المصمم اللبناني رامي قاضي لـ "هي": لا داعي للتقيّد بالعادات القديمة عند اختيار فستان الزفاف
في عصر التطوّر الرقمي والرموز المشفّرة والرموز غير القابلة للاستبدال، أصبح مزج الموضة بالتكنولوجيا واقعاً يتطلّب حرفية واسعة للنهوض في عالم صناعة الأزياء. هذا المزج ليس بالأمر السهل، بل يفرض متابعة حيثية لفكّ شيفرات افتراضية وتضمين الإبداع في التصاميم لخلق لوحات تتراقص على أجسام سيدات تكون فيها الفساتين ألواناً متطايرة، تعكس فوضى الطبيعة والأحداث العالمية وشخصية العروس وبصمة المصمم. هذه الخلطة السحرية استطاع المصمم العالمي الشاب رامي قاضي أن يبتكرها في عالمهالساحر.
انطلق المصمم اللبناني الأميركي رامي قاضي عام 2011 من خلال تصميم فساتين راقية في مشغله في بيروت، وظهر على ساحة الموضة العالمية في عام 2014 عندما عرض مجموعاته خلال أسبوع الموضة في باريس.
من العلامات الفارقة في مسيرته هي مجموعة كوتور لربيع وصيف 2020، والتي تضمنت فستانًا مصنوعًا من البلاستيك المُعاد تدويره، ما منح رامي قاضي امتيازالريادة كأول مصمّم شرق أوسطي يقيم عرضًا للأزياء الإلكترونية، يسلّط الضوء من خلاله على قضايا حيوية مثل الطبيعة المستدامة ومكافحة تغيّر المناخ.
في مجموعته الأخيرة، جسّد رامي قاضي تجاربه الخاصة مع تحدّيات الحياة التي واجهها بالإبتكار، على قاعدة "لولا أوجاعنا، لما خلقنا".
"هي" أجرت حواراً مع رامي قاضي لا يشبه المقابلات المعتادة في صناعة الأزياء. في ما يلي حديث عن حب الطبيعة ومواكبة التطورّات التقنية في نكهة خاصة:
-أخبرنا عن تجربتك كأول مصمم عربي يدخل عالم الـ "أن أف تي"
منذ انطلاقتنا ونحن نواكب التطوّرات التقنية ونسعى كي نكون جزءاً منها، ونحرص على أن تتضمن مجموعاتنا آخر اتجاهات التكنولوجيا؛على سبيل المثال، مجموعة Glow in the Darkتكوّنت من فساتين تشّع بالضوء في العتمة، كما تم تصميم فساتين مصنوعة من مادة البلاستيك في إطار انخراطنا في عملية إعادة التدوير بهدف الحفاظ على البيئة.
إلى ذلك، نستخدم كل الموارد كي نصمّم فساتين مستدامة. وفي عودة إلى الماضي، نذكّر أنني أول أول مصمم عربي عرض أزياءه في العالم الإلكتروني، وعندما سمعت عن "أن أف تي"و "الويب 3"، قمت بدراسة حيثية ومتابعة لمدة 4 شهور لفهم ميزات هذه التقنية في عالم الأزياء. فصمّمت أول مجموعة تجمع بين عالم الهوت كوتور والـ "أن أف تي"في العالم العربي. حقيقة، لم يكن الأمر سهلا حيث واجهنا وفريق العمل عالماً جديداً، ما استوجب شرحاً مفصلاً لمتابعينا وزبائننا عن التقنية الحديثة.
- بعض المصممين يخافون من هذا الإنفتاح التقني الواسع. هل برأيك قد يؤثر سلباً على صناعة الأزياء في طريقة ما؟
لا أعتقد أنّ هناك مكاناً للخوف عند الإنخراط في أيّ تطوّر تقني، بل يتحتّم علينا دائماً التطلّع إلى الجانب الإيجابي الذي تخلقه التكنولوجيا، من خلال توظيف التقنيات الحديثة في تنفيذ تصاميم أزياء جديدة. فالتكنولوجيا سمحت لنا بتحويل مادة البلاستيك إلى مواد جديدة لصناعة فساتين مستدامة، وهذا لا شكّ يساهم في مواجهة تحديّات تغيّرات المناخ والأزمة الناتجة عنها.
حالياً، الـ"أن أف تي" تشجع العالم كي يهتموا بالأفاتر في العالم الإفتراضي وشراء ثياب افتراضية أيضاً؛ وهذا يفتح الباب واسعاً أمام المصمّمين للعمل على خط جديد يكسرالحواجزالتي قد تقمع الأفكار والإبداعات، فاتحة الباب على مصراعيه لسلّة من الإبتكارات غير المقيّدة أو المحدودة؛ من هنا، ننظر إلى التطوّر كفرصةلتوسيع صناعة الأزياء.
- كشاب مبدع وصل إلى العالمية، ماذا لديك لتنصح به المبتدئين في عالم الموضة؟
المطلوب بداية هو الإيمان والثقة بالنفس والقدرات الذاتية؛ على المبتدئين كذلك إحاطة أنفسهم بأشخاصمتخصصين داعمين. ومن الضروري خلق بصمة خاصة لكل مصمّم في عالم الموضة، تعرّف عنه على صعيد العالم برمته.
- ماذا تنصح عروس 2023؟
أن تكون على طبيعتها بطريقة عصرية،وتنتقي فستان زفاف ينسجم مع شخصيتها؛ ولا داعي للتقيّد بعادات قديمة متبعة لدى اختيار فستان الزفاف. فالذكريات التي يحملها حفل الزفاف هي من أهم المراحل في حياتها، والأهم أن تحمل هذه الذكريات شعوراً بالإرتياح يرافق العروس مدى العمر.
- تعتمد في تصميم فساتين الزفاف على فلسفة وجودية، من خلال ربط العقل بالطبيعة وتجسديهما على قوام العروس. ما الذي يلهمك هنا؟
منذ لحظة وصول العروس إلينا، نسعى جاهدين وبدقّة متناهية إلى التمعّن في شخصيتها وتفاصيل أخرى تتعلّق بها؛هذا الأمر يساعدنا كي ندرس ونكتشف طبعها وطريقة حياتها، من خلال مراقبة تحركاتها، طلّتها، وطريقة حديثها؛ وهذا ما يلهمني كي أكوّن فكرةوافية عنها. كما أحرص على سؤالها عن المظهر الذي تريد أن تبرز به، والستايل الأقرب إلى قلبها. بعد الإستماع إلى آرائها واكتشاف"الذكرى" التي تريد حملها إلى ما بعد حفل الزفاف،أريها نماذج عن الأقمشة والتطريز لدينا. خلال حديثنا، نستطيع أن نحدّد ما إذا كانت تحب الطبعات والورود كي يتضمن التصميم عناصر من الطبيعة كالورود وغيرها.
- كثر يعتبرونك مثالاً أعلى في عالم التصميم، ما هي أسرار المصمم المبدع برأيك؟
أهم سرّ برأيي هو أن يملك المصمم بصمته الخاصة، وأن يوظّف إبداعاته كافة لخدمة هذه البصمة؛ حيث يواكب التطوّرات التقنية والتغيّرات التي تحصل في العالم وكيفية تحوّل الثقافات والظروف الحياتية لتشكيل فهم أوسع وإلهام شامل من الظروف المحيطة، كي نسخّر كل ذلك في خدمة الأفكار الإبداعية.
- العروس بالبدلة كما الكاب، موضة لحقبات قديمة منذ الأربعينات، نرى أنك أعدت إحياء هذه الموضة. أخبرنا أكثر عن الرسالة وراء لك.
تجدر الإشارة إلى أنّ مجموعة خريف شتاء 2022- 2023 تضمنت اللوك مع الكاب، الذي في الواقع لم يكن مصمّماً خصيصاً للعروس؛ لكن في طبيعة الحال يمكنها اعتماده،إذ لا نعتبر أنّ هناك مفهوماًمحدّداً لفستان العروس، والأهم أنّه ليس بالضرورة لتصميم الفستان أن يشبه غيره من الفساتين؛ فيمكن أن يكون بدلة مع كاب، حتى يمكن اعتماده في مناسبات أخرى. يهمني الإشارة إلى أنّ الكوتور بشكل خاص لا ينحصر بمفهوم واحد، بل يمكن أن يواكب كافة الإتجاهات مع الحفاظ على البصمة الخاصة. فالفستان وحده لا يجسّد الكوتور الذي يمكن أن يكون قطعة مصنوعة من بدلة وكاب، في إطار "لوك مودرن" يواكب التطوّرات في الموضة.
- الورود في فساتين الأعراس تجسّد حبك للطبيعة أيضاً. ما أهمية علاقتك بالطبيعة في الثورة التي صنعتها في عالم الموضة؟
لا يمكن فصل تصميم الأزياء عن أي عنصر من عناصر الطبيعة والبيئة،خاصة أنّ صناعة الأزياء تؤثر سلباً على الطبيعة؛ من هنا نحرص في عملنا على التركيز على الموضة المستدامة في الهوت كوتور، وهذا ما جسّدته مجموعتنا الأخيرة لخريف وشتاء 2022-23،التي أتت مستوحاة من تأثيرات الطبيعة والظروف الفوضيةالتي تؤثر على البيئة.
بالمقابل، هذا الخراب البيئي كان مصدر إلهامنا الذي أمدّنابنظرة ايجابية مفادها أنّ الجمال لا يزال حاضراً في الطبيعة وعلينا تجسيده في الهوت كوتور. فالطبيعة عنصر هام في صناعة الموضة لدى دار رامي قاضي وننظر إليه كجزء كبير من مهمتنا، حيث نحرص على أن لا تكون صناعة الموضة على حساب تخريب عناصر جمالية أخرى ومنها الطبيعة التي هي مصدر الحياة لنا والجميع.
من هنا، يمكن القول إنّنا في حالة ثورة دائمة للحفاظ على الطبيعة في عالم الأزياء وتجسيد جمال الطبيعة من حولنا من خلال تصيم فساتين الهوت كوتور الخاصة بنا.
- شاركنا تفاصيل إلهامك وراء مجموعة 2022-2023.ماذا عن القصات والألوان؟
تحملمجموعة 2022-2023 في طياتها ثناءً لإرادة الحياة. "Le Réveil" أو "اليقظة" هي مجموعة رامي قاضي لهذا الموسم، تتميز برمزيّة الألوان المستخدمة في تصميم الفساتين، التي نروي من خلالها حكاية إرادةٍ أبت إلا أن تستمر رغم تأرجحها بين كتفي ازدواجية النظام والفوضى.
تتألّف المجموعة من 35 فستاناً، تعمّدت من خلالها اختيار خمسة ألوان لخمسة فستاتين وهي الأرجواني، والأزرق، والأخضر، والأصفر، والبرتقالي. وأضفت عليها خمسة فساتين بيضاء وخمسةً سوداء كي أتمم بذلك عناصر الطيف الذي يمنح مجموعة" Le Réveil" سحرها.
- من هي عروس رامي القاضي؟ وما الشخصية التي تحاول أن تبرزها وراء الفستان؟
عروس رامي قاضي هي كل عروس جريئة بما فيه الكفاية أن تكون على طبيعتها في يوم زفافها؛ هي التي لا يهمها أن تعتمد الترند والاتجاهات فقط، بل فستاناً يجسّد شخصيتها.