برج التوأمين تحفة معمارية منذ 400 عام
الرياض – شروق هشام
قبل أربعة قرون من انتشار ناطحات السحاب الحديثة، التي تعرف بالتوأم في ماليزيا أو أوروبا، كان هناك ولا يزال توأما شامخا رغم سنواته الأربعمئة، يلمحه الزائر لمدينة الباحة أثناء خروجه من بلجرشي ليرى حصنا ترعرع الزمن بين حناياه، وهو حصن "التوأمين" الأثري الشامخ بقرية الملد جنوب الباحة، والذي ظل على مر الزمان شاهدا على تاريخ وحضارة المنطقة.
يعتبر حصن الأخوين أو كما يطلق عليه البعض التوأمين أو حصني الملد، الواقع بقرية الملد من الحصون البارزة في منطقة الباحة، كما يعد من أهم المعالم الاثرية التي يقصدها السياح من داخل المملكة وخارجها، وهما حصنان متجاوران في قمة التل محاطان بالمنازل القديمة. ويرتفع الحصنان عن منسوب الوادي بنحو 100 مترا، ولا يفصل بينهما سوى 120 سنتمترا، وهما متساويان تماما في الشكل والمقاسات والارتفاع والتصميم الداخلي وأفضل تسمية لهما الجنوبي والشمالي.
المصادر التاريخية
هذه التحفة المعمارية القديمة لا زالت تقف بصمود وثبات أمام متغيرات الظروف المناخية، وتعتبر شاهداً تاريخياً لكل الأجيال المتعاقبة منذ 400 عام، حيث تشير المصادر التاريخية إلى ان هذين الحِصنين المتجاورين كانا لشقيقين قاما ببنائهما قديماً للمراقبة الحربية وجعلا منهما مستودعاً للأغذية، ويجاور هذين البرجين مبنى كانت تُبرم فيه اتفاقيات الصلح بين القبائل وتعقد فيه الصفقات التجارية في قديم الزمان حيث يقعان على طريق التجارة القديم المؤدي لعسير جنوباً.
القلاع الأثرية
تعتبر القلاع الأثرية "الحصون" أكبر شاهد على تراث منطقة الباحة، حيث يوجد بها أكثر من مائتي حصن لا تزال شامخة، رغم ما اعترتها من ظروف الأجواء، فهي تؤكد عظمة أولئك الرجال الذين قاموا بتشييدها وفق طراز هندسي ومعماري رائع، حيث يتراوح ارتفاع تلك الحصون بين 20 - 25 متراً تقريباً وتتكون من ثلاثة إلى أربعة طوابق ومدخل رئيسي، ووضعت أرفف على شكل سلالم لكي يُصعد منها إلى أعلى الحصن كما وضعت في أعلاه أحجار بيضاء من "المرو" تكون بارزة لتعطي شكلا جمالياً، وعرفت الحصون بأربعة أنواع مختلفة الخصائص والأغراض وهي: الحصون الإستراتيجية، حصون الحدود، حصون الزراعة، وقلاع المراقبة.
بناء الحصون
بنيت الحصون من الحجارة الكبيرة ذات الشكل المستطيل ويتسع الحصن من قاعدته ويضيق كلما زاد الارتفاع بشكل هندسي جميل ومتقن، ويتسع الحصن في قمته بطريقة تجميلية من خلال وضع برواز بأحجار مستطيلة تعرف باسم "الدقون" ويبني فوقها جدار بارتفاع من متر إلى متر ونصف المتر يسمى "الجون" الذي تزينه أحجار المرو الأبيض كحزم من الأعلى أو على شكل مثلثات، ولكل حصن باب خشبي صغير في أسفله وعدد من الفتحات بارتفاع مترين إلى خمسة أمتار تقريبا، والحصون من الداخل على شكل طبقات تصل إلى خمس أو ست طبقات لاحتواء أكبر عدد من الناس، ويدخل الخشب في بناء الحصون كعنصر اساسي مع الحجارة مع وجود فتحات مخصصة للمراقبة كأبراج تكشف جميع جهات الحصن.