من هي الأميرة التي فقدت ألقابها الملكية وأصبحت ملكة في النهاية؟
في حين أن الزيجات المرتبة بين الأسر والعائلات الملكية والنبيلة، كانت أمر شائعا في عصرها إلا أن ليدي لويز ماونتباتن Lady Louise Mountbatten، أصرت على أنها لن تتزوج إلا من أجل الحب، وتضمنت الشروط الأخرى لزواجها، ألا يكون زوجها المستقبلي أرمل أو ملك، وفي حين أنها نجحت في تحقيق الشرط الأول لزواجها، وهو الزواج عن حب إلا أنها فشلت في تحقيق الشرطين الآخرين لزواجها، بعد أن وقعت في حب ولي العهد السويدي وقتها، الأمير غوستاف أدولف Crown Prince Gustaf Adolf of Sweden في أوائل عشرينيات القرن الماضي، وهو الأمير الذي لم يكن فقط ملك مستقبلي للسويد وقتها ورجل أرمل، وإنما كان أيضا والد لخمسة أبناء.
الأميرة التي فقدت ألقابها الملكية
ليدي لويز ماونتباتن هي أميرة ألمانية سابقة، ولدت في يوليو عام 1889، وأصبحت منذ لحظة ميلادها فرد في العائلة المالكة البريطانية وأميرة ألمانية، وكانت تعرف باسم الأميرة لويز باتنبرغ Princess Louise of Battenberg، والسبب هو حقيقة أن والدها هو الأمير لويس باتنبرغ Prince Louis of Battenberg وهو أمير ألماني وضابط سابق في البحرية البريطانية، وينتمي إلى العائلة المالكة البريطانية.
لويز باتنبرغ، ظلت تعرف بلقب أميرة حتى عام 1917، عندما أصدر الملك جورج الخامس King George V (جد الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II)، مرسوم ملكي، يلزم أفراد العائلة المالكة البريطانية بالتخلي عن كافة ألقابهم الملكية والنبيلة الألمانية، بسبب الحرب العالمية الأولى التي كانت دائرة وقتها بين دول المحور بقيادة ألمانية النازية وقتها، ودول الحلفاء، وأبرزهم بريطانيا، لويز باتنبرغ أصبحت منذ ذلك الحين تعرف بلقب ليدي لويز مونتباتن، ولم يعد والدها أمير وإنما ماركيز فقط.
قصة حب ملكية غير متوقعة
ليدي لويز ماونتباتن كانت دائما ما تحلم بالزواج عن حب، ولكن بمرور السنوات، بدا وكأن أمنيتها هذه لن تتحقق في يوم ما، إلا أن هذا تغير بعد أن قابلت الأمير غوستاف أدولف ولي عهد السويد، للمرة الأولى في صيف عام 1923، وقتها لم تكن ليدي لويز ماونتباتن أو حتى الأمير غوستاف أدولف، يتوقع أن تكون مقابلتهما هذه بداية قصة حبهما التي كللت بالزواج، فالأمير غوستاف أودلف، كان متزوج من الأميرة مارغريت كونوت Princess Margaret of Connaught، والتي تزوج منها في عام 1905، وكان زواجهما سعيدا للغاية، وأنجبا خلاله 5 أطفال إلا أن الأميرة مارغريت توفيت في عام 1920، أثناء حملها في طفلهما السادس، وحزن الأمير غوستاف أودلف، حزنا شديدا على وفاة زوجته الأميرة مارغريت وكان محطم الفؤاد للغاية لدرجة أن الكثيرين من المحطين به، توقعوا أنه لن يتمكن من تجاوز حزنه على زوجته الراحلة، وسيظل وحيدا لبقية حياته، ولكن ذلك تغير بعد مقابلته لليدي لويز مونتباتن وسرعان ما أعلنا عن خطبتهما في يوم 1 يوليو 1923.
حفل زفاف ملكي صغير وتاريخي
قرار زواج الأمير غوستاف أودلف من ليدي لويز ماونتباتن، أثار الجدل في السويد لأن ليدي لويز ماونتباتن لم تعد أميرة، وإنما أبنة ماركيز فقط، وهو ما جعل البعض في السويد يتساءل عما إذا كانت تتمتع بالصلات الملكية الكافية لتكون عروس لملك السويد المستقبلي، ولكن في النهاية، وبعد جدالات ومناقشات مطولة، تقرر أن خطيبة ولي عهد السويد، تتمتع بالصلات الملكية اللازمة لأنها أميرة منذ الميلاد، بالإضافة إلى كونها واحدة من أبناء أحفاد الملكة فيكتوريا Queen Victoria، وأقيم حفل زفاف الأمير غوستاف أودلف على ليدي لويز ماونتباتن، في الثالث من نوفمبر 1923، بقصر سانت جيمس بلندن وكان حفل زفاف صغير نسبيا على الرغم من أن مقاعد ضيوف الزفاف، كانت مكتظة بالضيوف الملكيين، وكان من بين أبرز الحضور، والد العريس، الملك غوستاف الخامس ملك السويد King Gustaf V of Sweden، والملك جورج الخامس والملكة ماري Queen Mary إلى جانب الملكة ألكسندرا Queen Alexandra، ولأن والد العروس، توفي قبل عدة سنوات من زواجها، قام بتولي مهمة السير بجوار العروس في حفل زفافها، شقيقها جورج، ماركيز ميلفورد هافن George, Marquess of Milford Haven، بينما كانت تنتظرها في داخل حفل الزفاف، والدتها فيكتوريا وشقيقها الآخر لويس وشقيقتها أليس، كما سار خلف العروس على ممر العروس في حفل زفافها ستة من أبناء وبنات أشقائها السبعة.
قام بإجراء مراسم الزفاف، رئيس أساقفة كانتربري وقتها، وأقيم حفل الاستقبال في حفل الزفاف بقصر كنسينغتون في لندن، وحضره العديد من أفراد عائلة وندسور الملكية البريطانية الحاكمة، بما في ذلك ألبرت دوق يورك وقتها (لاحقا الملك جورج السادس George VI) وزوجته إليزابيث دوقة يورك (لاحقا الملكة الأم Queen Mother) وهما والدي إليزابيث الثانية، وكانا قد تزوجا قبل أشهر من حفل زفاف الأمير غوستاف أودلف من ليدي لويز ماونتباتن.
إطلالة زفاف كلاسيكية بموضة العشرينيات
ليدي لويز ماونتباتن ظهرت في حفل زفافها بإطلالة زفاف كلاسيكية عتيقة تتماشى مع موضة عشرينيات القرن الماضي حيث ارتدت فستان فضي مصنوع من القماش الفضي الهندي الفاخر، الفستان ذو ياقة مربعة وخصر منخفض، وتنورة طويلة وقطار فستان عريض، وارتدت مع الفستان طرحة زفاف أنيقة مصنوعة من
قماش دانتيل هونيتون فاخر، كانت تمتلكه، جدة لويز الراحلة لوالدتها، وهي الأميرة أليس Princess Alice، والتي حصلت عليه كهدية من والدتها الملكة فيكتوريا، جدير بالذكر أن والدة العروس ارتدت نفس طرحة الزفاف، تخليدا لذكرى والدتها الراحلة الأميرة أليس والتي توفيت مبكرا في عام 1878.
على العكس من غالبية العرائس الملكيات، لم ترتدي ليدي لويز تاج ملكي في احتفال زفافها وإنما اختارت أن تزين طرحة زفافها بإكليل زهري جذاب مصنوعة من براعم زهر البرتقال، العروس اختارت أيضا أن تحمل في حفل زفافها باقة زفاف من زهور زنبق الوادي، ومعاناها بلغة الزهور، العودة إلى السعادة، وهي خيار مفضل لدى العرائس الملكيات وقتها، وكذلك الجدة الكبرى للعروس، الملكة فيكتوريا.
أميرة سويدية ثم ملكة سويدية قرينة
عقب انتهاء احتفالات زفافهما في لندن، سافر غوستاف أدولف وعروسه لويز، لقضاء شهر العسل، قبل العودة إلى ستوكهولم لبدء حياتهما الجديدة معا كزوجين، والتي أصبحت فيها لويز، أميرة سويدية وزوجة أب لأطفال زوجها الخمسة، لويز أنجبت بعد زواجهما بعامين تقريبا، طفلة وحيدة ولكنها ولدت ميتة عام 1925.
لويز أصبحت بمرور الوقت تتمتع بشعبية كبيرة في السويد بفضل تفانيها في العمل الخيري وقيامها بمجموعة واسعة من مهمات الرعاية والارتباطات الرسمية، بما في ذلك الجولات الخارجية، لويز، كانت أيضا من دعاة التحديث، ومن أشد المدافعين عن المساواة بين الجنسين، وخلال الحرب العالمية الثانية عملت مع الصليب الأحمر لتوفير منازل للأطفال المتضررين من الحرب.
في عام 1950، أصبحت لويز ملكة قرينة، بعد أن أصبح زوجها ملكا للسويد، والذي أصبح منذ ذلك الحين يعرف بالملك غوستاف السادس أودلف Gustaf VI Adolf ملك السويد، وأصبحت لويز تعرف منذ ذلك الحين بالملكة لويز، وبعدها بخمسة عشر عام، توفيت الملكة لويز في عام 1965 ودفنت في المقبرة الملكية في سولنا، بجوار زوجها (والذي توفي في عام 1973)، وزوجته الأولى.
غوستاف السادس أودلف، هو جد الملك كارل السادس عشر غوستاف ملك السويد Carl XVI Gustaf والذي خلف جده في ولاية العرش في عام 1973 (بسبب وفاة والد كارل السادس عشر غوستاف في حادث طائرة قبل سنوات من وصول غوستاف السادس أودلف للعرش)، جدير بالذكر أن كارل السادس عشر غوستاف، احتفل في سبتمبر في هذا العام باليوبيل الذهبي لوصوله للعرش، والذي يوافق الذكرى السنوية الخمسين لإعلانه ملكا للسويد، وأصبح بذلك الملك السويدي الوحيد الذي حكم السويد لخمسين عام.