هل يمكن أن يأتي الحب بعد الزواج؟
هل يمكن أن يأتي الحب بعد الزواج ؟ سؤال لطالما طرحه الكثيرون بحثا عن الاجابة الشافية، وكأنه سؤال بديهي. و لكن هذا السؤال البديهي ليس من السهل ايجاد إجابة موضوعية له، لأن الامر يتعلق بالاشخاص وطريقة تفكيرهم و مشاعرهم و بكل حالة على حدة.
"هي" ، اعتمادا على آراء عدد من الخبراء و الاخصائيين النفسيين و الاجتماعيين، تجيب على هذا السؤال من خلال ثلاث نقاط مهمة للتطرق إلى الموضوع من جوانب مختلفة، نتعرف عليها فيما يلي :
الحب يأتي بعد الزواج:
الحب يأتي بعد الزواج و أكبر دليل على ذلك هو أن ارتباط الزواج بالحب ليس إلا نظرية حديثة العهد، و بدليل أن الزواج قديما قبل قرنين من الزمن لم يكن يشترط الحب كمقدمة لتمامه. ففي كل الاديان السماوية ومنذ بدء تاريخ البشرية، كان الزواج يعتبر رباطا مقدسا و ميثاقا غليظا يجمع بين الرجل و المرأة و يشترط الامانة و الاخلاص. و ظل صون العهد بين الرجل و المرأة الجزء الاساسي للزواج و اساسه المتين. و عرفت العلاقات الزوجية التقليدية الحب كنتيجة حتمية بعد الزواج ليصبح جزءا منها ويتطور بفعل التعود و نشوء الانسجام و التناغم و المودة.
هل الحب ضروري قبل الزواج ؟
الحب قبل الزواج لا يضمن وحده نجاح العلاقة الزوجية حيث أن العديد من العلاقات الزوجية التي تأسست على شرارة الحب المؤقتة انتهت بالفشل بعد أن تصطدم تطلعات الزوجين الرومانسية الدرامية بالواقع الصادم و تصبح مشاعر الحب قصيرة الاجل و تتجه نحو انخفاض قوتها و برودها التدريجي إلى أن تتلاشى نهائيا. و هذا يدل على أنه مهما كانت طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج و أيا كانت مشاعر الحب و العشق بينهما، يظلان هما المسؤولان الوحيدان عن نجاح زواجهما أو فشله و ذلك بحكم الاخلاق و الضمير ودرجة الاحساس بالمسؤولية تجاه الطرف الاخر بغض النظر عن الحب قبل أم بعد.
كيف يمكن تقوية الحب بعد الزواج؟
سواء سبق الحب الزواج أو جاء بعد الزواج، ففي كلتا الحالتين من الممكن لمشاعر الحب ان تصبح أقوى بعد الزواج. وكلما كانت هناك إرادة قوية لدى الزوجين مع سعي جاد لإنجاح العلاقة الزوجية والحصول على حياة مشتركة سعيدة، أصبح من السهل تقوية الحب و تعزيزه. وافضل طريقة لفعل ذلك هي العمل على توطيد العلاقة مع الوقت و تنميتها و عدم حصرها على أمواج الحب و مشاعره الملتهبة. هناك العديد من الطرق لتقوية الحب بعد الزواج و افضلها الاحترام المتبادل بين الزوجين من خلال احترام الشخصية واعتماد الحوار السليم والتركيز على الهدوء عند النقاش، وتقبّل الاختلاف الرأي الآخر. و كذلك يعد إنشاء صداقة قويّة بين الزوجين من افضل الطرق لتزيط العلاقة الزوجية و تعزيز مشاعر الحب و تقويتها. كما أن الاهتمام المتبادل بين الزوجين يصون مشاعر الحب بين الزوجين ويُقوّيها، و ذلك من خلال الرعاية والعناية به، وتقديم المساعدة عند الحاجة، وتخصيص وقتٍ لمشاركة اللحظات الجميلة و الصعبة أيضا. و لاننسى أيضا تشارك المسؤوليّات الحياتية المختلفة، و التعبير عن العواطف ومشاعر الحب والمصارحة بها باستمرار، و التسامح و الاعتذار و صدق الافعال و السلوك ... كلها طرق فعالة في تقوية الحب بعد الزواج و ترقيته إلى مستوى المودة و هي من أسمى المشاعر التي تصون العلاقة الزوجية و تحافظ على استمرارها.
و أخيرا، سواء نشأ الحب قبل الزواج أو بعدهـ، فإن الحب الحقيقي هو الحب العميق والهادئ و هو الذي لايأتي إلى بعد الزواج وبعد مواجهة الواقع بكل ظروفه واحتياجاته المادية و مسؤولياته الاجتماعية ليصبح أكثر عقلانية و توازنا. فالحب يمكن أن يأتي في أي وقت، سواء قبل بعد الزواج، أو بعده، ويمكن أن يتلاشى ويموت بعد الزواج، كما يمكن أن يستمر إلى الأبد تحت مفاهيم الاحترام المتبادل و المودة ... وكل ذلك مرهون بإرادة الزوجين ورغبتهما في السعي نحو استقرار العلاقة الزوجية و صون العهد، و مدى القدرة على تعزيز التفاهم و الانسجام.