تعرفي على التاج الملكي الذي تحول من هدية زواج إلى تاج مفضل لثلاث من ملكات بريطانيا
في حين أن هناك أعداد ليس بالقليلة من التيجان الملكية التي تمتلكها العائلات الملكية الأوروبية إلا معظمها غالبا ما يبقى بعيدا عن الأنظار، في خزانة المجوهرات الملكية (و مجوهرات التاج كما تطلق عليها العائلات الملكية الأوروبية)، وعادة لا نشاهد فقط إلا أعداد قليلة منها، مثل التيجان الملكية ذات الشهرة العالمية، والتي لا يتم ارتدائها سوى في مناسبات رسمية هامة للغاية مثل حفلات التتويج، وأحد أفضل الأمثلة على ذلك، تاج سانت إدوارد أو تاج الإمبراطورية البريطانية الذي يرتديه الملك البريطاني أو الملكة البريطانية الحاكمة في حفلات التتويج.
تيجان ملكية معدلة
من المعتاد أيضا أن نشاهد بعض من التيجان الملكية الشهيرة التي تمتلكها ملكات أوروبا، والتي تظهر بنسخ معدلة في مناسبات متنوعة، أما عن سبب ذلك فهو تعديل تصميم التاج لسبب أو لآخر، بتعليمات من صاحبة التاج الملكي (ليكون التاج أكثر ملائمة لذوقها الخاص أو يتضمن الأحجار الكريمة المفضلة لديها أو يكون أكثر راحة وأقل ثقلا عند الارتداء) أو لأن التاج يتضمن قطع عديدة قابلة للفصل وإعادة التركيب (وهو أمر شائع في التيجان الملكية)، مما يسمح بارتدائها بطرق مختلفة.
تاج زهور العسل، التاج الملكي الذي صنع بتكليف من ملكة بريطانية أهدته لاحقا لزوجة ابنها
أحد أفضل الأمثلة على ذلك، التاج الملكي البريطاني Honeysuckle Tiara أو تاج زهور العسل والذي يوصف بأنه واحدة من أكثر التيجان الملكية بهجة من حيث التصميم وقابلية التعديل، وغالبا ما يزين بأحجار كريمة ملونة، أو هكذا اعتادت أن ترتديه مالكته الحالية، وهي دوقة غلوستر والتي سبق وأن ظهرت بنسخ معدلة وملونة من التاج في عدة مناسبات.
صنع تاج العسل بتكليف من الملكة ماري Queen Marry زوجة الملك جورج الخامس King George V (وهما جدين الملكة الراحلة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II)، بعد سنوات قليلة، من اعتلاء الملك جورج الخامس والملكة ماري العرش البريطاني، في عام 1910، وتم تكليف شركة E. Wolff and Co بمهمة صنع ذلك التاج، وتم الانتهاء من صنعه قبل بداية الحرب العالمية الأولى مباشرة والتي اندلعت في يوليو عام 1914.
النسخة الأصلية من تاج زهور العسل هي عبارة عن تاج ماسي مبهر، زين بأحجار ماسية تم الحصول عليها من تاج سيدات إنجلترا Ladies of England Tiara، وتاج سري فرينج Surrey Fringe Tiara، وكلاهما كان من هدايا الزفاف التي حصلت عليها الملكة ماري، بمناسبة زفافها على الملك جورج الخامس في عام 1893، ويتميز التصميم الأصلي للتاج بزخارف جذابة ومميزة بأشكال زهور العسل، يمكن استبدالها بماسة Cullinan V أو الياقوت الأزرق، كما سبق وأن تم ارتداء التاج بعد إضافة أحجار من التوباز الوردي متعدد الأوجه، والزمرد قطع كابوشون للتاج.
بالرغم من جمال وتفرد التاج، وتنوع طرق ارتدائه، وحقيقة أنه كان لفترة تاج مفضل للملكة ماري إلا أنها لم تحتفظ به لفترة طويلة، واختارت أن تقدمه كهدية إلى زوجة ابنها الجديدة، ليدي أليس مونتاجو دوغلاس سكوت Lady Alice Montagu Douglas Scott، عندما تزوجت من الأمير هنري، دوق غلوستر Prince Henry, Duke of Gloucester في عام 1935، وقبل تقديم التاج كهدية لزوجة ابنها الأمير هنري، قامت الملكة ماري بإضافة قطعة ماسية للتاج على شكل زهرة العسل بحيث تثبت في المنطقة المركزية للتاج، وبعد فترة قصيرة، من حصولها على التاج كهدية زفاف من والدة زوجها، بدأت دوقة غلوستر الجديدة وقتها في ارتداء التاج في المناسبات الملكية الهامة، وأبرزها حفل تتويج الملك جورج السادس King George VI (وهو والد الملكة إليزابيث الثانية) والذي أقيم في كاتدرائية وستمنستر في العاصمة البريطانية لندن في عام 1937، كما ارتدته أليس دوقة غلوستر لاحقا أيضا في العديد من الحفلات والصور الرسمية.
كيف أصبح تاج زهور العسل تاجا ملونا بمرور السنوات
وبحلول الخمسينيات من القرن العشرين، أصبح تاج زهور العسل تاج مفضلا لدى أليس دوقة غلوستر، والذي قامت الدوقة بارتداؤه في عشرات المناسبات بحلول ذلك الوقت، وكانت أليس دوقة غلوستر تفضل ارتداء التاج في صورته الأصلية التي يزينها الماس فقط دون إضافة أحجار كريمة ملونة.
بعد وفاة الملكة ماري، ورثت الأميرة أليس، دوقة غلوستر، حجر التوباز الوردي الذي كان يستخدم في تزيين تاج زهور العسلة إلا أنها ظلت تفضل ارتداء التاج في صورته الأصلية، تاج زهور العسلة أصبح أيضا آخر تاج ملكية تظهر به الأميرة أليس خلال آخر ظهور رسمي لها بتاج ملكي في عام 1982، في مراسم تقليد وسام باث Order of Bath Service الملكي المرموق، وخلال السنوات التالية لم تظهر بتاج ملكي حتى وفاتها في عام 2004، وكان عمرها وقتها 103 عام، لتصبح بذلك أكبر أفراد العائلة المالكة البريطانية سنا حتى الآن وقت الوفاة.
أين ذهب تاج العسل بعد وفاة الأميرة أليس
تاج زهور العسل لم يختفي تماما عن الأنظار بعد توقف الأمير أليس لسنوات عن ارتدائه حتى وفاتها، ففي أواخر سبعينيات القرن الماضي، ظهرت بريجيت دوقة غلوستر الحالية Birgitte, Duchess of Gloucester وزوجة الأمير ريتشارد دوق غلوستر Prince Richard, Duke of Gloucester (وهو أحد أبناء عمومة الملكة إليزابيث الثانية) وهي ترتدي التاج، وارتدته للمرة الأولى في عام 1975 خلال الزيارة الرسمية الملكية لدولة السويد للمملكة المتحدة، وبحلول التسعينيات، بدأت دوقة غلوستر الحالية تظهر بنسخ معدلة من التاج يزينها التوباز والزمرد وسبق وأن ارتدت مع التاج، قلادة الأميرة أليس المرصعة بالزمرد، وفي السنوات الأخيرة، ظهرت بالتاج في مأدبة عشاء رسمية للترحيب بالرئيس الأمريكي في عام 2019، وفي مأدبة جيلدهول في عام 2022.