في ذكرى الممثلة إنجريد برجمان.. نجمة أحبتها الكاميرا وألهمت حياتها بعض أفلام هوليوود!
أحبت الحسناء الأنيقة مصور الحروب المشهور، وكانت تزوره بإنتظام طوال فترة إصابته بكسر في ساقه، وتُسري عنه بقائه الإضطراري في المنزل. دارت بينهما نقاشات بجوار النافذة الخلفية لغرفة مكتبه؛ هى تسعى لعلاقة حب وإرتباط مُستقرة، وهو يسعى للسفر والتنقل في مناطق مضطربة. لاحقًا شهد من النافذة أحداثًا تُثير شكوكه في جريمة قتل مُحتملة لجارته، وإنشغل الثُنائي بالتحقق من الأمر. هذه حبكة فيلم "Rear Window" "النافذة الخلفية"، بطولة "جريس كيلي" و"جيمس ستيوارات"، وبإستثناء حبكة جريمة القتل يُقال أن المخرج "ألفريد هيتشكوك" إستلهم الخط الرومانسي في الفيلم من قصة الحب التي جمعت بين الممثلة العالمية "إنجريد برجمان" ومصور الحروب المجري "روبرت كابا" في منتصف الأربعينيات.
صدمات الطفولة!
النجمة السويدية الأصل (29 أغسطس 1915- 29 أغسطس 1982) إلتقت "روبرت كابا" أثناء جولة لها لدعم القوات الأمريكية في أوروبا، ووقعت في غرامه، وحرصت أن تبقى علاقتهما سرًا؛ فقد كانت لا تزال متزوجة من جراح الأعصاب السويدي "بيتر ليندستروم"، وقد سافر "كابا" إلى هوليوود ليبقى بجوار محبوبته، وإنتهت العلاقة بعد فترة قصيرة بعد إنتقال "كابا" إلى تركيا في مهمة عمل جديدة.
حياة "إنجريد برجمان" العاطفية لم تكن مُستقرة؛ فقد كانت جميلة ومرغوبة وكانت تبحث عن علاقة حب تمنحها الدفء والأمان، ولكن مشاعرها سريعًا ما تفتر وتنتقل إلى قصة حب جديدة؛ وكأنها تهرب من الحب والعلاقات المُستقرة؛ ربما بسبب فُقدانها المبكر للأم ثم الأب، ولا حقًا الخالة التي تولت تربيتها في مرحلة المراهقة.
ولدت "إنجريد برجمان" عام 1915 في العاصمة السويدية "ستوكهولم"، وأطلق عليها والدها المصور الفوتوغرافي "جستوس بيرجمان" إسم "إنجريد" تيمنًا بإسم أميرة سويدية، وكانت "إنجريد" وحيدة والديها، وقد فقدت أمها وعمرها أقل من ثلاثة أعوام، وبقيت بصحبة والدها، وتعلمت منه الكثير عن التصوير الفوتوغرافي، وأحبت الكاميرا، وبادلتها الكاميرا الحب.
البدايات السويدية!
كانت الطفلة "إنجريد" أكثر موديل حظي بإهتمام والدها "جوستوس"، وقد وثق العديد من لحظات طفولتها ومُراهقتها بعدسته، وبعض هذه اللحظات كانت بكاميرا سينمائية صغيرة، وحينما بلغت 14 عامًا فقدت والدها نتيجة مُضاعفات سرطان المعدة، وإنتقلت للعيش مع خالتها التي لم تتزوج "إلين"، وقد رحلت الخالة بعد ستة شهور بسبب مرض في القلب، وإنتقلت "إنجريد" للعيش مع خالتها الأخرى "هولدا" وزوجها وأبنائهما الخمسة.
لم تكن "إنجريد" تلميذة نابغة، ولم تكن شخصية مشهورة في مدرستها، ويُمكن أن نشعر من إستعراض سنواتها الأولى أنها كانت فتاة أقل من عادية، بلا موهبة خاصة سوى جمالها الآخاذ وحبها للتمثيل.
وجدت "إنجريد" نفسها وحيدة في مواجهة الحياة، وظلت داخلها الرغبة الدائمة في لفت الأنظار، ووقفت أمام كاميرات السينما في عدة أفلام سويدية كواحدة من المجاميع، وبدأت مساحات أدوارها تزيد ووصلت إلى البطولة المُطلقة، ولفتت نظر المنتج الأمريكي "ديفيد أو. سيلزينك"، وطلب منها عام 1939 تجسيد دور البطولة في فيلم مُقتبس عن الفيلم السويدي "Intermezzo" وكان الأمر سهلًا بالنسبة إليها؛ فقد كانت تُعيد تجسيد أول بطولة قامت بها في السينما السويدية.
الطريق إلى هوليوود!
حينما إنتقلت إلى هوليوود بعد نجاحها في السينما السويدية وجدت نفسها نجمة عالمية مرموقة، وواحدة من أيقونات الجمال والتمثيل في العالم، وعملت مع مخرجين كبار؛ مثل "هيتشكوك" و"جورج كوكور" و"مايكل كورتيز" وغيرهم، ووقفت أمام كبار نجوم هوليوود؛ منهم "كاري جرانت" و"همفري بوجارت" و"جريجوري بك" وأخرين، وخلال حقبة الأربعينيات كانت "إنجريد" شابة في منتصف العشرينيات، وقامت ببطولة عدد من الأفلام الأيقونية؛ منها قصة الحب المستحيل في زمن الحرب " "Casablanca"كازابلانكا" 1942، ودراما العنف الأسري "Gaslight" "مصباح الغاز" 1944، وفيلم الجاسوسية "Spellbound" "المسحورة"، والدراما النفسية "Notorious" "سيئة السمعة" 1946، وهذه الأفلام وغيرها كانت تدور في أجواء رومانسية قلقة، وكأنها تعكس ملامح من حياتها الرومانسية الغير مُستقرة.
كانت المرأة الساحرة التي تأسر الرجال بجمالها، ويستغلونها هم بصورة أو أخرى؛ ففي فيلم "كازابلانكا" ظن البطل أنها تلاعبت بعواطفه وهجرته من أجل بطل في المقاومة الفرنسية ضد النازية، وكان الأمر سوء تفاهم شديد التعقيد، وفي "المسحورة" كانت تعمل جاسوسة لصالح الأمريكان، وكان عليها أن تصل إلى أخر مدى مُمكن لتحظى بثقة أحد رجال النازية الكبار، وتطلع على مُخططاته السرية، وفي نفس الوقت عليها إخفاء حبها للعميل الأمريكي المشرف عليها، وهى أيضًا الطبيبة التي وقعت في حب مريض بفقدان الذاكرة، ومتهم بجريمة قتل، وحافظت على سره حتى تكشف حقيقة ما حدث، وفي "مصباح الغاز" كان زوجها يتلاعب بعقلها كي يدفعها إلى الجنون.
الخريف والرحيل!
قصص الحب التي كانت تؤديها على الشاشة تحمل سحر وعذوبة رومانسية، ومرارة الواقع وتلاعب بالعقول، وحياتها العاطفية كانت مزيج من الحب والهجر والخيانة، ولم تكن حياة أسرية مُستقرة تمامًا؛ وكانت زيجاتها محطات مضطربة؛ وكأنها ليست على يقين أن قرار الزواج والإنجاب هو الإستقرار الحقيقي المنشود، وبعض بناتها صرحن بمرارة بعد وفاتها بسنوات طويلة أنها لم تكن تبقى بجوارهن طويلًا، وكانت دائمة التنقل والإنشغال بعملها، وتركتهن في سنوات تكوينهن الأولى سعيًا وراء الشهرة، وهربت بصحبة المخرج "روبرتو روسليني".
رحلت "إنجريد برجمان" يوم 29 أغسطس عام 1982، وكان يوم عيد ميلادها رقم 67، وقد عانت في أخر 8 سنوات من حياتها من سرطان الثدي، ولكنها كانت نشطة فنيًا، وقدمت خلال هذه السنوات عدد من الأدوار، أبرزها دور جريتا أولسون في فيلم Murder on the Orient Express "جريمة في قطار الشرق السريع" 1974، ودور شارلوت عازفة البيانو العالمية في فيلم Autumn Sonata "سوناتا الخريف" 1978، وشارلوت إمرأة غريبة الأطوار وعانت في طفولتها، وتزور إبنتها إيفا "ليف أولمان" بعد سنوات من الإبتعاد، وإيفا على عكس أمها؛ زوجة تعيش حياة مُستقرة وهادئة ومُخلصة لعائلتها. الفيلم كتبه وأخرجه "إنجمار برجمان"، وكان أخر دور مثلته "إنجريد برجمان"، وقد صُدمت حينما قرأت السيناريو لأول مرة؛ ففيه كثير من التشابه مع قصة حياتها، ولكنها قبلت أداء الدور كأنه إعترافًا مُستترًا، أو مُحاولة أخيرة للتكفير عن ذنوب قديمة.
مصدر صور إنجريد برجمان من ارشيفها التلفزيوني ومن حسابات الفانز على انستغرام.