خاص "هي": فيلم "مرعي البريمو".. التوقف على حافة النجاح
لا يوجد أي شك في قدرة محمد هنيدي الكوميدية وإمكاناته كممثل موهوب، وإذا جاز التعبير هو بلا شك واحد من أهم النجوم الشباك في مصر، وصاحب الشعبية الجارفة، لكن هذه المقومات على الرغم من ذلك يحدها بشكل كبير اختياراته كممثل وكوميديان، وعدم تعامله بالشكل الأمثل مع قدراته واخفاقه لحد كبير في إدارة هذه الموهبة، الأمر الذي يبدو جليا في أعماله الأخيرة بدرجات متفاوتة واحدثها فيلم "مرعي البريمو" الذي يكشف لحد كبير أزمة محمد هنيدي ومعها أزمة كوميديانات الالفيه الجديده الذين يتشبسون حتى الآن بحبال النجاح بناء على ما قدموه سابقًا لا على حقيقة منجزهم، لهذا يظل النجوم من الجيل السابق هم أصحاب السطوة وإثبات أنفسهم وسط المنافسه الشديده.
"مرعي البريمو" التوقف على حافة النجاح
يتجلى في "مرعي البريمو" كافة احباطات الجمهور في تلقي أعمال هذا الجيل، ما بين الحب الجارف من قبل الجمهور لهم ككوميديانات وفي الوقت نفسه تراكم الخيبات من هذا الجمهور بعد صدور أعمال جديدة لهم، ومحمد سعد وأحمد حلمي أكبر نموذجين على ذلك، فمع إيرادات بعضًا من أفلامهم الضخمة التي تؤكد على حب الجمهور لما يقدموه، إلا أن المنجز الفني نفسه أتى متواضعًا، ومع التراكمات وتكرار الإحباط فى معظم الأعمال يبتعدوا شيئًا فشيئًا عن صدارة شباك التذاكر وتضمر تجربتهم ولا تتحول لمشروع كما حدث مع من سبقوهم.
ومع مرور الوقت وتوالي الأعمال بنفس المستوي يكون الرهان على العودة القوية ضعيفًا وتتضاءل الفرص يومًا بعد يوم ومعه تبتعد نجومية شباك التذاكر وهو ما حدث بالفعل فى حالة محمد سعد. لكن محمد هنيدي ما زال قادرًا على التواجد ولم يفقد لمسته ولا قبوله ككوميديان ونجم شعبي، لكن أيضًا اختياراته في من يتعاون معهم أدت بالفيلم الأحدث والذي كان يراهن عليه هنيدي كثيرًا فى الحفاظ على مكانته ككوميديان وسط المنافسة الشديدة، بالذهاب إلي نفق مظلم بعد أن بدأ بداية مبشرة، وما أن مرت الدقائق الأولى من زمنه، تحديدًا بعد المشهد التعريفى بالشخصيات ونزول مرعي (محمد هنيدي) إلى محل عمله حتى تفكك الفيلم تماما مع تكرار الشخصيات التى يبيع لها البطيخ والتى ضمت أخطاءً فادحة فى "الراكور" تظهر بسهولة لأي عين تشاهد الفيلم، ثم يذهب الفيلم للأسوأ فى كل دقيقة تمر من زمنه، ليظهر بشدة إفلاس إيهاب بليبل السيناريت، وقلة حيلة سعيد حامد المخرج أمام الفيلم وكأن الإخفاق الكبير في إدارة الفيلم والخروج به لبر الأمان هو مؤشر على حالة الإفلاس التي تكلل جيل الكوميديانات الجدد بأكملة كون سعيد حامد كان عرابًا لمعظهم فى الأفلام التى أخرجها، خاصة أن هذه العودة تنتقص بشدة من تاريخ سعيد حامد الفنى وتكشف إلى حد كبير عدم قدرته على المواكبة وعدم تحكمه فى أدواته كمخرج فى هذا الفيلم، وذلك على الرغم من جودة الفكرة المنسوبة إلى هنيدي نفسه.
فكرة الفيلم تتركز حول الشخصية الأساسية فيه وهي مرعي، اليتيم الذى لا يعرف أهله، ويفتقد حنين التواجد وسط أسرة وهو الأمر الذي يعوضه بالنسبة له إلى حد ما عائلة زوجته، ومع ظهور هذه العائلة وتسلمه لميراثه هو واختيه وصراع زوجيهما على الميراث والرغبة في الاستحواذ على الثروة بسلوك إجرامي، إنطلاقًا من الفكرة نجد أن هناك مقومات كثيرة من الممكن أن تصنع سيناريو جيد فى أقل الاحتمالات شريطة وجود سيناريست محترف -وهو الشيء الذى لم يتحقق والسبب صاحب النسبة الأكبر فى ضعف الفيلم فنيًا- وبتواجد مخرج محترف - وهو ما لم يحدث أيضًا- بالتأكيد سيكون للفيلم شأنًا آخر وبشكل إيجابي خاصة مع ظروف صناعة السينما المصرية العليلة فى الوقت الحالي.
إلى جانب هنيدى وفكرته، من العناصر الايجابية أيضًا فى الفيلم وجود فريق من الممثلين الموهوبين ومن أجيال وخلفيات فنية وخبرات مختلفة، لكن وجودهم كان بلا فائدة حيث لم يخدم الحوار وجودهم وكذلك السيناريو حيث جاء الترابط بينهم ضعيفًا وبالتالى كانت المواقف والتفاعلات فيما بينهم صفر، وهو الفريق الذي من النادر أن يجتمع بهذا الشكل من أحمد بدير ولطفي لبيب ومحمد محمود ومحسن منصور وعلاء زينهم وعلاء مرسى ومصطفى أبو سريع وأحمد سلطان ونانسي صلاح ونيللى محمود ولم يهتم السيناريست برسم الشخصيات وترابطها إلى جانب التهميش المتعمد والواضح للطفي لبيب وعلاء زينهم وعلاء مرسي الذين خلى الفيلم تقريبًا من جمل حوارية لهم.
كل هذا إلى جانب وجود غادة عادل فى البطولة النسائية ولم تظهر لمسة سعيد حامد فى توجيه الممثلين أو حتى تدارك عيوب السيناريو الواضحة، مع أن نصف هذا الفريق كافى جدًا لإنجاح أي عمل كوميدي عند تكامل ترابط عناصر العمل، هذا بالطبع مع وجود أنجي علي فى الفيلم والتي لا تمتلك أي مقومات للتواجد على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة من الأساس ووجودها فى "مرعي البريمو" ثقيلا بلا ملامح كمجاملة فجة وتتخطى امكاناتها وأحقيتها في فرض نفسها كممثلة أو ضيفة شرف.
"مرعي البريمو" هو الفيلم الذى يملك كل المقومات التي تؤهله لأن يكون ناجحًا وجماهيريا لكن صناعه اختاروا الإخفاق عمدًا، مشهد محمد هنيدي فى حمام منزل الشخصية بلا غطاء رأس أو شعر مستعار يحرك فمه على كلمات أغنية عبد الباسط حمودة "أنا مش عارفني" تعبر بشدة عن هذه الحالة، وتحمل شجانًا يؤكد أن ما مضى لن يعود مهما حاول النجم أن يكرره فالزمن يمضي والتطور يكبر ويتوسع معه، وإذ لم يواكب النجم هذا التطور يفقد أرضه الصلبة، وساعتها لن يفيد إستعادة مشهد يضم أفيه شهير له يذكر الجمهور بالمكانة السابقة ولا التعاون مع صانع النجاح الأول سيفيد بدوره.
على هنيدي أن يلحق القطار وينظر لما هو قادم لا يتمسك بماضي، ولنا فى إدارة النجمين الكبار فريد شوقى وعادل إمام لصورتهم وموهبتهم بشكل ناجح لعشرات السنوات وسط منافسة ضخمة مكنتهم من الاستمرار كبار أسوة يجب دراستها والتعامل معها كمنهج فى الحفاظ على النجاح والنجومية.
مصدر الصور من مكتب العلاقات العامة للفيلم.