فران دريشر.. المُربية التي تقود إضراب المُمثلين وتواجه استديوهات هوليوود الكُبرى!
أكثر من 75 يومًا مرت على إضراب أعضاء نِقابة ممثلي الشاشة الأمريكية لفناني التلفزيون والراديو "SAG-AFTRA" المستمر منذ 14 يوليو الماضي، وتُدير النِقابة بقيادة رئيستها "فران دريشر" المُهمة الأصعب في تاريخ هوليوود؛ من أجل التوصل إلى اتفاق عادل مع الاستوديوهات الكبرى، يضمن حقوق المُمثلين المادية في البث الرقمي لأعمالهم، وضمانات مُستقبلية تضمن عدم استخدام تقنيات الذكاء الصناعي بدلًا من الممثلين.
سبق إضراب كُتاب السيناريو إضراب المُمثلين، ووصلت رابطة كُتاب السيناريو إلى اتفاق تاريخي مع استديوهات هوليوود الأسبوع الماضي، وبدأ الكتاب العودة إلى مهام عملهم بعد إضراب طويل بدأ في مايو الماضي، ولكن حتى الآن لا تزل كل أنشطة الممثلين مُجمدة في انتظار الوصول إلى صيغة جديدة للعقود.
بدايات المُربية فران!
صمود اضراب المُمثلين تقف خلفه الممثلة الكوميدية "فران دريشر"، الرئيسة الثالثة في تاريخ نِقابة الممثلين الأمريكية، وهى سيدة نيويوركية حسناء في الخامسة والستين، تتميز بابتسامتها العريضة، والكاريزما الشخصية، واسم "المُربية" هو لقب الشهرة الذي تحمله منذ التسعينيات، والسؤال الذي يطرحه كثيرون: هل تستطيع المُربية ترويض رؤساء أكبر استديوهات السينما في العالم كما فعلت مع أولاد منتج برودواي في السيت الكوم الشهير"The Nanny" "المربية"؟
في عام 1993 بدأ عرض مسلسل سيت كوم "المربية"، وكتبت فكرته "فران دريشر" و"بيتر جاكوبسون"، وتعرض حلقاته المواقف الكوميدية التي يتعرض لها منتج برودواي البريطاني الأرمل ماكسويل شيفيلد "تشارلز شوجنيسي"، بعد أن التقى بائعة أدوات تجميل مهووسة بالموضة "فران دريشر" عملًا داخل منزله، وهو رعاية أبنائه الثلاثة؛ ماجي وبرايتون وجريس، والمسلسل أشبه بنسخة هزلية من فيلم "صوت الموسيقى" مع استبدال شخصية "مارلين مونرو" المُدللة بالممثلة "جولي أندروز".
بدأت "فران دريشر" نشاطها في السينما أمام "جون ترافولتا" عام 1977، في فيلم ""Saturday Night Fever "حمى ليلة السبت"، وجسدت دور صغير لراقصة تدعى كوني، وخلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات شاركت في عدد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية، وتركت أثرًا كممثلة كوميدية، ولكنها لم تُحقق انطلاقة كُبرى تدفع بها إلى الصفوف الأولى.
نجمة الصوت المُضحك!
في رحلة طيران من أمريكا إلى باريس، التقت "فران" مدير شبكة ""CBS وقتها "جيف ساجانسكي، وأمام مُثابرتها وجاذبية شخصيتها أنصت إلى أفكارها حول فكرة سيت كوم جديد تكتبه بمشاركة زوجها كاتب السيناريو "بيتر جاكوبسون"، وخلال أقل من عام بدأت "فران" تصوير ممثلها الأشهر "المربية"، ونجح العمل في الاستمرار بنجاح ستة مواسم كاملة، وتم تصوير 146 حلقة من حكاية المربية ذات الصوت الأنفي الخنف المثير للضحك.
ظلت "فران دريشر" سنوات تُحاول التخلص من خنف صوتها ولهجتها النيويوركية الثقيلة؛ من أجل الحصول على المزيد من الأدوار، وذهبت إلى عدد من الأطباء، ونجحت فعلًا في السيطرة على خنف صوتها، والتحدث بنبرة طبيعية في حياتها اليومية، ومُخالفة لتوقعاتها طلبت منها الاستديوهات الأداء بصوتها الخنف المضحك.
المسلسل حقق نجاحًا أسطوريًا في الولايات المتحدة والعالم، وظهر فيه العديد من ضيوف الشرف؛ من بينهم "دونالد ترامب"، و"اليزابيث تايلور"، و"جوان كولينز"، و"سيلين ديون"، و"التون جون"، واخزون. هناك نسخ مُقتبسة عن المسلسل من إنتاج الأرجنتين، وشيلي، واليونان، إيطاليا، وتركيا، وحوالي خمس دول أخرى، ومن أبرز النسخ الأجنبية المُقتبسة عن نفسل العمل، النسخة الروسية التي بلغت حلقاتها 173 حلقة، واستعانت شركة الإنتاج الروسية بسيناريوهات حلقات من المسلسل الأمريكي لم يتم تصويرها أبدًا.
السيدة القوية!
بعد انتهاء عرض "المربية" قدمت "فران" سيت كوم آخر بعنوان ""Happily Divorced "مُطلقون سُعداء"، وشاركت في كتابته مع "بيتر جاكوبسون"، زوجها السابق وشريك نجاح مسلسل "المربية"، والعمل عن إضرار زوجان للعيش في نفس المنزل على الرغْم من طلاقهما؛ لأن كلاهما لا يُمكنه توفير مسكن مُستقل، واستمر المسلسل موسمين فقط قبل إلغاءه.
حِقْبَة بداية الألفية شهدت انحسار الأضواء عن "فران"، ودخلت تجرِبة مؤلمة بعد اكتشاف إصابتها بسرطان الرحم، وبعد جراحة عاجلة أعلن الأطباء شفائها وعدم حاجتها لأي علاج كيماوي؛ وذلك بسبب اكتشاف الورم مُبكرًا، وكانت التجربة حافزًا لها؛ فأعلنت عام 2010 عن منظمة شمانسر للسرطان، وهي مُنظمة غير ربحية، تُحفز النساء على الكشف المُبكر عن السرطان، وهي المرحلة الأكثر قابلية للعلاج والشفاء.
بدأت "فران" حملة الترشح لمنصب مديرة نِقابة الممثلين عام 2021، واتخذت شعار "اتحدوا من أجل القوة" عنوانًا لحملتها، وفازت بنسبة أصوات صحيحة 52.5%، في مُقابل نسبة أصوات 47.5% حصل عليها مُنافسها الممثل "ماثيو مودين"، ويُنظر إليها على أنها شخصية مُعتدلة، وتميل إلى التفاؤل والنظرة الإيجابية، وتجربتها الفنية تتضمن الإنتاج بجوار الكتابة والتمثيل، وهي مُلمة بتفاصيل العملية الفنية بصورة أكبر، ولديها اهتمام حقيقي بحقوق أعضاء النِقابة، وبرنامجها الإصلاحي داخل النِقابة يتلخص ببساطة في ثلاثة أمور يجب أن يتمتع بها عضو النِقابة، وهي: القوة والصحة والثراء.
أصبحت "فران دريشر" الواجهة الرئيسة في أزمة إضراب الممثلين، وكان خطابها الأول مع بداية الإضراب ملهمًا لأعضاء النِقابة؛ ووصفت سلوك الاستديوهات المراوغ والمُتلاعب بحقوق الممثلين بالعار، وطالبت الأعضاء بالوقوف في الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ الذي يُصنع الآن.