لماذا لم يعد قصر سانت جيمس قصرا ملكيا رئيسيا في لندن؟
عند الحديث عن القصور الملكية البريطانية الأكثر شهرة، غالبا ما يتبادر إلى الاذهان قصر باكنغهام الشهير في العاصمة البريطانية لندن والذي اشتهر لعقود طويلة بأنه مقر الإقامة الرئيسي للملك أو الملكة البريطانية الحاكمة، وكان مقر الإقامة الرئيسي للملكة الراحلة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II طوال فترة حكمها لبريطانيا والتي امتدت لسبعة عقود (باستثناء السنوات الأخيرة القليلة من نهاية عهدها والتي أصبحت فيها قلعة وندسور في مقاطعة بيركشاير البريطانية، مقر الإقامة الرئيسي للملكة)، كما أصبح قصر باكنغهام مقر الإقامة الرسمي للملك تشارلز الثالث، وهو الابن الأكبر للملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وملك بريطانيا، وفي حين أن قصر باكنغهام هو بالتأكيد واحد من أكثر القصور الملكية البريطانية، إن لم يكن أكثرها شهرة على الإطلاق، ولكنه ليس القصر الملكي الوحيد في العاصمة البريطانية لندن، الذي كان مقر رسمي للإقامة للملوك والأمراء والأميرات، فهناك قصر ملكي آخر في لند، اشتهر في الماضي بأنه مقر إقامة ملكي رسمي، بل وكان خلال مرحلة ما لا يقل أهمية عن قصر باكنغهام الشهير.
قصر سانت جيمس...مقر الإقامة الرسمي السابق لملوك بريطانيا
قبل أكثر من 300 عام، كان قصر سانت جيمس قصر ملكي بريطاني رئيسي، بل وكان بمثابة مقر إقامة رسمي لملوك إنجلترا، كما شهد خلال الفترة الكثير من الأحداث الملكية المثيرة للاهتمام والتي وصف بعضها بأنه من بين أهم اللحظات في التاريخ الملكي البريطاني، واستمر قصر سانت جيمس في القيام بدوره كمقر إقامة رئيسي لملوك إنجلترا، حتى عهد الملكة فيكتوريا Queen Victoria والتي اختارت أن يكون قصر باكنغهام مقر إقامتها الرسمي والرئيسي، وليس قصر سانت جيمس، ومنذ ذلك الحين لم يعد قصلا سانت جيمس مقر إقامة ملكي رئيسي وإن كان لا يزال حتى يومنا هذا قصر ملكي عامل، ومقر إقامة لأفراد من العائلة المالكة البريطانية.
كيف أصبح قصر سانت جيمس مقر إقامة رسمي لملوك بريطانيا منذ عدة قرون
ولكن قصر سانت جيمس والذي يقع في وستمنستر، لم يكن دائما مقر إقامة ملكي رسمي لملوك بريطانيا، بل ولم يكن يتوقع أن يصبح مقر إقامة رسمي ملكي لملوك إنجلترا في يوم ما، وبني قصر سانت جيمس بتكليف من الملك هنري الثامن Henry VIII في عام 1531 وهو ما يجعله أقدم من مقر إقامة ملكي رسمي في لندن، حتى أنه أقدم من قصر باكنغهام، ولكن وفقا للمؤرخين فإن قصر سانت جيمس لم يكن ليصبح مقر إقامة رسمي ملكي، لولا حريق قصر وايتهول، والذي اندلع في عام 1691، في داخل القصر وتحديدا في جناح قصر وايتهول، والذي كانت تقيم فيه وقتها دوقة بورتسموث Duchess of Portsmouth.
بعدها بعدة سنوات، وتحديدا في عام 1698، دمر حريق ثان المباني السكنية والحكومية المتبقية في قصر وايتهول، وهو ما جعل الملوك البريطانيين حتى ويليام الرابع William IV يختارون الإقامة في قصر سانت جيمس لبعض الوقت، وفي عام 1809، دمر حريق جزء من كنيسة سانت جيمس، والأجنحة الملكية داخل سانت وبدأت العائلة المالكة تقضي معظم وقتها في قصر باكنغهام، ولم يعد قصر سانت جيمس مقر إقامة ملكي رئيسي، وإنما مقر إقامة أفراد غير رئيسيين في العائلة المالكة البريطانية، قصر سانت جيمس استضاف أيضا على مر السنوات حفلات استقبال ومناسبات خيرية واجتماعية.
في أواخر القرن الثامن عشر، قام جورج الثالث George III بتجديد الأجنحة الملكية الشاغرة والمكاتب الحكومية في قصر سانت جيمس، ولكنه تجاهل الأجنحة الملكية الأخرى غير الشاغرة ومواقع المعيشة الأخرى داخل القصر، وفي النهاية أصبح الملك ويليام الرابع آخر ملك بريطاني يقيم في قصر سانت جيمس، ولكنه لم يكن يقيم في قصر سانت جيمس لمعظم الوقت ولكن على الأقل لجزء من العام. وأضفت الملكة فيكتوريا الطابع الرسمي على هذه الخطوة في عام 1837، منهية استخدام سانت جيمس كمقر إقامة رئيسي للملك، وبحلول الوقت الذي بدأ فيه عهد الملكة فيكتوريا رسميا، تم التخلي عن قصر سانت جيمس رسميا، كمقر إقامة رسمي لملوك إنجلترا، ليتحول إلى قصر ملكي عامل، ومقر إقامة لأفراد من العائلة المالكة البريطانية.
قصر سانت جيمس اليوم
واليوم لا يزال قصر سانت جيمس قصر ملكي عامل، بل ويوجد فيه أيضا الديوان الملكي البريطاني، ولكنه لم يعد يضم الكثير من مقرات الإقامة المخصصة لأفراد العائلة المالكة البريطانية، على غرار قصر كنسينغتون الشهير في لندن حيث لم يعد سوى عدد قليل فقط من أفراد العائلة المالكة البريطانية الذين يجعلون من سانت جيمس مقر إقامة رسمي لهم في لندن، وهذا يشمل الأميرة آن Princess Anne (وهي الابنة الوحيدة للملكة إليزابيث الثانية) والأميرة بياتريس Princess Beatrice وشقيقتها الصغرى الأميرة يوجين Princess Eugenie of York (وهما ابنتي الأمير أندرو Prince Andrew وحفيدتي إليزابيث الثانية، والأميرة ألكسندرا Princess Alexandra وهي واحدة من أبناء عمومة إليزابيث الثانية.
حتى خريف عام 2017، كانت الأميرة بياتريس تتقاسم جناح ملكي ضخم في قصر سانت جيمس مع شقيقتها الصغرى الأميرة يوجين، كما سبق وأن أقام تشارلز الثالث King Charles III ملك بريطانيا الحالي، في قصر سانت جيمس وتحديدا في منزل يورك York House الذي يقع على أرض قصر سانت جيمس، وكانت فترة إقامته في قصر سانت جيمس، فترة وجيزة عندما كان لا يزال ولي لعهد بريطانيا، وأقام وقتها في قصر سانت جيمس بصحبة ابنيه الأمير وليام ولي عهد بريطانيا وأمير ويلز William, Prince of Wales والأمير هاري Prince Harry.