من هي ديفي ثانت سين.... الأميرة التي قادت جهود حماية البيئة ولقبت بالأميرة الخضراء
ديفي ثانت سين Devi Thant Sin هي الحفيدة الكبرى لآخر ملك وملكة لبورما، وهو الملك تيباو King Thibaw والملكة سوبالايات Queen Supalayat، ولكن شهرتها لا ترجع فقط إلى حقيقة أنها أميرة بورمية، ولكن لأنها واحدة من أوائل دعاة حماية البيئة في بورما أو ميانمار، كما أصبحت تعرف حاليا حيث تعمل ديفي ثانت سين منذ سنوات على حماية البيئة في ميانمار ومكافحة المشكلات البيئية الأكثر إلحاحا في ميانمار، ولها إسهامات مثيرة للإعجاب في جهود مكافحة إزالة الغابات والتدهور البيئي في موطنها الأم، ميانمار والتي تقع في جنوب شرق آسيا.
ديفي ثانت سين أسست أيضا اثنين من أهم المؤسسات البيئية في ميانمار وهما مؤسسة Global Green Group (3G)، ومؤسسة Myanmar Green Network أو شبكة ميانمار الخضراء، ديفي ثانت سين تعيش حاليا مثل عامة الشعب في ميانمار وليس كأميرة، ومع ذلك، فهي لا تزال تعتبر واجبها الملكي يحتم عليها الاستمرار في رعاية مصالح الشعب البورمي من خلال القتال من أجل حماية البيئة، ولذلك أصبحت تعرف في ميانمار بالأميرة الخضراء.
والآن دعونا نتعرف معا على مجموعة من أهم الحقائق عن حياة ديفي ثانت سين والتي تعد واحدة من رواد حماية البيئة في ميانمار:
الأميرة البورمية المتواضعة التي تعيش في منزل بسيط بالقرب من مقبرة آخر ملكات بورما
تعيش ديفي ثانت سين في منزلها الخاص الذي يقع في واحد من أرقى الطرق في ميانمار، ويبعد أمتار قليلة عن معبد شويداغون الشهير، بجوار قبر آخر ملكة في البلاد، ولكن العثور على منزلها قد يكون صعب بعض الشيء، ففي حين أنها أميرة بورمية، فضلا عن كونها ناشطة بيئية شهيرة، في منطقة جنوب شرق آسيا وواحدة من رواد العمل البيئي في ميانمار (وربما تكون أولى العاملين في مجال حماية البيئة في ميانمار) إلا أنها تعيش حياة يغلب عليها البساطة، وفي منزل متواضع إلى حد كبير، وليس قصر ملكيا كما قد يتخيل الكثيرون، لكونها حفيدة آخر عائلة ملكية في بورما، والتي انتهى حكمها بعد أن تم عزلهم ونفيهم من قبل المستعمرين البريطانيين في عام 1885، أي قبل ما يزيد قليلا عن 130 عام.
المنزل الذي تعيش فيه ديفي ثانت سين عبارة عن منزل متواضع مكون من طابقين، نصفه خشبي ونصفه الآخر خرساني، يقع في يانغون، بساطة منزل ديفي ثانت سين غالبا ما يدهش الكثيرون، وهو ما علقت عليه ديفي ثانت سين ضاحكة في إحدى المناسبات وقالت عن ذلك في تصريح لها لوسائل الإعلام: "لقد عشت هنا لمدة 50 عام"، قبل أن تضيف قائلة إن جزء كبير من سبب اختيارها الإقامة في منزلها البسيط، هو موقعه القريب من قبر جدتها الكبرى الملكة سوبالايات، مما يسمح لها برعاية القبر.
الأغرب من ذلك أن ديفي ثانت سين تتقاسم المنزل مع عائلتين أخريين من أصل ملكي، ومع ذلك فهي ترى أن طبيعة حياتها البسيطة، لا تمثل مبادئها فحسب، وإنما تعكس أيضا جزء كبير من أصولها وهويتها الملكية كأميرة بورمية، والتي تؤكد أنها "تتعلق بالقيام بالواجب أولا وليس البذخ والقصور".
الأميرة الخضراء
بفضل جهودها المثيرة للإعجاب وعملها المستمر من أجل حماية البيئة في ميانمار أصبحت ديفي ثانت سين تتمتع بشعبية كبيرة في ميانمار، وأصبحت تعرف بلقب الأميرة الخضراء" Green princess، وكان أول من أطلق عليها ذلك اللقب، هو المخرج الإنجليزي الشهير أليكس بيسكوبي Alex Bescoby، والذي استطاع معرفة الكثير عن حياة ديفي ثانت سين، وعملها كناشطة بيئية، أثناء إعداده لفيلم وثائقي عن عائلة ديفي ثانت سين، يحمل اسم Burma’s Lost Royals أو أفراد العائلة المالكة البورمية المنسية، ومنذ ذلك الحين أطلق على ديفي ثانت سين، لقب "أميرة ميانمار الخضراء".
استراتيجية ديفي ثانت سين في عملها لحماية البيئة في ميانمار
وفقا لما صرحت به ديفي ثانت سين، فإن استراتيجيتها في عملها لحماية البيئة، تركز على ثلاثة محاور، أولها رفع مستوى الوعي بالقضايا البيئية الهامة والمشكلات البيئية المحلة في ميانمار، ولجأت ديفي ثانت سين إلى الكتابة عن القضايا البيئية، وفي عام 2007 أطلقت مجلتها الخاصة، أونج بين لاي Aung Pin Lae، والتي كانت المجلة البيئية الأولى والوحيدة في ميانمار باللغة البورمية، وبالرغم من أن ديفي ثانت سين وجدت صعوبة كبيرة في الاستمرار بنشر المجلة، لأسباب عديدة، تضمنت تكلفة التشغيل المرتفعة للمجلة، في مقابل العائد إلا أنها استمرت في نشر المجلة، ومع تزايد الاهتمام بالبيئة، وبنشاط ديفي ثانت سين، زادت مبيعات المجلة.
المحور الثاني في استراتيجية ديفي ثانت سين في عملها من أجل حماية البيئة في ميانمار، اعتمدت على توحيد الناشطين البيئتين في ميانمار، وقامت بذلك من خلال إطلاقها لمؤسسة Global Green Group (3G)، في عام 2006، وأعقبها مباشرة أطلقت مؤسسة Myanmar Green Network أو شبكة ميانمار الخضراء، والتي أصبحت تضم حاليا عدد من مهندسي التعدين وعلماء الأرصاد الجوية والمحامين والمهندسين المدنيين والناشطين والباحثين والصحفيين.
المحور الثالث في استراتيجية ديفي ثانت سين هو التصدي للأنشطة والمشروعات التي تسبب أضرار كبيرة للبيئة في ميانمار، وهو ما جعلها تعارض بشدة مشروع سد مييتسون المثير للجدل، والذي تدعمه الصين، ويهدف إلى بناء سد عند مصب نهر إيراوادي في ولاية كاشين الشمالية، ووفقا للخبراء فإن المشروع سيسبب دمارا بيئيا واسع النطاق في تلك المنطقة، وبفضل جهود ديفي ثانت سين ورفاقها، تم تأجيل المشروع مؤقتا.
أبرز مشروعات ديفي ثانت سين البيئية
ديفي ثانت سين أطلقت أيضا مبادرات ومشروعات بيئية في ميانمار، أبرزها مبادرة ديفي ثانت سين لزراعة الخيزران، والتي أطلقتها بالتعاون مع مؤسسة Bamboo Lovers Network أو شبكة عشاق الخيزران والتي تهدف إلى توعية وتثقيف مواطني ميانمار حول قيمة أشجار الخيزران وأهمية حمايتها وزيادة أعدادها في ميانمار.
أهم التحديات التي تواجه الأميرة الخضراء في عملها من أجل حماية البيئة
بالرغم من التقدم الكبير الذي حققته ديفي ثانت سين خلال رحلتها الطويلة لحماية البيئة في ميانمار إلا أنها واجهت ولا تزال توجه الكثير من التحديات في عملها من أجل حماية البيئة، وأحد أهم هذه التحديات هي إرثها الملكي، ففي حين أنه كان سبب في كثير من الأحيان في مساعدتها في توصيل رسالتها والتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة وحماية الموارد الطبيعية في ميانمار إلا أنه زاد من صعوبة قيامها بعملها في كثير من الأحيان، والسبب هو هوس البعض بإرثها الملكي، وهو ما تسبب في صرف الانتباه بعيدا عن القضايا البيئية الهامة التي ترغب ديفي ثانت سين في تسليط الضوء عليها في ميانمار.
ديفي ثانت سين تحدثت عن ذلك في إحدى المناسبات، وقالت: "لا أريد أن يأتي الناس وينظروا إلي كما لو كنت في حديقة حيوانات، لرؤية آخر الأحفاد (الملكيين"، وأضافت قائلة: "أريدهم أن يقبلوني ويسمحوا لي بالتحدث معهم عن عملي، وفقا لديفي ثانت سين، فإن الأمور تحسنت كثيرا بالنسبة لها، خلال السنوات الماضية، وبدأ الناس بالفعل في الاستماع إليها والتركيز أكثر على عملها، بدلا من أصولها الملكية.
من بين أهم التحديات الأخرى التي واجهتها ديفي ثانت سين خلال عملها كناشطة بيئية، هي الوضع السياسي المضطرب لميانمار والذي استمر لعقود طويلة، وشهد العديد من الأحداث المؤسفة، والتي تضمنت اعتقال العديد من الناشطين في ميانمار، وكان من بينهم والدها، إضافة إلى ذلك فإن الاضطرابات السياسية في موطنها، جعلت المشكلات البيئية، تحتل المرتبة الأخيرة، بالمقارنة بالمشكلات الأخرى الأكثر إلحاحا بالنسبة للغاية العظمى في ميانمار، وأهمها تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، ومع ذلك فإن ثانت سين ترفض التوقف عن عملها من أجل حماية البيئة في ميانمار، بالرغم مما يحمله ذلك العمل من تحديات، وربما الكثير من المخاطر أيضا، في ميانمار، لأنها ترى أن الخطر الأكبر بكثير هو ما ينتظرنا جميعا وليس ميانمار فقط، إذا لم ينتبه العالم إلى التهديدات البيئية التي تهدد العالم.
المخاطر والتحديات التي يواجها الناشطين البيئيين والصحفيين
بالرغم من تفاؤل ديفي ثانت سين حول مستقبل العمل البيئي في ميانمار إلا أن العمل في مجال حماية البيئة والعمل الصحفي لا يزال محفوفا بالمخاطر في ميانمار، ووفقا لما أعلنته منظمة جلوبال ويتنس غير الربحية، فإن عام 2015 فقط شهد مقتل ما لا يقل عن اثنين من الناشطين البيئيين في ميانمار أثناء مشاركتهم في أنشطة بيئية، والأمر لا يقتصر على ميانمار فحسب حيث شهدت البرازيل في نفس العام مقتل خمسين شخص ووفاة 12 آخرين في تايلاند، وتحدثت التقارير المنشورة أنهم قتلوا بسبب عملهم في الصحافة أو مشاركتهم في أنشطة بيئية.
ومن بين الأمثلة الشهيرة على مدى خطورة العمل البيئي والصحفي في آسيا وميانمار على وجه التحديد، الصحفي البورمي سوي مو تون Soe Moe Tun والذي نشر تقرير مفصل عن قطع الأشجار بشكل غير قانوني في شمال غرب البلاد، قبل أن يتم العثور عليه ميتا على جانب الطريق السريع في مونيوا، بمنطقة ساجاينج، وتعتقد الشرطة أن سوي مو تون وهو مراسل شبكة Eleven Media Group، تعرض للضرب حتى الموت.