The Thin Man… مارجو روبي وبراد بيت وإعادة ثُنائي نِك ونورا إلى شاشة السينما!
في عام 2011 جلس المخرج "روب مارشال" و"جوني دِب" لمُناقشة مشروع سينمائي لإعادة سلسلة أفلام الجريمة الكلاسيكية "الرجل النحيف" "The Thin Man"، وكان "دِب" مُرشحًا لتجسيد شخصية المُحقق حاد الذكاء نِك تشارلز، وهو الدور الذي جسده "ويليام باول" في النسخة الكلاسيكية عام 1934، وشاركته البطولة المُمثلة "ميرنا لوي" في دور زوجته الأرستقراطية نورا، وهي لا تقل عن زوجها ذكاءً وحماسًا لحل القضايا الغامضة، وهما يتمتعان بالعفوية وخفة الظل إلى جانب الرومانسية، وهذه التركيبة صنعت نجاحًا كبيرًا على المستوى الفني والتُجاري، وغير الفيلم الشكل النمطي لنوعية أفلام الجريمة في تلك الحِقْبَة؛ فأثبت أن التحقيق في جرائم القتل الجادة لا يعني أن تفقد الحس المرح.
المشروع الحائر لجوني دِب!
اختيار شركة "وارنر" "جوني دِب" لتجسيد شخصية نِك تشارلز يلائم ميل دِب لنوعية الشخصيات التي تحمل صِفات جذابة ومرحة وغير مألوفة؛ مثل شخصية الكابتن جاك سبارو في سلسلة "قراصنة الكاريبي" Pirates of the Caribbean، وهي السلسلة التي جمعت بين المُخرج "روب مارشال" و"دِب" أيضًا.
قائمة المُرشحات لأداء دور نورا تشارلز كانت طويلة؛ في البداية كان اسم "راشيل وايز" هو الأقرب للحصول على الدور، ولكن ظل الباب مفتوحًا على اختيارات أخرى؛ منها "ايفا جرين"، و"ايميلي بلانت"، و"ايما ستون"، و"آمي أدامز"، و"كاري موليجان"، وأخريات.
ذهب مشروع الفيلم إلى الأدراج ولم يُنتج أبدًا؛ وربما لم تكن "وارنر" راضية تمامًا عن إيرادات فيلم الفانتازيا الكوميدية "ظلال قاتمة" "Dark Shadows" الذي جسد فيه "جوني دِب" دور مصاص دماء، ولم تتحمس للمضي في مشروع "الرجل النحيف".
قبل أيام عاد مشروع إنتاج نسخة جديدة من "الرجل النحيف" إلى الواجهة مع أنباء نية شركة "LuckyChap" التي تمتلك الممثلة "مارجو روبي" حصة بها التعاون مع شركة "Plan B." التي يرأسها "براد بيت" لتمويل إعادة الفيلم، ولم تُعلن بعد أسماء الممثلين المرشحين لأدوار "نِك ونورا".
ثنائية نِك ونورا!
"نِك ونورا" من أشهر ثنائيات هوليوود في حِقْبَة الثلاثينيات والأربعينيات، وأصبح مُصطلح "نِك ونورا" وصفًا يرمز لأي ثُنائي فني يجمع بين زوجين تتميز تصرفاتهما بالرومانسية والمرح.
قبل السينما ظهرا "نِك ونورا" في أحداث رواية الكاتب "داشيل هاميت" عام 1934 وحملت نفس عنوان الفيلم، وحققت نجاحًا كبير. أنتجت شركة "مترو جولدن ماير" الفيلم الأول من السلسلة بعد أشهر من صدور الرواية، ورُشح "دبليو. إس. فان دايك" للإخراج، وهو مُخرج معروف بلقب "صاحب اللقطة الواحدة"، وساعد أسلوبه في الممثلين على الأداء بعفوية، مشاهد الفيلم بعفوية، ولم يقف أمام ارتجال "ويليام باول" و"ميرنا لوي" أمام الكاميرا، وأصبح هذا من عناصر جاذبية الفيلم، وشجع شركة "مترو جولدن ماير" على إصدار أجزاء تالية.
نِك تشارلز مُحقق خاص ناجح تقاعد بعد زواجه من نورا، لديه مشكلة مع الإفراط في الشراب، وهو يُحاول حلها ويفشل غالبًا، زوجته نورا وريثة من الطبقة الراقية، وهما ثنائي رومانسي خفيف الظل، ويجمع بينهما حب المزاح وحل الألغاز البوليسية، والاهتمام بكلبهما اللطيف آستا، وفي الأجزاء اللاحقة ينضم طفلهما نِك الصغير إلى العائلة.
حطم ثنائي "نِك ونورا" الصورة الرصينة التقليدية لثنائية الأزواج على الشاشة؛ وأضافا "ويليام باول" و"ميرنا لوي" جاذبية خاصة للزوجين بتصرفاتهما التي تبدو طفولية؛ وهذا المزج بين شقاوة الشباب وجدية الكبار جعل للشخصيتين خصوصية، أحب الجُمهور حضور نِك ونورا على الشاشة دون النظر إلى جودة المغامرة التي قدمها سيناريو الفيلم.
سلسلة أفلام ناجحة!
طورت شركة مترو الشخصيات، وصنعت المزيد من الأفلام من أجل "نِك ونورا"، وجميعها تُصور حكايات جديدة لم يكتبها مؤلف الرواية الأصلية "داشيل هاميت"، وبعد "الرجل النحيف" 1934 صدرت خمسة أفلام على مدار 13 عامًا؛ هي أفلام: "بعد الرجل النحيف" 1936، و"رجل نحيل آخر" 1939، و"ظل الرجل النحيف" 1941، و"الرجل النحيف يعود للمنزل" 1945، و"أغنية الرجل النحيف" 1947.
ظن البعض أن عنوان "الرجل النحيف" يُشير إلى شخصية "ويليام باول" في الفيلم، وهو المُحقق الرشيق الوسيم، ولكن "الرجل النحيف" المقصود هو وصف الرجل الذي كان يبحث عنه البطل في الفيلم الأول، وظلت صفة "الرجل النحيف" جزء من عنوان كل فيلم جديد في السلسلة، مع أنّ دور "الرجل النحيف" انتهى في الفيلم الأول.
ما بعد الرجل النحيف!
تأثير الفيلم وشخصياته تجاوز حدود سلسلة الأفلام نفسها، وكان مُلهمًا للعديد من الأعمال الفنية، وظهرت الحكاية في العديد من القوالب الفنية؛ بدأت عام 1936 بتحويل الفيلم إلى تمثيلية إذاعية، بطولة نفس أبطال الفيلم، وفي عام 1957 تحولت قصة الفيلم إلى مسلسل تليفزيوني من بطولة "بيتر لوفورد" و"فيليس كيرك" في دوري نِك ونورا، وعام 1975 عُرض فيلم تليفزيوني بعنوان "نِك ونورا" وهو جزء من سلسلة أفلام تليفزيونية عرضتها شبكة ABC تحت عنوان "عالم الجريمة".
عام 1991 قدمت برودواي مسرحية موسيقية بعنوان "نِك ونورا"، وعُرضت معالجات مسرحية أخرى مأخوذة عن الرواية الأصلية؛ منها نُسخة عُرضت على مسرح فرتيجو بكندا عام 2018، وتم تكييفها بخيوط درامية مُختلفة عن الفيلم، ولكنها مُستلهمة من الرواية الأصلية؛ فتم تقديم نورا على أنها وريثة صينية أمريكية، وهي تعيش وزوجها في شبه عزلة إجتماعية بسبب النظرة العُنصرية تجاه الغرباء في حِقْبَة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
لم تسلم شخصيتي "نِك ونورا" من السخرية الهوليوودية؛ ففي عام 1976 ظهرت شخصيتي "نِك ونورا" بصورة ساخرة في فيلم الجريمة الكوميدي "القتل بالموت" "Murder by Death"، والفيلم يجمع أشهر شخصيات المحققين البوليسيين في الروايات والأفلام داخل قصر غامض؛ بهدف حل لُغز جريمة قتل لم تحدث بعد، وجسد "ديفيد نيفين" و"ماجي سميث" شخصيتي ديك ودورا، في إشارة إلى الثنائي نِك ونورا.
قد يتجاوز دور "مارجو روبي" إنتاج الفيلم إلى تجسيد شخصية نورا تشارلز، ولا سيما بعد نجاحها المُدوي في أداء النسخة الحية من الدمية باربي في فيلم "باربي" Barbie"، وهي تمتلك الروح المرحة والحيوية التي تجعل ترشيحها للدور مُحتملة، إذا تجاوزنا عن الفرق الجوهري بين شخصية "ميرنا لوي" التي يميل أدائها للنعومة والهدوء، على العكس من شخصية "مارجو روبي"، ويصعب تخيل "براد بيت" في شخصية نِك تشارلز، ومن بين الأسباب التي تجعل اختياره للدور مُستبعدًا فارق السن الكبير بينه وبين "مارجو روبي"، وربما يكتفي كلاهما بالإنتاج وترك مهمة إعادة نِك ونورا إلى الشاشة لممثلين أخرين، وهى مهمة صعبة للغاية؛ فقد صنع "ويليام باول" و"ميرنا لوي" شخصيتي نِك ونورا بمصداقية كبيرة حتى ظن كثير من جَمهور الفيلم أن "ويليام وميرنا" زوجين في الواقع، وأنهما فعلًا نِك ونورا.