استشارية طب أسنان الأطفال "الزهراء حميدالدين" تتحدث لـ "هي" عن الآثار النفسية والجسدية لإهمال علاج الأسنان
تعتقد الكثير من الأمهات بأنه ليس من الضرورة الاعتناء بالأسنان اللبنية للأطفال وبالأخص زيارة الطبيب، إلا أن هذا الاعتقاد خاطيء فالأسنان اللبنية مهمة جداً ولها وظائف عديدة، والنتائج السلبية التي قد تخلفها قلة الاهتمام بأسنان الأطفال، قد تؤثر على الصحة العامة للطفل الجسدية والنفسية أيضاً.. لإلقاء الضوء حول هذا الموضوع التقت "هي" بإستشارية طب أسنان الأطفال الدكتورة السعودية "الزهراء حميدالدين"، والتي وجهت العديد من النصائح الذهبية للعناية بأسنان الأطفال، وحذرت من الآثار النفسية والجسدية لإهمال علاج الأسنان، في إطار سعيها لأن يكن لها دور في التوعية والتثقيف المجتمعي، ولتكن جزءا من التغيير في صحة أسنان الأطفال للأجيال القادمة.. وذلك من خلال هذا الحوار الثري والهادف معها:
عرفينا عن نفسكِ.
الزهراء حميدالدين، ماستر وزمالة بريطانية في طب أسنان الأطفال والاحتياجات الخاصة، خريجة جامعة kings college london (ماستر) وجامعة الشارقة (بكالوريوس)، أعمل حالياً في عيادة اليجسي بالرياض، كاستشارية في طب أسنان الأطفال، أعالج جميع أنواع الحالات للأطفال في العيادة وأيضاً تحت التخدير العام حسب حالة المريض وعمره، عضوة في الجمعية السعودية لطب أسنان الأطفال والجمعية السعودية لطب الأسنان.
حدثينا عن رحلة ابتعاثكِ إلى لندن.. وأبرز الصعوبات التي واجهتكِ خلال سنوات الابتعاث.
رحلتي بدأت في سبتمبر 2019 في مدينة لندن، حيث التحقت بجامعة كينجز كولج لندن لدراسة الماجستير في طب أسنان الأطفال، كانت البدايات مشوقة وجميلة بالرغم من التغييرات الكبيرة في المحيط والمجتمع الجديد، وكانت دراستي منقسمة إلى جزء اكلينيكي في العيادات وجزء أكاديمي يشمل المحاضرات.
وبعد مرور 6 أشهر خلال شهر مارس 2020 تحديداً حدثت جائحة كورونا وانقلب العالم كله رأساً على عقب، فتوقفنا عن الحضور إلى الجامعة وبدأنا بالدراسة عن بعد، وكانت بالنسبة لي فترة غريبة ومخيفة خصوصاً بأنني بعيدة عن عائلتي وكنت وحيدة، إلا أنني كنت محظوظة بوجود أصدقاء من جنسيات خليجية وعربية وكنا على تواصل مستمر، وبعد مرور الجائحة وعودتنا إلى حضور العيادات لضرورة التدريب الاكلينيكي، واجهنا مرحلة أخرى غريبة وصعبة لوجوب ارتداء أقنعه مخصصة ومعدات الحماية الشخصية التي تمنع انتقال العدوى من المريض إلى الطبيب، وهذا خلق حاجز كبير بيننا وبين المراجع الطفل الذي يحتاج إلى اهتمام أكثر من المراجع البالغ، إلا أنني قد تعلمت الكثير من دراستي خلال هذه الفترة واضطررت للتكيف والتأقلم مع الأوضاع الخارجة عن إرادتي، بل وكان لهذا تأثير إيجابي على تطويري الشخصي والعلمي والعملي أيضاً.
ولله الحمد.. في شهر يوليو 2021 حصلت على درجة الماجستير بإمتياز مع مرتبة الشرف في طب أسنان الأطفال بعد عناء طويل وصعب، وفي عام 2022 حصلت على شهادة الاختصاص والعضوية في طب أسنان الأطفال من الكلية الملكية للجراحين في ادنبره.
أنا فخورة بأنني استطعت أن اكمل مسيرتي الدراسية بنجاح والتخرج بامتياز مع مرتبة الشرف من واحدة من أعرق الجامعات في العالم في مثل هذا الوقت الصعب، وآمل أن تلهم قصتي الناس لمتابعة أحلامهم مهما حدث.
ما هي أكثر الأمراض التي تصيب أسنان الأطفال؟
تسوس الأسنان هو من أكثر المشاكل التي يعاني منها الأطفال، حيث يعتبر التسوس أكثر الأمراض شيوعًا في جميع أنحاء العالم.
كيف يمكن حماية الأطفال من تسوس الأسنان؟
هناك العديد من النصائح الهامة لحماية الأطفال من تسوس الأسنان، ومن أبرزها:
1- الالتزام بتفريش الأسنان على الأقل مرتين يومياً ولمدة لا تقل عن دقيقتين بمعجون أسنان يحتوي على مادة الفلورايد.
2- المحافظة على الأكل الصحي للأطفال وتفادي تناول الكثير من السكريات والنشويات والمشروبات التي تحتوي على السكريات كالعصير والمشروبات الغازية.
3- زيارة طبيب أسنان الأطفال مرتين في السنة على الأقل للتأكد من خلو الأسنان من التسوسات، وأيضاً لوضع مادة الفلورايد على الأسنان.
تعتقد الكثير من الأمهات بأن الأسنان اللبنية ليس من الضروري الاعتناء بها كثيرا وبالأخص زيارة الطبيب، فهل هذا الأمر صحيح؟
لا هذا غير صحيح، فالأسنان اللبنية مهمة جداً ولها وظائف عديدة، منها:
1- تساعد الطفل على مضغ الطعام.
2- التحدث ونطق الحروف بشكل سليم.
3- تشغل الأسنان اللبنية مساحة من الفك؛ لتسمح بعد ذلك للأسنان الدائمة بالظهور في أماكنها الصحيحة، فعند فقد الطفل لأحد أسنانه اللبنية قبل موعد سقوطها، فإن ذلك قد يؤثر في شكل وترتيب الأسنان الدائم.
ومتى برأيكِ يجب البدء بالاعتناء بأسنانهم؟
من وقت بزوغ أول سن لبني (في عمر 6 أشهر) يجب البدء بتفريش الأسنان بمعجون يحتوي على الفلورايد، وأيضاً يجب زيارة طبيب أسنان الأطفال للتأكد من خلو الأسنان من أي مشاكل ولتثقيف الأهل عن صحة الفم العامة، فزيارة طبيب أسنان الأطفال في وقت مبكر مهم جداً لتهيئة الطفل وتعوده على بيئة العيادة ولتفادي أي مشاكل لأن الوقاية خير من العلاج.
ما هي النتائج السلبية التي قد تخلفها قلة الاهتمام بأسنان الأطفال، إن كان على اللثة أو على صحتهم العامة؟
1- قلة الاهتمام بأسنان الأطفال قد تؤثر على الصحة العامة للطفل الجسدية والنفسية أيضاً، فعلى سبيل المثال عدم قدرة الطفل على المضغ والأكل بصورة صحيحة نتيجة الآلام في أسنانه قد يؤدي إلى تأخر في نموه الجسدي.
2- اذا فقد الطفل الأسنان اللبنية الأمامية مبكرا، فقد يؤدي ذلك إلى تأثر النطق عند الطفل، وأيضاً قد يؤدي إلى مشاكل نفسية نتيجة مظهر الطفل، ويتعرض بعض الأطفال أيضاً للتنمر بسبب شكل أسنانهم ومظهرها وهذه ظاهره تشتكي منها الكثير من الأمهات المُراجعات.
3- إذا لم يتم معالجة التسوس في الأسنان اللبنية فيمكن أن يؤدي إلى "خراج" وقد يكون خطراً في بعض الأحيان وقد يضطر الطفل إلى أخذ المضاد الحيوي لتفادي إنتقال الإلتهاب إلى مناطق أخرى في الجسم، وقد ينقل التسوس المشكلة إلى الأسنان الدائمة حيث تتأثر من ناحية الشكل واللون أيضاً.
4- يمكن أن ينتج عن التسوس أيضاً تأثر الإطباق عند الطفل نتيجة لفقدان الأسنان مبكرا والحاجة إلى تركيب تقويم الأسنان في المستقبل.
ما هو العمر الأنسب للبدء في تقويم أسنان الأطفال في حال الحاجة للتقويم؟ وما هي الأسباب التي تحدد فشل أو نجاح تقويم الأسنان؟
أصدرت الجمعية السعودية لتقويم الأسنان بالإتفاق مع الجمعية السعودية لطب أسنان الأطفال الشهر الماضي خلال شهر يونيو 2023 توصية مشتركة تنص على أن سن السابعة هو العمر المناسب لإستشارة طبيب تقويم الأسنان وذلك لأهمية الفحص والتدخل المبكر في الوقاية من عدد من أمراض عظام الوجه والفكين وتحسين تطابق الأسنان.
ويختلف العمر الأنسب من طفل إلى طفل على حسب الحالة، وأنا أحرص دائماً على إجراء الفحص المتكامل الذي يسمح لي بتشخيص الحالات التي قد تتطلب التدخل المبكر أو إجراء علاج التقويم التحفظي، وأنصح دائماً بالالتزام بالمراجعة الدورية للأطفال.
ما هي الخطوات التي يجب علينا اتباعها حتى نعود أطفالنا على المحافظة على صحة أسنانهم وعدم التخلي عن هذه العادة؟
- البدء بالتفريش في سن مبكر عند بزوغ أول سن مهم جداً لأنه يخلق الروتين الذي سيتعود عليه الطفل.
- المتابعه من قِبل الأهل ومساعدتهم لطفلهم في السنوات الأولى وحتى عمر 7 سنوات مهم جداً.
- يمكن اعطائهم جوائز تحفيزية لتشجيعهم على المحافظة على أسنانهم.
- استخدام الفيديوهات والتطبيقات التي تشجع على التفريش.
- وأخيراً زيارة طبيب أسنان الأطفال بشكل دوري كل 6 شهور ليتعود الطفل على الإهتمام بصحة الفم والأسنان.
هل هناك اجراءات خاصة في طب الأسنان الوقائي لحماية أسنان الأطفال؟
نعم، هي اجراءات بسيطة وخفيفة ممكن عملها في الزيارات الأولى الطفل، أولاً التنظيف في العيادة، ثانياً وضع مادة الفلورايد التي تقي الأسنان من التسوسات، وثالثاً إمكانية عمل حشوات وقائية تسمى بـ fissure sealants لمنع التسوسات على منطقة إطباق الأسنان، (للتنويه: الحشوات الوقائية لا يمكن أن تمنع التسوسات بين الأسنان).
ماهي طموحاتكِ المستقبلية؟
أطمح لأن أساعد المجتمع السعودي والعربي ايضاً، وأكون جزءا من التغيير في صحة أسنان الأطفال.. العادات الصحية المبكرة في السن المبكر ستحُدث تغيراً هائلاً في الأجيال القادمة، واتمنى أن يكن لي دور كبير في ذلك، وأطمح بأن يكن لي دور في التوعية والتثقيف المجتمعي وخصوصاً لصحة الفم والأسنان عند ذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم جزء مهم جداً في المجتمع وهم في حاجة إلى الدعم المستمر.
كلمة أخيرة..
سأكون سعيدة إذا كان بإمكاني التأثير على حياة طفل واحد، وتقبل الأطفال للعلاج عند طبيب الأسنان، لأنها أول خطوة في الحفاظ على الصحة العامة وصحة أسنانهم.
وأخيرا..
أشكر أسرة مجلة "هي" على هذه الاستضافة، وأتمنى لها دوام التميز والنجاح.
الصور تم استلامها من إستشارية طب أسنان الأطفال "الزهراء حميدالدين".