قصة والد الأمير فيليب.. وريث للعرش تتزوج أجمل أميرات أوروبا ومات وحيدا في المنفى
هناك العديد من الأشياء التي غالبا ما تتبادر إلى الأذهان عند الحديث عن إمارة موناكو، مثل حقيقة أنها أصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان، وأن العائلة النبيلة التي تحكمها هي واحدة من أقدم العائلات الأميرية في العالمي، وهي عائلة غريمالدي Grimaldi النبيلة، الكثيرون أيضا يربطون بين إمارة موناكو وقصة الحب الشهيرة التي جمعت بين الأمير رينيه الثالث أمير موناكو الراحلة، والنجمة الأمريكية الحائزة على الأوسكار، وأميرة موناكو الراحلة، غريس كيلي Grace Kelly، والتي اعتزلت التمثيل في أوج شهرتها وعمرها لا يتجاوز 26 عام، للزواج من الأمير رينيه Rainier III, Prince of Monaco، ومع ذلك فإن قلائل فقط يعرفون أو يتذكرون قصة ملكية أخرى، ارتبطت بإمارة موناكو، وإن كانت تتضمن الكثير من الأحداث الدرامية، وهي قصة حياة الأمير أندرو، أمير اليونان والدنمارك Prince Andrew of Greece and Denmark والذي اضطر للعيش في المنفى في فرنسا بعد سقوط الملكية في اليونان، قبل أن تصبح إمارة موناكو ملجأه الأخير والمكان الذي لفظ فيه أنفاسه الأخيرة، ولكن من هو الأمير أندرو وكيف ولماذا قضى الأيام الأخيرة من حياته في إمارة موناكو؟
من هو أندرو أمير اليونان والدنمارك
ولد الأمير أندرو في العاصمة اليونانية أثينا في عام 1882، وهو الابن الرابع للملك جورج الأول ملك اليونان King of Greece George والدوقة الكبرى أولغا كونستانتينوفن Grand Duchess Olga Konstantinovna، بحلول ذلك الوقت كانت شجرة أنسابه قد انتشرت بالفعل في جميع أنحاء أوروبا وخارجها، فوالدة الأمير أندرو، أولغا، تنتمي لعائلة رومانوف Romanov الروسية النبيلة والتي حكمت روسيا حتى أنهت الثورة البلشفية حكمها لروسيا في عام 1917 وهي أيضا حفيدة الإمبراطور الروسي، نيكولاس الأول Emperor Nicholas I، أما زوجها جورج الأول ملك اليونان، فهو ابن كريستيان التاسع ملك الدنمارك Christian IX, King of Denmark، وشقيق الملكة الإنجليزية ألكسندرا Queen Alexandra (زوجة إدوارد السابع ملك المملكة المتحدة Edward VII) وشقيق الإمبراطورة الروسية ماريا فيودوروفنا Empress Maria Feodorovna، والدة نيكولاس الثاني Nicholas II، آخر أباطرة روسيا.
الأمير أندرو كان الابن الرابع من بين 8 أبناء للملك جورج الأول، وكان ترتيبه وقت ولادته هو الرابع في ولاية عرش اليونان، وتلقى الأمير أندرو تعليمه منذ الصغر في المدارس العسكرية، وانضم وهو في سن 19، إلى الجيش اليوناني، ومنذ ذلك الحين، أصبحت حياته تدور حول الخدمة العسكرية، وبدا من الواضح أنه يطمح لتأسيس حياة مهنية ناجحة في الجيش اليوناني، وقيل أيضا أنه كان يحب حياته كجندي وكان أكثر ارتياحا وتوافقا معا بالمقارنة بالحياة الملكية.
الأمير أندرو والأميرة أليس من باتنبرغ Princess Alice of Battenberg
في عام 1902، وأثناء حضوره احتفالات تتويج الملك إدوارد السابع ملك بريطانيا وزوجته الملكة ألكسندرا، التقى الأمير أندرو بزوجته المستقبلية أليس باتنبرغ Alice Battenberg وهي أميرة بريطانية، ولدت في قلعة وندسور الشهيرة، وكان عمرها 17 عام عندما التقت بالأمير أندرو للمرة الأولى، واشتهرت أليس باتنبرغ بجمالها حتى أنها وصفت بأنها واحدة من أجمل الأميرات في أوروبا، وهو ما لفت أنظار الأمير أندرو إليها، وبعد عام من لقائهما أصبح الاثنان زوجين، وقوبل زواجهما بالكثير من الترحاب من جانب عائلتيهما، فكلاهما من أصول ملكية نبيلة، وبدت أليس عروس مثالية للابن الرابع لملك اليونان جورج الأول، فهي ليست أميرة بريطانية عادية، وإنما حفيدة لواحدة من أشهر الملكات الحاكمات لبريطانيا وهي الملكة فيكتوريا Queen Victoria. الأمير أندرو والأميرة أليس من باتنبرغ أنجبا خلال زواجهما 4 فتيات وابن وحيد، كان أصغر أبنائهما، وأصبح فيما بعد أكثر أبنائهما شهرة، وهو الأمير الراحل فيليب Prince Philip، دوق إدنبره الراحل وزوج الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II ملكة بريطانيا الراحلة.
إجبار العائلة المالكة اليونانية على مغادرة اليونان إلى المنفى
في عام 1909، تأزم الوضع السياسي في اليونان بشدة، وطالبت مجموعة من ضباط الجيش اليوناني والذين شكلوا تنظيم يعرف باسم الرابطة العسكرية أو Stratiotikos Syndesmos، كما يطلق عليه باللغة باليونانية، وقدموا مجموعة من المطالب لإصلاح الحياة السياسية في اليونان والقضاء على الفساد، والحد من نفوذ العائلة المالكة اليونانية، وكان من بينها بتجريد العائلة المالكة من ألقابهم ومناصبهم العسكرية، ولإنقاذ الملك من حرج إجباره على إبعاد أبنائه عن مناصبهم العسكرية، اختاروا التقدم طواعية بالاستقالة من الجيش، وكان من بينهم الأمير أندرو، ولكن الوضع السياسي استمر في التأزم في اليونان، لدرجة أن جورج الأول اغتيل برصاص في القلب، في حادث اغتيال، أحيط به الكثير من الغموض وقتها، وبحلول عام 1917، تم إجبار العائلة المالكة اليونانية على مغادرة اليونان إلى المنفى، وبعدها بعدة سنوات، تم إنهاء الملكية في اليونان وتحولت إلى جمهورية.
حياة الأمير أندرو وأسرته في المنفى
بعد نفي العائلة المالكة اليونانية من اليونان، استقر الأمير أندرو وأسرته في فرنسا، وخلال حياتهما في فرنسا في المنفى، تدهورت العلاقة بين الأمير أندرو وزوجته الأميرة أليس، وازدادت سوء بعد تخلي الأمير أندرو عن أسرته وتورطه في علاقة مع نساء أخريات، وخلال الثلاثينيات من القرن الماضي، أصبح الأمير أندرو يتردد كثيرا على منطقة الريفييرا الفرنسية وموناكو، قبل أن يستقر في جنوب فرنسا، مع صديقته الفرنسية، أندريه دو لا بيني Andrée de la Bigne، وهي أرملة ثرية وممثلة سابقة، خلال السنوات التالية، أصبح الأمير أندرو، وأندريه دو لا بيني يشاهدان معا في مدن كان ونيس في فرنسا، وإمارة موناكو، واعتادا أن يقضيا عطلتهما الصيفية معا على يخت دافيدا yacht Davida، وكان الأمير أندرو أيضا من الزوار المنتظمين أيضا لكازينو مونتي كارلو الشهير في موناكو، وأصبح بمرور الوقت شبه مقيم في فندق متروبول في مونتي كارلو، بعد تلاشت آماله في العودة مرة أخرى إلى اليونان بسبب حظر الحكومة اليونانية وقتها لعودة أفراد العائلة المالكة اليونانية.
اشتهر الأمير أندرو خلال هذه الفترة من حياته بأنه كان ينفق ببذخ على حياته الشخصية، حتى قيل إنه اعتاد أن ينفق حوالي 3500 جنيه إسترليني سنويا (وهو مبلغ كبير وقتها)، كان يحصل عليها من عائدات أسهمه في بنك وستمنستر Westminster Bank، ولكن بحلول عام 1931، نفذت ثروته، واضطر للعيش بميزانية متواضعة بقيمة 50 جنيه استرليني حصل عليها من العائلة المالكة اليونانية.
وفاة الأمير أندرو في فندق في موناكو
توفي الأمير أندرو عن عمر يناهز 62 عام، في فندق متروبول، بسبب أزمة قلبية، ودفن أولا بالقرب من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في نيس ثم نقل جثمانه في النهاية إلى اليونان، بعد السماح للعائلة المالكة اليونانية بالعودة إلى اليونان.
الأمير أندرو والأميرة أليس عاشا منفصلين ولم ير أحدهما الآخر، حتى وفاة الأمير أندرو بعيدا عن أسرته في موناكو، ولكنهما لم يحصلا على الطلاق رسميا، وبالرغم من تخلي الأمير أندرو عن أسرته وتورطه في علاقة مع امرأة أخرى، إلا أن الأميرة أليس، كانت تعتبر انفصالهما وديا إلى حد كبير، بل وتحدثت عن عشيقة زوجها، أندريه دو لا بيني، بتسامح وود ووصفتها في إحدى المناسبات بأنها "صديقة اعتنت بوالد فيليب عناية كبيرة حتى أيامه الأخيرة".