تعرفي على تاريخ قصر هوليرود...المقر الرئيسي للعائلة المالكة البريطانية في اسكتلندا
اشتهر قصر هوليرود Palace of Holyroodhouse، والمعروف أيضا بمنزل هوليرود الملكي، بأنه مقر إقامة ملكي رسمي للعائلة المالكة البريطانية في اسكتلندا، ولكن تاريخ قصر هوليرود والذي يزيد عن النصف قرن، يتضمن ما هو أكثر من ذلك، فخلال تلك الفترة استخدم قصر هوليرود كمقر إقامة لمجموعة من أشهر الأسماء الملكية في المملكة المتحدة على مر التاريخ، بما في ذلك ماري ملكة اسكتلندا Mary, Queen of Scots، وهو ما ساهم في زيادة شهرة القصر كمقر إقامة ملكي، وجعله يحتل مكانة مميزة بين القصور الملكية في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، واليوم دعونا نستعرض معا لمحات من تاريخ قصر هوليرود العريق والذي أصبح حاليا مقر الإقامة الرئيسي للملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا الحالي، خلال فترات إقامته في اسكتلندا.
متى بني قصر هوليرود
بني قصر هوليرود على يد ديفيد الأول David I في عام 1128، ليكون دير أوغسطينيا، ومع تزايد شهرة وازدهار الدير، وإعلان مدينة إدنبرة، عاصمة لإسكتلندا، تحول هوليرود بمرور الوقت إلى موقع لاستضافة كبار الزوار، ومع مرور السنوات، أصبح قصر هوليرود مكان الإقامة الذي يختاره الملوك عند زيارتهم لإسكتلندا، وفي عام 1501، قام جيمس الرابع James IV، بإخلاء الأرض المجاورة لقصر هوليرود لبناء قصر له ولعروسه مارغريت تيودور Margaret Tudor (شقيقة هنري الثامن Henry VIII)، وهو القصر الذي لم يعد متبقيا منه في يومنا هذا سوى بوابة الحراسة التابعة للقصر.
كيف تغير قصر هوليرود بتغير وتعاقب الملوك من سكان القصر
مع تغير وتعاقب الملوك على قصر هوليرود، تغير القصر، وأجريت عليه عدة تعديلات، على مر السنوات، على سبيل المثال، بعد وصول جيمس الخامسJames V إلى العرش، أضاف إلى قصر هوليرود برج ضخما، خلال الفترة ما بين عامي 1528-1532، ثم أضيف برج جنوبي جديد على الواجهة الغربية للقصر خلال الفترة ما بين عامي 1535 ، 1536، وعندما قضت ماري، ملكة اسكتلندا، معظم حياتها الحافلة بالدراما والصراعات السياسية في قصر هوليرود، أجرت هي الأخرى تعديلات على القصر، وخلال تلك الفترة أيضا شهد القصر مجموعة من أكثر الأحداث الفارقة في حياة الملكة ماري والتي حكمت اسكتلندا خلال الفترة ما بين عامي 1542-1567 حيث تزوجت في ذلك القصر اثنين من أزواجها الثلاثة، كما شهد ذلك القصر حادثة اغتيال سكرتيرها الإيطالي ديفيد ريزيو David Rizzio داخل جناحها الملكي الخاص، أمام عينيها، يد مجموعة يقودها زوجها اللورد دارنلي Lord Darnley، بسبب شعور الأخير بالغيرة من تأثير ريزيو على زوجته الملكة ماري وثقتها الكبيرة في ريزيو، واستشارتها له في شئون الحكم.
أعمال تجديد ضخمة في عهد تشارلز الأول وورثته في العرش
بحلول الوقت الذي تولي فيه تشارلز الأول King Charles I عرش بريطانيا في عام 1633، بدأت سلسلة ضخمة من أعمال التجديد المستمرة في القصر، والذي استخدم لاحقا، وتحديدا في عام 1651، ليكون موقع استضافة مراسم تتويج الملك تشارلز الثاني King Charles II في اسكتلندا، بالرغم من حقيقة أن الأخير لم يعد مرة أخرى إلى قصر هوليرود، لبقية حياته، ومع ذلك فلقد بدأ عملية إعادة بناء ضخمة لقصر هوليرود في سبعينيات القرن السابع عشر، تحت إشراف المهندس المعماري الإسكتلندي سير وليام بورس Sir William Burce، تضمنت إضافة برج على يمين القصر لإضافة واجهة متناظرة للقصر، كما تمت إضافة عدد من الأجنحة الملكية الجديدة للقصر، بديكورات فخمة، بمعايير ذلك العصر، تتضمن أسقف جصية.
وفي القرن العشرين واصل الملك جورج الخامس King George V وزوجته الملكة ماري Queen Mary (وهما جدي الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II)، جهود التجديد والترميم لقصر هوليرود، لأن الملك جورج الخامس وزوجته، اعتبرا القصر منذ لحظة إعلانهما ملكين لبريطانيا، بمثابة مقر إقامة عائلي آخر لهما في اسكتلندا، لذلك أضافا للقصر مجموعة من الحمامات الجديدة، والمصاعد والكهرباء لتحديث القصر بحيث يتماشى مع القرن العشرين، وحتى يكون أيضا موقع لاستضافة حفلاتهما الملكية في اسكتلندا، وهو ما كان بداية لتقليد ملكي بريطاني شهير، في عهد حفيدتهما الملكة إليزابيث الثانية وهو استضافة حفلات الحديقة حيث كان قصر هوليرود ولا يزال أحد القصور الملكية التي اعتادت العائلة المالكة البريطانية على اختيارها لتكون موقع استضافة حفلات الحديقة الملكية البريطانية، خلال القرن العشرين أيضا وتحديدا في عام 1922، تم الاعتراف رسميا بالأهمية التاريخية لقصر هوليرود، باختياره، كموقع للنصب التذكاري الوطني الإسكتلندي لإدوارد السابع Edward VII، وتم وضع تمثال للملك إدوارد السابع في الفناء الأمامي المواجه للقصر.
فترات إقامة العائلة المالكة البريطانية في قصر هوليرود
قصر هوليرود لا يزال يستخدم كمقر إقامة رسمي للعائلة المالكة البريطانية في اسكتلندا، حتى يومنا هذا، وبشكل عام، فإن أفراد العائلة المالكة البريطانية لا يقيمون في قصر هوليرود إلا خلال الفترات التي يقومون فيها بمهمات رسمية في العاصمة الاسكتلندية إدنبرة، أما العاهل البريطاني، فغالبا ما يقضي أسبوع واحد في قصر هوليرود في صيف كل عام، بالتزامن مع ما يعرف بالأسبوع الملكي في اسكتلندا، قبل أن يتوجه وعائلته إلى قلعة بالمورال في منطقة المرتفعات الاسكتلندية (وهي مقر إقامتهم الصيفي) لقضاء عطلتهم الصيفية هناك، كعادتهم في كل عام (وهو تقليد استمر طوال الـ 73 عام التي قضتها إليزابيث الثانية في حكم بريطانيا).
صيانة قصر هوليرود
في حين أن قصر هوليرود يعد ملكية تابعة للتاج البريطاني، ومقر إقامة رسمي للعائلة المالكة البريطانية في اسكتلندا إلا أن مهمة صيانة وإعادة ترميم القصر والمباني التي تقع على أراضيه، تقع على عاتق الحكومة الإسكتلندية، وإن كانت مؤسسة Royal Collection Trust وهي مسئولة عن أعمال ترميم وصيانة القصور الملكية، تشارك في أعمال صيانة قصر هوليرود، وفي إبريل عام 2016، أطلقت مشروع لتطوير وتجديد المساحات الخارجية لقصر هوليرود، بقيمة 10 ملايين جنيه إسترليني، وتم الانتهاء من المشروع في عام 2018.
عندما استضاف قصر هوليرود نعش الملكة إليزابيث الثانية
بعد سنوات من استخدامها لقصر هوليرود كمقر إقامة رسمي لها خلال فترات زيارتها لاسكتلندا، استضاف القصر نعش إليزابيث الثانية، بعد وفاتها في قلعة بالمورال في يوم 8 سبتمبر 2022 حيث نقل نعشها من بالمورال إلى القصر ووضع في غرفة العرش في القصر خلال الفترة من 11 إلى 12 سبتمبر قبل أن ينقل في موكب ملكي إلى كاتدرائية سانت جايلز حيث أقيمت جنازة ملكية للملكة إليزابيث الثانية هناك كانت هذه أول جنازة في اسكتلندا لملك منذ دفن جيمس الخامس في دير هوليرود في يناير 1543.