كيف تفوق سوبر ماريو على توم كروز؟ حواديت سينما الخيال الطفولي تحصد مليارات شباك التذاكر!
الخيال هو وقود السينما؛ هذا ما تؤكده أرقام إيرادات شباك التذاكر المليارية الهوليوودية، وأرصدة شركات الإنتاج الأمريكي التي أصبحت تنافس أرصدة عم دهب في البنوك. العدد الأكبر من جمهور السينما في العالم يذهب إلى دور العرض بحثًا عن عالم خيالي طفولي يُخفف وطأة الواقع العالق في ضباب الأزمات الإقتصادية، ودخان الحروب، وهُراء السوشيال ميديا ووحشيته. يبحث جمهور قاعات العرض عن عالم بسيط ولطيف وملون يملأ شاشات العرض العملاقة، ربما يجد فيه بعض من خيال حواديت الطفولة المفقود.
عودة جمهور قاعات العرض!
قراءة عناوين الأفلام التي كسرت حاجز المليار دولار خلال العام الجاري يُحدد مؤشرات خريطة موضوعات الأفلام المستقبلية لهوليوود، ورغم تنوع أعمال السينما الأمريكية، وتحقيق الأفلام الدرامية ذات الموضوعات الجادة الجوائز المرموقة والإشادات النقدية، لكن الجمهور يقبل أكثر على سينما الخيال، ويسعى لمُشاهدتها داخل القاعات الفخمة على شاشات العرض الكبيرة، ويقف طوابير طويلة ليفوز بتذكرة تمنحه ساعات قليلة من المتعة والخيال، وكلما زاد إقبال الجمهور على أفلام الخيال، كلما زادت ميزانيات إنتاج هذا النوع. في قائمة أكثر خمسين فيلما تجاوزت إيراداتها مليار دولار لا يوجد فيلم واحد ينتمي لأجواء الدراما الجادة أو الواقعية.
منذ بداية وقائع وباء كورونا وهوليوود تُخطط للعودة بقوة؛ فالسينما التي شكلت وجدان العالم منذ ظهورها لن تستسلم بسهولة، وشركات الإنتاج كانت تُدرك أن تداعيات الوباء مؤقتة وخسائره لن تُضاهي خسائر إقتطاع المنصات الرقمية جزء هام من تورتة إيرادات الأفلام.
بدأ الرهان على تقديم المزيد من سينما الأكشن والإبهار البصري التي لا تكتمل مُتعة مشاهدتها إلا في قاعات السينما، وتصدر المشهد خلال السنوات القليلة الماضية كواليس إنتاج الجزء الجديد من سلسلسة أفلام "مهمة مستحيلة" بطولة "توم كروز" الذي كان يرفع سقف المجازفات الخطرة، وتم إستدعاء "هاريسون فورد" (81 عامًا) من على عتبة نادي الإعتزال ليقدم بطولة الجزء الأخير من سلسلة "إنديانا جونز"، وإنضمت أجزاء أفلام مثل John Wick: Chapter 4 "جون ويك 4" لمعارك الأكشن التي لا تخضع لمنطق الواقع، وعادت سيارات المطاردات السريعة في فيلم "Fast X" "سريع وغاضب 10" أكثر سرعة وغضبًا، وهذه الأفلام وغيرها كانت أسلحة هوليوود الأقوى في خطة العودة تحت عنوان إنتاج أجزاء جديدة من أعمال مضمونة ونجحت سابقًا.
باربي تكتسح ولكن!
تضمنت الخطة نوعيات أخرى من الأفلام؛ مثل نسخة ديزني "عروس البحر" ذات البشرة السمراء، وفيلم الرسوم المتحركة Elemental "العناصر" ونتابع فيه قصة حب غريبة بين عنصر الماء وعنصر النار، وبالتأكيد تقف الحقيقة الفيزيائية عقبة في طريق هذا الحب، ويُقدم المخرج "كريستوفر نولان" نوعية أخرى من الفيزياء؛ إذ يعرض قصة الرجل الذي صنع القنبلة الذرية في فيلم "Oppenheimer" "أوبنهايمر".
جميع الأفلام المذكورة في السطور السابقة حققت إيرادات كبيرة في شباك التذاكر، ولكنها لم تتجاوز حاجز المليار دولار كما فعلت أفلام أخرى؛ مثل "Barbie" "باربي"؛ وهو فيلم خيالي عن الدُمية المشهورة ورحلتها من عالم الألعاب إلى عالم البشر، وجسد الشخصيات "مارجو روبي" و"ريان جوزلينج"، وقدمت مُخرجته وكاتبته "جريتا جرويج" الكثير من أفكار الصوابية السياسية والنسوية المُعاصرة، وصدق أو لا تصدق؛ حظيت تلك التركيبة بإعجاب الجمهور، وحصد الفيلم مليار و341 مليون دولار حتى الآن، وقد يظن البعض ومنهم دعاية شركة الإنتاج أن "باربي" هو الفيلم "نمبر وان" في شباك تذاكر عام 2023، ولكن الحقيقية أنه أصبح يحتل المركز الثاني منذ أيام قليلة.
السباك الذي تفوق على نجوم الأكشن!
صدر فيلم The Super Mario Bros."" "الأخوان سوبر ماريو" في بدايات شهر إبريل الماضي، ومع بدايات عروضه عالميًا تمكن من تحقيق إيرادات جيدة شباك التذاكر، وبدأ إيراداته تتصاعد مع بدايات الصيف، وفي أغسطس دخل رسميًا نادي أفلام المليارات؛ إذ حصد مليار و359 مليون دولار، مُتفوقًا على "باربي"، وتربع المركز رقم 15 في قائمة الأفلام الأكثر تحقيقًا للإيرادات على الإطلاق. الفيلم عن مغامرة السباك الأمريكي من أصول إيطالية، للبحث عن شقيقه الذي إختفى تحت الأرض أثناء قيامهما بإصلاح تسريب داخل أنبوب كبير، ووجد نفسه في مملكة سحرية غامضة تُدعى "مملكة المشروم".
إنتاج الفيلم يُعد جرأة من شركة "يونيفرسال"؛ ففي عام 1993 أنتجت شركة "هوليوود بيكتشرز" التابعة لشركة "والت ديزني" فيلم مغامرات واقعي مأخوذ عن لعبة "ماريو"، وكان عنوانه أيضًا The Super Mario Bros."" "الأخوان سوبر ماريو"، وقام بتجسيد شخصية "ماريو" الممثل "بوب هوسكنز"، وفشل الفيلم في حصد إيرادات تُغطي ميزانية إنتاجه التي بلغت 48 مليون دولار، في حين حصد فقط 38 مليون دولار.
أصل "سوبر ماريو" هو لعبة "ماريو" التي طورتها شركة "نايتندو"، وأول إصدار لها كان عام 1981، وكانت مُحاولة لإنقاذ الشركة من أثار فشل لعبة "رادار سكوب"، ونجحت شخصية "ماريو" وأسلوب اللعبة، وصدرت ألعاب أخرى مُشتقة بطولة نفس الشخصية، وينتقل "ماريو" إلى عام 2023 ويتفوق على "أوبنهايمر" و"إيثان هانت" و"إنديانا جونز" و"جون ويك" وغير من أبطال أبرز أفلام 2023.
شخصية "ماريو" من تصميم الرسام ياباني "شيجيرو مياموتو"، وربما كان هذا سببًا من أسباب تحقيق الفيلم ما يفوق 100 مليون دولار في شباك التذاكر الياباني فقط.
ربما يكون جمهور السينما والدراما أغلبه من الأطفال والمراهقين حسب إحصائيات المشاهدة عالميًا، ولكن حتى الجمهور الناضج يسعى لمشاهدة الأفلام التي تعيده لسنوات الطفولة والخيال ولو لعدة ساعات في قاعة العرض.
الصور من صفحات الأفلام على تويتر وإنستجرام