أوجه التشابه والاختلاف بين حياة الأميرة ديانا وحياة الأميرة غريس
غريس كيلي أميرة موناكو الراحلة Princess Grace of Monaco وديانا أميرة ويلز الراحلة Diana, Princess of Wales، حياة كل منهما قد تبدو للوهلة الأولى وكأنها لا تحمل أي من أوجه التشابه بخلاف حقيقة أن كل منهما كانت شقراء جميلة تزوجت من رجل كان مقدر له منذ لحظة ميلاده أن يصبح على رأس السلطة في موطنه الأم، فالأولى كانت قبل زواجها ممثلة أمريكية ناجحة حصلت على جائزة الأوسكار وكانت في أوج نجاحها وشهرتها عندما اختارت التخلي عن هوليوود للزواج من الأمير رينيه الثالث Rainier III, Prince of Monaco أمير موناكو وقتها، أما الثانية فكانت بريطانية تنتمي لعائلة نبيلة ومع ذلك فلقد كانت شديدة الخجل وقليلة الظهور في المناسبات الاجتماعية وكانت تعمل أيضا في وظيفة عادية إلى حد كبير بالنسبة لأبناء الطبقة الأرستقراطية حيث كانت تعمل قبل زواجها من ملك بريطانيا المستقبلي وقتها، تشارلز الثالث King Charles III مدرسة حضانة.
هناك أيضا الفارق الكبير بينهما في العمر حيث تكبر غريس كيلي، ديانا بأكثر من ثلاثين عام، وحقيقة أن غريس كيلي بدت وكأنها لا تجد صعوبة كبيرة في التأقلم مع حياتها الملكية على العكس من ديانا، كما كان أن زواج غريس كيلي من الأمير رينيه جاء بعد قصة حب جمعت بينهما في حين أن زواج ديانا من تشارلز الثالث، كان أقرب إلى زواج مدبر، حيث تقدم تشارلز الثالث بطلب الزواج من ديانا بعد أن بدا من الواضح بالنسبة له أنه لن يتمكن من الزواج من المرأة التي يحبها والتي أحبها لسنوات وهي كاميلا شاند Camilla Shand (والتي أصبحت فيما بعد زوجته وتوجت بعدها بسنوات إلى جواره كملكة قرينة خلاف لتوقعات الكثيرين، وأصبحت تعرف بالملكة كاميلا Queen Camilla) لأنها لم تكن تنتمي لعائلة نبيلة بما يكفي لتكون زوجة ملكة بريطانيا المستقبلي، وبسبب إلحاح عائلته عليه وقتها للزواج، وتشجيعهم له على الزواج من ديانا والتي بدت بالنسبة لهم خيار مثالي كزوجة لملك بريطانيا المستقبلي.
الفروقات بين الأميرة غريس والأميرة ديانا لا تقتصر عند ذلك الحد حيث بدا زواج غريس كيلي والأمير رينيه زواج سعيد ومستقر للغاية بالنسبة للكثيرين في حين أن المتاعب والخلافات بدأت تهيمن على زواج ديانا وتشارلز الثالث بعد فترة وجيزة من زواجهما، وكما يعرف الجميع أيضا فإن غريس كيلي والأمير رينيه ظلا زوجين حتى وفاة غريس كيلي، في حين أن زواج ديانا وتشارلز الثالث انتهى بالطلاق ليصبح تشارلز الثالث أول أمير لويلز في تاريخ بريطانيا يحصل على الطلاق من زوجته.
ومع ذلك فإن حياة غريس كيلي والأميرة ديانا تتضمن أيضا عدد لا بأس به من أوجه التشابه والتي لا تقتصر على حقيقة أن كل منهما قد تزوجت من وريث العرش في موطنه أو حتى حقيقة أن كل منهما قد انتهت حياته بحادث سيارة مأساوي، فهناك أيضا أوجه تشابه خفية أخرى لم ينتبه إليها أو يعرفها الكثيرون مثل معاناة كل منهما الخفية مع الحياة الملكية ومن خيبة الأمل والخذلان من زوجها في مرحلة ما من زواجها.
وفي ما يلي مجموعة من أهم أوجه التشابه بين حياتي الأميرة ديانا والأميرة غريس:
زواج ملكي
التقت غريس كيلي بأمير موناكو رينييه الثالث في مهرجان كان السينمائي في أبريل 1955، وبعد علاقة رومانسية استمرت لعام واحد فقط، تزواجا في احتفال زفاف ملكي مبهر أقيم في إمارة موناكو في عام 1965، وكان حديث الكثيرين وقتها.
زواج تشارلز الثالث والأميرة ديانا كان أيضا خلال عام من مواعدة تشارلز الثالث لديانا كشريكة حياة محتملة، ففي حين أن لقاء تشارلز الثالث، بديانا للمرة الأولى كان خلال زيارة له لمنزل عائلة سبنسر النبيلة (والتي تنتمي إليها ديانا) في نوفمبر 1977، إلا أنه لم ينظر إلى ديانا باعتبارها مرشحة لتكون شريكة حياته المستقبلية إلا في صيف عام 1980 حيث بدأ في مواعدتها بنية الزواج منذ ذلك الوقت وحتى في فبراير عام 1981، عندما تقدم بطلب الزواج منها، بعد إلحاح من عائلته، ليتزوج الاثنان في احتفال ملكي مبهر وصف وقتها بزفاف القرن، وأقيم في يوليو من نفس العام.
تفاني في العمل الخيري
من بين أوجه التشابه الشهيرة الأخرى بين الأميرة ديانا والأميرة غريس، تفاني كل منهما في العمل الخيري، ورعاية كل منهما للعديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية، وخاصة تلك المعنية بالصحة ورعاية الأكثر فقرا واحتياجا، والأطفال، فمثلا، كانت الأميرة غريس خلال حياتها كأميرة تعمل كراعية للصليب الأحمر في موناكو ومؤسسة Rainbow Coalition Children للطفولة، أما الأميرة ديانا فعملت خلال حياتها كأميرة مع حملة الصليب الأحمر البريطاني لمكافحة الألغام الأرضية المضادة للأفراد كما اشتهرت أيضا بدعمها للمرضى الذين يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز.
خيانة زوجية
من المعروف أن الأميرة ديانا عانت من الكثير من الحرج والألم بسبب حب زوجها لامرأة أخرى قبل وأثناء زواجهما، خاصة بعد أن تسربت أنباء عودته لحبيبته السابقة، وخيانته لها لوسائل الإعلام، وهو ما جعل الأميرة ديانا أيضا تخون زوجها مع رجل آخر أثناء زواجهما وهو الضابط العسكري جيمس هيويت James Hewitt وازاد الأمر سوء بعد أن تسربت أنباء خيانة ديانا لتشارلز لوسائل الإعلام واعتراف ديانا العلني بخيانتها لزواجها في مقابلتها التلفزيونية الشهيرة مع برنامج بانوراما على شبكة بي بي سي في عام 1994، والتي قيل أنها كانت أحد أهم الأسباب التي جعلت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II تقرر أن زواج ابنها الأكبر تشارلز الثالث والأميرة ديانا لم يعد من الممكن استمراره، مما ساهم في إنهاء ذلك الزواج بالطلاق في سابقة هي الأولى من نوعها بالنسبة لولي عهد بريطاني.
كل ما سبق أمر يعرفه جميع متابعي أخبار العائلات الملكية ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون إن زواج الأميرة غريس كيلي والأمير رينيه كان يخيم عليه أيضا شائعات الخيانة حيث قيل إن الأمير رينييه خان زوجته الأميرة غريس مع نساء أخريات في غضون شهر من زواجهما تاركا زوجته "تشعر بإهانة وتعاسة بالغة" وذلك وفقا لما أكدته الخبيرة المتخصصة في الشئون الملكية، والكاتبة ويندي لي Wendy Leigh، في كتابها الشهير عن حياة الأميرة غريس، True Grace: The Life and Times of an American Princess.
معاناة صامتة
من المعروف أن الأميرة ديانا قد وجدت معاناة كبيرة في التأقلم مع الحياة الملكية، إلا أن معاناتها مع الحياة الملكية والعزلة والوحدة، كانت معظم الوقت صامتة ولم يتم الكشف عنها إلا في السنوات الأخيرة من زواجها ومن حياتها، ويبدو مما قالته الأميرة ديانا عن لقائها مع الأميرة غريس، خلال حفل موسيقي في قاعة جولدسميث في عام 1981 فإن الأخيرة كانت تعاني أيضا من متاعب مشابهة في صمت.
الأميرة ديانا تحدثت عن ذلك في الشرائط المسجلة التي أرسلتها لكاتب سيرتها الذاتية أندرو مورتون Andrew Morton (وهو الكتاب الشهير Diana: Her True Story – In Her Own Words)، وقالت عن لقائها بالأميرة غريس: "أتذكر لقاء الأميرة غريس وكم كانت رائعة وهادئة - ولكن كانت هناك متاعب خفية وراء كل هذا، كان يمكنني أن أشعر بهذا".
الأميرة غريس، استشعرت أيضا في ذلك الوقت معاناة ديانا الخفية، وذلك وفقا لما قالته ديانا أيضا في شرائطها المسجلة لسيرتها الذاتية حيث كشفت عن أن الأميرة غريس والتي كانت تبلغ من العمر وقتها 52 عام، اصطحبت ديانا جانبا خلال لقائهما في الحفل، وأجرت معها محادثة خاصة في الحمام استمعت خلالها الأميرة غريس بمتاعب ومخاوف الأميرة الشابة ديانا قبل أن ترتبت على خديها بود وتقول وتنصحها بألا تقلق وتتوتر لأن ذلك سيزيد الأمر سوء.
وفاة في حادث سيارة مأساوي أحاطت بها الكثير من الشائعات
في سبتمبر 1982 نقلت الأميرة غريس كيلي إلى المستشفى بعد إصابتها في حادث سيارة مروع بينما كانت تقود سيارتها وبجانبها ابنتها الصغرى الأميرة ستيفاني Princess Stephanie، في طريقهما للعودة إلى موناكو، بعد قضائهما لعطلة عائلية في فرنسا، الأميرة غريس توفيت في اليوم التالي للحادث نتيجة لإصاباتها البالغة جراء الحادث، في حين تعافت ابنتها من إصاباتها في الحادث بعد تلقيها لعلاج مكثف في المستشفى لبعض الوقت مما تسبب في غيابها عن حضور جنازة والدتها الأميرة غريس والتي حضرتها الأميرة ديانا وظهرت فيها دامعة العينين.
في حين أن قصر الأمير في موناكو كشف في وقت لاحق عن أن الحادث قد وقع بسبب فقدان الأميرة غريس السيطرة على سياراتها أثناء قيادتها للسيارة وانزلاق السيارة من على منحدر، بسبب إصابة الأميرة غريس بسكتة دماغية أثناء قيادتها للسيارة إلا أن الكثير من الشائعات أحاطت بالحادث حيث قيل إن الأميرة ستيفاني كانت هي من يقود السيارة وتسببت في الحادث وأن القصر يحاول إخفاء ذلك، وقيل أيضا أن حادث السيارة كان حادث مدبر من قبل أشخاص نافذين يحملون ضغينة للأمير رينيه والعائلة الحاكمة لإمارة موناكو.
الأميرة ديانا انتهت حياتها أيضا بحادث سيارة مروع خلال عطلة في فرنسا حيث توفيت الأميرة ديانا بعد فترة وجيزة من نقلها للمستشفى إثر حادث سيارة مروع بعد أن اصطدمت سيارة كانت تقلها بنفق شهير في العاصمة باريس في أغسطس 1997، أثناء محاولة قائد السيارة الهروب من مطاردة مصوري الباباراتزي، وأحيط حادث وفاة الأميرة ديانا أيضا بالكثير من الشائعات حيث قيل إنه حادث سيارة دبرته العائلة المالكة البريطانية عمدا للتخلص من الأميرة ديانا، وزاد من انتشار هذه الشائعة ما قالته الأميرة ديانا لمقربين لها (وهو ما كشفت عنه تحقيقات لسكوتلانديارد بشأن الحادث في وقت لاحق)، عن تخوفها من تدبير زوجها السابق تشارلز الثالث لقتلها في حادث مدبر حتى يتمكن من الزواج دون مشكلات فيما بعد.