لهذا السبب منع الملك تشارلز من الزواج داخل قلعة وندسور

في عام 2005، تزوج الملك تشارلز الثالث King Charles III (ولي عهد بريطانيا وأمير ويلز في ذلك الوقت)، من حب حياته، كاميلا باركر بولز (لاحقا الملكة كاميلا Queen Camilla) كان زواج تشارلز الثالث وكاميلا تتويجا لعلاقة حب امتدت لخمسة عقود، وأذهلت إنجلترا والعالم وحتى الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II نفسها، والدة تشارلز الثالث، وجاء ذلك الزواج بعد الكثير من التحديات التي واجهها تشارلز وكاميلا خلال علاقتهما، وأبرزها رفض غالبية الشعب البريطاني لتلك العلاقة في ذلك الوقت، واعتبارهم لها سبب في تعاسة أميرتهم المفضلة، الأميرة ديانا وهي الزوجة الأولى لتشارلز الثالث والتي انتهى زواجه منها في عام 1996 رسميا، بسبب علاقته بكاميلا والتي لم يستطع نسيان حبه لها حتى بعد زواجه من ديانا، ولكن في النهاية وعلى العكس من توقعات الكثيرين، حقق تشارلز الثالث حلمه بالزواج من كاميلا، ولكنهما لم يحصلا على حفل زفاف ملكي، يليق بملك بريطانيا المستقبلي وقتها، بل ولم يسمح لهما بالزواج في داخل كنيسة قلعة وندسور والتي سبق وأن استضافت العديد من حفلات الزفاف الملكية لأفراد من العائلة المالكة البريطانية، بما في ذلك حفلات زفاف لأفراد من العائلة المالكة ممن يحملون ترتيب متأخر في وراثة العرش البريطاني، إذا ما السبب الذي منع تشارلز الثالث من الزواج من زوجته كاميلا في قلعة وندسور، بالرغم من حقيقة أنه كان وريث للعرش البريطاني وقتها، في حين سمح لأفراد آخرين من العائلة المالكة البريطانية، ممن يتبعونه في خط ولاية العرش البريطاني، بالزواج في قلعة وندسور، قبل وبعد زواجه من زوجته الثانية كاميلا؟

قصة الحب الطويلة التي اعتقد أنها لن تحصل على نهايتها السعيدة إلى الأبد

قبل أن نتعرف على السبب الذي منع الملك تشارلز الثالث من الزواج من زوجته كاميلا في قلعة وندسور، سيكون من الملائم أن نسلط الضوء على قصة الحب الطويلة التي جمعت بين الملك تشارلز الثالث وزوجته كاميلا، ومدى تقبل الملكة الراحلة إليزابيث الثانية لها، وكيف ولماذا قررت الملكة إليزابيث الثانية، أن تمنح ابنها الأكبر تشارلز الثالث الإذن بالزواج من زوجته الثانية.

بدأت قصة الحب التي جمعت بين تشارلز الثالث وزوجته كاميلا والتي كانت تعرف وقتها باسمها قبل الزواج، وهو كاميلا شاند Camilla Shand، في صيف عام 1970، كاميلا كانت وقتها تبلغ من العمر 24 عام، بينما كان عمر تشارلز في ذلك الوقت 22 عام، كاميلا وتشارلز الثالث تقابلا في مباراة بولو خيرية، ويقال إن تشارلز الثالث، وقع في حبها من النظرة الأولى، وأعجب بجمالها وذكائها وطبيعتها المرحة والمحبة للحياة، بعدها بفترة وجيزة، بدأت علاقتهما الرومانسية والتي وصفت بأنها كانت هادئة ومستقرة وسعيدة بالنسبة للطرفين، ولكنها انتهت بالانفصال بعد التحاق تشارلز الثالث للجيش، كما تزامن ذلك أيضا مع ضغوط على تشارلز الثالث للبدء في البحث عن زوجة ملائمة لتكون ملكة مستقبلية لبريطانيا، ولأن تقاليد الزواج الملكية البريطانية كانت أكثر صرامة في ذلك الوقت، كان المتوقع أن تكون زوجة تشارلز الثالث المستقبلية تنتمي إلى عائلة بريطانية نبيلة، مما يستبعد كاميلا شاند والتي تنتمي أسرتها إلى عامة الشعب.

بعدها بثلاث سنوات تقريبا، وفي عام 1973، تزوجت كاميلا شاند من صديقها السابق لسنوات والذي عادت إليه بعد انفصالها عن تشارلز الثالث، وهو ضابط في سلاح الفرسان في الجيش ويدعى أندرو باركر بولز Andrew Parker Bowles في عام 1973، وأنجبا خلال زواجهما طفلين، هما لورا وتوم، ومنذ ذلك الحين أصبحت كاميلا تعرف باسم كاميلا باركر بولز وهو الاسم الذي احتفظت به حتى تسعينيات القرن الماضي.

في حين أن زواج كاميلا أحزن تشارلز الثالث كثيرا، إلا أنه قوبل بارتياح كبير من قبل الملكة إليزابيث الثانية والتي كانت تدرك مدى تعلق تشارلز الثالث بحبيبته السابقة وقتها كاميلا، وخلال السنوات التالية التي تلت زواج كاميلا، ازداد إلحاح الملكة على تشارلز الثالث بالزواج، ووقع الاختيار على الليدي ديانا سبنسر Lady Diana Spencer (لاحقا الأميرة ديانا)، وتزوج الاثنان في احتفال ملكي ضخم، أقيم في يوم 29 يوليو 1981، وكان من بين ضيوفه حبيبة تشارلز السابقة، كاميلا، وخلال السنوات التالية من زواجهما، أنجب تشارلز الثالث، وديانا، ابنيهما الأميرين وليام William, Prince of Wales وهاري Prince Harry، ولكن زواج تشارلز وديانا، واجه الكثير من المشكلات منذ بدايته، وأهمها حقيقة أن تشارلز كان ولا يزال حبيبته السابقة كاميلا، وبحلول عام 1986، عاد تشارلز الثالث وكاميلا حبيبين مرة أخرى، وساعد على ذلك حقيقة أنه بحلول ذلك الوقت أيضا كان زواج كاميلا قد يواجه أيضا مشكلات غير قابلة للحل، انتهت بقرار كاميلا وزوجها في ذلك الوقت، الانفصال فعليا والحفاظ على زواج صوري من أجل طفليهما.

خلال السنوات التالية أصبحت العلاقة الرومانسية بين تشارلز وكاميلا بمثابة سر غير معلن داخل العائلة المالكة البريطانية، وهي علاقة عارضتها الملكة إليزابيث الثانية، وأعلنت رفضها لها صراحة، حتى أنها قامت بمنع كاميلا من الدخول إلى القصور الملكية، في محاولة لإنهاء علاقتها بتشارلز الثالث إلا أن جهودها باءت بالفشل، وبحلول عام 1992، تم الإعلان رسميا عن انفصال تشارلز وديانا، وجاء ذلك بعد أن سلسلة من التقارير الإعلامية التي تحدثت عن خيانة الزوجين لبعضهما البعض، والتي تأكدت لاحقا، وفي عام 1995 حصلت كاميلا على طلاق ودي من زوجها الأول أندرو باركر باولز قبل أن يحصل تشارلز الثالث على الطلاق من ديانا في العام التالي.

بحلول الوقت الذي حصل فيه على تشارلز الثالث رسميا على الطلاق من ديانا، كان قد قرر أنه سيتزوج من حبيبته كاميلا، ولكن كان عليه وقتها، إعادة تقديم كاميلا للجمهور، لتأهيل الرأي العام البريطاني لقبول زواجهما لاحقا، ولكن ذلك لم يكن بالأمر السهل، خاصة بعد وفاة الأميرة ديانا المأساوية في عام 1997، ولكن تشارلز وكاميلا عملا على ذلك خلال السنوات التالية، أصبحت الظروف ملائمة لزواجهما،  وفي يوم 10 فبراير 2005، وبعد الحصول على موافقة رسمية من الملكة إليزابيث الثانية على ذلك الزواج (بموجب قانون الزواج الملكي لعام 1772)، تم الإعلان رسميا عن خطبة تشارلز الثالث على كاميلا قبل زواجهما في إبريل من نفس العام.

لماذا لم يسمح لتشارلز الثالث بالزواج في قلعة وندسور

لأن زواج تشارلز الثالث من كاميلا هو الزواج الثاني لكل منهما، وجاء بعد انتهاء الزواج الأول لكل منهما بالطلاق، لم يكن من الممكن أن تكون مراسم زواجهما دينية، لعدم اعتراف كنيسة إنجلترا بالطلاق، لذلك تقرر خلال الأشهر التي سبقت زواجهما أن يتزوجا زواج مدنيا داخا إحدى قاعات قلعة وندسور، مع إقامة قداس احتفالي في كنيسة سانت جورج في قلعة وندسور، لمباركة ذلك الزواج، ولكن تم لاحقا، تغيير موقع إقامة مراسم الزواج إلى مبنى بلدية وندسور جيلدهول  Windsor Guildhall القريب من قلعة وندسور، بعد أن أدركت الملكة أن السماح لتشارلز الثالث بالزواج مدنيا في داخل قلعة وندسور، سيسمح لاحقا بإقامة احتفالات زواج أخرى بعيدة عن إشراف كنيسة إنجلترا والتي كانت تترأسها الملكة وقتها، وهو ما كان سيضع الملكة في موقف حرج.

السبب الآخر، هو قانون تسجيل الزواج، فحتى منتصف التسعينيات، لم يكن من الممكن عقد الزواج المدني في إنجلترا وويلز إلا في مكاتب التسجيل الحكومية، وعندما تم تعديل ذلك القانون في عام 1994، ليسمح بإقامة مراسم الزواج المدني في المباني الأخرى، مثل القلاع، كان ذلك بشرط أن تكون القلاع تحمل ترخيص بإقامة مراسم الزواج المدني، لم تكن قلعة وندسور كذلك، ولم يكن من الممكن أن تمنح أيضا ذلك التصريح، لأن شروط الحصول على ذلك التصريح تتضمن أن يكون المبنى "متاح بشكل منتظم للجمهور من أجل الزواج مدنيا"، لذلك إذا حصل تشارلز وكاميلا على الضوء الأخضر لإقامة حفل زفافهما المدني في قلعة وندسور، فسيلزم ذلك القائمين على قلعة وندسور، بأن يفتحوا أبواب القلعة لاستضافة حفلات الزفاف لمن يرغبون بذلك على مدى السنوات الثلاث التالية لزواج تشارلز وكاميلا، وحتى نهاية مدة سريان التصريح والتي تستمر لثلاثة سنوات.

بعد زواج تشارلز الثالث وكاميلا مدنيا في مبنى بلدية وندسور جيلدهول، عاد الاثنان إلى قلعة وندسور لحضور قداس احتفالي لمباركة زواجهما، في كنيسة سانت جورج في قلعة وندسور، وحضر القداس والدي تشارلز الثالث، واللذان غابا عن حضور احتفال زفافهما المدني، احتراما لمنصب الملكة كرأس للكنيسة الإنجليزية والتي لا تزال لا تعترف بإنهاء الزواج بالطلاق.

كيف وضع الجدل المثار حول شريعة زواج تشارلز وكاميلا

تشارلز الثالث لم يكن فقط ولي العهد البريطاني الوحيد الذي ينتهي زواجه بالطلاق، ولكنه كان أيضا العضو الوحيد في العائلة المالكة البريطانية الذي تزوج في حفل زفاف مدني وليس في كنيسة في إنجلترا، وهو ما دفع البعض بالتشكيك في شرعية الزواج الثاني لتشارلز الثالث، خاصة بعد أن استشهد عدد منهم بوثائق الحكومة البريطانية من الخمسينيات والستينيات، التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية، والتي تشير إلى أن مثل هذا الزواج غير قانوني في بريطانيا، ولكن تم رفض هذه الادعاءات من قبل المتحدث باسم تشارلز الثالث وقتها والذي أوضح أن القوانين الخاصة بخصوص ذلك الشأن تم إلغاءها، بموجب قانون خدمة التسجيل Registration Service Act لعام 1953.