من هو ملك إنجلترا واسكتلندا الذي أحب الأدب وتوفي قبل الستين؟

توج الملك جيمس السادس King James VI of Scotland (والذي عرف لاحقا بالملك جيمس السادس، الأول، ملك اسكتلندا وإنجلترا)، ملكا لإسكتلندا، عندما كان عمره يزيد قليلا عن العام، وأصبح لاحقا ملكا لإنجلترا أيضا ولقب في إنجلترا بالملك جيمس الأول، بالإضافة إلى شهرته بتوحيد تاجي إنجلترا واسكتلندا، فإنه اشتهر أيضا بإصداره ما يعرف بنسخة الملك جيمس المرخصة من الكتاب المقدس King James Bible وهي ترجمة إنجليزية للكتاب المقدس صدرت خصيصا من أجل كنيسة إنجلترا، من المعروف أيضا أن عهده شهد الكثير من المؤامرات ومحاولات الإطاحة به والتي تصدى لها بعنف، ولكن ما قد يعرفه الكثيرون أن جيمس السادس كان أيضا من هواة الأدب والفنون والمسرح، وكان من أكثر داعميهم وبفضل ذلك ازدهرت الفنون في عصره بشكل كبير، واليوم سنسلط الضوء على بعض من أهم الحقائق عن حياة جيمس السادس والذي نجى من محاولة اغتيال محكمة وانتهى به الأمر بالموت على فراش المرض، قبل أن يكمل عامه الستين:

كيف أصبح جيمس السادس ملكا لإسكتلندا

جيمس السادس، هو الطفل الوحيد لماري، ملكة اسكتلندا Mary, Queen of Scots، وولد جيمس السادس في يوم 19 يونيو 1566 في قلعة إدنبرة، والده هو هنري سيتورات لورد دارنلي Henry Stuart, Lord Darnley، وتوفي شابا، في حادث اغتيال في فبراير 1567، قيل إنه من تدبير زوجته ماري ملكة إسكتلندا، وفي ربيع ذلك العام، سجنت ماري وأجبرت لاحقا على التنازل عن العرش لصالح ابنها جيمس، والذي كان عمره أقل من عام عندما رأى والدته للمرة الأخيرة، وفي يوليو 1567، تم تتويج جيمس السادس ملكا لإسكتلندا في كنيسة هولي رود، أسفل الطريق من قلعة ستيرلنغ Stirling Castle، وكان عمره وقتها لا يتجاوز 13 شهرا.

حكمت سلسلة من الأوصياء بدلا من الملك الطفل وقتها، جيمس السادس، مما تسبب في قدر كبير من الاضطرابات في اسكتلندا حيث دارت معارك بين أنصار جيمس الذين يرغبون في إبقائه على العرش والتخلص من والدته ماري ملكة إسكتلندا إلى الأبد، وأنصار والدته ماري، للسيطرة على العرش، أول هؤلاء الأوصياء كان جيمس ستيوارت، إيرل موراي الأول James Stewart, 1st Earl of Moray، واغتيل عام 1570 أثناء محاولته إعادة ماري إلى العرش الإسكتلندي، كما توفي الوصيان اللاحقان على ملك جيمس السادس.

الوصي الأخير في حياة جميس السادس، كان جيمس دوغلاس، إيرل مورتون الرابع، وكان الوصي الأطول عمرا والأكثر نجاحا في حياة جيمس السادس حيث تمكن من قمع المتمردين الذين أرادوا إعادة ماري إلى العرش الأسكتلندي، وساهم في تعزيز أركان حكم جيمس السادس وأنصاره، ومع ذلك، فلقد اتهم في النهاية بالمشاركة في قتل والد جيمس، لورد دارنلي، وتم إعدام دوغلاس في يونيو 1581، وتولى جيمس السادس العرش وعمره 15 عام.

كيف كان معلم جيمس السادس سبابا في تعلقه بالأدب والفنون

إلى جانب أوصيائه المتعددين، كان هناك شخص آخر له أثر بالغ في حياة الملك جيمس السادس وهو معلمه جورج بوكانان George Buchanan، وكان باحثا ومؤرخا بارزا، وبفضل بوكانان، أحب الملك جيمس السادس، الشعر والأدب طوال حياته، وملأ البلاط الإسكتلندي بكبار الشعراء في ذلك الوقت، جيمس عرف عنه أيضا أنه رجل متعلم ومثقف للغاية، ومهتم باللاهوت والكتابة والسياسة، حتى أنه نشر العديد من أعماله الأدبية الخاصة، كما قام أيضا بدعم مشروع ترجمة الإنجيل باللغة الإنجليزية، والذي لا يزال يستخدم حتى يومنا هذا، ويعرف بنسخة الملك جيمس من الكتاب المقدس.

الملك جيمس السادس وحلم وراثة العرش البريطاني

كانت وراثة عرش إنجلترا أكبر حلم في حياة جيمس السادس، وبالتالي، عندما وقعت قريبته الملكة إليزابيث الأولى Queen Elizabeth I، مذكرة إعدام والدته ماري، ملكة اسكتلندا، بدعوى تآمرها من أجل الاستيلاء على العرش البريطاني، لم يخض جيمس السادس قتال حقيقيا من أجل إيقاف ذلك، لأنه أراد أن تختاره إليزابيث الأولى والتي لم تتزوج أو تنجب طوال حياتها، وريثا لعرشها، فهو أقرب أقربائها الملكيين، فضلا عن كونه المرشح الأكثر ملاءمة للعرش البريطاني، لأنه بروتستانتي على العكس من والدته الكاثوليكية، وتمكن جيمس من إثبات أحقيته للعرش الإنجليزي من خلال جدته الكبرى مارغريت تيودور Margaret Tudor، وهي شقيقة هنري الثامن Henry VIII، والد إليزابيث الأولى.

في عام 1589، تزوج جيمس من آن من الدنمارك Anna of Denmark، وأنجبا خلال زواجهما، ثلاثة أبناء وأربع بنات، ولكن ثلاثة فقط من أطفالهما عاشوا بعد مرحلة الطفولة، وهم ابنهما الأكبر هنري، ولكنه توفي عن عمر يناهز 18 عام بسبب التيفوئيد، وابنهما الثاني تشارلز والذي أصبح لاحقا الملك تشارلز الأول ملك إنجلترا واسكتلندا وإيرلندا Charles I (ولكن تم إعدامه في عام 1649 بعد الإطاحة به)، أما ثالث أطفالهما، وأطولهم عمرا، هي ابنتهما إليزابيث والتي أصبحت لاحقا ملكة بوهيميا Elizabeth, Queen of Bohemia، بعد زواجها من فريدريك الخامس Frederick V ملك بوهيميا.

جيمس السادس والأول ملك اسكتلندا وإنجلترا

عندما توفيت إليزابيث الأولى في يوم 24 مارس 1603، حقق جيمس السادس حلمه، وورث عرش إنجلترا، وأصبح منذ ذلك الحين يعرف بجيمس الأول ملك إنجلترا وجيمس السادس ملك اسكتلندا، وعلى الرغم من أنه كان حاكم المملكتين، إلا غادر أن جيمس السادس، غادر اسكتلندا فور إعلانه ملكا لإنجلترا، وعاد إليها مرة واحدة فقط بعد، مفضلا البلاط الإنجليزي والبقاء في مملكته الجديدة.

كيف دعم جيمس السادس والأول الأدب والفنون والمسرح خلال عهده

كان الملك جيمس من أشد المحبين والداعمين للمسرح في عصره، ومن بين أبرز جهوده بخصوص ذلك الشأن اعتماده لشركة ويليام شكسبير William Shakespeare، مما ساعد على جلب عصر جديد من التميز المسرحي إلى البلاد، كما كان له الفضل أيضا في إحياء الشعر الإسكتلندي، على الرغم من أن هذه النهضة تأثرت بسبب إحضاره معه لشعراء اسكتلندا البارزين إلى البلاط الإنجليزي.

على الجانب الآخر، كان جيمس يشرب الخمر بكثرة، وينفق بإسراف، وغالبا ما كان يشارك في الأنشطة ترفيهية مثيرة للجدل، وكان يحتفظ في بلاطه بعدد من الرجال المقربين لديه في بلاطه، مما أثار شائعات عن إقامته علاقات جنسية معهم.

اضطرابات سياسية ونجاة من محاولة اغتيال

ومن الناحية السياسية، كان الملك جيمس يأمل في توحيد البلدين اللذين يحكمهما ويسميهما بريطانيا العظمى، لكن البرلمان الإنجليزي لم يوافق على الفكرة، لذلك ظلت اسكتلندا وإنجلترا دولتين منفصلتين لهما ملك مشترك، وبينما نجح في خلق السلام في إنجلترا من خلال إنهاء حربهم الطويلة مع إسبانيا، فإن اشتباكاته المتكررة مع البرلمان تركت تشارلز نجل جيمس في بيئة سياسية، تسببت لاحقا في إنهاء حكمه.

الاضطرابات السياسية في عهد الملك جيمس، كانت سببا أيضا في محاولة اغتياله عام 1606، فيما عرف لاحقا بمؤامرة البارود وكان الهدف المعلن لهذه المؤامرة هو تحقيق قدر أكبر من التسامح الديني مع الكاثوليك وخطط المشاركون في المؤامرة لقتل الملك وأعضاء البرلمان عن طريق تفجير مبنى البرلمان ثم إعادة تأسيس الحكم الكاثوليكي، وتم إحباط المؤامرة، في يوم 5 نوفمبر، وإعدام المشاركين فيها.

وفاة الملك جيمس على فراش المرض

وفاة الملك جيمس جاءت في يوم 27 مارس 1625 عن عمر يناهز 58 عام، بعد إصابته، بسكتة دماغية بعد معاناة قصيرة مع المرض بعد إصابته بحمى الملاريا. على الرغم من أن أحد مفضليه في البلاط، وهو جورج فيليرز، دوق باكنغهام George Villiers, the Duke of Buckingham، اتهم على نطاق واسع بتسميم الملك في الأيام التي سبقت وفاته، إلا أنه لم يتم العثور على دليل واضح صحة ذلك الاتهام على الإطلاق. دفن الملك جيمس في كاتدرائية وستمنستر وخلفه ابنه تشارلز الأول.