البطولة النسائية في الدراما الرمضانية.. "نسوية" على استحياء تواجه امرأة المسلسلات الذكورية!
للمرأة صورة نمطية لا تتغير في الدراما؛ فإما يكون دورها تابعاً لدور الرجل وهامشياً، وإما تكتفي بالصورة التقليدية للأم الطيبة التي تدعو للبطل، أو الزوجة التي يشكو البطل لها همومه وتربت على ظهره، وحينما قدمت الدراما المرأة في أدوار قيادية أو إيجابية كانت النتيجة أعمال مُفرطة المثالية قدمتها نجمات كبيرات في حقبة التسعينيات مثل "فاتن حمامة" و"سميرة أحمد"، أو مُفرطة في التسلط مثل بعض أعمال "غادة عبد الرازق" و"فيفي عبده".
المرأة المثالية!
بدأت موجة درامية جديدة للمرأة المثالية قدمتها "يسرا" في عدد من المسلسلات مع بدايات الألفية؛ ومنها مثلاً "حياة الجوهري" و"في أيد أمينة"، وأغلب هذه الأعمال يُمكن أن تُستبدل فيها البطلة الأنثى برجل دون حاجة لكثير من التعديلات في السيناريو؛ فهى لا تحمل خصوصية نسوية في السرد تجعلها أعمال تنتمي لعالم المرأة.
إستمرت "يسرا" المحسوبة على جيل الكبار في إختيار الأدوار الإيجابية المُغلفة ببعض المثالية، ولكنها تنتقي مؤخراً قصص درامية أكثر ميلاً للأجواء الكوميدية، وتتناول قضايا أقل تصادماً مع الفساد والجريمة وحقوق المرأة من تلك التي قدمتها قبل عقدين.
ركزت في إختياراتها الأخيرة على علاقة شخصية الأم التي تُجسد دورها بأبنائها وعائلتها، وهذا الخط نراه واضحاً في مسلسلها هذا العام "1000 حمد على السلامة"، وهو على نفس نهج دورها العام الماضي في مسلسل "أحلام سعيدة"، وهى أعمال خفيفة لا تحمل قضايا إجتماعية هامة أو رسائل نسوية عميقة.
هناك عدد أخر من الأعمال الدرامية التي تعتمد على البطولة النسائية، ولكنها لا تتشابك مع قضايا نسوية ذات خصوصية، ومنها مسلسل "وعود سخية" بطولة "حنان مطاوع" الذي يُناقش الظلم ضد المرأة من خلال قصة تعتمد على كلاشيهات درامية عن القهر والظلم والإغتصاب؛ إذ تتعرض سخية إلى كافة أنواع الظلم، وتتحول شخصيتها تدريجياً، وتبدأ رحلة ظلامية من أجل الإنتقام من كل من ظلمها، وهناك أعمال أخرى لا زالت في بدايتها ولا تُعطي مؤشرات بأنها ستسير في طريق دراما البحث عن حقوق المرأة، ومنها مسلسل "منة شلبي" بعنوان "تغيير جو"، وهو دراما عن فتاة تحاول بيع منزل العائلة وتجد نفسها عالقة في بيروت بعد سرقة حقيبتها، وهناك أيضاً مسلسل "تلت التلاتة" عن قصة "هبة الحسيني" وإخراج "حسن صالح"، وبطولة "غادة عبد الرازق" وتجسد فيه ثلاث شخصيات توائم تتقاطع قصص حياتهن.
العمدة تتحدى المجتمع!
تخوض عدد من نجمات جيل الوسط بطولة أعمال درامية أكثر تشابكاً مع قضايا المرأة والشأن العام، وذلك من خلال حكايات إجتماعية من الواقع المصري؛ فنرى "روبي" تُجسد شخصية الأستاذة الجامعية صفية في مسلسل "حضرة العمدة"، وهى تعود إلى قريتها لتولي منصب العمودية الذي تتوارثه عائلتها، وهذا المنصب الغير مألوف يضعها في صراع مع عادات وتقاليد أهل القرية.
مسلسل "حضرة العمدة" هو الأكثر إنفتاحاً هذا العام على طرح المشاكل العامة والأزمات الإجتماعية الشائكة بعيون إمرأة مُتعلمة، وهو لا يُركز على حكاية محدودة عن بطلة مقهورة تعاني أزمة عائلية خاصة، بل يضع شخصية البطلة صفية في منصب قيادي يُتيح لها التعامل مع مشاكل مُزمنة، ويضع مبادئها وأفكار على محك الواقع القاسي طوال الوقت.
يتعرض المسلسل لعدد من قضايا القرية الشائكة ومنها الختان، والتعليم، وزواج القُصر، وسيطرة الفكر المتشدد، والتعصب ضد الأقباط، والهجرة الشرعية، والعمل من إخراج "عادل أديب" وتأليف "إبراهيم عيسى" في ثاني عمل له على التوالي يتناول قصة تقودها إمرأة بعد مسلسله العام الماضي "فاتن أمل حربي" الذي قامت ببطولته "نيللي كريم".
أزمات نسائية من الصعيد!
عدد أخر من الأعمال الدرامية تمحور على أزمات نسائية إجتماعية، وسلط عليها الضوء، وكما حدث في قرية "حضرة العمدة" يستعرض عدد أخر من المسلسلات أزمات مزمنة داخل قرى الصعيد التي تتمسك بعادات وتقاليد رجعية، وتمارس التمييز ضد حقوق المرأة، ومن هذه الأعمال مسلسل "ستهم" تأليف "ناصر عبد الرحمن" وإخراج "رؤوف عبد العزيز"، وتجسد "روجينا" دور ستهم، وهى إمرأة مات زوجها وأحاطتها هموم ومشاكل الثأر، لكن الشخصية تُحاول تجاوز العقبات الإجتماعية التي تُعاني منها كإمرأة صعيدية تعيش في مجتمع يعامل المرأة ككائن من الدرجة الثانية، ويبرر للرجل الإستيلاء على ميراث المرأة، ولأن ستهم تجد نفسها وحيدة، وبلا ميراث أو عمل في عالم يُسيطر عليه الرجال وقوانين الثأر تقوم بالتنكر في هيئة رجل وتسعى للحصول على فرصة عمل، وتعود أهمية العمل إلى أنه مأخوذ عن قصة حقيقية شغلت الرأي العام المصري.
مسلسل "عملة نادرة" ينتمي أيضاً لنوعية الدراما الصعيدية، وقامت ببطولته "نيللي كريم" وأخرجه "محمد جمال العدل"، وهو عن سيناريو كتبه "مدحت العدل" ويتناول حكاية إمرأة صعيدية تضطر لخوض حرب ضد عائلة زوجها الراحل من أجل الحصول على حقها في الميراث، و"نيللي كريم" من أبرز الممثلات اللائي قدمن أدوار تُناقش قضايا نسوية إجتماعية في أعمال مثل "ذات" و"سجن النسا"، وفي العام الماضي قدمت دور إمرأة مُطلقة تُحاول الحفاظ على حضانة إبنيها، والنجاة من تنكيل طليقها عصبي المزاج في مسلسل "فاتن أمل حربي".
تحت الوصاية وعناوين أخرى!
بدا قبل أيام مسلسل "تحت الوصاية"، بطولة "منى زكي" وتأليف "خالد دياب" و"شيرين دياب" وإخراج "محمد شاكر خضير"، وهو يتناول حكاية إمرأة تُحاول الحفاظ على حضانة إبنيها وتوفير لقمة العيش بعد تعثر حصولها على حقوقها من أهل زوجها المتوفي، وتخوض مغامرة الإستيلاء مركب الصيد التي كان يعمل عليها زوجها ومُحاولة توفير طاقم لتشغيلها، والمسلسل مكون من 15 حلقة ولا زال العمل في بداياته، ولكن حلقاته الأولى تُشير إلى أنه سيكون من الأعمال الدرامية التي ستنضم إلى موجة الدراما التي تتناول قضايا المرأة وحقوقها.
الأمر الإيجابي فيما تقدمه الدراما هذا العام هى بعض الحراك الذي يُحاول تغيير تلك الصور الدرامية الرديئة التي كرستها المسلسلات عن المرأة طوال العقود الماضية، ولكن لا يعني هذا أن الأمر سهلاً؛ فأغلب المسلسلات الذكورية التي قُدمت هذا العام تصور المرأة تابع للرجل، وشخصية هامشية يتم التلاعب بها وسحقها، وتمسكت مسلسلات مثل "جعفر العمدة" و"الأجهر" و"ضرب نار" و"بابا المجال" بصورة المرأة الكلاشيه، وهى صورة مشوهة وبعيدة عن الواقع سواء كانت طيبة وضعيفة وخاضعة، أو قوية ولعوب وشريرة.
الصور من حسابات نجمات المسلسلات المذكورة على انستجرام