علامات عدم التوافق والانسجام بين الزوجين
الحب هو اساس العلاقة الزوجية هذا امر لاشك فيه، ولكن بعد الحب تأتي امور اخرى يتوجب على الطرفين فهمها و أخذها بعين الاعتبار حتى تنجح العلاقة الزوجية و تستمر. وتتلخص هذه الامور في مسألة التوافق و الانسجام بين الزوجين وهي كاريزما التعامل و التواصل التي ينبغي أن تتطور بين الزوجين.
صحيح أن القواسم المشتركة بين الزوجين تزيد من التواصل والتفاهم بينهما ولكن في حالة غيابها فإن مبدأ التكافؤ و التكامل فيما بين الزوجين يحقق التوافق و الانسجام المنشود. فالزواج الناجح لا يتطلب بالضرورة ان تكون العلاقة مبنية على معادلة التشابه في الصفات و الاشتراك في الاهتمامات حتى تنجح، وإنما يقتضي أن تكون هناك علامات التوافق و الانسجام بين الطرفين مع وعي الطرفين و استيعابهم لهذه العلامات والتعامل مع بعضهما البعض على اساسها.
وانعدام هذه العلامات في العلاقة الزوجية ينذر بفشلها أو انهيارها. فما هي اذن علامات عدم التوافق و الانسجام بين الزوجين؟
انعدام التواصل:
من علامات عدم التوافق و الانسجام بين الزوجين انعدام التواصل الفعال بينهما و غياب الحوار البناء. و انعدام الحوار الزوجي يدل على صعوبة التفاهم وعدم القدرة على مناقشة المواضيع بمرونة. عندما يصبح النقاش بين الزوجين مستحيلا دون ان يصل الى مرحلة الصراخ و الدفاع و الاتهام، تصبح العلاقة الزوجية مليئة بالمشاحنات و المشاكل. ومن انعدام التواصل كذلك انقطاع الاتصال البصري أو الجسدي بين الزوجين. وهذا لا يقتصر على العلاقة الحميمية فقط، ولكن يرتبط ايضا بانعدام الرغبة في أي اتصال حسي بين الطرفين مثل إمساك اليدين أو العناق أو لف الذراع حول الخصر و غير ذلك من الحركات الاتصالية و الحسية التي تعزز العلاقة و تؤدي الى التوافق و الانسجام.
لا اهداف مشتركة:
ويعني ذلك أن الزوجين ليست لديهما رؤية مستقبلية مشتركة و انهم يفتقدون لصفة بعد النظر. عندما تكون هناك اهداف مشتركة بين الزوجين، بغض النظر عن اي اختلاف قد يكون بينهما فيما يتعلق بالاهتمامات والهوايات أو الشخصية و الطباع، فإنهما يتمكنان من رؤية الأمور بصورة أوضح وأشمل من جميع جوانبها. وهذه الرؤية الشمولية للمستقبل من شأنها أن تضفي اجواء التوافق و الانسجام بين الزوجين. مثلا عندما يكون هناك توافق و تفاهم فيما يخص الرؤية المستقبلية للأسرة والأبناء و الطموحات، يقل الخلاف بين الزوجين تصبح الخلافات اليومية الصغيرة امورا تافهة امام الرؤية المستقبلية الشاملة للأمور الاكثر أهمية.
فقدان الاحترام المتبادل :
من علامات عدم التوافق و الانسجام بين الزوجين، انعدام الاحترام المتبادل في التعامل بينهما، بحيث لا يراعي طرف مشاعر الطرف الاخر ويغيب التفاهم فيما بين الزوجين. الاحترام المتبادل بين الزوجين يكون مبنيا على الحب و الثقة و مراعاة المشاعر عند المحادثة أو النقاش أو الاختلاف. و الاحترام المتبادل هو ثقافة الاختلاف في الرأي و احترام لهذا الاختلاف و تقبله وتبادل الافكار المختلفة بأريحية و مرونة دون اعتراض أو إقصاء. و الاحترام المتبادل بين الزوجين هو تقدير كل طرف لدور الطرف الاخر. و عندما ينعدم التقدير و الاحترام في بيت الزوجية، فذلك من أبرز علامات عدم الانسجام والتوافق بين الزوجين.
غياب التسامح :
لا تخلو اي علاقة من الخلاف وكلنا خطاؤؤن و خير الخطائين التوابون، وكذلك الحال مع العلاقات الزوجية و الازواج. ولكن اذا انعدم التسامح غاب التفاهم وحل محلهما النقد اللادع و اللوم المتواصل و العتاب الدائم، مما يحول الحياة الزوجية الى محاكمة مستمرة يستحيل معها الشعور بالرضا والامان و الراحة. ومن اوجه التسامح السعي وراء حل المشاكل والخلاف مع ضبط الاعصاب وتجنب العتاب و الاساءة. فترصد الاخطاء بين الاطراف امر غير صحي في العلاقة الزوجية، هناك أمور يمكن التسامح فيها و أمور اخرى يمكن تجاهلها والتغافل عنها. و المبادرة بالتسامح هو أمر في غاية الحكمة، يرسخ العلاقة الزوجية ويعزز مشاعر المودة بين الازواج. وهناك ترابط عكسي بين انعدام التسامح في العلاقة الزوجية و بين عدم التوافق و الانسجام بين الزوجين ليجعل من هذه المسألة واحدة من اهم علاماتها.
تقييد الحرية:
صحيح ان العلاقة الزوجية حياة مشتركة بين الزوجين في كل ما يتعلق بامور حياتهما اليومية واهدافهما المستقبلية، و لكن هذا لايمنع أن يمنح كل طرف قدرا من الحرية للطرف الآخر. فانعدام الحرية المعقولة في العلاقة الزوجية يقيد الاطرف و يتسبب لهما في ضغط نفسي قد يؤثر سلبا على الحياة الزوجية. ويأتي انعدام الحرية في بيت الزوجية عندما تنعدم حرية التصرف، فيبدأ افتعال المشاكل ويزداد القلق كلما قرر أحد الزوجين مثلا الخروج مع الاصدقاء أو قضاء بعض الوقت مع الاهل أو منفردا، و يبدأ احد الاطراف بإجبار الطرف الاخر على التخلي عن العلاقات الشخصية أو الاصدقاء. وفقدان الحرية في العلاقة هو من أخطر علامات عدم التوافق و الانسجام بين الزوجين.
العلاقة الزوجية تحتاج، حتى تستقر و تنجح، الى بذل مجهود للحفاظ عليها من خلال تطوير الانسجام و التوافق واكتساب القدرة على حل المشكلات ايا كان حجمها. وعلى الرغم من أن التوافق في الأفكار و الصفات و المعاملات يخدم الى حد كبير العلاقة الزوجية، إلا أن العلاقة الزوجية الناجحة والقوية تتطلب مجهودا من الطرفين للحفاظ عليها وضمان استمرارها.