الدراما والشعر الأبيض… النجومية تأتي متأخرة أحيانًا!

حصرت الدراما الممثلين كبار السن في الأدوار المُساعدة؛ وأغلبها أدوار سطحية ونمطية؛ فكتاب السيناريو والمخرجين لا يرون في أي ممثل كبير في السن سوى صورة الأبُ الذي لا يفعل شيء له أهمية في الصراع الدرامي، أو الأم البارعة في الدُعاء وذرف الدموع؛ ولهذا فضل نجوم الزمن الماضي الاعتزال، أو الاكتفاء بالظهور الشرفي في أعمال محدودة، ولم ينج من هذه الأدوار سوى قلة من النجوم كُتبت لهم أدوار البطولة خصيصًا؛ مثل "يحيى الفخراني"، و"يسرا"، وأيضًا "عادل إمام" حتى سنوات قريبة، ولكل منهم قائمة من المسلسلات الجماهيرية الناجحة خلال الُعقود الماضية، وظلت السينما عصية عليهم؛ فالسينما للشباب أو هكذا يظن الجميع.

عجوز على الأفيش!

في العام الماضي تصدرت صورة "سيد رجب" أفيش فيلم (19 ب)، إخراج "أحمد عبد الله"، وجسد فيه شخصية حارس عَقَار قديم أيل للسقوط، يُحاول التعايش مع سطوة ونفوذ حارس سيارات شاب يُمارس الجريمة والبلطجة، يدور الفيلم حول شخصية الحارس الذي لا يرجو شيء سوى العيش وحيدًا في هدوء؛ ولهذا جاءت صورتا "أحمد خالد صالح" و"ناهد السباعي" في مساحة أقل على الأفيش، والفيلم أحد الأعمال الدرامية القليلة التي تُسلط الضوء على تفاصيل حياة كهل مُسن.

يُحاول "سيد رجب" وعمره 73 عامًا اقتحام مساحة يحتلها الشباب في السينما والدراما التليفزيونية، وقد بدأ تواجده على ساحة الدراما وعمره يقترب من 50 عامًا، و ومع بدايات الألفية الثالثة شارك في العديد من الأدوار المُساعدة، وخلال السنوات القليلة الماضية نجح في الحصول على أدوار بطولة مسلسلات (رمضان كريم) بجزأيه، و(أبو العروسة) بأجزائه الثلاثة، وفي السينما بطولة الفيلم القصير (حبيب)، و(19 ب)، و(وقفة رجالة)، والفيلم الأخير نجح تُجاريًا، وهو كوميديا خفيفة تعتمد على بطولة جماعية جمعت بين "سيد رجب"، و"بيومي فؤاد"، و"ماجد الكدواني"، و"شريف دسوقي"، وأحداثه عن الصداقة بين مجموعة من الأصدقاء كبار السن، وتتضمن الأحداث السفر إلى قرية سياحية؛ مما يجعله فيلمًا مُبهجًا.

يتشارك "ماجد الكدواني" مع "سيد رجب" في التواجد على الساحة دون افراط؛ فهو يختار أدواره بعناية، ولم يُعرض له أعمال خلال عام 2023 - حتى الآن -، وخلال العام الماضي عُرض له الجزء الثاني من المسلسل الناجح (موضوع عائلي)، وفيلم كوميديا خفيف بعنوان (فضل ونعمة)، ويبدو العنوان شِعارًا لنجم يكتفي بالتواجد القليل المؤثر.

قليل من الأعمال الجيدة!

خلال الأسابيع القادمة يبدأ عرض فيلم (أنا وابن خالتي)، بطولة "بيومي فؤاد" و"سيد رجب"، إخراج أحمد صالح، إشراف على الكتابة دعاء عبدالوهاب، وسيناريو وحوار عمرو أبو زيد، ينضم أفيش الفيلم إلى عدد من أفيشات الأفلام التي تصدرتها صورة ممثلين فوق سن الشباب.

وصول الممثل الذي تجاوز سن الشباب إلى البطولة وتصدر الأفيش ليس سهلًا، المجهود والمُثابرة والموهبة عناصر رئيسية لتحقيق المكانة، ولكن الحضور والجاذبية الجماهيرية هي عنصر الحسم، وهنا تحضر حالة "بيومي فؤاد" الذي يصغر "سيد رجب" بحوالي 15 عام، ولكن هيئته الجسمانية وملامحه تضعه داخل اطار الأبُ أو الموظف الكبير الذي خرج على المعاش، ولكنه استطاع تجاوز هذه القوالب، وجسد شخصية الكهل الذي يتعرض لأزمة مُنتصف العمر في أفلام "ماما حامل" و"شوجر دادي"، وشاركته "ليلى علوي" التي تكبره في الواقع بثلاث سنوات.

كثير من أعمال "بيومي فؤاد" مُتواضعة المستوى، ولكنها تلقى رواجًا لدى جَمهور يحبه، وهذا جعل المنتجين يُسندون إليه أدوار لا تلائمه عُمريًا؛ ففي فيلم (اتنين للايجار) يجسد وزميله "محمد ثروت" دورا عاطلان يبحثان عمل، وهما يتصرفان بأداء شبابي يليق بممثلين صغار من فِرْقَة "مسرح مصر"، وتستمر ثنائيته مع "محمد ثروت" في فيلم أخر لم يُعرض بعد بعنوان (كارت شحن).

يستطيع "بيومي فؤاد" تقديم أدوار جيدة؛ سواء بطولة مُطلقة أو أدوار مُساعدة، وخلال عام 2023 قدم أدوار جيدة ومُلفتة في فيلمي (فوي! فوي! فوي!)، و(وش في وش).

على طريق حسن حُسني!

هناك العديد من أسماء الممثلين من كبار السن تُحاول سد الفراغ الذي تركه المُمثل الراحل "حسن حسني"؛ فقد امتلك موهبة بث طاقة من البهجة في أي فيلم خامل، وضبط ميزان الكوميديا في أي عمل مرتبك كوميديًا، على الرغْم من أدواره التي كان أغلبها تنويعات على شخصية العجوز خفيف الظل دائم الغضب، وشارك "لطفي لبيب" في بعض الأعمال من نفس تلك المنطقة، وحالت ظروفه الصحية من مسايرة كثافة الأعمال المطلوب تنفيذها حاليًا.

 ظهور كلا من "محمد محمود"، و"محمد رضوان" على ساحة الدراما أضاف شخصيات جديدة لقائمة كبار السن، وكلا منهما له شخصيته الخاصة، ولديهم القدرة أيضًا على تقديم كاراكتر العجوز المُتبرم العصبي على طريقة "حسن حُسني" لو لزم الأمر، ولكنهما وبصورة خاصة "محمد رضوان" يحاولان الفكاك من أسر هذا الكاراكتر.

شارك "محمد محمود" حتى الآن في عشرة أعمال خلال عام 2023؛ أبرزها عدد من الأعمال التليفزيونية الكوميدية ودوره السينمائي المُتواضع أمام "محمد هنيدي" في فيلم (مرعي البريمو)، ومن أبرز الشخصيات التي حققت صدى جماهيري ونقدي، شخصية عبد البديع الطرشوخي، موظف الوحدة الصحية المُخلص في عمله، في مسلسل (بالطو)، وعلى جانب أخر يجسد شخصية عصام صديق البطل "علي ربيع" في مسلسل (نصي التاني)، ويتناقض هذا مع واقع عمر "محمد محمود" الذي يتجاوز 72 عامًا، أي أكبر من ضعف عمر البطل، ويفترض السيناريو أنهما تزاملا في المدرسة، وربما رغب المسلسل في صناعة ايفيه بواسطة هذه المُفارقة اللامنطقية، ولكن الأمر تحول إلى سخف غير مُضحك على الإطلاق.

رغم تقديمه العديد من الأدوار المسرحية والتليفزيونية لكن شخصية رمضان حريقة التي جسدها "محمد رضوان" في مسلسل (موضوع عائلي) بجزئيه منحته النجومية، ووضعته في قائمة كبار السن الظرفاء، وقد تواجد في عدد من الأعمال الدرامية خلال عام 2023؛ منها مسلسلات (الصفارة)، و(على باب العمارة)، و(بالطو)، وفيلم (شلبي)، وهو في مرحلة انتشار يقدم شخصيات مُتشابهة لا تحمل وهج شخصية رمضان من مسلسل (موضوع عائلي).
صور أفيشات الأعمال من صفحات النجوم وشركات الانتاج