إخبارها بهذه الأخبار الحزينة، فلم يكن سوى زوجها الأمير فيليب، لتغادر إليزابيث الثانية الفندق بعدها بفترة وجيزة، كملكة ترتدي ملابس الحداد السوداء، بعد أن دخلته كأميرة شابة في عطلة سياحية قصيرة بصحبة زوجها.
زيارات إليزابيث الثانية الملكية التاريخية الأخرى إلى كينيا
الملكة إليزابيث الثانية قامت بزيارة كينيا ثلاث مرات أخرى، خلال فترة حكمها الطويلة التي امتدت لسبعين عام، وكانت هذه الزيارات الثلاث في الأعوام 1972، 1983، 1991، وعلى مر السنوات قام أفراد آخرين من عائلة الملكة بزيارة كينيا، وهو ما جعلها تتمتع بمكانة مميزة لدى العائلة المالكة منذ ذلك الحين.
أولى زيارات الملكة إليزابيث الثانية إلى كينيا منذ مغادرة إليزابيث الثانية لكينيا كملكة، كانت في مارس عام 1972، وبحلول ذلك الوقت كانت كينيا قد تغيرت كثيرا عما كانت عليه وقت زيارة الملكة لها في أوائل الخمسينيات، وكان أحد أهم هذه التغيرات، استقلال كينيا عن المملكة المتحدة في عام 1963، لينتهي بذلك عقود من الحكم الاستعماري البريطاني لكينيا والذي بدأ في عهد الملك جورج الخامس King George V، جد إليزابيث الثانية، خلال تلك الزيارة، التقطت الملكة إليزابيث الثانية برئيس الوزراء الكيني وقتها جومو كينياتا Jomo Kenyatta في مقر الولاية بنيروبي، وخلال الزيارة منحت الملكة وسام القلب الذهبي المرموق في كينيا.
إليزابيث الثانية سافرت بعدها مرتين إضافيتين إلى كينيا، كانتا في عهد الرئيس موي President Moi، والأولى كانت في عام 1983 وخلال هذه الزيارة التي استمرت لمدة 5 أيام، قامت بزيارة فندق Treetops Hotel حيث كانت وزوجها يقضيان عطلة قصيرة قبل سماعهما أنباء وفاة جورج السادس، وشهدت الزيارة أيضا قيام الملكة بوضع إكليلا من الزهور أمام قبر الرئيس كينياتا، الرجل الذي حل محلها كرئيس لدولة كينيا في عام 1964.
أما الزيارة الثانية فكانت في عام 1991 ووصفت وقتها زيارة الملكة لكينيا بالمثيرة للجدل بسبب الانتقادات الموجهة لنظام موي وقتها والذي وصف بأنه نظاما ديكتاتوريا يتبع سياسة الحزب الواحد، واعتبرت زيارة الملكة لكينيا وقتها بمثابة تأييد ضمني لنظام موي.
زيارات تشارلز الثالث لكينيا
بمرور الوقت أصبحت كينيا وجهة مفضلة للزيارة للعائلة المالكة البريطانية، بما في ذلك الملك تشارلز الثالث والذي زار كينيا عدة مرات، تضمنت زيارته الرسمية لكينيا بصحبة شقيقته الأميرة آن Princess Anne في عام 1971، والتي شارك خلالها في مباراة خيرية للبولو، وقام خلالها أيضا بالمشاركة وشقيقته في رحلة سفاري في محمية Masai Game في نيروبي وهناك تعرفا على الجهود المبذولة لحماية الحياة البرية في المحمية، وقيل أيضا أن تشارلز الثالث قام بإنماء لحيته للمرة الأولى خلال هذه الرحلة.
من بين زيارات تشارلز الثالث الشهيرة الأخرى لكينيا زيارته في عام 1978 إلى كينيا، لحضور جنازة الرئيس الكيني كينياتا، وقيل إن وقتها إن تشارلز الثالث لم يكن سعيدا بترتيبات الجلوس في الجنازة بسبب قرب مقعده من مقعد الديكتاتور الأوغندي الشهير عيدي أمين Idi Amin، وعاد تشارلز الثالث لزيارة كينيا مرة أخرى في عام 1987، وجاءت هذه الزيارة في إطار جولة رسمية في إفريقيا، تضمنت أيضا زيارة مملكة إسواتيني والمعروفة سابقا باسم مملكة سوازيلاند وملاوي.
المكان الذي تقدم فيه الأمير وليام William, Prince of Wales بطلب الزواج من كيت ميدلتون Kate Middleton
شهدت كينيا حدث ملكي رئيسي آخر، ففي أكتوبر 2010، تقدم الأمير وليام ولي عهد بريطانيا وأمير ويلز، بطلب الزواج من صديقته لسنوات كيت ميدلتون (والتي أصبحت زوجته فيما بعد وأصبحت تعرف بكاثرين أميرة ويلز Catherine, Princess of Wales) وقدم لها خاتم الخطبة الخاص بوالدته الراحلة الأميرة ديانا Princess Diana وكان ذلك خلال رحلة سفاري في محمية Lewa Wildlife Conservancy ، حيث أمضى الأمير جزء من العام الفراغ أو عام الاستراحة بعد الدراسية الثانوية، قبلها، بما يقرب من عقد من الزمان، الأمير وليام عاد لزيارة كينيا مرة أخرى في عام 2018، بصفته رئيس لمنظمة الحياة البرية المتحدة والراعي الملكي لمؤسسة Tusk Trust ، لمناقشة جهود الحد من التجارة غير المشروعة في الحياة البرية.
من بين أفراد العائلة المالكة البريطانية الآخرين الذين سبق لهم وأن قاموا بزيارة كينيا، الأمير إدوارد Prince Edward, Duke of Edinburgh دوق إدنبره والذي زار كينيا في العام الماضي، لدعم جائزة دوق أدنبرة الدولية، والتي تعمل على دعم وتمكين الشباب في أكثر من 130 دولة حول العالم، وخلال تلك الرحلة، قام الأمير إدوارد بزرع شجرة على أرض كينيا بمناسبة احتفالات اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية، واختار موقع مميز لزراعة الشجرة حيث زرعها في مكان يبعد 20 كم فقط عن فندق Treetops والذي بات أقرب لنصب تذكاري يشيد بعلاقة كينيا الطويلة بالعائلة المالكة البريطانية.
توحيد الكومنولث أولوية لملك بريطانيا الجديد
وفقا لصحيفة ديلي ميل البريطانية فإن زيارة الملك تشارلز الثالث الجديدة لكينيا تأتي في إطار جهوده لتوحيد الكومنولث وإيقاف موجة الجمهوريات المستقلة عن السيادة البريطانية والكومنولث والتي تزايدت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، وترتب عليها إزاحة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية من منصب رئاسة بربادوس والتي اتخذت قرار تاريخيا بتحرير نفسها من الارتباط بالإمبراطورية البريطانية بإزاحة الملكة من رئاسة الدولة، ومن المتوقع أن تحذو حذوها العديد من دول الكاريبي الأخرى، خاصة بعد وفاة الملكة، ولذلك فإن الحفاظ على وحدة الكومنولث، يعد أولوية بالنسبة لتشارلز الثالث ملك بريطانيا المتوج حديثا.