كيف قام أمراء الدنمارك وبريطانيا بدعم البيئة من خلال الموضة؟
أهداف التنمية المستدامة، هي مصطلح أصبح يتردد كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، وتحديدا عندما وضعت منظمة الأمم المتحدة، مجموعة من 17 هدف من أهداف التنمية المستدامة، وأعلنت عنها في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر2015، قبل أن تدرج في يناير 2016، هذه الأهداف السبعة عشر في خطتها للتنمية المستدامة لعام 2030، منذ ذلك الحين أصبح تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشروع طموح لدى الكثيرين في أوروبا، كما شارك العديد من أمراء وملوك أوروبا في المبادرات الخيرية المعنية بحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة في مختلف المجالات، بل شارك بعضهم في جهود تحويل صناعة الموضة والأزياء إلى صناعة مستدامة، بما في ذلك أفراد من العائلة المالكة الدنماركية والعائلة المالكة البريطانية.
الأميرة ماري Mary, Crown Princess of Denmark وصناعة الأزياء الصديقة للبيئة
منذ زواجها من الأمير فريدريك ولي عهد الدنمارك Frederik, Crown Prince of Denmark، في عام 2004، عملت الأميرة ماري على دعم العديد من المنظمات والمؤسسات الخيرية في الدنمارك، والمشاركة في تسليط الضوء على قضايا ومهام وبرامج تلك المؤسسات والتي يهتم غالبيتها بمجالات الثقافة، المساعدات الإنسانية، دعم البحث والعلوم، الرعاية الاجتماعية والصحية والرياضة، وصناعة الأزياء وهي أعلى صناعة تصديرية في الدنمارك، وخلال السنوات الأخيرة ركزت الأميرة ماري على تعزيز صناعة الأزياء الصديقة للبيئة، من خلال عملها كراعية رسمية لقمة كوبنهاجن للأزياء منذ عام 2009.
قمة كوبنهاجن للأزياء Copenhagen Fashion Summit
منذ نسختها الأولى في عام 2009، رسخت قمة كوبنهاغن للأزياء مكانتها كفعالية تجارية رائدة على مستوى العالم فيما يتعلق بالاستدامة في مجال الموضة والأزياء حيث يشارك في قمة كوبنهاغن للأزياء كبار صناع القرار والمشاهير في صناعة الأزياء، لطرح الأفكار والمقترحات حول كيفية تطوير صناعة الموضة والأزياء إلى الأفضل وتحويلها إلى صناعة صديقة للبيئة.
وبفضل ذلك أصبحت قمة كوبنهاجن للأزياء والتي يشار إليه في كثير من الأحيان باسم منتدى دافوس لصناعة الأزياء، بمثابة حلقة الوصل لمناقشات ووضع جدول الأعمال حول القضايا البيئية والاجتماعية والأخلاقية الأكثر أهمية التي تواجه صناعة الموضة وكوكب الأرض.
على مدار السنوات الماضية، كانت الأميرة ماري ضيف دائم في قمة كوبنهاجن للأزياء والتي يجتمع فيها سنويا العديد من الشخصيات البارزة من صناعة الأزياء العالمية في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، لمناقشة جهود تحويل صناعة الموضة إلى صناعة صديقة للبيئة، وهو ما تحدثت عنه الأميرة ماري في كلمتها في قمة كوبنهاجن للأزياء لعام 2018، وقالت عن ذلك: "صناعة الأزياء الآن لديها هدف، وهو تغيير الطريقة التي ننتج بها الأزياء ونسوقها ونستهلكها. إنه هدف طموح ومعقد ومن الضروري للغاية أن نحققه. ضروري للناس والكوكب للازدهار، ضروري لمستقبلنا".
الأميرة ماري ظهرت أيضا في بإطلالات أنيقة وصديقة للبيئة في قمة كوبنهاجن للأزياء في عدة مناسبات على مر السنوات، لعل أشهرها إطلالتها بتنورة ذات ثنيات أنيقة في قمة كوبنهاجن للأزياء لعام 2018، والتنورة مصنوعة من نسيج البوليستر المعاد تدويره بنسبة 100% من الزجاجات البلاستيكية، وهي تنورة صممتها شارلوت إسكلدسن Charlotte Eskildsen من ماركة Designers Remix الدنماركية (ومقرها كوبنهاغن وهي ماركة متخصصة في صناعة الأزياء الصديقة للبيئة)، والتنورة صنعت خصيصا من أجل الأميرة ماري.
كيف شاركت العائلة المالكة البريطانية في حماية البيئة من خلال الموضة والأزياء
بالإضافة إلى الأميرة ماري، هناك العديد من أفراد العائلات الملكية الآخرين الذين أبدوا اهتماما كبيرا بجهود تحويل صناعة الموضة والأزياء إلى صناعة صديقة للبيئة، أبرزهم الملك تشارلز الثالث King Charles III ملك بريطانيا الحالي، والذي شارك على مدار العقود السابقة في جهود حماية البيئة، بطرق متنوعة، تضمنت خياراته الصديقة للبيئة فيما يتعلق بالأزياء والموضة، فمن المعروف أن الملك تشارلز الثالث يفضل إعادة ارتداء ملابسه بدلا من شراء أخرى جديدة، ووفقا لما نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية عن مصادر مطلعة، قولهم أن الملك تشارلز يفضل أيضا إصلاح ملابسه القديمة وأحذيته القديمة، عن شراء أخرى جديدة.
الملك تشارلز الثالث التقى أيضا في عدة مناسبات بشخصيات مؤثرة في مجال صناعة الموضة والأزياء، ممن يهتمون بشكل خاصة بصناعة الموضة الصديقة للبيئة، وأحد أفضل الأمثلة على ذلك لقائه الشهير مع مصممين بريطانيين وممثلين عن شركات أزياء بريطانية تعمل من أجل تعزيز الاستدامة، وصنع تغيير إيجابي من أجل مستقبل صناعة الأزياء، والتقى بهم تشارلز الثالث في نادي وايت سيتي هاوس White City House في لندن في مايو 2018.
تشارلز الثالث قام أيضا على مر السنوات بدعم عمل مجلس الأزياء البريطاني وخاصة تلك المتعلقة بالموضة المستدامة، كما أطلق حملة للتشجيع على استخدام الصوف والألياف الطبيعية في صناعة الأزياء، لأنها أقل إضرارا بالبيئة، بالمقارنة بالألياف الصناعية المستخدمة في صناعة الأزياء.
الملك تشارلز لم يكن الوحيد الذي قام على مر السنوات بخيارات صديقة للبيئة، فيما يتعلق بمجال الموضة والأزياء، على سبيل المثال، هناك الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II ملكة بريطانيا الراحلة ووالدة الملك تشارلز، والتي قررت التخلي تماما عن ارتداء الفراء الطبيعي، وبسبب المخالفات البيئية الجسيمة التي تتضمنها صناعة الفراء الطبيعي.
من بين الخيارات الأخرى الصديقة للبيئة التي لجأ إليها أفراد العائلة المالكة البريطانية، فيما يتعلق بصناعة الأزياء والموضة، هي إعادة ارتداء ملابسهم عدة مرات، بدلا من شراء ملابس أخرى جديدة، كاثرين أميرة ويلز Catherine, Princess of Wales والتي اشتهرت بعادتها تكرار ارتداء ملابسها الأنيقة في المناسبات الرسمية والملكية المتنوعة على مر السنوات.
الأمير فيليب Prince Philip والد الملك تشارلز، كان أيضا من بين أفراد العائلة المالكة البريطانية الذين يفضلون إعادة ارتداء ملابسهم حيث استغل الأمير فيليب حقيقة أن قياسه لم يتغير كثيرا عما كان عليه عندما كان لا يزال شابا وبفضل ذلك استطاع أن يعيد ارتداء بدله القديمة لعدة عقود، بل واستمر أيضا في ارتداء حذائه الأسود الأنيق الذي ظهر به في حفل زفافه على إليزابيث الثانية في عام 1947، بسبب القيمة العاطفية التي يمثلها الحذاء بالنسبة له، كما اعترف في وقت لاحق.
الأمر ذاته ينطبق على ابنته الأميرة آن Princess Anne، والتي سبق وأن ظهرت بعدة إطلالات مكررة على مر السنوات (تضمنت ملابس أنيقة كانت تمتلكها الأميرة وظهرت بها للمرة الأولى منذ عقود) أما الأميرة بياتريس Princess Beatrice فلقد أثبتت أنها واحدة من أكثر العرائس الملكيات حرصا على البيئة، عندما اختارت أن تعيد ارتداء فستان سهرة أبيض أنيق، خاص بجدتها الملكة إليزابيث الثانية في حفل زفافها، وإعادة ارتداء زوج من الأحذية الأنيقة باللون الكريمي من ماركة فالنتينو Valentino، كانت قد ظهرت به للمرة الأولى في حفل زفاف ابن عمها الأمير وليام William, Prince of Wales، في عام 2011، ميغان ماركل Meghan Markle شاركت هي الأخرى بجهود دعم صناعة الموضة الصديقة للبيئة، بمشاركتها في دعم ماركات صديقة للبيئة، وخاصة تلك التي تقودها نساء، وسبق وأن ظهرت في عدة مناسبات بملابس واكسسوار من تصميم ماركات صديقة للبيئة.