مسلسل "موضوع عائلي 2".. أم عائلة بلا موضوع؟!
برز مسلسل "موضوع عائلي" في العام الماضي، واحدًا من أفضل المسلسلات الكوميدية التي قدمت، ونالت استحسانًا كبيرًا من المشاهدين، حلقاته العشرة التي كانت تعرض أسبوعيًا على منصة "شاهد" كانت تظل محل تعليقات إيجابية حتى عرض الحلقات الجديدة. مع نهاية المسلسل صار الحديث عن تقديم موسم ثانٍ أمرًا مفروغًا منه، وقبل أسابيع قليلة بدأ عرض الموسم الثاني بالفعل، من تأليف: محمد عز الدين وكريم يوسف وسامح جمال، وإخراج أحمد الجندي الذي شارك أيضًا في كتابة السيناريو.
قد تحتوي السطور التالية على كشف لبعض أحداث المسلسل.
البحث عن حبكة
رغم وجود نهاية مشوقة للموسم الأول، إذ يجد إبراهيم (ماجد الكدواني) نفسه متورطًا في علاقة أخرى كان قد نسي أمرها، وربما هو أب لطفل آخر لا يعلم عنه شيئًا، يقرر صناع العمل الابتعاد عن هذا النهاية تمامًا في موسمه الجديد، واعتبار أن موضوع الطفل الآخر لم يكن إلا مزحة ثقيلة غير حقيقية. كانت هذه أول إشارات القلق تجاه الموسم الجديد، إذ تبدو فكرة المزحة حلًا سهلًا وكأن صناع المسلسل لم يكونوا يفكرون في أمر الموسم الثاني منذ البداية، وعندما وجدوا أنه أصبح قيد التنفيذ، قرروا إهمال ما وصلوا إليه واختيار بداية أخرى.
بعيدًا عن هذه البداية، تدور أحداث الموسم الثاني عن إصابة إبراهيم بورم في المخ، يؤثر على ذاكرته وهو ما يجعله يخشى على سارة ابنته ويرفض مكاشفة العائلة. حتى منتصف المسلسل، لا يبدو أنه يذهب إلى أي اتجاه على الإطلاق، فلا مشكلة مرض إبراهيم لديها تأثير حقيقي على علاقته بأسرته أو بعمله، مجرد هفوات من هنا وهناك، ولا زلنا ندور في فلك أنه يخشى إخبار عائلته في كل حلقة، دون أن نأخذ خطوة واحدة للأمام.
الحدث الوحيد الذي أخذ الأحداث في اتجاه جديد هو أخذ خالد (محمد شاهين) -شقيق زوجة إبراهيم الراحلة- لعقد مسروق ليبيعه في بلغاريا، وهذا أثناء تواجده مع أسرة إبراهيم الذي سافر إلى هناك ليجري بعض الفحوصات.
هذا الحدث ظهر في نهاية الحلقة السابعة، فماذا قدمت المسلسل طيلة ستة حلقات ونصف؟
إعادة تدوير
عكس الموسم الأول الذي كانت فيه الخطوط الدرامية الرئيسية والثانوية واضحة منذ البداية، في هذا الموسم قرر صناع المسلسل تقديم خطوط واهية وإضافة شخصيات أثقلت المسلسل ولم تضف إليه، وبالتالي أثرت على كل ما يخص العمل وخاصة الكوميديا.
الخط الفرعي الأول في هذا الموسم هو ارتباط سارة (رنا رئيس) وحسن (طه دسوقي) بعد قصة الحب بينهما في الموسم الماضي. من المكونات الأساسية لحلقات هذا الموسم هو الشجار بين رنا وحسن في كل حلقة بسبب غيرتها عليه، أو لخلاف في ترتيبات الزواج، مواقف شديدة الافتعال وتستهلك وقتًا طويلًا من كل حلقة، دون أن تقدم شيئًا يذكر في النهاية للحبكة الرئيسية، إذ أن الشجار ينتهي بالصلح في كل مرة، بينما يزيد من ثقل هذه المشاهد الأداء المصطنع من رنا رئيس لشخصية الفتاة التي لا زالت لا تدرك مفردات اللهجة المصرية وتحاول نطقها بطريقة خاطئة غير مقنعة.
الخط الفرعي الثاني هو زواج خالد من أم ليث (ياسمين موافي) أخت غازي (محمد القس) وهي شخصية جديدة ظهرت هذا الموسم، ولسبب غير مفهوم قرر صناع العمل الاستعانة بممثلة مصرية لأداء شخصية غير مصرية، لتظهر في كل مشهد مشكلة اللهجة بشكل واضح، ولكن في الحقيقة هذه أبسط مشكلات أم ليث، إذ أن الشخصية من المفترض أنها لمجرمة مخيفة يخشاها الجميع ومن ضمنهم غازي نفسه، لكن الأداء الذي تقدمه ياسمين موافي شديد التصنع، ولا يخرج من حيز "التبريق" والتهديد يمينًا ويسارًا في مقابل أن يخافها الجميع، ومن هنا -المفترض- أن تتولد الكوميديا.
يمكن أن نطلق كذلك مصطلح "إعادة التدوير" على عدة مشاهد في المسلسل، مثل مشهد تفتيش حقائب السفر في مطار بلغاريا لأنهم وجدوا معهم "فسيخ" وبعيدًا عن أن السخرية من عادات الأكل هو أمر قديم، وبعيدًا أيضًا عن المبالغة في التعامل مع الأمر، فإن المشهد مكرر بحذافيره تقريبًا من فيلم "هاللو أمريكا" (2000).
لا يتوقف الأمر عند تكرار أفكار داخل الحلقات أو تكرار أفكار من أعمال أخرى، ولكننا نجد أيضًا تكرارًا لأفكار من الموسم الأول، فنشاهد في هذا الموسم خروج العائلة لرحلة في غابات بلغاريا، وهو ما يذكرنا برحلة السفاري التي كانت في الموسم الأول. لا بأس من إعادة تقديم أفكار ناجحة في الموسم الجديد إذا كان هناك ما يمكن إضافته، لكن المواقف التي ظهرت في هذه الرحلة داخل الغابة، خاصة ما يتعلق بلقاء عصابة تهريب المخدرات، وظهور الدب، كانت مبالغات أكثر مما يمكن تقبله حتى داخل إطار العمل.
إذا رجعنا للموسم الأول، فسنجد أن التعامل مع غازي كزعيم عصابة شرس، حتى وإن احتوى على الكوميديا، فإنه لم يبتعد عن المنطق، بينما هنا ذهب صناع المسلسل إلى الكوميديا على حساب أي منطق، بل وعلى حساب صناعة الدراما نفسها، لذا صرنا نشاهد مشاهد دون ارتباط واضح بالأحداث.
فرصة ثالثة
رغم التراجع الواضح في مستوى هذا الموسم مقارنة بالأول، فإن هذه العائلة لا زالت جذابة بالنسبة للمشاهدين، خاصة شخصيات بعينها لم تشهد تراجعًا في مستواها بل ازدادت بريقًا، مثل رمضان حريقة التي يجسدها بطريقة ممتعة محمد رضوان والذي أخذت شخصيته مساحة أكبر في هذا الموسم بعد النجاح اللافت لها في الموسم الأول، والكلام ينطبق على شخصية غازي أيضًا، حتى أن المشاهد القليلة التي جمعتهما ربما كانت أفضل مشاهد المسلسل.
ربما كانت هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى إعادة نظر في هذا الموسم، ولكن هذه الأسرة الكوميدية بشخصياتها الطريفة وممثليها الذين لا يزال لديهم الكثير ليقدمونه، ربما تستحق فرصة ثالثة تصحح فيها أخطاء هذا الموسم.