هيئة الأفلام تُعيد رسم المشهد: مبادرة "سينماء" تنطلق وجمعية النقاد ترى النور

هيئة الأفلام تُعيد رسم المشهد: مبادرة "سينماء" تنطلق وجمعية النقاد ترى النور

رهف القنيبط
17 أبريل 2025

في ليلة تحتفي بالذاكرة وتراهن على المستقبل، أطلقت هيئة الأفلام السعودية مبادرة "سينماء" من قصر الثقافة بالرياض، كواحدة من أبرز مبادرات الأرشيف الوطني للأفلام. لكنها لم تكن مجرّد مبادرة؛ بل وعدٌ بإعادة سرد الحكاية السينمائية من منظور سعودي، ينطلق من التاريخ ليصل إلى كل شغوف بعدسة، أو سطر نقد، أو فكرة لا تزال قيد التكوّن.

مبادرة "سينماء" هي مسار معرفي متشعب، يستهدف تعزيز المحتوى السينمائي ونقده عبر منصات مقروءة، مرئية ومسموعة، بُنيت بعناية لتمد جسوراً بين صنّاع السينما، والنقّاد، والجمهور، في مساحةٍ تفاعلية تتجاوز الشكل التقليدي، وتتعمّق في جوهر السينما باعتبارها أداة للفهم والحوار والتحليل.

مبادرة سينماء
تضمنت الاتفاقية التعاون مع مركز الأرشيف الرقمي لحصر وتوثيق التراث السينمائي السعودي

خلال حفل الإطلاق، قدّم المدير العام للأرشيف الوطني للأفلام، الأستاذ عبدالله العبدالله، الكلمة الرئيسية التي سلط فيها الضوء على رؤية المبادرة وأهدافها المعرفية. كما شاركت الأستاذة سارة الراجحي، مديرة الأبحاث والتنظيم، بكلمة مميزة تناولت فيها أهمية البحث السينمائي وتنظيم المحتوى الأرشيفي. 

ضمن هذا الاحتفاء بالمعرفة السينمائية، شهد الحفل إعلان الناقد أحمد العيّاد عن تأسيس أول كيان مهني مستقل للنقد السينمائي في المملكة: "جمعية نقاد السينما". ولدت الجمعية من رحم الحاجة إلى تطوير الحركة النقدية، ومن إيمان بدور النقد كعين ثالثة تضيء ما لا تراه الكاميرا ولا يلتقطه المشهد.

مبادرة "سينماء" في جوهرها، هي محاولة لصناعة مجتمع سينمائي حيّ، يتجاوز الشاشة إلى ما هو أبعد: مجتمع يُعيد طرح الأسئلة، ويُنتج المعرفة، ويمنح السينما السعودية ذاكرتها، وصوتها، ووجهها الخاص.

كما أُعلن خلال الحفل عن إطلاق الحسابات الرسمية والموقع الإلكتروني الخاص بالمبادرة، ليكون متاحاً أمام الجمهور والباحثين والمهتمين، حاملاً في طيّاته مقالات مترجمة، بحوثاً أصيلة، ومساهمات كتّاب ونقاد من داخل المملكة وخارجها.

مبادرة سينماء
مبادرة "سينماء" في جوهرها، هي محاولة لصناعة مجتمع سينمائي حيّ

في إطار استراتيجيتها لتعزيز الشراكات الدولية في قطاع السينما، وقّعت هيئة الأفلام السعودية مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين (FIPRESCI)، في خطوة تهدف إلى تطوير المشهد النقدي المحلي وربطه بالحراك السينمائي العالمي.

وتهدف مذكرة التفاهم الموقّعة مع الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين (FIPRESCI) إلى خلق روابط فاعلة بين النقد السينمائي السعودي ونظيره العالمي، وذلك من خلال تطوير البرامج التدريبية للنقاد، ودعم نشر الدراسات والبحوث السينمائية المتخصصة، وتوفير منصات معرفية تُثري الحوار النقدي المحلي. كما تسعى الاتفاقية إلى تعزيز حضور النقاد السعوديين في الفعاليات والمهرجانات العالمية، وترسيخ مفهوم النقد كعنصر أساسي في تطور الصناعة السينمائية. إضافةً إلى ذلك، تتضمّن المذكرة العمل على تطوير برامج أرشفة وحفظ التراث البصري، وتفعيل التعاون الدولي في تبادل الخبرات وبناء جسور من التواصل الثقافي والمهني.

كما وقّعت الهيئة أيضاً مذكرة تفاهم مع هيئة الإذاعة والتلفزيون، في مسعى مشترك لحفظ الإرث السمعي البصري السعودي وإتاحته لصنّاع الأفلام والمهتمين. وتهدف هذه الاتفاقية إلى توحيد الجهود بين المؤسستين لتوثيق وتفعيل ذاكرة المملكة السينمائية

تنطلق من رؤية مشتركة لصون الذاكرة السمعية والبصرية للمملكة، وتحويلها إلى مصدر معرفي متاح لصنّاع الأفلام والباحثين والجمهور. وتشمل أهداف هذه الاتفاقية حصر وتوثيق التراث السينمائي الوطني، وترميم ورقمنة المواد الفيلمية النادرة بتقنيات حديثة تضمن الحفاظ عليها للأجيال القادمة. كما تسعى إلى تطوير الكفاءات السعودية في مجال الأرشفة، عبر التدريب المهني ونقل المعرفة، بالإضافة إلى إقامة فعاليات ومعارض تسلط الضوء على هذا التراث الثري وتعيد تقديمه في سياقات معاصرة.

مبادرة سينماء
الاستثمار في الكوادر البشرية من خلال التدريب وتبادل المعرفة

كما تضمنت الاتفاقية التعاون مع مركز الأرشيف الرقمي لحصر وتوثيق التراث السينمائي السعودي، ترميم ورقمنة المواد الفيلمية النادرة، وتحليلها علمياً ومعرفياً، فضلاً عن إقامة معارض وفعاليات تبرز هذا المحتوى للجمهور، إلى جانب الاستثمار في الكوادر البشرية من خلال التدريب وتبادل المعرفة. من دعم النقد وتطوير المهرجانات، إلى نشر البحوث السينمائية، وتوثيق التراث السمعي البصري—كلها ملامح لمذكرات تفاهم، تتحول فيها السينما السعودية إلى مشروع ثقافي طموح.