خاص "هي"- رسالة مهرجان كان 2023.. فيلم "Jeanne du Barry" جوني ديب يعود ملكًا
افتتح مهرجان كان السينمائي في دورته 76 فيلم "Jeanne du Barry" (جين كونتيسة باري) إخراج وبطولة الفرنسية مايوين، ويشاركها في الفيلم النجم جوني دِب، في الفيلم المأخوذ عن آخر محظيات الملك لويس الخامس عشر، والذي كان أحد الملوك الأخيرين في فرنسا قبل أن تطيح الثورة الفرنسية بهذا النظام. تظل القصص التي تدور في العالم السري للملوك في تلك الفترة مثيرة للمشاهدة، ليس فقط لتنوع الشخصيات نفسها، بل لكل ما يخص تلك المرحلة من ملابس وقصور وعربات وتقاليد. زار هذه الحقبة العديد من المخرجين العظماء، على اختلاف الدول التي دارت فيها أحداث أفلامهم، وقدم بعضهم دُررًا لا تنسى مثل "Barry Lyndon" (باري ليندون) لستانلي كوبريك، و "The Marquise of O" (ماركيز أو) لإريك رومير. فهل استطاعت مايوين أن تضع فيلمها ضمن تلك العناوين البارزة؟
فريق عمل مثير
لا يخفى على أحد القضية الشهيرة التي كان طرفيها جوني دِب وطليقته الممثلة آمبر هيرد والتي على إثرها تراجعت شعبية الفنان الذي كان أحد أكثر نجوم هوليوود تحقيقًا للإيرادات، وابتعدت عنه الاستوديوهات الكبيرة لحين انتهاء القضية. على الطرف الآخر، مايوين هي الأخرى ليست بعيدة عن المشكلات إذ اتهمها صحفي بمضايقته وازدراءه! رغم أن الكثير من المواقع قد سلطت الضوء على بطلي الفيلم من هذه الزاوية، فإن هذا لم يمنع المهرجان الأبرز من اختيار الفيلم ليفتتح فعالياته.
بالنسبة للنجم الأمريكي جوني دِب فإن الفيلم يعني الكثير، إذ هو أول أدواره المهمة بعد انتصاره في قضيته ضد طليقته، وبالتالي فهو يبحث عن العودة للأضواء مجددًا بعيدًا عن المحاكم. يلعب الممثل الأمريكي في الفيلم دور الملك لويس الخامس عشر، ويمثل بالفرنسية، وبالتالي فإن الدور بمثابة تحدٍ له، بجانب أن التواجد في مهرجان كان وفي فيلم الافتتاح تحديدًا هو فرصة مهمة له للتواجد مرة أخرى أمام الصحافة وبين صناع الأفلام.
مرحبًا بكم في القرن الثامن عشر
كما ذكرنا فإن هذه الفترة ممتعة للمشاهد، لكنها تضم الكثير من التفاصيل المرهقة بالنسبة لصناع الأفلام أنفسهم، وتحتاج عادة إلى ميزانية ضخمة، لتوفير الملابس والأكسسوارات المناسبة، بالإضافة للديكورات وأماكن التصوير التي يجب اختيارها بعناية لتنقل روح هذا العصر. نال الفيلم دعمًا من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وربما تعد هذه المرة الأولى التي نشاهد فيها شعار مهرجان عربيٍ كإحدى جهات الإنتاج الرئيسية في فيلم يفتتح مهرجان كان.
الاهتمام الذي يصبه المشاهد لهذه المرحلة يقابله أيضًا اهتمامًا من مخرجي هذا النوع من الدراما، لكن الأصعب على المخرج هو أن يصنع حالة بصرية مميزة مستفيدًا مما تتيحه هذه المرحلة، دون أن ينسى أن يصنع الفيلم نفسه، حتى لا تصبح المحصلة مجرد لقطات جميلة للعين دون وجود دراما.
منذ المشاهد الأولى تحاول مايوين (المخرجة) أن تركز على حكاية شخصيتها الرئيسية دون أن تنسى الحالة الجمالية. هكذا يمكننا أن نستمتع بصريًا بالألوان وديكورات وملابس الفيلم المميزة سريعًا. يستمر هذا الاستمتاع البصري الممتع حتى نهاية الفيلم، وتحاول فيه مايوين في الكثير من الأحيان صناعة لقطات جميلة، وعلينا القول أن هذا التناول الجمالي يساهم بشكل رئيسي من الاستمتاع بمشاهدة الفيلم الذي استقبل بطله بحفاوة كبيرة.
يبدأ السيناريو بعرض تفاصيل الشخصية منذ كانت طفلة وحتى أصبحت امرأة ناضجة، فنعرف أنها تعلمت القراءة وكانت شابة مختلفة ومتمردة لكن تمردها هذا أودى بها إلى أن تصبح بائعة هوى. لكن هذه العرض التفصيلي لحياة بطلة الفيلم يتجاوز لاحقًا تفاصيل أخرى أكثر أهمية، تخص تطور العلاقة بين الملك وجين، وهي العلاقة التي بدأت بانبهار الملك فجأة بجين من وسط مئات الموجودين في القصر، دون وجود توضيح المبرر لهذا الإعجاب. على هذا المنوال تسير أحداث الفيلم إذ نجد بعض التفاصيل المعتنى بتطورها وعرضها، وأخرى يمر الفيلم عليها سريعًا.
رغم هذا فإن الفيلم يحمل عوامل جذب كثيرة للمشاهدين، الذين سيجدون فيه قصة حب مثيرة، بالإضافة لبعض الشخصيات الثانوية التي سجلت حضورًا قويًا رغم صغر مساحتها، مثل مساعد الملك الذي قام بدوره بنجامين لافرين، والذي سجل أداءً يمكن القول إنه تفوق بسهولة على أداء بطلي الفيلم بعض الشيء، بينما بدت مايوين في بعض اللقطات وكأنها شابة تنتمي أكثر إلى وقتنا المعاصر منها إلى القرن الثامن عشر.
فيلم "Jeanne du Barry" يعتبر ملائمًا كفيلم افتتاح به بعض عناصر التميز.