الكاتبة والمخرجة السعودية سارة بالغنيم ل“هي“: التمثيل نوع من أنواع الكتابة والممثل البارع لا يطبق النص
بعد أن حاز الفيلم القصير “ أنا وعيدروس” على جائزة “وازمان” “Wasserman” التي تعتبر أعلى تكريم من جامعة نيويورك تقديراً للأفلام المميزة، يشارك الفيلم في مهرجان أسبن للأفلام القصيرة بأمريكا ( 10- 16 أبريل) حيث يشهد العرض العالمي الأول للفيلم، يعد مهرجان أسبن للأفلام القصيرة واحداً من أهم المهرجانات الدولية المؤهلة للمنافسة على جوائز الأوسكار، وتضم فعالياته السنوية عروض أفلام وحلقات نقاشية وورش عمل والعديد من الأنشطة التي تشجع صناعة الأفلام القصيرة.
يقدم فيلم “أنا وعيدروس” قصة تحدث في بداية الألفية عن شابة متمردة تحاول التخلص من سائقي أسرتها المرافق لها بينما تتسلل للالتقاء بحبيبها، الفيلم من تأليف وإخراج سارة بالغنيم وإنتاج رائد السماري وسلمان المساعد والمنتج المشارك خالد السديري ويشارك البطولة أيدا القصي وبله محمد الفاضل وتتولى توزيع الفيلم شركة CineWaves Films.
صناعة الأفلام السعودية تشهد مشهداً مشرق ونمو متصاعد ومع وجود الشغف لإدراك النجاح أصبحت كما نشاهد الأفلام السعودية حاضرة في المهرجانات العالمية، ولأن المخرج له الدور الأكبر في صناعة الأفلام وتحديد الرؤية الإبداعية واتخاذ قرارات الفيلم الكبرى، التقت مجلة هي بالمخرجة السعودية سارة بالغنيم الكاتبة والمخرجة لفيلم “أنا وعيدروس” المؤهل للمنافسة على جوائز الأوسكار، لتتحدث في لقاء حصري عن رحلة كتابة الأفلام وإخراجها وكشف الكثير من التفاصيل.
قمتي ببعض الأدوار التمثيلية ولكنك تفردتي بالكتابة والإخراج متى اكتشفتي أن هذه الصناعة هي ما تنتمي إليه؟
التمثيل نوع من أنواع الكتابة والممثل البارع لا يطبق النص كما هو وأعتقد أن الممثل هو أيضاً كاتب للقصة ومن المفترض أن يضيف إلى الشخصية من تجاربه وخياله.
من وجهة نظري أن الممثل راوي قصص فهو يعرف مشاعر الشخصيات ويستطيع تقمص الشخصيات وكتابتها بشكل صادق وهذا ما ألهمني للكتابة والإخراج.
هل كان هناك فيلم معين من مكتبتك الخاصة ألهمك بدخول عالم صناعة الأفلام؟
الفيلم الذي ألهمني لصناعة الأفلام قبل دخولي للمجال هو الفيلم الإيراني ”برسبوليس" Persepolis للمخرجة الإيرانية مرجان ساترابي ، فعندما رأيت فيلمها شعرت بالإلهام وعلى الرغم من أن الفيلم انيميشن ومن ثقافة أخرى ولكن وصلتني جميع الأحاسيس التي طرحتها المخرجة بطريقة مختلفة عن السرد المعتاد ، حينها شعرت أنني أيضاً أريد سرد قصصي.
تشهد صناعة الأفلام في السعودية دعم وتطور كبير، إلى أي مدى تشعري أنك محظوظه بكونك جزء من هذه الصناعة في الوقت الحالي.
أنا محظوظة جداً لوجود دعم من أسرتي و مجتمع مساند لكن من الطبيعي أن يكون هناك تحديات أكثر من التحديات الموجودة بدول أخرى بسبب عدم وجود بنية تحتية لصناعة الأفلام ، فالكثير من الأمور كان علي الاستعانة بها من خارج المملكة.
لا أستطيع التعليق على الدعم المادي لإنتاج الأفلام في المملكة حتى الآن لأنه لم يتم دعم أفلامي مادياً حتى الآن و لكن آمل أن يكون هناك دعم في المستقبل.
فيلم "أنا وعيدروس" يتحدث عن شابة متمردة تحاول التخلص من سائق أسرتها المرافق لها دائماً لتستطيع لقاء حبيبها، لمن كتبتي هذه القصة وما الرسالة التي تودين إيصالها للمشاهد؟
كان من المهم لي أن أكتب الشخصية الرئيسية ”جود“ وهي شابة على الرغم من كونها مدللة وشخصيتها مندفعة وقوية إلا أن هذه الديناميكيات بينها وبين السائق تأثر على من له الصلاحية في اتخاذ قرارات حياتها الشخصية.
وأعتقد بأن دور السينما ليس إيصال الرسائل، أريد من كل مشاهد أن تكون لديه تجربته وحكمه الخاص من وجهة نظره عند مشاهدة الفيلم.
أردت من خلال هذا الفيلم إظهار صورة المجتمع المحافظ وما يحدث خلف هذه الصورة من علاقات معقدة، في قصة تحمل شخصيات مركبة وعمق كم المدة التي استغرقها تأليف فيلم "أنا وعيدروس"
مدة الكتابة كانت ٦ أشهر على الرغم من أنها قصة فيلم قصير ومن الطبيعي أن يستغرق كتابة فيلم قصير من ٦ شهور الى سنة ونصف.
هل تجدين الكتابة نوعاً من التمارين الروحية؟
التعمق في كتابة قصة أو تكوين شخصيات دون التأمل بصدق أو وعي ذاتي مستحيل، وأعتقد أن كثير من النصوص التي تفشل تكون نتيجة تهرب الكاتب من التأمل بصدق (مهما كان نوع القصة) وغالباً تكون بسبب أن الكاتب يفتقد التجارب في الحياة وطريقة تفكيره محدودة بحواجز في حياته الشخصية وضعها الكاتب ليحمي نفسه من مواجهة أمور معينة عادة تنعكس في كتابته…. باختصار إذا أردت أن تصبح كاتب اعتقد انه يتوجب عليك مواجهة أمور شخصية في حياتك ”شياطينك"
كل مرة اكتب فيها نص أقوم بالتصالح مع موضوع مقارب للقصة في حياتي الشخصية وفي هذا الفيلم قمت بالتصالح مع مرحلة مراهقتي.
ما هو أصعب شيء في كتابة شخصيات من الجنس الآخر.؟
لا أعتقد أنه من الصعب على النساء كتابة أدوار رجال كما هو صعب على الرجال كتابة أدوار نسائية. نحن لا نزال مجتمع محافظ ومنفصلين الجنسين لحد ما، ولكن في الحقيقة الكاتب البارع يستطيع كتابة أدوار ذكورية وأنثوية لأنه يعلم أنه عليه إيجاد طرق لفهم الشخصيات أكثر (سواء ذكور أو نساء) بالرغم من أن بيئته لا تتيح للتواصل بشكل كبير بين النساء والرجال.
على سبيل المثال كيف لي أن أكتب شخصية رجل متدين في ليلة زواجه وأنا لم أحضر أو التقي أو أتقرب من هذا النوع من الشخصيات في حياتي؟ وإضافة إلى ذلك، نحن مجتمع يقدر الخصوصية والرسمية بشكل كبير بالمقارنة بمجتمعات آخرى، ومن النادر أن نرى أسرة تتجادل في مكان عام أو من يكتبن مشاعرهم ومشاكلهم على المنتديات في الإنترنت بكل صراحة وهذا بذوره يشكل حاجز كبير عند الكتابة.
كانت تأتيني نصيحة خلال دراستي في جامعة نيويورك أنه من الأفضل أن يكتب الكاتب ما يعرفه من تجربته الشخصية أو من عالمه في بداية مسيرته ككاتب وبعد أن يتقن كتابة القصص يستطيع التطرق إلى شخصيات وعوالم بعيدة عنه طالما لديه خيال واسع ومهارة المراقبة والبحث والتحليل بالإضافة إلى القدرة على تجاوز الحواجز العاطفية الناتجة عن حماية الفرد لنفسه منذ الطفولة التمي تمنعنا من النظر إلى الموضوع بطريقة صادقة أو فريدة من نوعها.
كيف اخترتي أسماء الشخصيات في فيلم "أنا وعيدروس"
عند صدور الأمر الملكي بالسماح لقيادة المرأة الكثير كانوا مهتمين بتوثيق بداية القيادة لكن أنا وزميلتي سارة النواصرة كنا مهتمين أكثر بتوثيق علاقة النساء بسائقه قبل بدأ القيادة رسمياً لأن هذا القرار تاريخي وهو بداية النهاية لهذه العلاقة الفريدة من نوعها الموجودة في أغلب الأسر السعودية، قمنا بعد ذلك بالتواصل مع عدد من النساء من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية من معارفنا وتوثيق يومياتهم وكان سائق أحد الفتيات بسائق اسمه عيدروس من دولة السودان ولفت إنتباهي كمية الوقت الذي يستغرقونه في السيارة معاً يومياً وذكرني كثيراً بسائق اسرتي الذي كان مشابه له من نواح كثيرة فإسم الفيلم مستوحي من هذه الشخصية.