قصة صعود وزوال عائلة نورماندي التي حكمت إنجلترا بعد غزو النورمان
عائلة وندسور هي العائلة الملكية الحاكمة التي تحكم بريطانيا حاليا، وملوكها هم رسميا ملوك المملكة المتحدة وغيرها من ممالك الكومنولث الأخرى، ومنذ تأسيسها في عام 1917، حكم خمسة ملوك بريطانيين من عائلة وندسور الملكية، إنجلترا، وهم الملك جورج الخامس George V، الملك إدوارد الثامن Edward VIII، الملك جورج السادس George VI، والملكة إليزابيث الثانية Elizabeth II، والملك تشارلز الثالث Charles III ملك بريطانيا الحالي، ومن المتوقع أن يحكم المزيد من الملوك من عائلة وندسور الملكية، بريطانيا في المستقبل، وعلى رأسهم الأمير وليام ولي عهد بريطانيا وأمير ويلز William, Prince of Wales، وابنه الأكبر الأمير جورج Prince George of Wales،
تشارلز الثالث، ملك بريطانيا الحالي والابن الأكبر للملكة إليزابيث الثانية وهي واحدة من ملوك عائلة وندسور، لا ينتمي إلى عائلة وندسور الملكية، من جهة والدته فحسب، وإنما من جهة والده أيضا، فوالده الأمير فيليب Prince Philip والذي كان ينتمي بحكم الميلاد إلى العائلة المالكة اليونانية وتربطه صلة قرابة بالعائلة المالكة الدنماركية (حتى أنه عرف في الماضي بأمير اليونان والدنمارك قبل أن يتنازل عن ألقابه الملكية للزواج من إليزابيث الثانية)، تربطه صلة قرابة أيضا بعائلة وندسور، عن طريق عائلة أولدنبورغ House of Oldenburg الدنماركية النبيلة، حيث ينتمي الأمير فيليب إلى فرع غلوكسبورغ Glücksburg branch من عائلة أولدنبورغ.
لكننا اليوم لن نتحدث عن عائلة وندسور الملكية النبيلة التي يحكم ملوكها بريطانيا منذ عقود، وإنما عائلة ملكية أخرى حكمت بريطانيا، وهي عائلة نورماندي House of Norman الملكية والتي حكمت إنجلترا بعد غزو النورمان لإنجلترا، واليوم سنستعرض لمحات من تاريخ هذه العائلة الملكية النبيلة، وقصة وصولها إلى العرش البريطاني وزوال حكمها.
عائلة نورماندي الملكية
من المعروف أن تسع عائلات ملكية حكمت إنجلترا منذ الغزو النورماندي للبلاد، عام 1066، وجميعها تركت بصماتها على البلاد واحتلت جزء مميز من التاريخ الإنجليزي، ولكن ثمانية منها فقدت نفوذها وقوتها، وخسرت العرش البريطاني، وأشهرها عائلة نورمادي التي حمل ورثتها لقب دوق نورماندي وكان منهم من أصبح من ملوكا لإنجلترا، وكانت بداية استحواذهم على العرش، بعد عام من غزو النورمان لإنجلترا واستمر حكمهم من البلاد، حتى انتقل الحكم إلى عائلة بلانتاجانت النبيلة House of Plantagenet في عام 1154، ولكن كيف فقدت عائلة نورماندي عرش إنجلترا بعد حصلت عليه بعد النصر الكبير الذي حققه وليام الفاتح William the Conqueror في معركة هاستينغز، واستحوذت على العرش لقرن من الزمان؟
كيف وصلت عائلة نورماندي إلى العرش
وصلت عائلة نورماندي إلى عرش إنجلترا في عام 1066 بعد الانتصار الشهير الذي حققه ويليام الفاتح (والمعروف أيضا باسم الملك وليام الأول) في معركة هاستينغز حيث ساهم هذا الانتصار في إحداث ثورة في إدارة مملكته الجديدة وشرع في تغيير نسيجها بفرض طبقة حاكمة جديدة، وبعد وفاة ويليام الفاتح، انتقل العرش إلى اثنين من أبنائه، وهما ويليام الثاني William II وهنري الأول Henry I، وكلاهما كان ملكا قويا وناجحا طوال فترة حكمه.
ويليام الثاني تولي الحكم أولا، وخلفه بعد وفاته، شقيقه الأصغر هنري الأول، والذي مات دون أن ينجب وريث ذكر، وخلفه في ولاية العرش، الملك ستيفن Stephen, King of England، وهو ابن إديلا من نورماندي Adela of Normandy، زوجة كونت بلوا، وابنة وليام الفاتح، وشقيقة هنري الأول، وكان عهد الملك ستيفن هو بداية نهاية حكم عائلة نورماندي لإنجلترا.
آخر ملوك عائلة نورماندي
الملك ستيفن والذي كان يعرف قبل إعلانه ملكا لإنجلترا، بستيفن كونت بلوا، أصبح ملكا لإنجلترا في عام 1135، خلفا لخاله هنري الأول، وبدأ عهد الملك ستيفن في وجود الكثير من الداعمين الأقوياء، ومع ذلك فلقد واجه الكثير من التحديات منذ بدايات حكمه، أبرزها أنه كان من الواضح منذ بداية عهده أنه ليس ملكا قويا، مثل من سبقوه ملوك عائلة نورماندي، وسرعان ما قدم التنازلات التي كشفت افتقاره إلى السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد، وازاد الأمر سوء بسبب توتر علاقته مع الكنيسة.
سلطات الملك ستيفن كحاكم فعلي، بدأت تتضاءل بمرور الوقت، وأعطى حكمه غير الفعال الوقود للحملات المطالبة بإزاحته عن العرش، واستبداله، بابنة هنري الأول، ماتيلدا Matilda of England، وتسبب ذلك في دخول إنجلترا إلى حرب أهلية عرفت باسم حرب اللاسلطوية the Anarchy، في تلك الأثناء حصلت ماتيلدا لفترة وجيزة على لقب "سيدة الإنجليز" Lady of the English لكن ابنها هنري كان هو من مهد الطريق لانتزاع عشر إنجلترا من الملك ستيفن، وبحلول عام 1153، ومع وفاة ابنه الأكبر، وخسارته للحرب، بدأ الملك ستيفن يتفاوض على اتفاق لإنهاء الحرب وإحلال السلام والذي انتهى بانتقال العرش من الملك ستيفن إلى هنري (لاحقا الملك هنري الثاني King Henry II)، وهو رأس عائلة بلانتاجنيت النبيلة وبذلك انتقل حكم إنجلترا من عائلة نورماندي إلى عائلة بلانتاجنيت.
ملكة عائلة نورماندي الأخيرة
عند الحديث عن ستيفن آخر ملوك إنجلترا من عائلة نورماندي، لابد من الحديث أيضا عن آخر الملكات القرينات من عائلة نورماندي وهي ماتيلدا من بولوني Matilda I, Countess of Boulogne، زوجة الملك ستيفن والتي وعلى العكس من زوجها كانت تتمتع بذكاء حاد وشخصية قوية، وأثبتت خلال فترة حكم زوجها أنها سياسية محنكة وصاحبة استراتيجيات عسكرية أكثر فعالية بكثير بالمقارنة بزوجها، حتى أنها فازت بمعارك حاسمة في الحرب من أجل التاج وتفاوضت على إطلاق سراحه عندما تم القبض عليه من قبل أعدائه.
وبدون شك فإن وفاة ماتيلدا عام 1152، ساهمت بشكل كبير في ضياع العرش من زوجها الملك ستيفن ومن عائلة نورماندي ككل، ففي غضون عام من وفاتها، كان زوجها قد بدأ بالفعل مفاوضات التنازل عن العرش لصالح عائلة بلانتاجنيت.
نهاية حكم عائلة نورماندي لإنجلترا
انتهى حكم عائلة نورماندي لإنجلترا رسميا بوفاة الملك ستيفن في 25 أكتوبر 1154 في دوفر بريوري في كينت، وبدأ الملك هنري الثاني رحلته من فرنسا إلى إنجلترا للمطالبة بعرشه، وبإعلانه لاحقا ملكا لإنجلترا انتهى حكم عائلة نورماندي لإنجلترا إلى الأبد، وبدأ حكم عائلة بلانتاجنيت.