بعد فوز فيلمه "jellyfish and lobster" بجائزة بافتا.. سيد بدرية لـ"هي": العمل انتصر للإنسانية وقدمته دون أجر
بعد فوز فيلمه القصير "jellyfish and lobster" بجائزة أفضل فيلم قصير من "البافتا" العالمية انتصر لنفسه ولوطنه مصر وعروبته ولإنسانيته، بات صانعا سينمائيا عربيا برحلة تمتد لـ 45 عاما، لكن ايمانه بدوره كسينمائي يرد الجميل للسينما دفعه لقبول هذا الفيلم الفائز دون أجر وتحمل رحلة هذا العمل على نفقته الخاصة
هو النجم المصري العالمي سيد بدرية الذي يتحدث لـ"هي" في حوار جرئ ومهم يكشف فيه عن رؤيته لصناعة السينما التي تنتصر للإنسانية، وعن السينما الكورية وارتقائها من المحلية للعالمية وغيرها من التفاصيل، وإليكم نص الحوار.
في البداية .. كيف ترى ترشيح فيلمك القصير "jellyfish and lobster" لجوائز البافتا والذي فاز منذ أيام قليلة بجائزة أفضل فيلم قصير؟
اخترت هذه التجربة الفريدة من نوعها بناء على إصرار طالبة لقراءة مشروعها وتحمست له للغاية كرسالة سينمائية مهمة تنتصر للإنسانية، وفي ذلك الوقت لم أكن أُفكر في ترشح الفيلم لمحافل سينمائية أو جوائز بل أنني كنت أمام مشروع سينمائي يستحق التقديم وأعتقد أن النص هو ما فرض نفسه، وبناء على ذلك وبالخصوص توجه كبار المخرجين في العالم من بينهم مارتن سكورسيزي لتقديم الأفلام القصيرة والتوجه صوبها خلال السنوات الجارية وذلك بالتوازي مع التطور الذي أحدثته مواقع التواصل الاجتماعي والسرعة التي يتطلبها الجمهور من أجل مُتابعة الأعمال واستقبالها بشكل سريع، أنا سعيد للغاية بهذه الجائزة وهي تكليل للسينما بشكل عام خصوصا أنني أتعامل كسينمائي وأتعامل مع السينما بصداقة وصدق شديد حيث قبلت هذا العمل دون أجر وتحملت تكاليف الرحلة لتصويره وهذا من منطلق رد الجميل للسينما.
قبلت المشاركة بهذا الفيلم دون أجر وتحمست للتجربة وكأنك كنت مؤمن بانتصاره للإنسانية، فكيف حركك الشغف بالسينما لهذه التجربة الفريدة من نوعها؟
كما ذكرت لك أنا شغوف بهذه النوعية من السينما وأبحث عنها دائما وأشارك بها، وأنا دائما ما أقول على نفسي أنني لست ممثل بل سينمائي وهناك فارق وأعتبر نفسي في هذه المواقف التي لا أحصل على أجر مقابل التجربة بأنها بمثابة رد الجميل للسينما بالحضور والقبول دون أجر ولكن أي جميل هو الانتصار للإنسانية من خلال موضوع سينمائي يجذبني ويحركني لتقديمه وقد حدث بالفعل.
دعنا نستكمل الحديث عن فيلم "jellyfish and lobster" والذي حمل رسالة إنسانية مهمة لمريضين في طريقهما للموت لكن لا تجمعهما البشرة والأصول وهذا بحد ذاته انتصار للإنسانية من خلال السينما، فماذا تقول عن هذه التجربة لمن يُريد مُشاهدتها؟
الفيلم يحمل قصة إنسانية فريدة من نوعه حيث اثنين من أصول وبشرة واختلاف في طريقهما للموت وهذه النوعية من الأعمال الإنسانية والواقعية شغوف بها للغاية، ومن خلال الطلبة اللذين أُدرس لهم التمثيل في الولايات المتحدة الأمريكية وجدت هذا المشروع وقرأته وتحمست له للغاية من خلال طالبة كانت مُصرة على قراءتي للنص، ولم أجد دعم مالي حتى تكاليف سفر رحلتي لتصوير الفيلم ولكنني كنت شغوف بهذه التجربة للغاية وتشجعت لها حتى أنني قبلت التجربة وتحملت تكاليف السفر وهذا نابع من وراء شغفى وحبي للسينما وخصوصا التي تنتصر لقضايا الإنسانية.
هل تهتم بالحضور السينمائي بهوليوود من خلال مُخرجين وكُتاب عرب في ظل مُطالبات بضرورة زيادة الكُتاب والمخرجين العرب هناك لتقديم قصص سينمائية عن المجتمع الشرقي تُصحح النظرة لدى الغرب؟
أُفتش على القصة المميزة التي تحمل موضوع جيد وجديد، لكن وجود كاتب أو مخرج عربي هو هادف إضافي بكل تأكيد، كما أنني أسعى لتقديم أعمال تُناقش قضايا المجتمع الشرقي الذي يعيش في الخارج بمعني أنني أُقدم قصص عربية أمريكية ومن خلال شخصية العربي الأمريكي، هي الرحلة التي لم يتطرق لها أي من صُناع السينما العربية، لكن السينما الأمريكية أو العربية المُهاجرة هي من تساهم وتحاول القيام بذلك، وأحب أن أُنهي تاريخي الفنية بقصص إنسانية.
لديك فيلم روائي طويل بعنوان "Hello Beautiful" ومن الواضح أنه ينتصر للإنسانية أيضا، فماذا عن قصته وما دفعك لقبول هذا الفيلم أيضا؟
أحاول من خلال السينما أن أطرح موضوعات واقعية تمس المجتمع العربي الذي كنت أتمنى دوما أن أصل لمرحلة صناعة السينما في أمريكا من أجل تقديم قصص واقعية تناهض النظرة النمطية عن مجتمعاتنا، وبالفعل أصبح لدي شركة إنتاج وأقوم بتنفيذ أعمال فنية هنا، ومن هذا المنطلق أنا أتعامل كسينمائي كذلك الأمر مع النصوص التي تُعرض علي، وهذا الفيلم هو قصة رجل شرقي متزوج من سيدة تُصاب بمرض السرطان نطرح من خلاله نظرة المجتمع العربي لهذا المرض التي حتى يخافون ذكر اسمه، كذلك كيف تُمثل هذه النظرة العبئ على سيدة أمريكية لا تعرف عادات وتقاليد المجتمع العربي؟ وما سيؤثر عليها نفسيا؟ لكنه رحلة سينمائية تدعو للأمل والتفاؤل.
لماذا لم تُشارك بأية أعمال في مصر رغم مسيرة فنية تمتد لـ 45 عاما في هوليوود؟
لم أشارك في حياتي بأية أعمال فنية مصرية ولم أستفد من السينما المصرية رغم استفادة الكثيرين منها والذين لم يلتفتون لقضايا السينما المصرية ومصلحتها ودعمها، لكن رغم ذلك قدمت 3 أفلام مهمة عن مشروعات ورؤى قومية تفتح المجال لمصر سينمائيا بأفق عديدة، وأنفقت من مالي الخاص كي أُقدم هذه الأعمال بالعربية والإنجليزية، وتطرقت أعمالي عن بيع تراث السينما المصرية.. مصر بداخلي ولم تخرج مني أبداً لكن أحيانا أجد من يستمعون لحديثي ويضعونه بزوايا مُعينة على أنني أُنتقد وطني، لكن هذا غير صحيح لأنني أفعل ذلك لمصلحة وطني الذي لم يخرج مني، ليس معني أنني لا أعيش في مصر منذ 45 عاما أن مصر ليست بداخلي! ليس معنى أنني أعيش خارج مصر أنني لم أتعلم ولا أتابع وفي النهاية أتحدث برؤية نقدية بناءة.
وما رأيك في محاولات السينما الكورية في النهوض من المحلية للعالمية؟
السينما الكورية نجحت وسطعت بقوة لأنها تُقدم أفلام كورية من الواقع، لكن في مصر البعض يعمل بمنهج السينما الأمريكية في مصر، فكل بلد لابد أن تُعبر السينما عنها وهوليوود تستطيع تقديم أفلامه وقصصها أفضل من الشرق الأوسط والعكس صحيح، لذلك أيضا نجحت السينما الإيرانية.
دعني اسألك عما تواجهه لجنة اختيار الأفلام المصرية المُشاركة في ترشيحات جوائز الأوسكار من صعوبات في الانتقاء وعدم ارتقاء السينما المصرية حتى الآن لأي من جوائز الأوسكار حتى الآن؟
هذا من الطبيعي أن يحدث ولا تقطع مصر شوطا في جوائز الأوسكار وأن تواجه اللجنة صعوبة في الاختيار أيضا خصوصا أنك حينما تُرسل لهم فيلم "الشيخ جاكسون" كفيلم مصري يتم اختياره لترشيحات الأوسكار ألا يتم اختياره، فأنت تُقدم "مايكل جاكسون" وتتحدث عنه في فيلم سينمائي ولم يحمل أي موسيقى له.
كيف ترى مشوار الراحل عمر الشريف في هوليوود وماذا تقول عنه خصوصا أن الآراء النقدية كلها اجتمعت على أنه الوحيد الذي حقق العالمية الحقيقية من بين كل التجارب التي وردت على السينما الأجنبية؟
"عمر الشريف لن يأتي مثله .. من أعظم الممثلين اللذين حضروا في السينما الأمريكية وأعطى الأمل لكل غير الأمريكيين في النجاح والنجومية في هوليوود، يعتبر هو الوحيد و صوفيا لورين من أصول غير أمريكية وأفضل من نجحا، لكن صوفيا لورين أحضرت السينما الايطالية لهوليوود لكن عمر الشريف كان فنان وممثل ونجم ولم يكن "filmmaker" لينتج فيلم مصري أو حتى يتحدث بالمصرية في فيلم له، أنا الوحيد اللي تحدثت باللهجة المصرية في هوليوود، وقدمت أفلام كرتونية لـ 3 أعوام للأطفال باللهجة المصرية والعربية وبشخصيات عربية ومصرية من بينها شخصية تحمل اسم "فلافل" وحققت نجاح كبير وهذا استثمار في السينما وتأثير من خلال تقديم أعمال عربية هناك .. عمر الشريف لن يتكرر وحالة استثنائية.
كيف تصف نوعية الفن الذي تُقدمه وتطرح من خلاله وجهات نظرك في السينما القصيرة والروائية الطويلة وكذلك التسجيلية؟
الفن الذي أُقدمه للتاريخ لأن الفنان ليس اليوم فقط بل أن تاريخه يمتد لعصور، والافلام التي أُقدمها ليست لليوم انما لتعيش من بعدي كثيرا، كما أن قلة ظهوري اعلاميا بالوطن العربي وامتناعي لأنني أقول الحقيقة التي لا يرغب فيها كثيرون، لذلك بعضهم من السينمائيين المصريين أردوا أن يجرحونني
في النهاية .. ما رسالة سيد بدرية للناس والجمهور المصري من خلالنا؟
سيد بدرية تجربته خارجه من حارة ومن الفقر وأقول لكل طفل في "امبابة" وحارات القاهرة والسويس وبورسعيد والاسماعيلية وأسوان والصعيد ان كل طفل يتيم من حقه يحلم ومن حقه ينجح .. هذه هي تجربة سيد بدرية .. لا أمتلك الموهبة .. أمتلك قلب مصري فقير ويتيم .. قلب صمم على النجاح وهذه مهمتي وأتمنى أن يلتفت لها الجميع ويحلم ويسعى لتحقيق حلمه".