إفعل خيراً مهما كان صغيراً
لا بد أن فعل الخير من أجمل الأفعال التي يقوم بها الإنسان، فهي تعكس ذاته الطيبة والصافية والمحبة للغير. الخير سمةٌ من سمات الإنسانية الصحيحة والمطلقة، تحمل في طياتها أسمى المشاعر وأغلاها، وتترجم حباً للعطاء لا حدود له.
قد يكون في قدرة البعض فعل الخير بشكل كبير نظراً لإمكانياتهم الكبيرة، مما ينعكس فرحاً عند متلقي هذا الخير. لكن بعض الأفراد لديهم إمكانيات محدودة فيخافون من فعل الخير خشية أن لا يُقدر لضآلته. لكن فعل الخير مهما كان حجمه ووزنه هو فعلٌ طيبٌ وبالتالي لا تُقاس قيمته بمقداره بل بالأثر الطيب الذي يتركه في نفوس متلقيه.
البذرة الصغيرة التي نزرعها في الأرض، تكبر لتصبح شجرةً وارفةً تظلل القاصي والداني، والطير الذي يجد حبوبه وماءه على جدار حديقتنا سيكون ممتناً كثيراً، والحجر الذي نرفعه عن الطريق كي لا يؤذي الطفل الصغير الذي يعدو فرحاً هو بحق أسمى درجات الخير ولو كان فعلاً صغيراً. فلا تتردوا في فعل الخير، وفي التشجيع والثناء على أي فعل خير تتلقونه من الغير. فكل حسنة تقبلها حسنة، إن لم يكن فوراً فلا بد قادمةٌ مع الأيام.
ولا تطلبوا مقابلاً لفعلكم الخير، ليكن نابعاً من صفاء قلوبكم ونواياكم، وليكن خيراً لله قبل أن يكون خيراً للبشر.
فعل الخير يزيح الغمة والكرب عن محتاج، ويرفع من معنويات شخص مكتئب، وبالتأكيد يساهم في حل مشكلة أو معضلة ما لفرد يعاني الأمرين. فلا تتهاونوا في العطاء وتقديم المساعدة وفعل الخير للآخرين، كل ما تقدمونه وإن كان صغيراً سيترك أثره الطيب في نفوسهم ليدركوا أنهم ليسوا وحدهم في الحياة، وأن الله أرسلكم لتكونوا عوناً لهم في محنتهم وشدتهم.
إفعل الخير مهما استصغرته فهو كبيرٌ عند الله وقد تدخل به الجنة. من أتى فعل الخير بقلب سليم ونية طيبة، رزقه الله أضعافها ونجاه من الغم وكشف عنه الضر، ما دام فعل الخير خالصاً لله وبدون أي تلوين أو محاولة للتباهي.
شاهدتُ منذ فترة صورةً على موقع الفايسبوك لطفل صغير يحاول إنقاذ غزال، والطفل يسير في النهر تغمره المياه حتى كتفيه فيما يحمل الغزال الخائف بيد واحدة ويسير في الماء نحو اليابسةليمنع غرق هذا الغزال. كم كان فعل الخير هذا مؤثراً في نفسي، فهذا الطفل الصغير خاطر بحياته لإنقاذ حيوان بائس من الموت، وقد يكون فكر بالعواقب أو لم يفكر، يبقى فعله هذا علامةً صادقةً على خالص نيته وحبه للخير مهما كان صغيراً.
هل صادفتم مثل هذه الأفعال وتوقفتم عندها للتأمل؟ أنها تترك فعلاً أثراً في النفس وإحساساً بالراحة لدينا في أن العالم ما زال يسوده الخير وأن الكون مليءٌ بقلوب طيبة تفعل الخير ولا تسأل أي مقابل.
وقد تكون فرحة فاعل الخير هي الأكبر، فلا أروع من الإحساس بالطمأنينة يلف حياتنا ونحن نضع رأسنا على المخدة ليلاً للنوم، مدركين أن الخير الذي قمنا به هو خالصٌ لله وليس بهدف الدعاية.