من هو الملك الأوروبي الذي كاد أن يغرق بعد أسبوع من تتويجه؟
عادة ما ترتبط مراسم تتويج الملوك بالاحتفالات الضخمة التي تحتفل ببداية عهد ملكي جديد والتي يقوم خلالها أيضا الملك الجديد بتقديم نفسه رسميا، كملك أمام شعبه، إلا احتفالات تتويج أحد ملوك أوروبا، منذ ما يزيد عن قرنين من الزمان، كادت أن تتحول من احتفالات بداية عهد ملكي جديد إلى عزاء ضخم وحداد عام، والسبب هو أن الملك المتوج الجديد كاد أن يموت غرقا بعد أيام قليلة من تتويجه ملكا.
ملك النرويج والسويد
من نتحدث عنه هو الملك كارل يوهان Karl Johan ملك النرويج والسويد منذ 205 عام، عندما كانت السويد والنرويج لا تزالان مملكة واحدة، الملك كارل يوهان، والذي عرف رسميا باسم الملك كارل الرابع عشر يوهان Karl XIV Johan، حكم النرويج والسويد، لأكثر من أربعين عاما، ووصفه المؤرخون بأنه واحد من أهم ملوك بلدان الشمال الأوروبي، والمثير للاهتمام أنه لم يكن ينتمي إلى عائلة ملكية عرقية أو نبيلة، لكنه جاء من أصول متواضعة في فرنسا قبل أن ينتهي به المطاف كجنرال في جيش نابليون Napoleon، وبفضل ذلك عرض عليه عرش السويد بعد انقلاب عسكري أطاح بالسلطة الحاكمة في البلاد في ذلك الوقت، قبل أن يفوز أيضا بعرش النرويج خلال حرب في عام 1814.
الملك الذي كاد يموت غريقا بعد أسبوع واحد من تتويجه
ومع ذلك، كاد عهد الملك كارل الرابع عشر يوهان أن ينتهي بحادث مأساوي قبل أن يبدأ، فبعد سبعة أيام فقط من تتويجه رسميا ملكا على النرويج في عام 1818، كاد الملك كارل يوهان أن يموت غرقا في نهر صغير، القصة بدأت أثناء قيام الملك كارل يوهان برحلة من مدينة روروس Røros (وهي مدينة تعدين شهيرة)، عبر وادي أوستيردالين vally of Østerdalen والذي عبره بأكمله في يوم واحد فقط بموكبه الملكي الذي يتضمن عربته الملكية الخاصة التي يجرها الخيول، وبعد عبوره للوادي، أمضى الليلة التالية في مزرعة بيورنيبي farm Bjørnebye في منطقة سولور Solørوهي منطقة زراعية في شرق النرويج تشتهر بتربتها الخصبة.
بعد أن قضى الملك كارل يوهان ليلته في مزرعة Bjørnebye (وهو ما كان سبب في تحول المزرعة إلى مزار سياحي، ولا يزال يمكن لزوارها زيارة الغرفة التي قضى فيها كارل يوهان ليلته، والتي تعرف حاليا باسم "غرفة الملك")، غادر المزرعة في يوم في 14 سبتمبر 1818، واتجه جنوبا حتى وصل إلى المدينة المعروفة باسم فليسا، وكان عليه وقتها عبور نهر فليسن. لم يكن هناك جسر وقتها يمر عبر النهر، لذلك كان لا بد من نقل الملك كارل يوهان، وولي العهد الشاب، الأمير أوسكار Crown Prince Oscar عبر النهر في العبارة الصغيرة التي كانت هناك.
كارل يوهان لم يرغب في الوقوف على العبارة الصغيرة، لذلك جلس في عربته التي كانت على شكل مظلة والتي نقلت الملك طوال الطريق من ستوكهولم، ولذلك لم يكن هناك على العبارة سوى الملك وعربته التي يجرها حصان والتي سافر بها من ستوكهولم، وسائق العبارة، ويدعى أولي سباربي إساكسوتر Ole Sparby Isakssæter، وفي منتصف الطريق عبر النهر الهادئ، فقدت العبارة توازنها وانقلبت، ليسقط كل من عليها وما عليها في النهر، بما في ذلك كارل يوهان وعربته وخيوله، كارل يوهان لم يكن سباحا جيدا بأي حال من الأحوال وكان يكافح من أجل البقاء فوق الماء، لذلك بدأ يغرق أمام الحشود التي تجمعت على جانبي النهر.
وبينما كان الناس يراقبون في رعب الملك كارل يوهان وهو يوشك على الغرق، سبح عامل العبارة أولي باتجاه كارل يوهان وأمسك به بقبضة قوية، ثم قام بسحبه والسباحة في اتجاه شاطئ النهر، واستطاع في النهاية إنقاذ الملك كارل يوهان من الغرق، وهو ما جعل له الملك ممتنا له للغاية، لأن مخزون الملك كارل يوهان من الهدايا الثمينة التي كان يحملها لتوزيعها خلال رحلته كان قد نفذ، بحث الملك كارل يوهان في العملات المعدنية التي كان يحملها معه، وقدم لأولي أكبر عملة ذهبية كان يحملها معه وقتها على سبيل الشكر، وظلت هذه العملة إرث عائلي تتوارثه الأجيال في عائلة أولي، حتى تمت سرقتها في عام 2012.
ماذا كان سيحدث لو كان كارل يوهان قد مات غرقا وقتها؟
وهكذا استطاع عامل العبارة أولي سباربي أن ينقذ حياة الملك كارل يوهان، ولولاه لكان حكم كارل يوهان للسويد والنرويج قد انتهى نهاية مأساوية خلال رحلته في سولور في ذلك اليوم، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يغير تماما ميزان القوى السياسية في أوروبا بالكامل في ذلك الوقت حيث كان ليتولى الحكم خلفا لوالده، ولي العهد الأمير أوسكار، والذي كان يبلغ من العمر وقتها 19 عام، ولكن هذا لم يحدث، وانتهى الأمر بملك النرويج والسويد المولود في فرنسا، كارل يوهان كارل يوهان بالنجاة في ذلك اليوم من الغرق، ومواصلة رحلته إلى قلعة Kongsvinger.
الملك كارل يوهان واصل فترة حكمه للسويد والنرويج حتى وفاته في عام 1844، وبعد وفاته تم إعلان ابنه أوسكار، ملكا للسويد والنرويج، وأصبح يعرف منذ ذلك الحين، بالملك أوسكار الأول King Oscar I واستمرت فترة حكمه للسويد والنرويج من 1844 حتى وفاته عام 1859.