أشهر العادات التراثية في الأعراس السعودية
لكل بلد طقوسه وعاداته في الزواج ومراسم الأعراس. والسعودية واحدة من الدول التي ما زالت تحتفظ ببعض العادات التراثية في هذه الاحتفالات على الرغم من الغزو التي طال العديد من طقوس الزفاف وحوّلها إلى طقوس عصرية أكثر مما هي تراثية في العديد من مناطق المملكة.
ومن المعروف أن تلك العادات تختلف بين منطقة وأخرى وعائلة وأخرى ولكن هناك بعض السمات العامة التي ما زالت تطبع الزفاف السعودي وتمنح العرس نكهة ثقافية خاصة به.
طقوس حفل الزفاف السعودي
بعد انتهاء "الملكة" أو ما يُعرف مرحلة عقد القران والتي يتواصل خلالها العروسان ضمن الحدود التي رسمتها الأعراف في محيطهما سيتم الآن الاحتفال بالزفاف وسط طقوس خاصة بالمملكة.
ليلة الغمرة
تبدأ طقوس حفل الزفاف السعودي في أغلب مناطق المملكة بليلة الغمرة قبل يوم تقريبا من حفل الزفاف. وقد استمدت هذه الليلة اسمها من الغمر، أي غمر العروسبالذهب، إذ تقوم خلالها معظم العائلات بتلبيس عروستهم الغمرة.
هذه الليلة تبدلت حالياً عن الماضي كثيراً ولم يبق من تراثها سوى الاسم فقط وإطلالة العروس. ففي هذه الليلة يجتمع فيها قريبات العروس وصديقاتها للغناء والرقص، وترتدي العروس خلالها الزي التقليدي المدني أو التقليدي. وما زالت بعض العرائس تخفي وجهها بالبرقع تمسكًا بالعادات المتوارثة قديمًا كون العروس لا يراها أحد إلا عند ارتداء فستان الزفاف. وتشهد هذه الليلة أيضاً على حناء العروس إذ يتم تحنيتها في ليلة الغمرة. صحيح أن حالياً يقوم بتحنيتها خبيرة بنقوش الحناء ولكن بعض العرائس ما زلن يحتفظن بالعادة المتوارثة بأن تقوم إحدى قريبات العروس بنقش الحناء على جسمها بشرط أن تكون تلك المرأة سعيدة في حياتها الزوجية ويُمنع على الأرملة أو المطلقة أو الزوجة غير الموفقة في زيجتها تحنية العروس حتى لا تكون مصدر شؤم عليها.
إحياء هذه الليلة صارت تُنظمها بعض العرائس في صالات مخصصة بينما يُفضلن أخريات الاحتفال بها في المنزل، ويتم خلالها ترديد الأغاني الشعبية والرقص الى ساعات متأخرة من الليل ويتخلل الليلة توزيع الحلوى أو تقديم طعام العشاء والمشروبات للضيوف.
كما يقوم الضيوف خلال ليلة الغمرة أو ما يُعرف بليلة الحناء بتقديم هدايا قيّمة وثمينة للعروس تشمل الذهب والعطور الراقية ثم تزف العروس برفقة والدتها وقريباتها وصديقاتها وتستمر الموسيقى والرقص، طوال الليل.
حمام العروسين
من الطقوس التي ما زال العرسان يحتفظ بها في السعودية هي حمام العروسين حيث تستحم العروس في بيت أهلها قبل ليلة الزفاف بيوم واحد استعدادا للزفاف بعد تطبيق بعض التحضيرات الجمالية الأساسية. وبعد الاستحمام ترتدي العروس ملابس جديدة ويوضع لها بخور من أعواد "الماوردي" لتعطير جسدها. وبحسب التقاليد فإنه لا يجب أن يراها بعد ذلك أحد من الرجال أو النساء سوى الأم وبعض القريبات للاحتفاظ بنضارتها كما يعتقدون.
أما العريس فيأخذ بدوره حمامه في بيت أهله قبل ليلة الزفاف ثم يذهب إلى الحلاق لحلاقة الشعر وتزيين الشارب واللحية ولا تزال هذه العادات تُطبّق حتى اليوم. كما أنه لا يقبل الحلاق بتقاضي أجراً من العريس في هذه المناسبة.
حفل الزفاف في السعودية
صحيح أن حالياً يتم في العديد من مناطق المملكة الاحتفال بيوم الزفاف في صالات مخصصة للمناسبة في مكانين منفصلين، أحدهما مخصص للرجال والآخر مخصص للنساء والأطفال إلا أن بعض العائلات أو المناطق ما زالوا يحتفظون بالتقاليد القديمة في إحياء الزفاف كأن يتوجه العريس إلى منزل أهل العروس في موكب كبير بعد صلاة العشاء ويسير هذا الموكب مشياً على الأقدام ويخترق بعض الشوارع الرئيسية، حتى لو كان بيت العروس لا يبعد كثيراً عن منزل أهل العريس. ويقوم أهل العروس باستقبال الوفد بعيداً عن باب المنزل كترحيب مبالغ به بالموكب.
وعادة ما تشهد حفلات الزفاف السعودية سواء في المنازل او الصالات رقصات السيف التقليدية وقرع الطبول، كما يتم خلالها أيضا تقديم وليمة ضخمة لضيوف الزفاف.
وفي ختام حفل الزفاف يجلس العروسان على مقعدين متجاورين مخصصين لهما ليُتاح للضيوف تقديم الهدايا النقدية لهما أو حتى هدايا اخرى مثل المجوهرات الذهبية.
وتستمر غالباً الاحتفال بهذه المناسبة إلى نهاية الليل عند كل من أهل العريس وأهل العروس أو حتى في الصالات.
الصباحية والتصبيحة
وتُعتبر الصباحية هي آخر الطقوس المتوارثة التي يتم بها اختتام حفل الزفاف. ففي صباح اليوم الذي يلي ليلة الزفاف، والذي يعرف باسم الصبحية أو الصباحية تقوم العروس بتغيير ملابسها بمساعدة أمها أو إحدى القريباتوتأخذ مكانها في غرفة الاستقبال حيث يقدم لها العريس وأهله بعض الهدايا ويسمونها "التصبيحة". وغالباً ما تكون من الحلي الذهبية مثل الأساور والأقراط والخواتم وقطع المجوهرات الأخرى.
ومن العادات أن تكون هدية العريس مميزة وتكون غالباً عبارة عن طقم كامل من الذهب، وفي هذه المناسبة يقوم أهل العروس بتقديم "بقشة" للعريس ووالده وإخوانه وبداخلها بدلة كاملة من الزي السعودي المعروف " ثوب ولباس وكوفية وغترة وعباءة".
كما يقوم أقارب العروس بتقديم الهدايا لها وهي عبارة إما عن مجوهرات أو عطر أو قماش وتوضع كل هذه الهدايا في مكان بارز لتشاهدها المدعوات من النساء.
عادات خاصة ببعض المناطق السعودية
وإذا كانت معظم المناطق السعودية تشترك في العادات التراثية التي تم ذكرها سابقاً فإن لبعض المناطق في المملكة طقوسها الخاصة منها المنطقة الجنوبية التي تشمل عسير وجازان، ونجران، والباحة، وجزء من منطقة مكة المكرمة. فأهل هذه المنطقة لهم تقاليدهم المختلفة عن المناطق الأخرى بشأن الزفاف إذ أنه مع حلول يوم الزفاف، تقام حفلات الولائم وتتشكل لوحة اجتماعية رائعة يشارك في إعدادهاكل شباب ورجال ونساء وفتيات وصبيان القرية، ولكل فئة دور محدود في التحضير، ويقدم الجميع خدماتهم التطوعية للضيوف ويتم تحضير ما لذ وطاب من الطعام والمشروبات والفاكهة.
وتنقسم ساحة الاحتفال إلى قسمين أحدها واسعة للرجال وأخرى للنساء حيث تنطلق الزغاريد وأصوات الطبول وعبارات التهنئة وتحيط النساء بالعروس التي تزف عادة إلى بيت العريس بعد صلاة العصر، وهن يرددن الأهازيج والاغاني.
ويشهد قسم الرجال على الرقصات الشعبية الفلكلورية ويصطف الرجال ملوحين بالسيوف اللامعة ويتخلل الاحتفال مقاطع من الشعر الشعبي.