هل يستحق فيلم "نبيل الجميل أخصائي تجميل" صدارة إيرادات الموسم؟!
قد لا يعد موسم رأس السنة أو منتصف العام الدراسي من المواسم الأضخم على مستوى الإيرادات أو حجم الأفلام المعروضة، إلا في حالات قليلة، لكن لا يمكن على الإطلاق تجاهله. ربما تكمن قيمته الحقيقية في المغامرات متوسطة التكلفة لبعض النجوم أحيانًا، والتي تخلو من النجوم أحيانًا أخرى. ولهذا كان اختيار صناع فيلم "نبيل الجميل أخصائي تجميل" إخراج خالد مرعي عرضه في هذا الموسم قرارًا صائبًا، إذ أن الفيلم ينتمي للكوميديا، المنقطة المعتادة لهنيدي، وبالنظر إلى إيرادات أفلامه الأخيرة -باستثناء "الإنس والنمس"- فإنه من الأفضل المنافسة في موسم هادئ.
حقق الفيلم المركز الأول في إيرادات الموسم، متخطيًا 30 مليون جنيهًا في مصر حتى الآن، ومازال أمامه بعض الوقت ليحقق المزيد. لكن هل يستحق الفيلم أن يتصدر الإيرادات؟
الجري في المكان
لم يحقق النجم محمد هنيدي نجاحًا حقيقيًا في شباك التذاكر منذ نجاح "أمير البحار" في 2009 إلا من خلال فيلم "الإنس والنمس" قبل عامين. ثلاثة أعمال قدمها بين الفيلمين المذكورين جاءت إيراداتها متوسطة أو ضعيفة، ولكن هذا لم يمنع الفنان من مواصلة أعماله، إلى أن حقق "الإنس والنمس" إيرادات اقتربت من 60 مليونًا داخل مصر، ليعود هنيدي إلى الصدارة مرة أخرى، ويعطي الفيلم النجم فرصة جديدة.
في ”نبيل الجميل أخصائي تجميل“ لا يبتعد هنيدي عن منطقته المعتادة، الكوميديا الممزوجة بقصة حب، ننتظر منذ بداية الفيلم أن يتمم زواجه من امرأة جميلة، نور في حالتنا هنا. نجح الكثيرون وهنيدي نفسه من قبل في هذا النوع، لكن التجديد مطلوب دائمًا، وفي هذه المرحلة السنية، من غير المقنع على الإطلاق أن يستمر الكوميديان الكبير في تأدية دور الشاب الذي يبحث عن عروس، حتى وإن تحايل السيناريو على الأمر بمحاولة تبرير كبر سن البطل لكونه أعاد عدة سنوات في الكلية حتى تخرج. لكن في النهاية هذا ما لدينا.
تبدأ أحداث الفيلم بفلاش باك لنتعرف على قصة نبيل، وكيف أصبح طبيب تجميل، وفي الحقيقة تتابع البداية كان مبشرًا، وربما يعد من أفضل تتابعات الفيلم، إذ نشاهد والد نبيل الذي يعمل خياطًا إلى أن يموت وهو في محل عمله، ليباشر نبيل عمله من بعده، ونتيجة عمله في الخياطة يقرر لاحقًا التخصص في التجميل. من بعد هذه المقدمة مباشرة يبدأ الفيلم في التشعب إلى عدة وجهات، مقدمًا شخصيات متفرقة وأحداث متفرقة، نكتشف في النهاية أن أغلبها ليس ذو أهمية على الإطلاق!
هناك مثلًا شخصية محسن (محمد سلام) زوج شقيقة نبيل، والذي لا نفهم أهمية دوره على الإطلاق خلال الأحداث، بالطبع هو يضيف إلى مساحة الكوميديا لكنه لا يضيف للأحداث نفسها. بل إن السيناريو يُدخلنا في حبكة فرعية عندما يسافر محسن ليكون نفسه ويعود بعد سنة دون أن يصنع شيئًا ومع ذلك يتنازل نبيل عن شروطه ويتركه يتزوج شقيقته، فلماذا كان السفر من الأساس؟ يمتد هذا التخبط أيضًا إلى مناقشة فكرة عمليات التجميل، إذ يبدو أن الفيلم سيتطرق بشكل ما إلى الهوس بعمليات التجميل وتداعياته، لكن ما شاهدناه كان شديد السطحية، إذ يتوقف الأمر عند السخرية من مفردات مثل "شفط" و"نفخ" طوال الفيلم، ونشاهد بعض التشوهات جراء عمليات التجميل غير دقيقة، لكن الأمر كله لا يعدو طرح هذه العمليات بشكل هزيل، ومن خلال حوار مفتعل في البداية عن أهمية أن يقنع الطبيب مرضاه بصعوبة ما يفعله ليجني منهم المزيد من الأموال.
حتى شخصية جميل نفسها، في البداية يُقدَّم لنا بصفته طبيب متمكن تمامًا، ثم لاحقًا نجده يخطئ أكثر من مرة في عمليات مختلفة. كنا نود أن يكون هذا مقصودًا لصناعة أبعاد مختلفة للبطل، أو تقديم شخصية رمادية، لكن الأمر لم يتعدَ استخدام هذه الأخطاء لمحاولة إضافة بعض المشاهد الكوميدية والتي لم يكن أغلبها موفقًا.
عوامل مساعدة
رغم تواضع مستوى الفيلم فإنه نجح في تحقيق إيرادات جيدة نظريًا على الأقل، فهو الأول في هذا الموسم كما ذكرنا، ورقميًا حقق رقمًا جيدًا مقارنة بأفلام محمد هنيدي الأخرى، لكن في حقيقة الأمر عندما ننظر إلى التضخم وارتفاع أسعار التذاكر خلال العام الماضي فإننا سندرك أن هذا الرقم لن يبتعد كثيرًا -إن قسناه بعدد المشاهدات- عن العديد من أفلام هنيدي الأخرى إن لم يقل عنها.
يمكننا أن نفسر إقبال الجمهور على هذا الفيلم بعدة أسباب: أولها عدم وجود منافسة قوية خلال الموسم، فرغم وجود عدة أفلام، فإن المستوى الفني لأغلبها متوسط، بالإضافة للسبب الثاني وهو أن هنيدي هو أبرز النجوم الذين عرضت أفلامهم ضمن الموسم، يأتي بعده بمسافة رامز جلال. بينما السبب الأخير هو أن الجمهور ربما جاء مدفوعًا بالسمعة الجيدة التي حققها ”الإنس والنمس“ سواء عند عرضه في السينما أو على المنصات.
في حقيقة الأمر لا يمكن اعتبار الفيلم إلا بريقًا زائفًا، ولا ندري إن كان لدى هنيدي المزيد من الفرص لإضاعتها بهذه الصورة أم لا، لكنه ما لا شك فيه هو استمرار تمتعه بالقبول الحقيقي لدى الجمهور، وقدرته السلسة على الإضحاك، يتبقى أن يصنع فيلمًا جيدًا.