أهم التحديات التي واجهت العائلة المالكة البريطانية للترتيب لجنازة الأميرة الراحلة ديانا

أهم التحديات التي واجهت العائلة المالكة البريطانية للترتيب لجنازة الأميرة الراحلة ديانا

عبد الرحمن الحاج
4 سبتمبر 2023

عند وفاة أحد أفراد العائلة المالكة البريطانية، غالبا ما تكون خطة جنازته حاضرة، أما في حالة ديانا أميرة ويلز Princess Diana أميرة ويلز الراحلة، فلقد كان الوضع مختلفا حيث جاءت وفاة الأميرة ديانا في حادث سيارة مروع ومفاجئ في العاصمة الفرنسية باريس، انتهى بوفاتها عن عمر يناهز 37 عام، وهي سن صغيرة نسبيا، بالمقارنة بمتوسط أعمار أفراد العائلة المالكة البريطانية الآخرين عند وفاتهم، إضافة إلى ذلك فإن وفاة الأميرة ديانا، قد جاءت بعد عام واحد تقريبا من طلاقها من تشارلز الثالث King Charles III ملك بريطانيا الحالي، وأمير ويلز وقتها، مما يعني أن ديانا لم تعد رسميا فرد ينتمي إلى العائلة المالكة البريطانية، وفي الوقت ذاته لم يكن من الممكن أن تكون جنازة ديانا، الأميرة التي أحبتها بريطانيا والعالم، وأطلقت عليها اسم أميرة القلوب، أقل من جنازة رسمية ضخمة، لا تقل عن غيرها من الجنازات الملكية السابقة، وهو ما جعل العائلة المالكة البريطانية، تواجه الكثير من التحديات  أثناء ترتيبها لجنازة الأميرة ديانا والتي أقيمت في سبتمبر 1997، بعد أسبوع تقريبا من وفاتها.

كيف اجتمعت العائلة المالكة البريطانية مع كبار المسئولين ورجال الدولة لترتيب جنازة الأميرة ديانا

الأميرة ديانا
الأميرة ديانا

وفقا للفيلم الوثائقي الشهير Diana: 7 Days That Shook The Windsors (ديانا: سبعة أيام هزت عائلة وندسور) والذي عرض على القناة الخامسة الوثائقية، فإن العائلة المالكة البريطانية، والتي كان أمامها أسبوع واحد فقط لتنظيم جنازة الأميرة ديانا، شكلت لجنة لتخطيط جنازة الأميرة ديانا، تضمنت كبار المسئولين والمساعدين الملكين من قصور سانت جيمس، وكنسينغتون، وباكنغهام، وممثلين عن المقر الرقم 10 في شارع دوانينغ (مقر رئيس الوزراء البريطاني) والشرطة، وعائلة ديانا، وتضمنت عملية التخطيط للجنازة الكثير من الاختلافات في وجهات النظر، خاصة فيما يتعلق بقرار سير ابني ديانا، وهما الأمير وليام ولي عهد بريطانيا الحالي William, Prince of Wales والأمير هاري Prince Harry خلف نعش ديانا في جنازتها، لأنهما كانا طفلين صغيرين وقتها حيث كان عمر الأمير وليام وقتها 15 عام، بينما كان عمر الأمير هاري، لا يتجاوز 13 عام، بالإضافة إلى حقيقة أن الأميرين وليام وهاري كانا مترددين في القيام بخطوة السير خلف نعش والدتهما في جنازتها.

أنجي هانتر Anji Hunter، والتي كانت مستشارً لرئيس الوزراء البريطاني آنذاك، توني بلير Tony Blair، استعادت ذكرى هذه اللحظات وتحدثت عنها خلال ظهور لها في الفيلم الوثائقي Diana: 7 Days That Shook The Windsors والذي يحكي عن كواليس التخطيط لجنازة ديانا، وقالت عن ذلك: "أتذكر وقتها أننا كنا منشغلين بالنقاش حول ذلك الأمر، وفجأة قاطعنا صوت الأمير فيليب Prince Philip (جد الأميرين وليام وهاري) والذي كان يحمل الكثير من الألم قائلا: نحن نتحدث عن طفلين هنا، إنهما طفلين صغيرين، فقدا والدتهما، وهو ما جعلنا نستشعر لحظتها عظم ذلك الموقف".

كيف وافق الأميرين وليام وهاري على السير خلف نعش والدتهما في جنازتها

ةت
كيف وافق الأميرين وليام وهاري على السير خلف نعش والدتهما في جنازتها

كما يعرف الجميع، فلقد انتهى الأمر بسير الأميرين وليام وهاري خلف نعش والدتهما في جنازتها، ويقال إن من ساهم في إقناعهما بالإقدام على هذه الخطوة هو جدهما الأمير فيليب، والذي قال لهما إنهما سيشعران بالندم لبقية حياتهما إذا لم يقوما بتكريم والدتهما بالسير خلف نعشها في جنازتها، ووداعها للمرة الأخيرة، كما تعهد أيضا بأن يكون بجوارهما في ذلك الوقت العصيب، قائلا: "سأسير خلف النعش إذا ما سرتما خلف النعش"، وهو ما قام به بالفعل حيث سار الأمير فيليب بجوار الأميرين وليام وهاري وتشارلز إيرل سبنسر Earl Spencer (الشقيق الأصغر للأميرة ديانا)، وتشارلز الثالث (والد الأميرين وليام وهاري وزوج ديانا السابق) خلف نعش الأميرة ديانا حتى وصول النعش إلى كاتدرائية وستمنستر حيث أقيمت جنازة الأميرة ديانا.

قيل في وقت لاحق أنه نبه على الأميرين وليام وهاري بألا يقوما بالبكاء في جنازة والدتهما، وقيل أيضا أن تشارلز الثالث قد قال لابنه الأصغر الذي لم يتمكن من منع نفسه من البكاء أثناء سيره خلف نعش والدته: "لا تبكي، واستمر في المشي"، وإذا صح ذلك فإن السبب وراء ذلك، وفقا للخبراء الملكيين فهو القاعدة الصارمة وغير المكتوبة لأفراد العائلة المالكة البريطانية والتي تتلخص في عدم قيامهم بإظهار مشاعرهم وانفعالاتهم حتى في أصعب اللحظات في حياتهم.

جنازة ديانا التي لم يفترض أن تكون رسمية وتحدي اختيار ضيوف الجنازة

جنازة ديانا التي لم يفترض أن تكون رسمية وتحدي اختيار ضيوف الجنازة
جنازة ديانا التي لم يفترض أن تكون رسمية وتحدي اختيار ضيوف الجنازة

من بين التحديات الأخرى التي واجهتها العائلة المالكة، ومنظمي جنازة الأميرة ديانا، حقيقة أنهم لم يكونوا واثقين تماما ممن يجب أو لا يجب دعوته إلى الجنازة، ففي حين أن ديانا كانت شخصية ذات شعبية طاغية في بريطانيا وأميرة بريطانية من وجهة نظر البريطانيين إلا إنها لم تعد من الناحية الرسمية فرد في العائلة المالكة البريطانية، لذلك لم يكن منظمو الجنازة متأكدين ممن عليهم دعوته للجنازة والتي يفترض أن تكون رسمية، ولكن ليس رسمية أكثر مما يجب، لأن جنازة ديانا لم يفترض أن تكون رسمية وإنما كان يفترض أن تكون جنازة عادية يقتصر فيها الحضور على أفراد العائلة ولكن بحسب ما ورد فلقد أصر زوجها السابق تشارلز الثالث، على أن تكون جنازتها رسمية بعد رؤيته لردة الفعل  في داخل وخارج المملكة المتحدة على وفاتها، ومدى ما كانت تعنيه لأفراد الجمهور، وبالرغم من رفض العائلة المالكة البريطانية لذلك وكبار المسئولين البريطانيين، استطاع تشارلز الثالث، إقناع الجميع بوجهة نظره في نهاية المطاف وتم إعلان جنازة الأميرة ديانا، كجنازة رسمية، ونظرا لعدم وجود خطة جنازة رسمية للأميرة ديانا، استندت جنازة ديانا على "عملية تاي بريدج" Operation Tay Bridge، وهي مخطط جنازة الملكة الأم Queen Mother، جدة تشارلز الثالث، والتي كانت وقتها لا تزال على قيد الحياة، وهو المخطط الذي تم إعداده والتدرب عليه لأكثر من 20 عام، قبل وفاة الملكة الأم في عام 2002.

أما فيما يتعلق بضيوف جنازة ديانا، فلقد تقرر أن يتم اختيارهم وفقا لقائمة حفل عيد ميلاد ديانا في عام 1995، وبفضل ذلك تمكنت العائلة المالكة من تجاوز تحدي عدم نسيان أو تجاهل دعوة الشخصيات الهامة التي كانت تربطها علاقات صداقة وثيقة بديانا أو أقرب أصدقائها، وفي الوقت ذاته ملئ كاتدرائية وستمنستر بالضيوف وقدر إجمالي عددهم بحوالي 2000 شخص، في حين اصطف ما يقدر بنحو مليوني شخص في شوارع لندن لمشاهدة موكب جنازة ديانا والذي سار لمسافة تزيد عن ستة كيلومترات عبر العاصمة لندن.

كيف تلقى وليام وهاري أنباء وفاة والدتهما

كيف تلقى وليام وهاري أنباء وفاة والدتهما
كيف تلقى وليام وهاري أنباء وفاة والدتهما

وفقا للتقارير المنشورة فإن الأميرين وليام وهاري، لم يتم إبلاغهما على الفور بنبأ وفاة والدتهما، ففي ذلك الوقت كان الأميرين يقضيان عطلتهما الصيفية في قلعة بالمورال في منطقة المرتفعات الاسكتلندية بصحبة بقية أفراد العائلة المالكة البريطانية، وفي حين أن الأميرة ديانا توفيت في وقت متأخر من مساء يوم 30 أغسطس، وتأكدت أنباء وفاتها في الساعات المبكرة من صباح اليوم التالي، لم يتم إيقاظ الأميرين وليام وهاري لإخبارهما بنبأ وفاة والدتهما، وإنما تركا نائمين، وبعد استيقاظهما، توجه إليهما والدهما تشارلز الثالث وتولى بنفسه مهمة إخبارهما بالنبأ الحزين، وبعدها سافر تشارلز الثالث على الفور إلى باريس، ليتسلم جثمان ديانا ويرافقه في رحلة العودة إلى بريطانيا، وقيل أن الأمير هاري توسل إلى والده ليسمح له بمرافقته في هذه الرحلة إلا أن الأخير رفض ذلك بشكل قاطع.

لهذه السبب تعرضت الملكة والعائلة المالكة لانتقادات حادة قبل جنازة ديانا

لهذه السبب تعرضت الملكة والعائلة المالكة لانتقادات حادة قبل جنازة ديانا
لهذه السبب تعرضت الملكة والعائلة المالكة لانتقادات حادة قبل جنازة ديانا

خلال الأيام التي سبقت جنازة الأميرة ديانا، تعرضت الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II والعائلة المالكة للكثير من الانتقادات لأنها لم تتحدث عن وفاة ديانا أو توجه كلمة لعموم الشعب البريطاني، بخصوص ذلك الشأن، واستمرت هذه الانتقادات حتى عشية جنازة ديانا والتي وجهت فيها الملكة خطابا تاريخيا للأمة، وصفت فيه ديانا بأنها "إنسانة استثنائية وموهوبة".