الدكتورة مريم مطر أقوى إمرأة إماراتية في العلوم
دبي : معالي الغمري
قائمة إنجازاتها طويلة جدا، فقد اختيرت ضمن قائمة أقوى 100 امرأة عربية التي أطلقتها مجلة أريبيان بزنس لعام 2012، وأول أقوى امرأة إماراتية في العلوم، وجاءت أيضا ضمن قائمة الشخصيات الـ 500 الأكثر نفوذا في العالم العربي، وحصلت على جائزة الإمارات لسيدات الأعمال سنة 2006، كما منحت عضوية مجلس إدارة المبادرة الاستراتيجية بشأن الإشعاع في النمسا، واختيرت سفيرة للنوايا الحسنة للمرأة والطفل في العالم العربي، وشغلت منصب نائبة المدير العام لهيئة تنمية المجتمع عام 2008، وبذلك أصبحت أول إماراتية تتولى منصبا رفيعا كمنصب المدير العام في حكومة دبي، وأول إماراتية تشغل منصب وكيل وزارة مساعد في وزارة الصحة، وحازت الدكتورة مريم مطر على العديد من الجوائز، أبرزها جائزة الشيخ راشد للتفوق العلمي، وجائزة أفضل مشروع صحي على مستوى كليات التقنية العليا، وجائزة دبي للأداء الحكومي المتميز، وجائزة برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة.
قابلتها في جمعية الإمارات للأمراض الجينية في دبي التي أسستها وترأس مجلس إدارتها، لتحدثني عن حملة الإعداد لدراسة جينية لسرطان الثدي في دولة الإمارات، والحملة الوطنية للوقاية من نقص حمض الفوليك المتسبب في تشوه الأجنة، والمشاريع المستقبلية للجمعية التي وصفها علماء جائزة نوبل بأنها نقطة ضوء في العالم العربي.
•عندما أسست الجمعية سنة 2006 كان شعار أول حملة قامت بها هو "إمارات خالية من الثلاثيميا في سنة 2012". فهل نفذتم هذا الوعد؟ ولماذا اخترت البدء بحملة ضد هذا المرض؟
-إجراء الأبحاث لتحديد واكتشاف الأمراض الوراثية أمر مهم جدا لتحسين الحالة الصحية ومستقبل الأجيال. ونحن جمعية لكل الأمراض الوراثية، ولكننا بدأنا بهذا المرض، لأنه من أكثر الأمراض الوراثية انتشارا في دولة الإمارات، والمعروف بأنيميا البحر المتوسط، أو أنيميا كولي. ومع ذلك فخلال الحملة كنا نفحص الدم لمرضين وراثيين آخرين، هما الأنيميا المنجلية، وحساسية البقوليات، وهما منتشران جدا رغم قلة الوعي بهما. ولكننا لم نحب أن نضمن الحملة إعلاميا إلا مرضا واحدا هو الثلاثيميا للتركيز عليه. وتمكنا بعد حملة توعية ناجحة من إصدار قانون يحتم على الراغبين في الزواج إجراء فحص دم للثلاثيميا. كما تمكنا بفضل جهود المتطوعين معنا من 17 جنسية مختلفة من رفع الوعي في الجامعات والجهات المختلفة من 6 بالمئة إلى 79.6 بالمئة. ونجحنا في تخفيض عدد الأطفال الذين يولدون مصابين بالثلاثيميا من طفل كل أسبوع إلى طفل كل شهر. وأي بلد لا يمكن أن يخلو تماما من أي مرض، ولذلك فالهدف هو تقليل عدد الإصابات إلى أقصى حد. ونجحنا، ونعد من الآن للاحتفال يوم 12-12-2012 بتحقيق الهدف من حملتنا.
•كان من ضمن خطط الجمعية عمل دراسة جينية حول سرطان الثدي في الإمارات، فهل قمتم بها؟
-لم نبدأ الدراسة بعد، ولكنا انتهينا من كل إجراءات الإعداد لها، فكل مشروع بحث علمي لا بد من اعتماده من جهات عالمية معتمدة. وقد أنهينا اعتماد هذا المشروع من الجهات الأمريكية بعقد اتفاقية مع مختبر Gene DX للإشراف على أبحاثنا، ليكون المرجع لنا في معايير البحث. وهي إجراءات تستغرق وقتا طويلا، لأنهم قبل الموافقة لا بد أن يزوروا معاملنا ويقابلوا كل العاملين والقائمين على البحث والمشرفين عليه.
•ما الذي دفعكم إلى وضع سرطان الثدي بين مشاريع أبحاثكم؟ وهل لاحظتم ما يدل على أنه مرض وراثي في الإمارات؟
-الذي جعلنا نضع مرض سرطان الثدي كواحدة من أولوياتنا أنه لوحظ من خلال الجهات التي نعتبرها مرجعا لنا لجمع المعلومات مثل وزارة الصحة، أن الكثير من النساء اللائي أصبن بالمرض كانوا في عمر مبكر. والدراسات العالمية كلها تشير إلى أنه كلما كانت إصابة المريضات في سن مبكرة، زادت احتمالات أن يكون السرطان وراثيا. كما لوحظ أن من يسافرن للعلاج بالخارج لا بد أن يغير الأطباء لهن نوع العلاج، لأن السرطان الذي أصبن به من نوع مختلف عن نوع مريضات أوروبا. والسبب الثالث أننا علمنا أن زملاءنا في دولة قطر نفذوا مشروعا لمسح السيدات المهيآت لهذا المرض. ووجود مثل هذه الدراسة، وإن لم تظهر نتائجها بعد في دولة مجاورة لها العادات والتقاليد ونوعية المورثات الجينية نفسها، سيسهل علينا إجراء أبحاثنا، حيث يمكننا الاستفادة مما توصلوا إليه، فلا نضطر للبدء من الصفر. وكل هذه العوامل تؤكد ضرورة الإسراع بإجراء البحوث، لأن النتائج ستكون مفيدة جدا لتحديد طرق العلاج وأكثر العلاجات تجاوبا مع نوع سرطان الثدي الموجود لدى نساء الإمارات. والأهم في ذلك تحديد طرق الوقاية، فنحن بلد تعداده صغير، ولذلك فالبرامج الوقائية بالنسبة لنا أهم بالنسبة لمستقبل الدولة من البرامج العلاجية. وأحب الإشارة إلى أن وجود الجين المسبب للمرض لدى امرأة لا يعني بالضرورة حتمية إصابتها بالمرض مستقبلا، وإنما يزيد فقط من احتمالات الإصابة.
•هل هناك أهداف أخرى للحملة غير اكتشاف نوع الجين المورث الموجود لدى نساء الإمارات؟
-نعم للحملة لها عدة أهداف، أهمها رفع الوعي لدى النساء، وتشجيع البنات وخاصة من لديهن تاريخ طبي في العائلة لأهمية المشاركة، بحيث نصل إلى إشراك 1000 متطوعة إماراتية في برنامج البحث. لأن هذا المسح سيساعدنا على الحصول على معلومات وأرقام دقيقة وموثقة من جهات محلية وعالمية دولية. نريد أن نكتشف في أقرب وقت نوع الجين الذي يعتبر الاحتمال الرئيس لسرطان الثدي لدى الإماراتيات.
•هل تتعاونون في هذه الحملة مع جمعيات وجهات أخرى مثل صديقات مريضات سرطان الثدي Breast Friends ومحاربات بروح وردية Warriors in Pink؟
-بالطبع، فالذي يميز جمعية الإمارات للأمراض الجينية أننا لا نعمل أبدا وحدنا. وأي مشروع تشارك فيه كل الجهات المعنية، ولدينا عضو في مجلس الإدارة هي أميرة بن كرم التي تشرف على جمعية أصدقاء السرطان في الشارقة برئاسة الشيخة جواهر القاسمي، والدكتورة حورية كاظم مؤسسة جمعية صديقات مريضات سرطان الثدي. وفي الجمعية أيضا مجلس علمي له كل الصلاحيات لاختيار البرامج والأبحاث والمشاريع والأجهزة، ويتكون من ممثلين لوزارة الصحة، وجامعة الإمارات، وهيئة صحة دبي، وجامعة الملك عبدالله السعودية، وكذلك من جامعات في اليابان وأمريكا. ولا نبدأ في مشروع إلا عقب اعتماد المجلس العلمي له.
•من مشاريعكم المهمة حملة "منال"، فماذا تم بشأنها؟
-ما جعلنا نبدأ هذه الحملة هو أنني خلال سفري إلى اليابان لإعداد دراسة الدكتوراه، تتاح لي مقابلة العديد من العلماء من دول مختلفة، حيث يستعرضون تجاربهم في القضاء أو الحد من انتشار أمراض معينة. وأحد هؤلاء كان عالما من الصين، عرض تجربتهم في القضاء في أقل من 10 سنوات على مرض نقص حمض الفوليك الوراثي، والذي يتسبب في تشوه العمود الفقري للأجنة. شعرت بألم شديد لأن هذا المرض ليس من ضمن خططنا، وبمجرد عودتي طالبت بإدخاله ضمن برامجنا، وحاولت الحصول على معلومات عنه في دولة الإمارات فلم أجد. استندت إلى معلومات دولة شقيقة هي عمان، حيث يولد طفل مشوه من كل 1000 طفل بسبب نقص حمض الفوليك. أما في الإمارات، فلم أجد معلومات إلا في مستشفى الكورنيش في أبوظبي، حيث وجدت أنه من بين كل 2000 طفل يولد واحد مشوه بسبب هذا النقص الوراثي. وعلمت من هيئة الصحة في دبي أن تكلفة علاج الطفل الواحد تصل إلى مليونين و700 ألف درهم في السنة. وقياسا على إحصاءات عمان لو كان الحال هو نفسه في الإمارات يكون لدينا 33 طفلا. أما إذا قسنا على أرقام أبوظبي يكون لدينا 12 طفلا، وهو ما يكلف الدولة 36 مليون درهم في السنة. بينما حملة التوعية لرفع الوعي بهذا المرض وبساطة الوقاية منه بين المقبلات على الزواج لا تكلف سوى 13 ألف درهم. وهكذا بدأنا حملة التوعية تحت اسم "منال"، وهو اسم زجاجة دواء الفوليك أسيد التي طرحناها في الأسواق. والمعروف أن تناول الفوليك أسيد لا يفيد الجنين ويحميه إلا إذا تناولته الحامل في الأسبوعين الأولين من الحمل. ولكن المرأة لا تعرف أنها حامل إلا بعد 4 أسابيع، ولذلك نقوم بالتوعية بضرورة أن يتناول البنات والرجال الفوليك أسيد قبل الزواج. وهي حبة واحدة 400 ملليغرام في اليوم. ولأنها فيتامين مائي، فهي لا تضر، لأن الجسم يتخلص من أي كمية زائدة. والجميل أنها مفيدة لجمال الشعر والبشرة والأظافر. وتفيد الرجل أيضا لأنها تقلل التعرض لأمراض القلب بنسبة 2 بالمئة، وتساعد على منع انسداد الشرايين، وتحسن نوع الحيوان المنوي، فيأتي الجنين مستقبلا أفضل صحيا. وهكذا استطعنا أن نوفر للدولة 32 مليون درهم في السنة.
وأحد أهداف حملة "منال" حاليا أن يصدر قانون بعدم دخول أي طحين أو رقائق حبوب أو مخبوزات للإمارات إلا إذا كان مضافا إليها حمض الفوليك. وهو قانون مطبق حاليا في أمريكا والصين. وهذا لن يحل المشكلة، ولكن سيقللها. أما الحل ففي تناول حبة الفوليك أسيد بانتظام منذ الصغر. ولأن هناك أمهات لا يتناولن حبة الفوليك أسيد، ومع ذلك يولد أطفالهن أصحاء سنقوم بمشاركة مؤسسة قطر في إجراء أبحاث للتعرف إلى الجينة التي تتسبب في الإصابة بنقص في الفوليك أسيد.
الحوار كاملا تجدونه في العدد 225