هلا الدهشان لـ"هي": أنا ممتنة لوطني وفي مؤسسة مسك أثبتنا قدرتنا على التفكير الإبداعي
هلا الدهشان طالبة دكتوراه سعودية في مجال علم الجينات، مشروعها البحثي يتمحور حول التعديل الجيني والخلوي للخلايا المناعية لعلاج سرطان الدم.حصلت هلا على درجة البكالوريوس في المختبرات الإكلينيكية من كليةالعلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك سعود، وعملت بعدها بالمختبرات الطبية بمستشفى الملك فيصل التخصصي. هلا، عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود قسم مختبرات إكلينيكية في كلية العلوم الطبية التطبيقية وحاصلة على درجة الماجستير من نفس الجامعة. أنهت برنامج من جامعة هارفارد في (Health Care Management) وتم اختيارها من قبل جامعة الملك سعود
للدراسة والقيام بأبحاث في علم المناعة في كورس صيفي فيجامعةHarvard Medical University في المملكة المتحدة. ومن خلال هذا الكورس في هذه الجامعة العريقة وتحت إشراف وتدريس نخبة في مجال المناعة أعجبت هلا بهذا المجال وخاصهimmunotherapyوهوالعلاج باستخدام الخلايا المناعية للإنسان. من هنا بدأت رحلتها في البحث عن برنامج دكتوراه في هذا المجال. هلا الدهشان حاصلة على زمالة مسك للقادة وعضو في المجلس السعودي للقادة. 
حدثينا عّن تجربتك الدراسية في لندن؟
وقع اختياري علىجامعة UCL في لندن بعد بحث مكثف عن برنامج دكتوراه فيمجال علم الجينات، حيث تم قبولي في برنامج يتضمن استخدام الخلاياالمناعية وتعديلها باستخدام تقنية تعديل الجينات cell and gene editing لعلاج لوكيميا الدم عند الأطفال بقيادة البروفيسور وسيم قاسم. يقع مختبر الأبحاث الخاصبالباحثين تحت إشرافه في مركز الشيخ زايد للأمراض النادرة لدى الأطفال في لندن، وهذا المركز تبرع من الشيخ زايد رحمه
الله وأبناءه لجامعة UCL في لندن، وقد تشرفت بزيارة كريمة من الشيخ محمد بن زايد خلا
زيارته لمركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال للاطلاع على العلاجات المبتكرة والأبحاث الرائدة التي يجريها المركز لإنقاذ حياة المرضى وسؤاله عن البحث الذي أشارك فيه.
ما التخصص الذي تدرسيه؟
البحث الذي تركز عليه مشروع الدكتوراه يتعمق في استخدام الخلايا التائية (T-cellsوهي خلايا مناعية في جسم الانسان، وعند تغيير خصائصها الجينية في المختبر بحيث بعد هندستها باستخدام أدوات تعديلالجينوم (Genime editing tools) هنا تتحول الى ما يسمى (CAR T cell) تقوم هذه الخلايا المعدلة جينيا عند ادخالها فيجسم المريض بالتعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها والتخلص منها. تم استخدم تقنية حديثة جدا في المختبر لإنتاج هذا النوع من الخلاياالمعدلة جينيا، تقوم بتغير الحمض الأميني بآخر (Genome base editing) تتميز هذه الآلية عن غيرها فيتصنع (CAR T cells) من غير أن تتسبب بضرر بالغ للحمض النووي (DNA) كما يحدث مع الطرق المستخدمة في معظم الدراسات الأخرى التي تستخدم Cas9 لقطع وتعديل الجينوم وهذا الجزء هو الذي يميز فريقنا البحثي. وقد قام الفريقالبحثي باستخدام هذه الخلايا المصنعة (base edited CAR T cells) في التجارب السريرية لعلاج سرطان الدم التائي،فقد شُخصت طفلة
تبلغ من العمر 13 عاماً، عام 2021 بالإصابة بلوكيميا الدم الحاد. وخضعت لجميع
العلاجات التقليدية لسرطان الدم، بما في ذلك العلاج الكيميائيوزرع النخاع، إلا أنها أصيبت بانتكاسة وعاد إليها السرطان مرة أخرى، ولم تتمكن الفرق الطبية في المستشفيات التي كانت تعالج بها من السيطرة على السرطانوإعادته إلى حالة الاستقرار، ولم تكن هناك أي خيارات للعلاج.
وبعد مشاركتها في التجارب السريرية ساعدت بعد الله هذه الخلايا المصنعة في شفاء أول طفلة في العالم من سرطان الدم باستخدام هذه التقنية الفريدة من نوعها. تم نشر البحث مع مشاركة طفلين أخريين فيهذه التجربة السريرية مجلة علمية.
ما لنصيحه التي تقدميها للطلبة الذين يحبون دراسة هذاالتخصص؟
أوصي بشدة بدراسة مجال تعديل الخلايا والعلاج الجيني (Cell and gene therapy) فهو مجال رائع يحمل آمالًا كبيرة في علاج العديد من الأمراض. من خلال تعديل الجينات المصابة، ويمكن تحقيق تقدم هائل في مجال العلاج وتحسين حالة العديد منالمرضى.تقنيات تعديل الخلايا والعلاج الجيني تعتبر ثورة في مجال الطب، حيث تتيح فرصا علاجية جديدة ومبتكرة. ويمكن استخدام هذهالتقنيات لعلاج الأمراض المستعصية والوراثية التي كانت تعتبر غير قابلة للعلاج في الماضي.وبفضل التطورات السريعة في هذا المجال، يمكننا اليوم أن نتوقع مستقبلًا مبهرًا لتعديل الخلايا والعلاج الجيني. قد تصبحهذه التقنيات جزءًا أساسيًا من المعالجة الطبية وتفتح آفاقا واسعةللعلاج والشفاء.أدعو بشدة لاستكشاف ودراسة هذا المجال الواعد، لأنه يوفرفرصًا علاجية كبيرة وقد يكون لديك القدرة على المساهمة في تطوره وتقدمه. بالتأكيد، ستكونلديك الفرصة للمساهمة في تحقيق التقدم العلمي والطبي، ومساعدة المرضى على الشفاء والتعافي بإذن الله.
كيف اثرت الدراسة عليك؟ كيف تعاملتي هذا الوضع؟
أود أن أعبر عن شكري وامتناني لأهلي، والدي،زوجي، وأبنائي الأعزاء على الدعم الكبير الذي قدموه لي طوال رحلتي في برنامج الدكتوراه. لقد كانوا داعمين حقيقيين وثقة
لا تضاهى في قدراتي وطموحاتي. كانوا إلى جانبي منذ بدايةمشواري عندما قررت التقديم لبرنامج الدكتوراه، يقدمون لي الدعم والتشجيع الذيكان بالغ الأهمية لنجاحي في المرحلة التالية. ولا يقتصر دعمهمعلى ذلك، بل استمر طوال السنوات التي قضيتها في البرنامج، حيث واجهت تحديات وصعوبات مختلفة. تمكنوا من تذليل العقباتوتقديم الدعم المعنوي والعاطفي الذي ساعدني في تجاوز التحدياتوالاستمرار في المضي قدمًا. كما لا يمكنني إلا أن أشيد بتفانيهم واهتمامهم أثناء فترة الجائحة التي مررنا بها. رغم التحديات التي واجهتنا جميعًا، كانوا هناك ليدعموني ويساعدوني في التأقلم مع الظروف الصعبة وتحقيق تقدم في دراستي وأبحاثي. وأنا ممتنة بشكل لا يوصف لدعمهم غير المحدود والمستمر. لإيمانهم بأهمية العلم والتعليم وقدرتهم علىإيجاد طرق لتذليل الصعاب وتسهيل طريقي للوصول إلى نهاية هذه الرحلة الصعبة والحصول على درجة الدكتوراه، يعكس مكانتهم العالية للمعرفة والتعلم في قلوبهم.
دور الأنشطة الجانبية الى جانب الدراسة؟ هل في مشاركاتثقافية تعكسون البلد الذي آتيتم منه؟
أود أن أعبر عن امتناني العميق لوطني ومؤسسة محمد بن سلمان (مسك) على قبولي في برنامج زمالة مسك للقادة. لقد كانت هذهفرصة لا تُنسى وإنجازًا رائعًا في حياتي المهنية. كانت تجربةشاملة ومتميزة من خلال معسكر القيادة التدريبي والدوراتالاحترافية وورش التدريب وجلسات الارشاد الشخصي والمهني. لتطويرالمهارات الشخصية والقيادية، وتمكين المشاركين من صناعةأثرإيجابي في مجتمعنا. لقد حصلت على استفادة كبيرة من هذا البرنامج والتطور في مهاراتي وقدراتي. تعرفت على أساليب قيادية جديدة واكتسبت خبرات قيّمة في مجالي. كماأشكرهم على تنظيم مسابقة زمالة مسك السنوية التي سمحت لفريقي بتقديم حلولمبتكرة للتحديات الصحية في المملكة والفوز بالمركز الرابع. هذا الإنجاز يعكس
قدرتنا على التفكير الإبداعي وتحقيق تأثير إيجابي. كما أود أن أعبّر عن شكري على الفرصةالتي منحت لي لزيارة أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية. كانت تلك التجربة ملهمة وتعليمية للغاية، حيث تعرفت على أهم الأساليب القيادية واستفدت من تجارب مثرية. أنا ممتنه بشكلكبير لوطني ومؤسسة محمد بن سلمان (مسك) على هذه الفرصة القيّمة والتجربة الثرية التي قدموها لي.
كيف استفدت من التجربة الدراسية في بلد الاغتراب؟
كل الشكر لوطني المملكة العربية السعودية وجهة الابتعاث جامعة الملك سعود على اتاحة الفرصة لي للابتعاث الخارجي. أشعر بالفخر والامتنان للفرصةالتي قدموها لي لمواصلة تعليمي وتطوير مهاراتي في بيئة دولية متميزة. قد استفدت بشكل كبير من هذه الفرصة القيمة. لقد أتاحت لي فرصة الاندماج في تعليم متقدم وتجارب ثقافية جديدة وتوسيع دائرة معرفتي. لقد تمكنت من التفاعل مع طلاب وأساتذة من مختلف الثقافات والخلفيات، وهذا أثر إيجابياً علىنضجي الشخصي وفهمي للعالم المتنوع الذي نعيش فيه. وبفضل هذه الفرصة، قد حققت تحسينات كبيرة في مهاراتي وقدراتي. قمت بتطوير قدراتي الأكاديمية والمهنية واللغوية، وقد اكتسبتالمهارات العملية اللازمة للتفاعل فيبيئة عمل عالمية. وبالإضافةإلى ذلك، تعلمت كيفية التعامل مع التحديات والمواجهة بثقة وتمكن.أود أن أعبر عن استعدادي للمساهمة في تطوير وخدمة وطنيوجهة الابتعاث عند عودتي. أنا ملتزمة بتحويل المعرفةوالمهارات التي اكتسبتها خلال فترة الابتعاث لتعزيز التنمية
والتقدم في المملكة. وسأعمل جاهدة لاستخدام خبراتي ومهاراتي لدعم قطاع التعليم والصحة والمبادرات التي تهدف إلى تحقيق التغييرالإيجابي والتنمية المستدامة كخطوات لتحقيق رؤية المملكة 2030 أعتقد أن لدي الشغف والتفاني اللازمين للمساهمة في تقدم العلومالطبية وتطوير العلاجات المبتكرة للمرضى الذين يعانون منأمراض مستعصية وسأكون ممتنة لفرصة المشاركة في هذه الأبحاث المهمة والعمل مع الفرق البحثية
المتميزة في وطني.
تجربتك مع أزمة فايروس الكورونا، كيف أثرت التجربةعليكم؟ كيف تعاملتما معها؟
أثناء فترة ابتعاثي في لندن، واجهت أصعب تحدٍ عندما اندلعتجائحة كورونا. شعرت بالرعب الشديد والقلق وأنا في بريطانيا عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية عن حالةلجائحة. انتابني الهلع عندما أعلنت المملكة العربية السعودية إغلاق الطيران الدولي. تلك اللحظة أدركت أن الموقف يتجاوز مجرد فيروس يصيب الناس، وأن هناك تدابير أكبر وأهم تنتظرنا. لم أكن أعلم كيف ستتطور الأمور وكيف سأتعامل معوضعي وأبنائي وحيدة فيبلد غريب، ولم أكن أدرك متى ستنتهي الجائحة ومتى سيسمح بإعادة الطيران إلى الوطن. في هذا الوقت، بدأت أفراد أسرتي وأقاربي بالبحث عن رحلات جوية تسمح لنا بالعودة إلى وطننا، وبفضل الله تمكنا من الاستفادة من آخر رحلة جوية إلى المملكة قبل إغلاق الطيران الدولي. وصلنا إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة، وكانت لدي تذاكر للوصول إلى الرياض، لكن المفاجأة كانت عندما صدرت قرارات وزارة الصحة بفرض الحجر الصحي على القادمين من بريطانيا في مكة المكرمة لمدة أسبوعين كاملين. بدأت المملكة العربية السعودية منذ بداية الجائحة بتبني تدابير قوية لاحتواء انتشار فيروس كورونا وتوفير الرعاية الصحيةاللازمة للمواطنين والمقيمين. لم تكن هناك نقصفي الإمدادات الغذائية، وتم تنفيذ جميع الإجراءات الاحترازية للحفاظ على سلامة الجميع. وعند بدء حملات التطعيم، تم تنظيمها على أعلى مستوى لضمان وصول اللقاحات إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص. تأثرت دراستي بشكل كبير خلال هذه الفترة، حيث لم أتمكن من العودة إلىبريطانيا إلا بعد مرور ستة أشهر. خلال هذه الفترة، لم أستطع أنأقدم أي تقدم ملحوظ في بحثي الذي يتطلب وجودي في المختبر وإجراء التجارب الضرورية. ولكنبفضل الله، بعد عودتي، استطعت أن أجري العديد من التجارب وأستغل وقتًا كبيرًا فيالعمل في المختبر لاستعادة ما فاتني من وقت غاب عنه. وكان هذا الجهد ملموسًا بالمشاركة في مؤتمر عالمي في مدينة إدنبرة في اسكتلندا، وأيضًا بمشاركتي في جزء من نتائج البحث مع فريق البحث في نشر ورقة علمية في مجلة مرموقة.
.
يجب الإشارة إلى أن جائحة كورونا كانت تحديًا كبيرًا عالميًا، ولكن تصميم المملكة وتنفيذها للإجراءات الاحترازية أثبتت نجاحًا في مواجهة الجائحة وحفظ السلامة والصحة للجميع. في نهاية هذا الحديث، أرغب في التأكيد على أن لدى الإنسان طاقات كامنة وقدرات رهيبة، قادرة على تحقيق أكثر مما قد يتصور. إنَّ الإبداع والتحقيق في الإمكانيات المذهلة لا تأتي إلا بالاعتماد على الله والتوكل عليه بكل ثقة. علينا أن نخرج منمنطقة الراحة والتسليم للواقع، ونتحدى أنفسنا لاستكشاف حدودنا وتحقيق أهدافنا وطموحاتنا. فالتفاني فيتطوير ذاتنا والعمل الجاد هو المفتاحلفتح باب الإبداع والتحقق من إمكانياتنا الحقيقية.
