الطبق الأكثر مشاركةً حول العالم: الحمص في يومه العالمي يتصدر المشهد
عندما أراد بين لانغ (وهو المؤسس المشارك لشركة إينوفيجن مع صديقته ميريام يونغ) استحداث مناسبة يجتمع خلالها الناس في جميع أنحاء العالم على صنفٍ واحد من الطعام؛ لم يجد أفضل من خيار طبق الحمص. ومن هناك، بدأ الاحتفال كل عام بيوم الحمص العالمي كل 13 مايو، والذي يحتفل به جميع محبي أطباق الحمص على اختلافها.
والحق يُقال، أن ما تفرقه السياسة والحروب واختلاف وجهات النظر في أي مسألةٍ مصيرية أو هامشية، يمكن لطبق الحمص اللذيذ أن يُصلحه. كيف لا، والحمص من أشهى وأسهل الأطباق الجانبية (التي يُطلق عليها المازة في بلاد الشام)؛ ويمكن تناوله لوحده أو مع أطباقٍ أخرى مثل اللحوم والدجاج المشوي، كما بالإمكان تقديم الحمص مع توليفاتٍ خاصة به كالحمص باللحم أو القاورما وغيرها.
الحمص Chick Peas هو نباتٌ بقولي صيفي وشتوي، يتميز بكثرة أنواعه ويُزرع في مناطق حوض المتوسط وفي الوطن العربي وإيطاليا، كما يُعدَ من أقدم البقوليات وأكثرها شعبية واستهلاكًا في العالم لغناه بالفوائد الصحية والعناصر الغذائية الفريدة؛ كما يُعتبر الحمص بديلًا مثاليًا عن اللحوم للأشخاص الذين لا يستطيعون أكل اللحوم ويُطلق عليهم تسمية "النباتيين".
يحتوي الحمص على العديد من العناصر الغذائية، مثل الحديد، والزنك، والمغنيسيوم، وحمض الفوليك، والفوسفور، وغيرها العديد من العناصر الغذائية؛ وتناوله بطريقةٍ معتدلة يُسهم في توفير العديد من الفوائد الصحية التي سوف نستعرضها بشكلٍ موجز في موضوعنا اليوم. إنما بدايةً، فلنتعرف سويًا على مختلف أطباق الحمص، وأشهرها الحمص بطحينة.
الحمص.. أطباقٌ متنوعة بمذاقاتٍ خلابة
لا يخفى على أحد أن الحمص بطحينة هو الطبق الأول والأبرز لهذا الصنف من البقوليات؛ يجتمع حوله محبو الحمص وأطباق المازة، لتناوله مع الخبز المحمص أو العادي، بجانب الخضروات كالطماطم المقطعة والفجل أو البصل وغيرها.
يتقن معظم الناس إعداد الحمص بطحينة في المنزل، وإن كان هذا الطبق أكثر نكهةً ومذاقًا في المطاعم. وقد تحدث الشيف اللبناني انطوان الحاج، في إحدى المقابلات التلفزيونية، عن السر وراء طعم الحمص الخلاب في المطاعم. وقال الشيف الأشهر في لبنان، أن سلق الحمص في المطاعم يأخذ وقتً طويلًا جدًا حتى تنضج الحبات قبل هرسها أو طحنه. وفيما يخص عملية الطحن، فإن المطاعم تستخدم عادةً خلاطات بقدرة ضرب تصل إلى6000 ضربة في الدقيقة الواحدة، في حين أن الخلاطات المستخدمة في المنازل لا تتجاوز عدد الضربات فيها بالدقيقة 2000؛ وهو ما يُفسر تحول الحمص إلى اللون الأبيض (الذي لا يُضاف إليه اللبنة كما أكد الشيف الحاج) فضلًا عن نعومته وتحوله لما يُشبه الكريمة. سرٌ آخر وراء طعم الحمص الألذ في المطاعم، وهو إضافة كمية كبيرة من الطحينة إلى الحمص (مثال لكل كيلوجرام من الحمص المسلوق والمطحون، يُضاف 500 أو 600 جرام طحينة)، وهو ما يتطلب زيادةً في كمية الليمون المعصور أيضًا. والنتيجة؟ حمص بطحينة بمنتهى النعومة والطراوة، فضلًا عن المذاق الرائع والمتناسق.
إذن، كي تستمتعي بطبق الحمص بطحينة في المنزل عزيزتي؛ عليكِ بسلق الحبات جيدًأ، وطحنها لفترةٍ طويلة. ولا تنسى الطحن كثيرًا حتى ينعم، ولا تبخلي بكمية الطحينة وأضيفي لها كميةً مناسبة من الليمون (يمكنكِ إضافة عصير ليمون بوصفير أيضًا إلى خليط الحمص بطحينة، فهو أقوى من الليمون العادي، ويمنحكِ الطعم الحامض الحاد الذي تبحثين عنه في هذا الطبق المميز).
ومؤخرًأ، بات هذا الطبق التقليدي يشهد العديد من الاختراعات والإضافات؛ فبات هناك الحمص بالأفوكادو والحمص بالشمندر، وصولًا إلى الحمص بالشوكولاته (وإن كنتٌ شخصيًا لا أحبُ هذا النوع من الاختراعات، وأفضلُ تناول الحمص بالطرق التقليدية المعروفة).
لا يتوقف الأمر عند الحمص بطحينة فقط؛ بل أن هناك أطباقًا أخرى يتم تحضيرها من هذه الحبوب، ولا تقل طعمًا عن سابق الذكر. فهناك أيضًا حمص البليلة، وفتة الحمص، والحمص مع الفول لوجبة الفطور وغيرها الكثير. كما يُستخدم الحمص كمكون رئيسي في العديد من الأطباق الأخرى؛ مثل طبق المغربية، أو مسقعة الباذنجان. كذلك يدخل الحمص في العديد من أطباق السلطة والشوربة، ليُضفي عليها مذاقًا ساحرًا؛ والحمص جزءٌ أساسي من وجبة الفلافل الشعبية في مصر ولبنان وسوريا وفلسطين.
لوجبةٍ صحية وخفيفة، يمكنكِ اعتماد الحمص بطحينة أو المتبل حسب الرغبة، كطبقٍ خفيف مع الخضروات المقطعة.
الحمص.. فوائد صحية عديدة
يمتاز الحمص ليس فقط بمذاقه اللذيذ، وإنما أيضًا بتعدد استخداماته في المطبخ؛ وهو ذو قيمة غذائية عالية تجعل من تناوله فائدة صحية كبيرة لا ينبغي التغافل عنها.
ويشير موقع "ويب طب" إلى تعدد فوائد الحمص، وهي على الشكل التالي:
- تعزيز صحة الجهاز الهضمي: بفضل محتواه العالي من الألياف الغذائية التي تُحسَن الهضم وتُسهل حركة الأمعاء. بالإضافة إلى أن هذه الألياف تساعد على تغذية البكتيريا الصحية التي تعيش في الأمعاء، وتحول دون فرط نمو البكتيريا الضارة؛ ما يُقلل من احتمالية الإصابة ببعض أمراض الجهاز الهضمي، مثلمتلازمة القولون العصبي وسرطان القولون.
- ضبط مستويات السكر بالدم: كون الحمص ذو مؤشر جلايسيمي منخفض، وهو مقياسٌ يُقيس قدرة الأطعمة على رفع نسبة السكر في الدم. فالأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض مثل الحمص، يتم هضمها ببطء ثم امتصاصها؛ مما يؤدي إلى ارتفاعٍ تدريجي وأكثر توازنًا في مستويات السكر بالدم.
الحمص غني أيضًأ بالألياف القابلة للذوبان والدهون الصحية وغني بالبروتين والنشا المقاوم للمضادات الحيوية التي تُبطئ عملية هضم الكربوهيدرات.
- تدعيم صحة العظام: فالمعادن الموجودة في الحمص وغيرها من العناصر الغذائية، تُسهم في تعزيز صحة العظام وقوتها؛ وبالتالي يحمي الحمص من مرض هشاشة العظام.
- تقليل مخاطر أمراض القلب: إذ يحتوي الحمص على العديد من المكونات مثل الألياف والبوتاسيوم وفيتامين ب والحديد والمغنيسيوم والسيلينيوم، التي قد تساعد في دعم صحة القلب.
- تعزيز فقدان الوزن: كونه غني بالألياف والبروتين، وهي عناصرتُعزَز خسارة الوزن والمحافظة على وزن صحي للجسم.
- خيارٌ جيد للنباتيين: إن كنتِ تتبعين نظامًا غذائيًا خالي من اللحوم ومشتقاتها، لا تبحثي طويلً: فالحمص هو أفضل الخيارات الغذائية التي يمكنكِ اللجوء إليها في هذا الشأن. خاصةً أنه متعدد الاستخدامات، وغني بالبروتين والفيتامينات والمعادن التي قد لا يحصل عليها النباتيون بكثرة في نظامهم الغذائي.
في الختام، نتمنى للجميع يوم حمص عالمي مفعم بالمذاق المميز واللحظات الجميلة التي يتيحها الاستمتاع بأطباق الحمص على الدوام.