كريمان ونجاح سلام.. الرحيل الهادئ لفاتنات سينما ومسرح إسماعيل ياسين!

بالرغْم من سخرية "إسماعيل يس" من ملامحه في أغلب أفلامه ومسرحياته، لكنه يظهر في نفس هذه الأعمال محبوبًا من الجميلات؛ كان يُقدم شخصية الإنسان الطيب خفيف الظل، وكعادة حبكات الكوميديا تمنح الضحكات البطل الكوميدي جمالًا خاصًا؛ ولهذا شارك "سمعة" في أغلب أعماله أجمل جميلات السينما المصرية؛ فالرجل أحبته - سينمائيًا - الحسناوات "هند رستم"، و"شادية"، و"زهرة العُلا"، و"كريمان"، و"كاميليا"، و"تحية كاريوكا"، و"مها صبري"، و"كيتي"، و"لولا صدقي" وعشرات غيرهن، لقد نافس "إسماعيل يس" العميل البريطاني جيمس بوند في عدد الجميلات اللائي وقعن في غرامه خلال مئات الأفلام والمسرحيات.

نجاح والكمساريات الفاتنات!

في 15 سبتمبر الماضي حلت ذكري ميلاد "إسماعيل يس" رَقْم 111، وخلال نفس الشهر رحلت اثنتان من أبرز بطلات أفلامه، وكل منهما أثرت وتأثرت بمسيرة أحد أشهر فناني الكوميديا في عصره.

"نجاح سلام" التي وافتها المنية يوم 28 سبتمبر الماضي عن عمر 92 عامًا شاركت في حوالي خمسة عشرة فيلمًا في السينما، بعضها أفلام مثلتها في بلدها لبنان، والأخري شاركت فيها بعد انتقالها إلى مصر بصحبة والدها الملحن وعازف العود "محيي الدين سلام".

أكثر أفلام "نجاح سلام" شهرة وعرضًا على الفضائيات ومنصات البث العربية هي ستة أفلام شاركت في بطولتها أمام "إسماعيل يس" خلال أربع سنوات؛ أولها فيلم (على كيفك) عام 1952، وفي عام 1953 قدمت فيلمي (ابن ذوات)، و(الدنيا لما تضحك)، وعام 1954 شاركت في فيلم (دسته مناديل)، وفي عام 1955 جسدت دور الزوجة الناقمة على زوجها المديون في فيلم (السعد وعد)، وشارك فيه المُطرب اللبناني الشاب "محمد سلمان"، وخلال التصوير حدث انجذاب بين "سلمان ونجاح"؛ فتزوجا بعد الفيلم، واستمر زواجهما تسع سنوات، وأخرج "محمد سلمان" خلال هذه السنوات ثلاثة أفلام من بطولة زوجته.

أخر فيلم شاركت فيه "نجاح سلام" أمام "إسماعيل يس" هو فيلم (الكمساريات الفاتنات) 1956، وهو بطولة نسائية مشتركة؛ إذا جمع بين "نجاح سلام" و"زينات صديقي" والشقيقتين "رجاء وعواطف يوسف"، وكعادة أفلامها أدت العديد من أغنياتها الجديد والقديمة، وقدمت في الفيلم ميدلي من أشهر أُغنياتها، ومنها أغنيتها العاطفية الأشهر (برهوم حاكيني)، وبعض أغنياتها الوطنية التي تغنت فيها بمصر والعروبة، وشاركت "إسماعيل يس" غناء دويتو مرح بعنوان (مكوجي ولهان).

اعتمدت "نجاح سلام" في أفلامها على موهبتها في الغِناء أكثر من التمثيل، وكانت تعلم أن وجودها في بعض الأفلام الكوميدية الخفيفة يعتمد على شهرتها في عالم الغناء، ونوعية أغنياتها الخفيفة التي لاقت نجاحًا داخل وخارج لبنان، وأيضًا الأغنيات الوطنية التي كانت صدى للأحداث السياسية وقتها؛ وبعد ظهورها السينمائي الأخير عام 1969 كضيفة شرف في فيلم المغامرات (الشيطان) ركزت على نشاطها في الغناء حتى اعتزالها.

فانوس كريمان السحري!

قبل السينما لفتت موهبة "كريمان" في التمثيل النظر منذ طفولتها، وعملت بشكل مُنتظم في برنامج "بابا شارو" الإذاعي للأطفال؛ ولا توجد أعمال سينمائية لها في سن الطفولة، وحسب أغلب المصادر الأرشيفية على الإنترنت هي من مواليد عام 1936، وقد وقفت أمام الكاميرا أول مرة في الفيلم الشهير "الحموات الفاتنات" عام 1953، وجسدت دور نبيلة زوجة "كمال الشناوي" الشابة، وعمرها المنطقي على الشاشة حوالي 20 عامًا، ولكن حسب تاريخ ميلادها المزعوم فإن عمرها في الفيلم 17 عامًا وربما أقل، وهو أمر يصعب تصديقه.

أدوارها الأولى كانت ترسم شخصيتها بملامح الفتاة الرومانسية البريئة، ولكنها تمردت علي هذه النوعية وقدمت دور الفتاة المُستهترة بثينة في فيلم (بنات اليوم) أمام "أحمد رمزي" و"عبد الحليم حافظ"، والفتاة الأرستقراطية في (تمر حنة).

نشاط "كريمان" الفني خلال عام 1960 هو الأكثر كثافة في مسيرتها الفنية؛ وبعد دور مساعد أمام "شادية" و"كمال الشناوي" في فيلم (معًا إلى الأبد) شاركت في فِرْقَة "إسماعيل يس" المسرحية كبطلة للفرقة، وكانت بطلة مسرحيتين عُرضا في نفس العام، وشاركت "إسماعيل يس" بطولة فيلمي (شهر عسل بصل)، و(الفانوس السحري)، وفي نفس العام جسدت دور سلوى في فيلم (فتافيت السكر)، وهو مُقتبس عن مسرحية (عمتي فتافيت السكر)، وجسدت نفس الدور الذي أدته على المسرح أمام "إسماعيل يس" الذي كان يُجسد دور سكر، الممثل المغمور الذي يتنكر في زي امرأة.

في السينما ذهب دور سكر إلى "عبد المنعم إبراهيم" بترشيح من "إسماعيل يس" نفسه؛ وقيل أن الرقابة وقتها أصدرت مرسومًا بمنع "إسماعيل يس" من أداء دور امرأة بعد أن قدم الشخصية عدة مرات، وحدث ذلك قبل بداية تصوير الفيلم بفترة وجيزة.

من لبنان إلى القاهرة!

ظلت "كريمان" بطلة فِرْقَة "إسماعيل يس" في الأعوام بين 1960 و1962، ورصيدها بطولة ثلاث مسرحيات؛ هي (منافق للإيجار)، و(كناس في جاردن سيتي)، بالإضافة إلى (عمتي فتافيت السكر)، وشاركت في مسرحية تليفزيونية بعنوان (عريس في علبة) أمام "يوسف وهبي" عام 1961، ومسرحيتها الأخيرة بعنوان (حركة واحدة أضيعك) عام 1963 كانت أمام "سيد زيان" في أول بطولاته المسرحية.

من الأمور الغير شائعة عن "كريمان" موهبتها الغنائية، وقد لحن لها كبار الملحنين مثل الموسيقار "على إسماعيل"، وغنت عدد من الأغنيات في أفلام (عرائس في المزاد)، و(موعد مع إبليس)، و (خالي شغل)، ومن أغنياتها المُتوفرة على اليوتيوب بصوت نقي (ظلمت عيني)، وهي أغنية رومانسية رقيقة تُبرز جماليات صوتها على الرغْم من إمكاناته المحدودة.

يجمع بين "نجاح سلام" و"كريمان" عدة أمور؛ منها أن كلاهما من مواليد لبنان، وحصلت "نجاح" على الجنسية المصرية عام 1974 بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية وسفرها للإقامة في القاهرة، و"كريمان" لبنانية الأبُ ومصرية الأم، ومسيرتهما الفنية في السينما بدأت في نفس الوقت (بدايات الخمسينيات) وانتهت بالاعتزال في نهاية الستينيات. حقبة نشاط "نجاح سلام" في السينما بين عامي 1952 و1969، وفترة نشاط "كريمان" في السينما بين عامي 1953 و1967.