كيف ساهم الأمير ألبرت الثاني في حماية البيئة من خلال مؤسسته الخيرية؟
تعد القضايا البيئية واحدة من بين أكثر القضايا التي يدعمها ملوك وأمراء أوروبا، بما في ذلك الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو Prince Albert II، والذي قام على مر السنوات بدعم العديد من المشروعات والمبادرات البيئية، من خلال مؤسسته الخيرية المعروفة رسميا باسم Fondation Prince Albert II de Monaco أو مؤسسة الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو، هي جزء من مجموعة Foundations Platform F20 وهي شبكة عالمية من المؤسسات والمنظمات الخيرية، وتأسست مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية، ومقرها إمارة موناكو، في عام 2006، وقامت المؤسسة منذ تأسيسها بالتركيز على حماية البيئة والتنمية المستدامة والتعامل مع مشكلة تغير المناخ وتعزيز الطاقات المتجددة وكذلك التنوع البيولوجي، ومنذ تأسيسها، تبرعت المؤسسة بملايين الدولارات لصالح مشاريع بيئية مختلفة، تضمنت مشاريع بيئية تعمل على تطوير إدارة الموارد المائية، وتقنيات مكافحة التصحر.
والآن دعونا نتعرف معا على المزيد من المعلومات حول مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية، وكيف شاركت المؤسسة منذ تأسيسها في جهود حماية البيئة.
كيف كان الجد الأكبر للأمير ألبرت الثاني مصدر إلهام لتأسيس مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية
وفقا للتقارير المنشورة فإن الجد الأكبر للأمير ألبرت الثاني، ويدعى ألبرت الأول Prince Albert I، كان مصدر إلهام حقيقي، لقرار الأمير ألبرت الثاني، تأسيسه لمؤسسته الخيرية، مؤسسة الأمير ألبرت الثاني والتي تركز جهودها على حماية البيئة، فالأمير ألبرت الأول كان مستكشف ومغامر شهير في عصره، وكان رائد في علم المحيطات، كما كان مصدر إلهام لبقية أفراد العائلة الحاكمة لإمارة موناكو فيما يتعلق بحماية البيئة، ففي عام 1906، قام الأمير ألبرت الأول، برحلة غير عادية، لاستكشاف المناطق الطبيعية غير المعروفة في ذلك في منطقة سفالبارد (والتي كانت تعرف وقتها باسمها الهولندي سبيتسبرغن، وهي عبارة عن أرخبيل نرويجي يقع في المحيط المتجمد الشمالي)، بالرغم من الظروف الجوية القاسية التي شهدتها الرحلة إلا أن الأمير ألبرت الأول قام بمساعدة العلماء والباحثين الذين رافقوه في رحلته، على متن سفينته الخاصة، بحصر أنواع الحياة البحرية وأخذ قراءات الأرصاد الجوية والصور الفوتوغرافية، في منطقة سفالبارد، لدراسة تحركات الجليد البحري والأنهار الجليدية.
بعدها بسنوات طويلة، وتحديدا في عام 2006، قام الأمير ألبرت الثاني، أمير موناكو، بالسير على خطى جده الأكبر، وزيارة القطب الشمالي، ووصل إلى القطب الشمالي في يوم 16 أبريل من ذلك العام، بهدف تقييم آثار ظاهرة الاحتباس الحراري على الجليد الضعيف في تلك المنطقة، وبعد عودته من هذه الرحلة، قرر الأمير إنشاء مؤسسة خيرية تركز على حماية البيئة، أطلق عليها مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية.
أهم أهداف مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية
وضعت مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية لنفسها، منذ تأسيسها، ثلاث أهداف رئيسية، تقوم المؤسسة من خلالها بالقيام بعملها من أجل حماية البيئة، وتتضمن هذه الأهداف ما يلي:
تكوين شراكات من أجل تنفيذ المشاريع البيئية في مجالات العمل ذات الأولوية (القضايا البيئية الأكثر إلحاحا).
رفع مستوى الوعي لدى السكان والسلطات العامة فيما يتعلق بتأثير الأنشطة البشرية على البيئة الطبيعية من أجل تشجيع المزيد من السلوكيات الصديقة للبيئة.
تعزيز ودعم المبادرات البيئية المتميزة والحلول المبتكرة، ولا سيما من خلال تقديم الجوائز والمنح.
أهم المناطق الجغرافية التي تعمل فيها مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية
تنفذ مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية مجموعة واسعة من المشاريع في مناطق جغرافية ثلاث، اعتبرتها المؤسسة بأنها ذات أولوية قصوى بالنسبة لها، وتتضمن ما يلي:
منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وهي منطقة ذات أولوية طبيعية بالنسبة للمؤسسة بسبب الموقع الجغرافي لإمارة موناكو، وتحرص المؤسسة على التحرك بالتعاون مع الجهات المعنية في منطقة حوض البحر المتوسط، من أجل الحفاظ على ثروات النظم البيئية البحرية والبرية، في تلك المنطقة والحد من انقراض الأنواع الأكثر عرضة للانقراض من الكائنات البحرية، وتطوير الوصول إلى الموارد المائية، والمناطق القطبية والتي تمثل أهمية كبيرة للبيئة العالمية.
مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية، تعمل أيضا في المناطق الجغرافية التي تظهر فيها بوضوح، آثار ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث، والقضايا البيئية الكبرى، وخاصة التصحر وندرة المياه وانحسار مساحة الغابات، وتكرس المؤسسة جزءا كبيرا من جهودها للمناطق الجغرافية التي تعاني من المشكلات البيئية السابق ذكرها، ليس فقط من أجل إيجاد حلول لهذه المشكلات البيئية الخطيرة، وإنما بهدف أيضا دعم التنمية المستدامة في هذه المناطق.
أهم المشروعات البيئية التي شاركت فيها مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية
منذ تأسيسها في عام 2006، شاركت مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية، في العديد من المبادرات والمشروعات البيئية، أهمها المشروعات البيئية التالية:
-
مشروع إنقاذ أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء
بمبادرة من رئيسها، الأمير ألبرت الثاني، أطلقت مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية، بالاشتراك مع الصندوق العالمي للطبيعة WWF، شراكة في يناير 2008، مشروع لإنقاذ أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء من الانقراض البيئي، ومنذ إطلاق المشروع، استجاب عدد كبير من أصحاب المطاعم في إمارة موناكو للنداء الذي أطلقته مؤسسة الأمير ألبرت الثاني وجمعية MC2D لوقف تقديم أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء، كطعام، وازداد الوعي العام في موناكو، بضرورة إنقاذ هذا النوع من الأسماك النادرة، كما تم وقف التعاون مع تجار التجزئة والمواد الغذائية ممن يقومون ببيع أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء كطعام، وبفضل ذلك أصبحت موناكو أول دولة "خالية من منتجات التونة ذات الزعانف الزرقاء".
منذ ذلك الحين، حذت العديد من البلدان الأخرى حذو إمارة موناكو، خاصة بعد أن بدأت الإدارات الحكومية في موناكو، وبدعم من مؤسسة الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو، إضافة التونة ذات الزعانف الزرقاء إلى الملحق الأول من اتفاقية CITES (اتفاقية التجارة الدولية للأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية)، وبعد أن أعلنت إدارة أوباما Obama، في يوم 3 مارس 2010 خلال مؤتمر الدوحة، تأييدها لإضافة أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء إلى الملحق الأول من اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، قبل أن يؤيد الاتحاد الأوروبي هذا القرار رسميا في يوم 10 مارس من نفس العام، بإعلانه اعتزامه التصويت لصالح هذا القرار.
إلا أن اليابان، وهي مستهلك رئيسي لأسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء، بالإضافة إلى عدد من الدول النامية، عارضت هذا القرار بشدة، ومع ذلك، فإن مشروع إنقاذ أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء، كان قد حقق الكثير من أهدافه بحلول ذلك الوقت، وأهمها إثارة نقاش دولي حول الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض من أسماك التونة، في سابقة كانت الأولى من نوعها في ذلك الوقت.
-
تأسيس الاجتماع المتوسطي
مؤسسة الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو، شاركت أيضا في تأسيس ما يعرف بالاجتماع المتوسطي، وهو عبارة عن اجتماعات دولية بين المؤسسات الدولية المعنية بالقضايا البيئية والشركات الكبرى في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويشارك في تلك الاجتماعات مائة مشارك بما في ذلك أكثر من 40 مؤسسة دولية ومنظمة غير حكومية تعمل في القضايا البيئية والتنمية المستدامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بهدف تعزيز الحوار بين رؤساء هذه المؤسسات، مما يتيح لهم توسيع نطاق نشاطهم، وفي الوقت نفسه تعزيز شراكات جديدة وتطوير شبكات تعاون جديدة لحماية البيئة.
-
مكافحة إزالة الغابات
قامت جمعية MC2D، بدعم من مؤسسة الأمير ألبرت الثاني الخيرية، بإطلاق حملة في موناكو لتشجيع استخدام الأخشاب المقطوعة من الغابات المدارة بشكل مستدام، بهدف منع إزالة الغابات واستخدامها كمصدر رئيسي في صناعة الأخشاب وتحمل هذه الحملة اسم حملة Monaco makes a commitment against deforestation أو حملة "موناكو تلتزم بمكافحة إزالة الغابات".
تهدف هذه الحملة أيضا للتوعية بخطورة إزالة الغابات على البيئة حيث تمثل إزالة الغابات الاستوائية المطيرة أكثر من 20% من انبعاثات الغازات الدفيئة، كما تؤدي علاوة على ذلك إلى تدهور التربة وفقدان التنوع البيولوجي، ومن أكثر الطرق فعالية لمكافحة ظاهرة إزالة الغابات تطوير الإدارة المستدامة للغابات والتي تعمل على استهداف أنواع معينة من الأشجار وفي أعمار معينة فقط، لاستخدامها في صناعة الأخشاب، ويتيح ذلك أيضا تجديد الغابات ومنع إزالتها، ويولد أيضا قيمة اقتصادية للعاملين في صناعة الأخشاب، بما في ذلك عمال الغابات والسكان الأصليين في مناطق الغابات على حد سواء.
أحد المحفزات الملموسة للتغيير من أجل حماية الغابات، وفقا لحملة "موناكو تلتزم بمكافحة إزالة الغابات"، يكمن في إنتاج وتسويق واستخدام الأخشاب المعتمدة تحت علامة FSC (مجلس رعاية الغابات). تهدف إمارة موناكو من خلال هذه الحملة إلى أن تكون نموذج ناجح فيما يتعلق بحماية الغابات الاستوائية المطيرة ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.