فيلم "عفريت مراتي" يعرَض في "مهرجان البحر الأحمر".. ترميم أيقونة كوميدية وحكاية أخرى عن "عفاريت شادية"!
ترميم فيلم "عفريت مراتي" بعد 55 عامًا من عرضه الأول من الأخبار المُبهجة؛ فالفيلم واحد من الأعمال السينمائية القليلة التي تتميز بطرح كوميدي طازَج، لا يتأثر بمرور الزمن. شاهد الفيلم جَمهور الستينيات في السينما مع بداية عرضه يوم 7 أكتوبر 1968، ولاحقًا أصبح من أكثر الأفلام جاذبية لجمهور الشاشات التليفزيونية، وترميمه يُعيده إلى صورته الأولى، ويجعله هدية للأجيال المُستقبلية من المشاهدين. النسخة المُرممة ستُعرض خلال دورة مهرجان البحر الأحمر الثالثة المقرر إقامتها في المدّة من 30 نوفمبر إلى 9 ديسمبر المقبلين.
حبكات درامية زوجية!
الفيلم كوميديا اجتماعية من تأليف "لوسيان لامبير"، سيناريو وحوار "علي الزرقاني"، وهو أخر أفلام ثُلاثية فيلمية كوميدية عن العلاقات الزوجية، ضمت أفلام (مراتي مدير عام) 1966، و(كرامة زوجتي) 1967، و(عفريت مراتي) 1968، ويجمع بين الأفلام الثلاثة نفس المخرج "فطين عبد الوهاب"، والثنائي "شادية"، و"صلاح ذو الفقار"، وأُنتجت الأفلام في سنوات زواجهما الذي امتد من عام 1964 حتى عام 1972.
في (مراتي مدير عام) حكاية عن تمكين المرأة، والمُفارقة هي تعيين البطلة مُديرة في نفس الشركة التي يعمل فيها زوجها، والأحداث ترصد كيف يتأقلم الزوجين مع هذا الوضع الغير مألوف، وواجه الفيلم كل أشباح المجتمع الشرقي الذكوري، والمُمانعة التي تتعرض لها البطلة من فريق الموظفين؛ وأغلبهم يرفض قيادة المرأة، وفيلم (كرامة زوجتي) المأخوذ عن قصة للكاتب "احسان عبد القدوس" تناول فكرة الخيانة الزوجية، والموقف المُزوج للمجتمع؛ إذ يتسامح مع خيانة الزوج، على العكس من خيانة المرأة.
اختلف فيلم (مراتي مدير عام) عن سابقيه في المضمون؛ فهو لا يحمل رسائل عميقة عن صراع الرجل والمرأة في المجتمع الشرقي الذكوري في حِقْبَة الستينيات من القرن الماضي، وبطلة الفيلم ليست مديرة قطاع هندسي، مثل بطلة (مراتي مدير عام)، أو فنانة تشكيلية مثل بطلة (كرامة زوجتي)، بل زوجة لم تُنجب، تعيش في فراغ وملل.
سعى الفيلم لتقديم كوميديا خفيفة تعتمد على المواقف الضاحكة الناتجة عن مرض نفسي للبطلة، وتعرضها لنوبات تقمص شخصيات الأفلام التي تُشاهدها؛ مما يوقع زوجها في أزمات وحرج، ويُحاول تطبيق نصيحة صديقه مُربي الخيول رائف "عماد حمدي"؛ ويدعي لزوجته أنه مجرم سابق، هجر حياة السرقة والقتل قبل زواجهما، وتضغط عليه عصابته القديمة للعودة لحياة العصابات، وتنفيذ خُطَّة سرقة البنك الذي يعمل به؛ ويقوم بفبركة الأمر بمُساعدة زملائه وينجح في جذب انتباه زوجته التي تبتعد عن مُشاهدة الأفلام وتقمص شخصياتها.
زعيمة العصابة الحسناء!
نشرت مجلة (الشبكة) اللبنانية في أحد أعدادها تقرير صحفي عن كواليس التجهيز لفيلم (عفريت مراتي)، وتضمن التقرير حبكة مُختلفة تمامًا للفيلم؛ فحسب المذكور بالمجلة أن "شادية" و"صلاح ذو الفقار" يصوران المشاهد الأولى لفيلم يحمل عنوان مؤقت هو (عفريت مراتي)، والفيلم إخراج "فطين عبد الوهاب"، اقتباس "فريد جبر" عن فيلم لم يُحدد، والحبكة عن زعيمة العصابة "شادية"، وهي تمتلك مزرعة لتربية وترويض الخيول، تتخذها ستار لأعمالها الإجرامية؛ حيث تُحيط نفسها بأفراد عصابتها وهم رجال أشداء، ويقع ابن الذوات "صلاح ذو الفقار" في غرام زعيمة العصابة الحسناء، وتُبادله الحب، وحينما يكتشف حقيقة حبيبته تبدأ أزمة الفيلم؛ فالبطل إما يسير خلف عواطفه ويُشارك حبيبته عملها الإجرامي، أو يُلبي نداء الواجب ويُبلغ السلطات.
الفيلم في النهاية عُرض وشاهده آلاف في دور السينما وقتها، وأصبح من أيقونات الأعمال الكوميدية، ومن أكثر الأفلام الكلاسيكية جاذبية لجمهور التليفزيون حتى الآن، والكل حفظ حبكته عن ظهر قلب، وهي حبكة تختلف عما ذكرته مجلة (الشبكة)، ويبدو أن المنشور بالمجلة كان فكرة أولية للقصة، طورها "لوسيان لامبير"، وذهب بها إلى منطقة أكثر أُلفة وجماهيرية وبساطة، وهي العَلاقة الزوجية؛ فالبطلة ربة منزل تُعاني الملل الزوجي؛ بسبب انشغال زوجها؛ وتجد الإثارة في عالم السينما، ويُقدم الفيلم مواقف كوميدية بطلتها الزوجة وهي في حالة تقمص لشخصيات شاهدتها في الأفلام.
مغامرات زوجة ملولة!
تقمصت الزوجة غادة الكاميليا، وإيرما الغانية، وريا وسكينة، ومثل الزوج لاحقًا دور المجرم السابق حواش أبو حنكورة، وكل ما نراه على الشاشة ويثير ضحكنا مُفبرك، وكُلنا يعلم أن عَلاقة عايدة وصالح الزوجية جيدة، وكلاهما يحب الأخر، لديهما فقط مُشكلة فتور؛ حلها أن يقضيان مزيد من الوقت معًا.
على الرغْم من اختلاف قصة الفيلم عن القصة المذكورة في مجلة (الشبكة)، إلا أن حبكة زعيم عصابة يتخذ من مزرعة وإسطبل تربية وترويض الخيول مقر سري لإدارة عملياته المشبوهة موجودة داخل الفيلم، وهذا الخط الدرامي الخاص بشخصية صديق البطل الثري رائف "عماد حمدي"، وهو خط هامشي لكنه يأخذ مكانة هامة في أحداث نهاية الفيلم، خاصة حينما تتحول تمثيلية السطو على البنك إلى واقع.
الأدوار المُساعدة قدمت عدد من النجوم الشابة المُبشرة وقتها؛ أبرزهم "عادل إمام" في دور شافعي موظف البنك زميل البطل، وعنايات "هالة فاخر" شقيقة البطل، وكلاهما شاركا في بطولة عدد من الأفلام لاحقًا في حِقْبَة السبعينيات من القرن الماضي، و"هالة فاخر" هي البطلة الأولى لمسرحية (شاهد ما شافش حاجة)، قبل اعتذارها واستبدال "ناهد جبر" بها.
ظهر "عماد حمدي" في دور صغير، ولكنه محوري في الأحداث، وجاء ترتيب اسمه الثالث في التترات، بعد "شادية" و"صلاح ذو الفقار". "صلاح ذو الفقار" هو الزوج الأخير في حياة شادية، ومن الطريف أن "عماد حمدي" الذي جسد شخصية رائف صديق زوجها في الفيلم هو أول زوج في حياة شادية.
ترميم "عفريت مراتي" جزء من تعاون بين إدارة مهرجان البحر الأحمر ومدينة الإنتاج الإعلامي المصرية؛ وأثمر هذا التعاون عن ترميم عدد من الأفلام داخل مركز الترميم بمدينة الإنتاج؛ منها (خللي بالك من زوزو)، و(غرام في الكرنك)، وعُرضا في دورة المهرجان السابقة، و(انتصار الشباب) الذي سيعرض و(عفريت مراتي) في الدورة القادمة ضمن برنامج "كنوز البحر الأحمر".
الصور من حساب محبي شادية على انستجرام