فيلم "Mummies".. أنيميشن عائلي مرح ومومياوات مصرية تبحث عن خاتم زواج ملكي مسروق!
حبكة فيلم الأنيميشن الإسباني Mummies "مومياوات" تستلهم حضارة مصر القديمة، وتُعيد فتح ملف سلب تُراث الفراعنة، وقصته خيالية خفيفة الظل، وبها كثير من اللمحات الساخرة، وصورت قُدماء المصريين بملامح تستلهم التماثيل والرسوم الفرعونية، والوجوه قريبة من ملامح المصري المعاصر، ولم يتورط الفيلم في ترويج خُرافات الأفروسنتريك حول صورة وملامح المصريين القُدماء.
لم ينل الفيلم حظه من الشهرة عربياً رغم أنه مُعد بشكل جذاب وجيد. الفيلم من إخراج "خوان خوزيه جالوتشا" وتأليف "جوردي جاسول" و"خافيير لوبيز باريرا"، وشارك في الأداء الصوتي للنسخة الإنجليزية "إلينور توملينسون" و"جو توماس" و"شين بين"، وتولت شركة وارنر مهام توزيعه عالميًا.
نسوية فرعونية في شوارع لندن!
المشهد الإفتتاحي للفيلم يصور لقطات مُثيرة من سباق عربات تجرها الخيول في ساحة بمصر القديمة قبل ألاف السنين، وهو مشهد تم رسمه وعرضه بلقطات سريعة مُتلاحقة، ومونتاج يتنقل من السرعة إلى البطيء للتعبير عن لحظات حاسمة في سباق قوي وعنيف، ويُهىء المُشهد المتفرج لفيلم مُغامرات سريع الإيقاع.
تتعرض المومياوات المصرية والمقابر القديمة للسرقة والنهب طوال الوقت؛ ولهذا تهجر المومياوات التوابيت وتذهب إلى عالم مواز تحت سطح الأرض، وهو عالم لطيف يشبه واقع الحياة اليومية في زمن المصري القديم، أو ما يتخيله الفيلم عن هذا الواقع، وفيه يعيش الجميع بأزياء مصرية قديمة تُخفي نسبياً لفائف الكتان التي تُغطي جسد المومياء، ورغم ذلك تبدو مومياوات الفيلم جميلة وأنيقة، فقط الضوء الباهر جداً يكشف أنها مجرد هيكل عظمي.
هذا العالم الخفي تحت الأرض يحمي المومياوات المصرية، ولكنه لا يحمي مقتنياتهم المُقدسة التي تركوها في المقابر، وتتسبب سرقة لص أثار إنجليزي لخاتم زواج ملكي مُقدس في مطاردة مومياوات سائق عجلة حربية وشقيقه وأميرة وتمساح صغير لهذا اللص في الزمن المُعاصر لإستعادة الخاتم.
يُقدم الفيلم مغامرة عائلية لطيفة، ويجمع بين سحر عالم المصري القديم وثقافة الواقع الحالي؛ هو رحلة في الزمن يقوم بها عدد من المومياوات في لندن المُعاصرة، وهُناك كثير من المواقف الضاحكة تنتج من تعامل المومياوات الحية مع وسائل العصر الحديث وأشخاصه.
المومياوات الأربعة: "نفر"، أميرة فرعونية تكره حياة القصور الصارمة، ولديها طموح في أن تُصبح مُغنية، و"تحوت" شاب مُحبط كان يومًا بطلًا لسباقات العربات الفرعونية، و"سخم" شقيق "تحوت" وهو طفل شديد الذكاء لديه قدرة على تعلم أى جديد، وتكتمل المجموعة بحيوان أليف، وهو تمساح صغير لا يبدو متوحشًا على الإطلاق.
هذه المجموعة من المومياوات تتعامل مع الزمن المعاصر وتُحاول التأقلم مع الواقع، ولكنها تُفسره حسب مُعتقداتها؛ فهم يظنون مثلًا أن صوت موظف خدمة العملاء بالإذاعة الداخلية لأحد المولات التُجارية هو صوت الإله رع يُرشدهم إلى طريق الخروج، وحينما يتعجب البطل ذات مرة حينما يكون الصوت الآلي لأُنثي تنظر الأميرة الفرعونية إليه بإستهجان، ولا يختلف موقفها عن موقف أى فتاة مُعاصرة تؤمن بالمساواة بين الجنسين.
قصة حب تقليدية!
الحبكة بسيطة ونمطية إلى حد ما، وهي عن اللورد "بارنابي" عالم الأثار الإنجليزي الشرير الذي يسرق الأثار الفرعونية، وملامحه مرسومة كأنه شرير من أفلام السينما الصامتة، وحينما يستولي على خاتم أثري تبدأ المواجهة بينه وبين "تحوت" الذي يبحث عن خاتم زواجه من الأميرة، والذي يعني ضياعه عقابه بإقتلاع عينيه وقطع لسانه، وتختلف دوافع الأميرة للهرب على السفينة التي يركب على متنها "تحوت" وشقيقه وتمساحهما الأليف؛ فهى تهرب من زواجها الذي دبره طائر أسطوري حط على منزل "تحوت"، ولزيادة تعقيدات الأحداث تجد نفسها في مُغامرة واحدة بصحبة نفس العريس الذي هربت منه.
قصة "نفر" و"تحوت" تقليدية وقدمتها السينما عشرات المرات، وأحداثها مُتوقعة إلى حد ما؛ فهى قصة زواج تفرضه العائلة على ثنائي ينفر كل منهما من الأخر ثم تضعهما الظروف في مواقف تقربهما من بعضهما البعض، وعبر تلك المواقف يكتشف كل منهما صفات تجذبه للأخر، وتكون أبرز إختلافاتهما هي عوامل إنجذابهما لبعضهما البعض؛ فـ"تحوت" شاب يعيش على ذكرى بطولات الماضي، وقد أفقده فشله مرة شغفه برياضته المُفضلة، وأصبح يخشى من السرعة ويفتقر إلى الثقة، ولا يرغب في بذل أى مجهود للزواج من الأميرة الجميلة "نفر"، وكل ما يهتم به هو الحياة الهادئة بعيداً عن المغامرة.
تأثير ثقافي وحضاري!
رسوم الفيلم جذابة للغاية، وهو يُقدم صورة جميلة لقُدماء المصريين سواء في واقعهم منذ ألاف السنين أو في مدينتهم الخيالية في الزمن الحاضر تحت الأرض، وينتقل بنعومة بين العالم الفرعوني الموازي إلى لندن المُعاصرة.
الفيلم يصنع كثير من المُفارقات والمُطاردات المثيرة، ويستخدم بذكاء الرموز التي تتعلق بالحضارة الفرعونية وتفاصيل الواقع الحالي للربط بين الماضي والحاضر؛ فالمركبة التي تحمل شعار حورس هى طائرة مصر للطيران، وتجول مومياوات في شوارع لندن بعيون المارة قد يكون دعاية لمسرحية غناية مثل أوبرا عايدة، وأغنية "Walk Like an Egyptian" التي قدمها فريق The Bangles في منتصف الثمانينيات تصدح في خلفية الفيلم وتُضيف لمسة مُعبرة عن عُمق التأثير الثقافي العالمي للحضارة المصرية القديمة.
الفيلم ليس إنتاج هوليوودي ضخم، وربما لا ينافس أعمال ديزني وبيكسار سواء في قوة الحبكة أو ضخامة الإنتاج، ولكنه عمل جيد الصُنع على مستوى التسلية، ويحمل كثير من العناصر الإيجابية الجذابة، وهو دراما رسوم متحركة عائلية مرحة، تستمد جاذبيتها من إقتباس تفاصيل الحضارة المصرية القديمة، وتقديمها بصورة بصرية مُحببة.
الصور من تريلر الفيلم وصفحته على تويتر