يجمعهما المطبخ والزواج.. الطاهيان بو سونغفيزافا وديلان جونز لـ"هي": نقدم أشهى الأطباق مع التركيز على الاستدامة
نادرًا ما قد يجتمع الأزواج في مكان عمل واحد؛ وإن حصل، فقد يكون لكلَ منهما وظيفةٌ مختلف عن الآخر. وحتى وإن صودف عملهما في ذات المجال والمنصب، فإن التنافس الشريف يسود لا محالة بين الإثنين.
لكن أن يكون الزوجان المتحابان، يتقاسمان المئزر ذاته في مجالٍ واحد هو مجال الطهو، فهذا ما نجده غريبًا ومميزًا بعض الشيء. إلا أن الشيف الشيف بو سونغفيزافا والشيف ديلان جونز، الزوجان الموؤسسان لمطعم Bo.Lan في بانكوك واللذين يعملان لتأسيس Duangdy by Bo Songvisava & Dylan Jones، وهو مطعمٌ تايلاندي يُروَج لفن الطهي البيئي والطعام التايلاندي المثالي، ويأتي ضمنThe Linkأطول برجٍ ناتئ في العالم، يقع بين البرجين المزدوجين لفندق "ون آند أونلي ون زعبيل" في دبي، والذي سيكون مركز كل شيء، من الثقافة، إلى المطبخ، فالترفيه.
للحديث أكثر عن المطعم الجديد وعن بداياتهما وعلاقتهما كزوجين يعملان معًا وغيره الكثير؛ كان لنا هذا اللقاء المستفيض والممتع مع الشيف بو سونغفيزافا والشيف ديلان جونز.
من هما الشيف بو سونغفيزافا والشيف ديلان جونز؟ هلّا أخبرتمانا المزيد عنكما؟
ديلان - إسمي ديلان وقد بدأتُ رحلتي في عالم الطهي من وطني أستراليا. ثم انتقلتُ إلى لندن لأتابع مسيرتي المهنية، حيث عملتُ في مطعمٍ تايلاندي وهناك التقيت بالشيف بو؛ ودفعنا شغفنا المشترك بفن الطهي إلى افتتاح مطعمنا الخاص في بانكوك.
بو سونغفيزافا -إسمي بو، وقد عملتُ في مختلف المجالات؛ لكن لطالما أردتُ أن أصبح طاهيةً أو ناشطة في مجال الطعام. دفعني حبّي للمطبخ التايلاندي للعودة إلى بانكوك حيث بدأت مسيرتي المهنية مع ديلان، وكان لشراكتنا أثرٌ مهمٌ على حياتنا.
من المؤكد أنّ أسلوبنا في الطهي قد تطوّر وتبدّل مع الأيام؛ بحيث أصبح منظورنا أكثر شموليةً وبتنا ندرك أنّ ارتكاب الأخطاء غير المقصودة يُعدّ جزءًا لا يتجزّأ من مسيرتنا.
وتعتمد فلسفتنا في عالم الطهي على عدّة ركائز، أهمّها أساليب الطهي المستدامة والمُراعية للبيئة. في بداية المطاف، كان هدفنا أن نستقدم جميع المكونات من مصادر عضوية 100%، لكن سرعان ما لاحظنا مدى صعوبة هذا الأمر. لهذا السبب، بدأنا نسير على درب الاستدامة خطوةً بخطوة، فاستخدمنا أولًا الأرزّ العضوي من أجل تأكيد التزامنا بتطبيق الممارسات المراعية للبيئة، والأكيد أننا نحرز تقدّمًا ملحوظًا في هذا المجال.
من كان مصدر إلهام كلّ منكما لتعلّم الطهو ولتصبحا طاهيين محترفَين؟
ديلان - لم أبدأ مسيرتي في عالم الطهي بهدف أن أصبح طاهيًا محترفًا، فقد أردتُ أن أسافر حول العالم وأكتسب مهاراتٍ من شأنها أن تؤثر إيجابيًا على حياة الآخرين. في مرحلة الشباب، استطاع أحد الطهاة أن يُغيّر نظرتي للطعام؛ حيث شجعني على تذوَق مختلف النكهات، فلم أعد أتجنّب تناول ثمار البحر بل أصبحتُ أستمتع بتناولها وقد تضاعف شغفي بالطهي.
بو - استمدّيتُ شغفي بالطهي من عائلتي، وبالأخصّ من والدَيّ اللذين كانا يحضّران ما يتراوح بين 7 و8 أطباق في اليوم الواحد. وقد اكتشفتُ السعادة التي يشعر بها الشخص عند تقديم الطعام الشهي منذ نعومة أظفاري، وتأكدتُ بأنّ علاقةً وثيقة تربط بين إعداد الطعام وتخليد الذكريات السعيدة المشتركة.
هل لإسم بو.لان معنىً مميز؟
جمعنا إسمَينا، بو وديلان معًا، فحصلنا على إسم بو.لان؛ وقد استوحينا هذه الفكرة من كتب الطهي والوصفات التقليدية التي يزيد عمرها عن 150 عامًا. كذلك، اخترنا إسمًا يشبه كلمة "بوران" التي تعني "قديم" أو "تقليدي" باللغة التايلاندية. كان الهدف الأول لمطعم بو.لان أن يُعرّف المزيد من الأشخاص على النكهات الغنية للمطبخ التايلاندي، فأردنا إعادة إحياء الوصفات التايلاندية التقليدية ليستمتع الجميع بهذا الإرث الغني في عالم الطهي. كذلك، نأمل أن نُلهم الجيل الجديد من الطهاة، ليستكشفوا النكهات التقليدية ويبتكروا منها ما يحلو لهم من الأصناف.
هل تؤثر علاقتكما كزوجين على عملكما معًا؟ ما هي إيجابيات هذا الأمر وسلبياته؟
إنّ عملنا معًا كزوجين في مكانٍ واحد له إيجابياتٌ كثيرة، أهمها الشعور القوي بالدعم المتبادل على المستوى المعنوي والمهني؛ لأنّ هذا ما يُعزّز روح التعاون والتجانس في بيئة العمل، وهو ما يجعلنا فريقًا متماسكًا وقويًا.
في المقابل، نواجه بعض التحديات نظرًا لصعوبة الفصل بين الحياة العاطفية والحياة المهنية؛ فنسعى دائمًا إلى تحقيق التوازن من أجل الحفاظ على استقرار علاقتنا وسط هذا التقارب الكبير بيننا على الصعيدين الشخصي والمهني.
كيف يكمّل كل منكما الآخر أو يتحدّاه ليحسّن مهاراته، كونكما تعملان في المجال نفسه؟
خلال رحلتنا المهنية في مجال الطهو، استطعنا أن نبتكر نظامًا بيننا؛ حيث يدعم كلّ منا الآخر ويتحدّاه حتّى يُعبّر عن أفضل ما لديه. ونهدف من خلال تعاوننا، إلى تشجيع بعضنا على التطور والتحسّن يومًا بعد يوم؛ فنحن نناقش جميع الأفكار ونتّخذ القرارات معًا لنتأكد من أننا نتبع المسار الصحيح، ونعتقد أنّ هذا النهج هو الأساس في التقدّم الذي أحرزناه.
يساهم هذا التبادل في ابتكار بيئة عملٍ مثاليةٍ للتطوّر، بحيث تُعزّز النمو والابتكار؛ كما تصبح التحديات أكثر تشويقًا، إذ تدفعنا إلى تطوير أساليب مبتكرة في كل ما نفعله. ويساعدنا العمل معًا على تحسين أنفسنا وتقديم أطباقٍ أفضل لضيوفنا، وهدفنا أن نتميّز في كل مساعينا.
ما التقنيات التي تعتمدانها لدمج التقاليد والأساليب العصرية معًا في أطباقكما؟
نتَبع نهجًا يقضي بتقديم الأطباق والمكونات التقليدية بأسلوب عصري مبتكر، حيث ما زلنا نستخدم الجرن والمدقة لتحضير معظم الأطباق؛ لأنّ هذا التفصيل يُشكَل جزءًا لا يتجزأ من تقاليدنا. كما نُضيف لمساتٍ عصرية على الأطباق لجهة تنسيقها وطريقة تقديمها، ويسمح لنا هذا المزيج المتناغم بالحفاظ على تقاليدنا العريقة مع تلبية التطلعات العصرية.
ما أهمية الاستدامة في عملكما؟ وما الذي تودّان تحقيقه في مطعمكما؟
تأتي الاستدامة في صلب عملنا، بحيث تُشكّل الدافع الأساسي لنا؛ ونؤمن أيضًا بأهمية تقديم أطباقٍ يتلذذ بها ضيوفنا وتُستقدم مكوناتها من مصادر مستدامة. لذلك، نسعى إلى تحقيق التوازن بين الطعم الشهي والاستدامة من خلال استقدام المكونات بطريقة مسؤولة، الحدّ من الهدر واتباع الممارسات الصديقة للبيئة في مطعمنا. نحن نلتزم بتقديم أشهى الأطباق التي يستمتع الضيوف بتناولها، مع التأكد من احترام مبدأ الاستدامة.
هلّا أخبرتمانا المزيد عن مطعم "دوانجدي" في "ذا لينك"؛ ماذا سيقدّم لضيوفه من السياح والمقيمين؟
يقدّم مطعم "دوانجدي" في "ذا لينك" تجربة طعامٍ تايلاندية فريدة، لا يعرف عنها المجتمع الإماراتي الكثير. ونلتزم في هذا المطعم بتوفير تجربةٍ أصيلة لضيوفنا، سواء من حيث تنفيذ الوصفات التقليدية بدقة أو من حيث تعريفهم على نكهات المطبخ التايلاندي الأصيلة. تضمّ قائمة الطعام تشكيلةً من الأطباق التي تلائم مختلف التفضيلات، وتتفاوت نسبة الحرّ فيها لتُلبَي جميع الأذواق. والأكيد أنه يمكننا إيجاد طريقةٍ لتكييف الأطباق مع متطلبات ضيوفنا، مع التأكد من الحفاظ على جوهرها التقليدي المميز.
تسمح قائمة الطعام الانتقائية للضيوف بالتعرف على أسلوبنا في الطهي والتلذذ بالأطباق وسط أجواءٍ مريحة تشجعهم على العودة مرارًا وتكرارًا. ويتميّز "دوانجدي"عن سائر المطاعم التايلاندية باستراحته المبهرة التي تتمتّع بتصميمٍ داخلي رائع ومستدام؛ وتوفر الاستراحة مساحةً تفاعلية تتزيّن بالعناصر الفريدة، مثل القراءة ببطاقات التاروت والألعاب التايلاندية التقليدية، ليتعرف الضيوف على ثقافتنا المميزة.
يفتح مطعم "دوانجدي" أبوابه لكلّ الضيوف بداية العام المقبل، حيث تطغى عليه أجواءٌ مميزة للعائلات. ونقدّم أيضًا قائمة طعامٍ للأطفال تشمل أطباقًا مثالية لهم، فضلًا عن خياراتٍ إضافية متوفّرة في قائمة الطعام الرئيسية تُعدّ مناسبة للصغار. كذلك، يتألف فريقنا من أفراد مؤهلين، منهم أشخاصٌ تايلانديون وآخرون من جنسياتٍ مختلفة يتحدثون عدّة لغات. ويؤدّي هذا الفريق المتنوع والماهر، دورًا أساسيًا في الارتقاء بتجربة الطعام التي نقدمها، ليجعل من مطعمنا عنوانًا يجمع سكان الإمارات العربية المتحدة وزوارها على اختلافهم.
هل هذا مطعمكما الأول في العالم العربي؟ وهل تخططان لتوسيع عملياتكما في المنطقة؟
نعم، يُعدّ مطعم "دوانجدي" في "ذا لينك" أوّل مطعمٍ نفتتحه في العالم العربي. ويتمثّل هدفنا الأول في تقييم مستوى نجاحه ومدى تقبّله في هذه البيئة الجديدة بالنسبة إلينا، فلا بدّ لنا أن نفهم المتطلبات والتفضيلات المحلية قبل أن نخطط لتعزيز توسّعنا فيها.
كذلك، افتتحنا مطعمنا الأول في كيوتو باليابان، وشكّلت هذه الخطوة تحدّيًا كبيرًا لقدرتنا على تكييف مهاراتنا مع البيئة التي نفتتح مطاعمنا فيها. ولا بدّ لنا من الاستعانة بفرق عملٍ ماهرة ومُتمرسة لنضمن نجاح كلّ فروعنا حول العالم، لذلك نقدّم لهم جلساتٍ تدريبية منتظمة ونُجري زياراتٍ مفاجئة لهم، لنضمن تقديم أطباقنا بلمستنا المميّزة وبأعلى جودة ممكنة دائمًا.
سنشارك بشكلٍ فاعل في مرحلة افتتاح "دوانجدي" وما قبل افتتاحه، لنحرص على تناغم كلّ التفاصيل مع رؤيتنا ولنضمن بالتالي أن يعكس كلّ مطعمٍ من مطاعمنا مستوى التميز الذي لطالما سعينا إلى تقديمه.
هل تذوقتما الأطباق العربية والإماراتية من قبل؟ كيف وجدتماها، وما الطبق المفضل لديكما؟
لقد تذوقتُ الكثير من الأطباق الإماراتية والعربية، وأجدها مميزةً وغنيةً بالنكهات. أعتقد أنّ المجبوس هو من الأطباق المفضّلة لدينا، فقد تذوّقناه في سوق المزارعين في نادي دبي للسيدات وتلذّذنا بنكهاته الغنيّة وتوابله المميّزة. كما نحبّ طعم اللقيمات التي تذوّقناها أيضًا في سوق المزارعين، والأكيد أنّ هذه التجارب تزيد شغفنا بالأطباق العربية والإماراتية المتنوّعة والشهية.
كيف تريان مستقبل عالم الطهي، مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتكنولوجيا فيه؟
نعتقد أنّ مستقبل الطهو يقف على مفترق طرقٍ اليوم. فقد تساهم التكنولوجيا في دعم المزارِع المحلية والتركيز على استقدام المكونات النباتية المستدامة، ما قد يزيد وعينا بأساليب الطهو المستدام ويشجّع استقدام المكونات من مصادر تعود بالفائدة على المجتمع المحلي.
لكن قد تمحو التكنولوجيا التميّز من عمليات الطهو، فتصبح الأطباق متماثلةً وخاليةً من روح التفرّد. يفسح أمامنا الخياران فرصًا مهمة بقدر ما يطرحان التحدّيات، ولا بدّ من إرساء نوعٍ من التوازن بين تقبّل المساعدة التكنولوجية والحفاظ على روح التنوّع والتفرّد في عالم الطهي.
ما هي نصيحتكما للطهاة الجدد؟
أنصح الطهاة الهواة بتذوّق أكبر عددٍ ممكنٍ من الأطباق والنكهات، حتى يعتادوا على نكهات الأطباق المختلفة لتوسيع خبراتهم.
وأنصحهم ألّا يخافوا من تغيير الوصفات والاستكشاف والابتكار، فمن المهم أن نغامر في المطبخ حتّى نتمكّن من ابتكار أشهى الأطباق. كذلك، لا بدّ لهم من التعرّف على مختلف المكوّنات وتقنيات الطهي. ويجب عليهم التعامل بلطفٍ واحترامٍ مع أفراد فريق العمل الآخرين؛ فكلما كان الجو إيجابيًا وداعمًا، كلما ازداد التعاون بين الأفراد وتحسّنت التجربة بالنسبة لكلّ الأشخاص الذين يختبرونها.
أخيرًا وليس آخرًا، من المهمّ دعم ممارسات الزراعة المستدامة التي تُراعي البيئة من أجل الحفاظ على منظومتنا الحيوية وضمان أعلى جودةٍ ومصداقيةٍ للمكونات التي نستخدمها في إعداد الأطباق. وبهذه الطريقة ننتقل شيئًا فشيئًا إلى اتباع نهجٍ أكثر صحةٍ واستدامة فيما يتعلق بتحضير الطعام.
وما رسالتكما إلى قارئات وقراء مجلة "هي"؟
إلى جميع القارئات والقراء، ننتظركم بفارغ الصبر لزيارتنا في مطعم "دوانجدي"! سيكون جميع ضيوفنا على موعدٍ مع تجربة طعامٍ رائعة، وسيكتشفون خلالها خيارات طعامٍ مميزة. سارعوا إلى زيارتنا في مطعم دوانجدي لتكونوا أوّل من يتلذّذ بأطباقنا الشهية، حيث نتطلّع لمشاركة شغفنا بالطعام الشهي والصحي معكم، على أمل اللقاء القريب!