
الشيخة الدكتورة سعاد الصباح: زواجي من الراحل الشيخ عبدالله المبارك كان نقطة التحول الكبرى في حياتي
نذرت الشيخة الدكتورة سعاد الصباح الأبنة البكر للشيخ محمد الصباح، نفسها للكلمة والفكر وقضايا المرأة والمجتمع.. قضيتها الأولى الهم الوطني والاهتمام بحقوق الإنسان، وحرية الرأي، ومخاطبة الإنسان ووجدانه.. هي أول امرأة خليجية تخرج بشعرها من مجتمع محافظ، متحدية كل من حولها.. هي شاعرة وكاتبة وناقدة.. حصلت على البكالوريوس في الاقتصاد مع مرتبة الشرف من كلية الاقتصاد في جامعة القاهرة، وعلى الماجستير، والدكتوراه في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة ساري جلفورد بالمملكة المتحدة، وهي أول كويتية نالت الدكتوراه في الاقتصاد باللغة الإنجليزية، وتمت ترجمتها إلى اللغة العربية
لنبدأ حديث الذكريات بأغلى صورة في ألبوم العائلة؟ وألبومك الشخصي؟
صورة تجمعنا متحلقين حول آخر السيوف، هذه الصورة هي الجرح المفتوح دائما على الذكريات، أما صورتي الراسخة في الذاكرة، فهي سعاد الصباح، وهي خطيبة في الجماهير المحتشدة في "هايد بارك" اللندية صبيحة العدوان الصدامي الآثم على الكويت، نتذكره ولن يعود.
حدثينا عن نشأتك ودور الثقافة فيها؟
ولدت كأي طفلة كويتية عادية وسط أبويين متحابين، تعلمت منهما الكثير، وقد منحاني الحب والكرم من العادات والتقاليد، فنهلت من والدتي الحب والحنان والعطف، ومن والدي احترام الذات والاهتمام بالمعرفة وعشق الأدب والشعر، وبات احترام الآخرين، ومحبتهم جزءا أساسيا من شخصيتي وتكويني، لذلك أطلقوا علي ألقابا كثيرة، أقربها إلى قلبي (أم الخير).
الثقافة هي وقود العقل وإكسير الحياة ومخزون المعرفة الإنسانية، لذلك حرصت على الاستزادة في كل الجوانب المعرفية بالحياة، ويحتل الشعر عندي الصدارة.
متى بدأ وعيك السياسي؟
ولدت وسط إعصار الحرب العالمية الثانية، وفتحت عيني على كارثة فلسطين الأولى، ثم كارثتها الثانية الأعمق والأشمل في هزيمة حزيران، ولا ضرورة لمتابعة السرد، فالتاريخ العربي منذ الأربعينيات سلسلة من المصائب المتوجة دائما بالهزائم.
ما سر حبك للاقتصاد؟ وهل من علاقة بين الاقتصاد والشعر؟
الاقتصاد هو العمود الفقري لبناء الدول، وجاء اختياري له رغبة مني في وضع طاقتي العلمية في خدمة وطني، وقد كانت سنوات دراستي الجامعية في القاهرة من أغنى التجارب الحياتية بالنسبة لي، سواء على صعيد المعرفة أو على صعيد الاتصال الإنساني، ففي القاهرة تحديدا انخرطت في عالم السياسية العربية من خلال العلاقات المتميزة، التي جمعت بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورجالات الثورة، وبين الراحل الكبير الشيخ عبدالله المبارك، رحمه الله، وقد شغلني الهم القومي العربي، إضافة إلى الصداقات مع زميلات عزيزات على قلبي، أتواصل معهن، منهن زينب القاضي.
من أين تقتنين كتبك الشخصية؟ وكيف تنظرين إلى وضع الكتاب ومعارض الكتب بالكويت مقارنة بالدول الأخرى؟
عندما يصدر كتاب يهمني أبحث عنه في أي مكان حتى أجده، أما الرقابة على الكتب، فأعتبرها ضد الإبداع، لا يمكن للمبدع أن يكون أسيرا للقيد، فالرقابة حكاية معادية للحرية في كل زمن، خاصة في عصر الإنترنت والتلفزيون الذي لم يترك مستورا، ومن المحزن أن نجد الكتاب الذي نريد في بلده الأصلي ولا نجده في الكويت، بالنسبة لمعرض الكتاب في الكويت، يكفي أن نراجع قوائم الكتب وقوائم الناشرين، ونقارنها بمثيلاتها في الكويت قبل عشرين عاما، فكيف تجوز المقارنة؟
الشعر أحد مصادر التاريخ، فهل استخدمت هذه الملكة في ذلك؟
الشاعر لا يحاول فرض أحداث حياته على الشعر، ولكنه حين يستقبل إلهامه يضم عناصر من رؤيته وتجاربه، لتكون القصيدة تعبيرا صادقا عن الواقع وعن الحلم، وقد حمل شعري صورا للمأساة العربية العامة في أكثر من وجه، فجاءت بعض قصائدي مرآة لواقعنا أو صوتا للحلم.
متى يكون الشعر صنعة ومتى يكون إبداعا خالصا؟
عندما يسمع المتلقي صوته في القصيدة يكون الإبداع، وعندما يغيب هذا الصوت يكون الشعر افتعالا تفرضه الظروف أو الحاجات الخارجة عن طبيعة الشعر وعن ماهيته الأساسية. هذا مع تأكيدي أن مهارة الصانع في صياغتها الأخيرة، ولكن الذي لا تحتاج إليه هو الصنعة في إطلاقها من النفس تحريضا لا يليق بالشعر.
تجربتك الشعرية لها خصوصيتها وتميزها، حدثينا عن ملامح هذه التجربة، خصوصا أن أكثر من 20 دراسة في مختلف أنحاء العالم أجريت على تجاربك الشعرية؟
أترك للنقاد والأدباء أن يقولوا آراءهم، ولا أحاول تفسير هذه التجربة، لأنها من مهام الناقد. أما بخصوص الدراسات فهنا تتداخل عناصر الاهتمام من كوني كوني أول امرأة خليجية تخرج من مجتمع محافظ بشعرها، وهو ما جعل تجربتي الشعرية تحوز على الاهتمام، فضلا عن أنني بنت الكويت، والتي أرادها البعض أن تكون عباءة سوداء وحسب، ولا تنسوا أني قدمت تجربة شعرية تستحق الدراسة والتأمل.
لديك عضوية في أكثر من 30 جمعية ورابطة مختلفة التوجهات، فكيف استطعت توزيع نشاطاتك عليها جميعا؟
هو سؤال في موضعه تجيب عنه حقيقة واحدة، وهي حرصي على تسجيل اسم الكويت في المحافل الدولية، وبحكم الواقع اضطررت إلى الاعتذار عن متابعة حمل العضوية في العديد من المؤسسات والمنظمات، وأبقيت عليها في منظمات حقوق الإنسان والطفولة والجمعيات المهنية الكويتية.
[caption id="attachment_68695" align="aligncenter" width="203"]
الشيخة الدكتورة سعاد الصباح[/caption]
الحوار كاملا مع مجموعة من الصور تجدونه في العدد 226
