تجربة مطاعم جديدة.. وتأثير التكنولوجيا في الموضوع
لا شك في أن تجربة أي شيء جديد، له طعمٌ خاص لا يشابهه شيء. فكيف إذا كانت التجربة الجديدة، لها علاقة بالأكل؟
بالتأكيد، أن لهذه التجربة عمقها الكبير في النفس، وأهميتها أيضًا. فالطعام هو غذاء الجسد كما العلم غذاء العقل؛ وهو الأمر الوحيد الذي يتفق عموم الناس، على اختلاف طبيعتهم وانتماءاتهم وتفكيرهم، عليه.
تناول الأكل اللذيذ، سواء كان قديمًا أو جديدًا، يبعث في النفس الكثير من الراحة والسعادة. لهذا، نهرع كلما سمعنا عن مطعم جديد، لتجربته وعيش تلك المشاعر مرة أخرى. لكن حذاري.. فهذه التجارب الجديدة، وإن كانت تعدنا بالمذاق االخلاب، إلا أنها قد تكون مصيدةً لنا لنقع في شباك التسويق الزائف، الذي يقدم لنا أسوأ الأطعمة في أجمل صورة، سواء على شاشة التلفاز أو الجوال، أو مواقع التواصل الإجتماعي.
وهنا يُطرح السؤال الجوهري: ما هي المعايير التي يتبَعها الناس، لتجربة المطاعم الجديدة إنما الجيدة؟ وما هو تأثير التكنولوجيا الحديثة، في تحقيق هذه المعادلة؟ الإجابات وجدناها في بحث جديد قامت به شركة "دليفركت"، الشركة العالمية المتخصصة في مجال تطوير برمجيات إدارة طلبات توصيل الطعام عبر الإنترنت، على مجموعة من المستهلكين حول العالم؛ منهم مستهلكين من المملكة العربية السعودية.
تأثير التكنولوجيا على تجربة المستهليكن في تجربة مطاعم جديدة
هذا ما خلص إليه البحث الذي شمل 5,000 مستهلك عالميًا؛ بما في ذلك مستهلكين من المملكة العربية السعودية، لفهم كيفية الحفاظ على النمو المستدام للمطاعم في العصر الرقمي الحالي. ويأتي البحث ضمن دراسة أُجريت حول تفضيلات المستهلكين في الجوانب الأربعة الأساسية في قطاع المطاعم بما فيها (اكتشاف المطعم، والتوصيل، وتعزيز كل من تجربة وولاء العملاء)؛والتي كشفت الدراسة عن الاعتماد الكبير للمستهلكين الجدد على المنصات الرقمية، للعثور على مطاعم جديدة واستكشاف خدماتها وبناء علاقة ولاء دائمة معها.
إذن، أظهرت نتائج الدراسة التي شملت 5,000 شخص بما فيهم 1,000 مشاركمن المملكة العربية السعودية، عن الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في كافة مراحل اختيار المستهلك للمطعم؛ بدءًا من كيفية اكتشافه المطعم لأول مرة، ووصولًا إلى العوامل التي تُحفّز ولاءه للمطعم لطلب الطعام مرة أخرى.
وكشف الاستبيان، الذي أجرته دليفركت عبر شركة سينسوس وايد (Censuswide)، القبول الواسع من قبل المستهلكين في المملكة العربية السعودية، مقارنةً بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، للدور الذي ستلعبه الروبوتات في قطاع المطاعم؛ إذ تبين ارتياح (66%) من المستهلكين في المملكة حيال استخدام طائرات الدرون لتوصيل الطعام، وأيضاً ارتياح (63%) و(72%) منهم إزاء استخدام الروبوتات في إعداد الطعام والخدمة داخل المطاعم على الترتيب. أما فيما يتعلق باستخدام التقنيات التي تُعزّز تجربة تناول الطعام في المطعم، فقد أولى أكثر من (50%) من المشاركين في الاستبيان الأهمية لاستخدام رموز الاستجابة السريعة (QR) وتقنيات الدفع بدون تلامس.
مرحلة اكتشاف المطعم
أظهرت نتائج البحث اعتماد (34%) من المستهلكين في المملكة على محرك البحث "غوغل" للعثور على مطاعم جديدة لتناول الطعام، و(56%) على تطبيقات توصيل طلبات الطعام؛ في حين يعتمد (29%) من المستهلكين على منصات التواصل الاجتماعي لفعل ذلك. أما فيما يخص إجراء بحث ومراجعة حول هذه المطاعم المُكتشفة حديثاً، فقد تبين اعتماد (86%) من العملاء على الموقع الإلكتروني الخاص بالمطعم أو تطبيقات توصيل طلبات الطعام على حد سواء. وعند سؤال المشاركين عن أبرز الأسباب والعوامل التي تُشجعهم لاختيار مطعم دون آخر عند إجرائهم لتلك المراجعة، تبينَ أن أبرزها هي تنوع قائمة الأطباق (94%) من المشاركين، والأسعار الملائمة (95%)، ومعايير الصحة والسلامة (93%).
وقالناجي حداد، المدير العام لشركة دليفركت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تعليقه على نتائج الدراسة: "يُعدَ قطاع الأغذية والمشروبات في المملكة العربية السعودية، الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ الأمر الذي يعزّز من أهمية آراء المستهلكين وتفضيلاتهم، خاصةً في الوقت الذي يشهد فيه القطاع نموًا متسارعًا بشكل ملحوظ. وقد أظهرت نتائج هذا الاستبيان استمرار تطبيقات توصيل طلبات الطعام والمواقع الإلكترونية للمطاعم، بكونها الوسيلة الأكثر شيوعًا لدى المستهلكين عند استكشافهم مطاعم جديدة، وهو ما نراه طبيعيًا نظرًا لأن التكنولوجيا متاحةٌ للجميع في الوقت الحالي عبر الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية".
وأضاف حداد: "مع الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية للتحول إلى وجهة عالمية رائدة في شتى المجالات، لا شك أن قطاع المأكولات والمشروبات سيشهد تطورًا مستمرَا؛ الأمر الذي يُحتّم على المطاعم والعلامات التجارية في القطاع تبنّي أحدث التقنيات لضمان تقديم خدمة أفضل للعملاء سواء على المدى القصير أو البعيد".
توصيل الطلبات عبر كافة القنوات المتاحة
بحسب نتائج البحث، فإنهوبمجرد أن يقع اختيار المستهليكن في المملكة على أحد المطاعم؛ سيُفضَل قرابة (38%) منهم طلب طعامهم عبر تطبيقات توصيل طلبات الطعام، ويعود سبب ذلك إلى سهولة استخدام هذه التطبيقات بحسب (64%) من المشاركين، وإمكانية الوصول بسرعة إلى المراجعات والتقييمات والعروض والميزات الفريدة بحسب (52%) و(35%) منهم على التوالي. وعند النظر إلى هذه النتائج وتحليلها، نرى أن التجربة الرقمية المتكاملة والشاملة مهمةٌ جداً لبناء علاقة ولاء قوية مع المستهلك والوصول إليه في أي مكان وعبر أي من قنوات توصيل الطعام.
تحسين تجربة العملاء
يُعد عنصر اللمسة الإنسانية أمرًا بالغ الأهمية عند الحديث عن تعزيز تجربة المستهلكين، وجعلهم يشعرون بالتقدير والانجذاب نحو العلامة التجارية. فعند سؤال المشاركين من المملكة العربية السعودية عن العوامل التي تزيد من ولائهم للمطعم، تصدّر التوصيل السريع القائمة بـ(40%)، يليه كلٌ من العروض الترويجية (30%) واهتمام الموظفين بالعملاء (24%) والخدمة الموثوقة والدقيقة (21%)، والتي تُعدَ جميعها عوامل أساسية لإسعاد العملاء.
تعزيز ولاء ورضا العملاء
تشير النتائج إلى أن التحول الرقمي أمرٌ ضروري لتعزيز ولاء المستهلكين في السعودية؛ فعند الحديث عن أهم الميزات الرئيسية التي يجب توفرها في تطبيق المطعم أو موقعه الإلكتروني، تصدرت سهولة الاستخدام بنسبة (43%) من اهتمام المشاركين،تلاها تفاصيل القائمة (35%)، الأمر الذي يوضح أهمية الخصائص الرقمية بدءًامن اكتشاف المطعم وانتهاءً بطلب الطعام مرة أخرى من المطعم نفسه.
نصائح لتجربة مطاعم جديدة بنجاح
بعيدًا عن نتائج الدراسة أعلاه، وأثر التكنولوجيا في اختيار المطاعم؛ لا شك في أن تجربة مكان جديد (بنفسكِ ودون توصيل أو طلبات أونلاين) تأتي مع بعض الاعتبارات. فإذا تبين أن المكان سيئ، فسوف تكونين قد أهدرتِ الوقت والمال.
لا ضير في تجربة مطاعم جديدة بين الحين والآخر؛ لكن نجاح هذا الأمر يتوقف على بعض المعايير أو النصائح التي يسديها لك خبراء التذوق وتتلخص في الآتي:
- عدم الذهاب ليلة الإفتتاح: ينصح الخبراء بتأجيل الزيارة لمدة أسبوعين على الأقل، حتى يستقر العاملون في المطعم ويبدأون بالتعود على تلقي الطلبات. إذ أن العمل في مكان جديد، قد تكون له بعض التداعيات النفسية والتوتر على العاملين.
هل كنتِ تعلمين أن صحيفة "نيويورك تايمز" تمنح كل مطعم جديد، مدة ثلاثة أشهر، قبل إجراء تقييم له؟ قد يساعدكِ هذا في فهم النقطة الأولى.
- قراءة تقييمات المطعم على الإنترنت: لأن فيها الكثير من "التجارب" الشخصية، التي سوف تعطيكِ صورةً أفضل عن المطعم قبل التوجه إليه.
- راقبي طريقة تعامل الموظفين مع الضيوف: فإن كانوا ودودين، فهذا يعني أن الخدمة جيدة؛ أما إذا لم يتم استقبالكِ بشكل جيد، فهذا قد يعني خدمةً سيئة؟
- عدم تجربة أشياء غير مألوفة: إنه أمرٌ مثالي أن تطلبي ما يشتهر به المطعم، خاصةً عندما تكون هذه هي المرة الأولى لكِ في المكان. ليس هناك سببٌ لتجربة أشياء غير مألوفة عند تجربة المطعم لأول مرة. غالبًا ما يقدم رواد المطعم السابقون، توصيات عندما يقومون بمراجعة مطعم ما؛ لذا استخدمي هذه الاقتراحات لمساعدتكِ في تحديد ما تطلبين.
- جربي تناول العصير أولًا: لا داعي لزيارة أولية لتناول الطعام، على الغداء أو العشاء، ودفع مبلغ مرقوم في مكان جديد. كل ما عليكِ فعله هو قصد المطعم، طلب كوب من العصير، والجلوس فيما تتابعين ما يجري من حولك: شاهدي ما يخرج من أطباق من المطبخ، ماذا يطلب الناس، كيف يتم التعامل مع الضيوف، هل المكان مزدحم أم لا؛ كلها أمورٌ ستعطيكِ فكرة مبدئية عما تتوقعين الحصول عليه عند القدوم مرةً أخرى لتناول الطعام.
- تحققي من وجود المطعم على الإنترنت: فتشي عن موقع المطعم الإلكتروني، هل يتضمن كل ما تحتاجينه لعمل حجز فيه (قائمة الطعام، معلومات وافية عن المطعم، مكان المطعم، تقييمات سابقة، طرق التواصل مع المطعم، حداثة الموقع، ألخ).
- تابعي صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي: كثيرًا ما تكون الصور والفيديوهات مُغرية للعين وخداعة، لهذا يمكنكِ البحث عن صور الرواد السابقين للمطعم ومقارنتها مع محتوى المطعم على تلك المنصات، وعندها تقررين ما إذا المكان يستحق الزيارة أم لا.
في الختام، يمكن أن يكون الذهاب إلى مطعم جديد وسيلةً ممتعة لتمضية وقت رائع مع الأهل والأصدقاء، وفرصةً للتعرف على منطقتكِ ومناطق أخرى مجاورة. لكنه قد يكون فخًا لا تتمنين أبدًا الوقوع فيه، لذا اتبعي النصائح التي أسديناها لكِ أعلاه، واختاري الطرق الصحيحة للطلب أونلاين، كي تنعمي بتجربة مثالية في تجربة المطاعم الجديدة والقديمة على حد سواء.