فيلم "أنا لحبيبي".. هل نجح في إعادة الرومانسية إلى السينما المصرية؟
فيلم "أنا لحبيبي" للفنانة ياسمين رئيس وكريم فهمي، كان الممثل الوحيد للأفلام الرومانسية في شهر فبراير، وفي احتفالات مناسبة يوم الحب 2023، وعرض الفيلم بتوقعات كبيرة من الجمهور والنقاد لإعادة المحتوى الرومانسي إلى الأفلام المصرية بعد فترة غياب.. فهل نجح الفيلم في ذلك؟
فيلم "أنا لحبيبي" ومحاولات إعادة الرومانسية إلى الشاشة!
وجاء فيلم "أنا لحبيبي" محملاً بآمال وتوقعات كبيرة لمشاهدة قصة رومانسية جذابة في شاشة السينما بعد فترة طويلة من سيطرة أفلام الأكشن والكوميديا على شباك التذاكر، ونافس الفيلم نفسه في وسم العرض الحالي، لعدم وجود أفلام رومانسية أو اجتماعية أخرى معه، ونجح إلى حد ما تجارياً في تحقيق إيرادات جيدة بالنسبة إلى تاريخ إيرادات الأفلام الرومانسية في مصر، ووصلت حتى الآن إلى أكثر من 5 مليون جنيه مصري.
كان اختيار فيلم رومانسي لتقديمه في بداية عام 2023 في السينما قراراً جريئاً في حد ذاته من المنتج أحمد السبكي، وتستحق الإشادة بسبب الرغبة في تقديم مضمون سينمائي مختلف عن السائد، والمجازفة أيضاً بتقديم فيلم من بطولة ياسمين رئيس مع كريم فهمي لأول مرة معاً، ولكن هل كان قرار تقديم قصة رومانسية لوحدها كفيلة بصنع فيلم رومانسي جيد؟
رومانسية شكلية في فيلم "أنا لحبيبي"
اعتمدت فكرة وقصة فيلم "أنا لحبيبي" على حكي البطلة "ليلى"، التي تجسدها ياسمين رئيس، لقصة حبها مع كريم فهمي "شادي"، في عدة فصول، يحمل كل فصل منها إسم أغنية للسيدة فيروز، وبرر الفيلم ذلك بأن هذه الأغاني لها علاقة بقصة الحب بين ياسمين رئيس وكريم فهمي في الفيلم، ويمزج الفيلم بين مشاهد ياسمين رئيس مع محمد الشرنوبي، الذي تحكي له قصة حبها المنتهية، وبين المشاهد التي جمعتها مع كريم فهمي والتي تسترجعها أثناء حكيها له.
وقع الفيلم في عدة مشكلات في طريقة تقديمه للقصة الرومانسية، والتي جعلتها محاولة غير مكتملة في صنع فيلم رومانسي جذاب وجيد، وأول هذه المشكلات هي اعتماد الفيلم على مجموعة من الطرق التقليدية والمكررة في صنع مشاهد رومانسية، والتي جاءت كأنها مشاهد منفصلة عن الفيلم، ومقحمة من أجل صنع مشاهد رومانسية بدون توظيف داخل السياق الدرامي، مثل مشهد رقص كريم فهمي وياسمين رئيس تحت المطر على أنغام أغنية للسيدة فيروز.
ركز الفيلم بشكل رئيسي على اختيار مواقع تصوير سياحية في معظم مشاهد الفيلم، وذلك اعتقاداً أنها ستضفي المزيد من الأجواء الرومانسية بين البطلين، مثل مشاهدهما أمام الشاطيء، ومشهد لقائهما الأول على ضفاف النيل في مدينة أسوان، ولقائهما داخل المسرح وغيرها، لذلك جاءت الرومانسية في الفيلم شكلية، وتسببت في انفصال المشاهد عن قصة البطلين في الفيلم، وعدم شعورهم بالتعاطف معهم أو التورط في قصة حبهم المأزومة.
فيلم "أنا لحبيبي" يقع في فخ التكرار
لجأ الفيلم إلى عدة حيل ساذجة ومكررة أحياناً، والتي أصبحت مثار سخرية للجمهور في العصر الحالي بسبب تقديمها بشكل متكرر، مثل ربط الرومانسية بالمطر أو بأغاني فيروز، بالإضافة إلى تعارف البطلين عن طريق الصدفة في القطار، وهي حيلة مكررة وتقليدية في عدة أفلام رومانسية سابقة، حتى وظائف الأبطال داخل العمل جاءت تقليدية مثل عمل كريم فهمي في كتابة الروايات الرومانسية وعمل والده في الإخراج المسرحي، وهو الأمر الذي تسبب أيضاً في زيادة شعور المشاهد بعدم التقارب مع أبطال الفيلم.
واستكمالاً للحيل التقليدية في فيلم "أنا لحبيبي"، انتهت قصة حب كريم فهمي وياسمين رئيس بطريقة متوقعة ومكررة أيضاً، بعد رفض والدة ياسمين رئيس أو "ليلى" زواجها من كريم فهمي، بحجة الفوارق الاجتماعية بينهما، قبل أن يتشاجر كريم فهمي مع ياسمين رئيس ويتركهها فيتعرض لحادث يؤدي إلى وفاته، وهنا تتعرض ياسمين رئيس لأزمة نفسية تجعلها تنكر وفاته، فيتقمص محمد الشرنوبي، الطبيب النفسي، شخصية مصور فوتوغرافي من أجل علاج "ليلى" نفسياً من خلال التقرب منها لكي يسمع قصة حبها مع كريم فهمي مرة أخرى.
اهتم فيلم "أنا لحبيبي" بالمشاهد الرومانسية وموقع التصوير وأغاني فيروز على حساب القصة الرومانسية نفسها، وانتهى الفيلم بدون تقديم ما يكفي حول لماذا أحبت ياسمين رئيس كريم فهمي لدرجة إصابتها بأزمة نفسية بعد وفاته؟ ما الأشياء التي شكلت هذه الروابط القوية غير أغاني فيروز التي اجتمعا على حبها؟ ولماذا لم يشركنا الفيلم في تفاصيل قصة حبهما والتحديات التي واجهتهما واكتفى بعرض مشاهد منفصلة لهما في أماكن سياحية وهما يتبادلان الغزل فقط؟
تركنا الفيلم بعدة أسئلة أخرى حول طريقة صناعة الأفلام الرومانسية أيضاً، فهل الرومانسية لا تصلح إلا بالأماكن السياحية فقط؟ وهل الرومانسية تمنع تقديم قصة واقعية من المجتمع تجعل المشاهد يرى نفسه بها ويتعاطف مع أبطالها ويشعر بالفضول تجاه تاريخ ومستقبل علاقتهما؟